الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجماهير تطالب دون مواربة

مجدي مهني أمين

2011 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


أسقطت ثورة الشباب حاجز المواربة ، ففي هامش الديمقراطية التي أوهم النظام السابق الشعب أنه ينعم بها، كانت حرية التعبير مليئة بالمواربة ، مليئة بالدمج بين التلميح والتصريح ، فالنظام مع القدم تمكن واكتسب ثقة لم يكن يمتلكها النظام إبان حكم عبد الناصر ، ففي فترة عبد الناصر لم تكن هناك أية مواربة بل كان الصمت التام ، فإما مباركة أو صمت أو معتقلات ومحاكمات عسكرية ، في عهد مبارك مرورا بعصر السادات ، كانت هناك حرية في التعبير ، بها بعض المواربة ، مع مساحات إلتزم فيها الناس الصمت ، خاصة التي تتعلق بالرئيس واسرته والمقربين منهم ، وهو ما ينشر الآن ولم يكن ينشر إطلاقا في عصر مبارك، أذن اتسم التعبير بتقنين للمساحات المتاحة ، وفي المساحات المتاحة انقسم الأمر بين القليل من التصريح والكثير من التلميح، وكان هناك الرقيب الذي يقنن ويهذب هذا التعبير كي يخرج في الثوب اللائق ، واتقن المصريون ضمانا لاستمرار هامش التعبير استخدام الألفاظ التي لا تزعج الحاكم، فانزعاجعه يهدد استمرار الحوار وقد يقطعه.
في هذا الجو الملئ بالقوانين ، والمراقبة الداخلية والخارجية ، جاء التعبير عن الرأي إما هزيلا أو رمزيا ، أو ربما موتورا ، وأي كان التعبير ، فقد اختار الحاكم موقفا ثابتا وهو ألا يتجاوب ، الناس تتكلم براحتها، والحاكم لا يغير ولا يتفاعل . وجاءت الثورة كي تقودنا لاستقلال حقيقي لإرادة الشعب ، وحكومات حقيقية تعبر عن ارادة الشعب وتقوده فعلا نحو مشروع تنموي وحضاري ، وكأننا نتطلع للدولة الحديثة ومواكبة العصر، وكان أداة الثورة الأساسي هو التعبير المباشر عن إرادة الشعب ، تعبير دون مواربة.
وهنا يأتي العامل المؤثر على النمو الطبيعي لمشروع الثورة متمثلا في نقص درجة تجاوب المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع مطالب الجماهير؛ فالجماهير عبرت دون مواربة عن رغبتها في التخلص من حكومة احمد شفيق كممثل لبقاء النظام السابق، والمسألة أصبحت مش مجرد انه رمز ، ولكن بدأت تظهر كافة أخطاء الرجل ممن ممارسات وتحالفات وهدايا وأراضي وتغطية على تجاوزات بما يعرض الرجل نفسه للمساءلة ، والناس تتساءل كيف يكون هذا الرجل الممثل للنظام السابق هو المسؤول عن الإعداد للفترة القادمة، وعن ملاحقة الفاسدين من النظام السابق.
والجماهير تتساءل عن إطلاق حرية تكوين الأحزاب حتى تتمكن من ممارسة سياسية حقيقية، وتتساءل عن حل جهاز مباحث أمن الدولة من أزاق الناس كل ألوان العذاب وقمع وقهر وتحكم دون أي سند قانون في كافة مظاهر الحياة في مصر، وتتساءل عن انتخابات قادمة بالرقم القومي وبإشراف لجنة محايدة بعيدة عن جهاز الشرطة وكشوفهم الانتخابية ، ولكن المجلس الأعلى لا يتجاوب بالسرعة المطلوبة مع طلبات الناس. وهنا المعادلة الجديدة المنشودة التي يمكن أن تدفع الثورة نحو النمو الطبيعي وتعيد للجماهير اطمئنانها ، التي تتلخص في سرعة التجاوب مع الطلبات الواضحة للجماهير، فالجماهير تطرح دون مواربة ، الاستغناء عن الفريق احمد شفيق، واطلاق حرية تكوين الاحزاب، وحل جهاز مباحث أمن الدولة، ومحاسبة كل من اتركب (أو دعا إلى ارتكاب) أعمال اعتداء ضد الشعب أثناء الثورة ، والاعلان عن اعفاء جهاز الشرطة من الاشراف على الانتخابات القادمة واسنادها للجنة محايدة ، وأن الانتخابات ستكون بالرقم القومي. الجماهير تطالب، وتجاوب المجلس الأعلى مع هذه المطالب وسرعة إعلان بياناته بهذا الشأن يمهدنا جميعا لتحمل مسئوليات المرحلة المقبلة بخطوات أكثر ثباتا وثقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج