الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورات الشباب ونصيب الكرد منها

آلان كيكاني

2011 / 2 / 26
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


اليوم صباحاً خرجت للتسوق وعدت إلى البيت ناسياً شراء ما طلبه مني ولداي الصغيران ذوا الست والثمان سنوات وعند دخولي باب البيت أكتشفا أن طلبهما لم يُلبَّ وبصورة عفوية صرخا : الشعب يريد إسقاط بابا !
إنه زمن أنت لست مضطراً فيه على حب والدك إن أساء إليك , على نحو ما كان يفعله آباؤنا حيث بر الوالدين فريضة والعقوق بحقهما عار لا يغفره أحد , والخروج عن طاعة الولي جريمة , ساء أم حسن .
ثقافة جديدة تغزو العالم , هي بنت العولمة والتكنلوجيا المتطورة التي أوصلت المعلومة بيسر إلى كل من يريدها وأنتجت بذلك جيلاً على درجة من الوعي بحيث لا يمكن إخداعه بسهولة وذر الرماد في عيونه . ثقافةٌ هي روح العصر وعصارة قرون مضت من نضال الإنسان ضد الجهل والظلم , وهي ثقافة تجرف معها العقائد والمبادئ الموروثة وتودي بها إلى الزوال والاضمحلال .
ومن الملفت أن الثورات التي نشهدها حالياً , والتي يقودها الشباب , لا تحمل طابعاً قومياً أو دينياً أو مذهبياً بل هي ثورات من أجل حياة حرة كريمة , هي ثورات الكرامة ضد الذل والعدالة ضد الظلم والأمل ضد اليأس , ثورات شباب يحلمون بفرص أجمل وغد أفضل ليس إلا .
نحن أمام أجيال لا تعير للإيديولوجيات وزناً , شباب لا يهتمون بالقبيلة كما كان أجداداهم , ولا بالقومية كما كان آباؤهم , ولا بالدين كما كان أسلافهم , وإنما همهم الأكبر حياتهم , وشغلهم الشاغل تأمين الرفاهية لأنفسهم وأولادهم , وعليه وقريبا سيكون هناك جيل من الكرد يفضلون ولاية العربي العادل على الكردي الظالم وهو أمر كان على قادة الكرد في العراق , إن هم أرادوا الحفاظ على محبة واحترام شعبهم لهم , استيعابه وكان ينبغي عليهم تدارك أخطائهم وإصلاحها وتفاديها في المستقبل . التغني بأمجاد الماضي وبطولاته وإبراز الكوارث التي تعرض لها الشعب الكردي لاستدرار عطفه لا تكفي سبيلا للاحتفاظ بمقاليد الحكم لأن الناس يريدون حقهم في العيش بكرامة والمشاركة الفعالة في السلطة . كان على القادة الكرد في كردستان العراق أن يدركوا أن خضوع الناس لسلطتهم مرهون بحفاظهم على مصلحة الشعب لا باستغلالهم للسلطة وتكديسهم للأموال واعتمادهم على أقربائهم لإدارة شؤون الإقليم , وإلا سيكونون كالرجل الذي أخذ عهداً على عاتقه أنه سيقتلنَّ الشيطان لتخليص العباد من شروره وآثامه وظل يبحث عنه حتى لقيه وقاتله حتى تمكن منه وأبطحه أرضاً ولكن الشيطان مكره وقال له : ما لك ولقتلي ؟ اعف عني واطلقني وسيكون لك دينار كل يوم تجده تحت وسادتك كل صباح . لانت عريكة الرجل وسال لعابه على الدينار ووافق على طلب الإبليس وراح يمد يده ليحصد بها الدينار كلما استيقظ صباحاً , ولكنه بعد فترة غاب الدينار الصباحي وشرع الرجل يبحث عن الشيطان ثانية ليقتله فوجده وعاركه ولكن الشيطان تمكن منه هذه المرة ورماه أرضاً وجثم على صدره فاستغرب الرجل من ضعفِ حالهِ وتمكنِ الإبليس منه , فقال له الشيطان : عندما قاتلتني في سبيل شعبك وعقيدتك صرعتني وعندما عدت لتقاتلني في سبيل دينارك صرعتك !
دافع الكرد في العراق عن قادتهم ببسالة وأحبوهم بصدق عندما كان هؤلاء القادة يضحون من أجلهم ويقودون المعارك في سبيل حريتهم حتى وصل الجميع , الشعب والقادة , إلى بر الأمان , وهنا كان الأفتراق , حيث بانَ كرسي السلطة اللذيذ وسُمعت رنةُ الفلوس فكان الكرسي والمال من نصيب الزعماء والشعب له الله .
أذكر بأسى قصة شاب كردي عراقي قابلته في فندق في دمشق قبل أربع سنوات كان ينتظر فرصة يسافر بها إلى أوروبا , ذكر لي بمرارة كيف أن جنود صدام حسين دخلوا قريته واعتقلوا كل من يستطيع حمل السلاح وأخذوهم إلى جهة مجهولة ليتبين فيما بعد أنهم اقتيدوا إلى المقابر الجماعية وأن والده وأخويه الكبيرين كانوا من بينهم وأنه كان آنذاك في السادسة من العمر والوحيد الذي بقي من العائلة مع أمه , ثم أضاف : الآن وبعد هذه المعاناة والتضحيات لا أجد ما أعيش به وأعين به والدتي المريضة , أم الشهداء وأرملة الشهيد , لا معونة ولا تعويض ولا فرصة عمل وهي إن وجدت فالأولى بها اقرباء المتنفذين ودافعو الرشاوي .
ثم زاد : في كردستاننا التي بنيت بجماجم ودماء شهدائنا تتكدس الثروة في يد المتنفذين والأنتهازيين وأبناء الشهداء يشكون العدم والغربة وهم في عقر دارهم , لذلك قررت الهرب إلى الخارج .
وكان من الطبيعي , والحال هذه , أن تحوم روح البوعزيزي في سماء كردستان .
تسير عربة البوعزيزي بخطى واثقة ولسان حالها يقول : بشروا بالحرية كل قوم ولاهم دكتاتور , وانذروا كل طاغية ظلم شعبه بالسقوط . ومصير كل قائد لا يعبر عن مصالح شعبه هو مصير زين العابدين ومبارك والقذافي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي وتقديري .
محمد بشير علو ( 2011 / 2 / 26 - 14:20 )
نعم أخي الكريم د .كيكاني .
حللت فأصبت وانتقد فصدقت .
وإني عاجز عن إضافة حرف واحد فيما كتبت .
تقبل مرور أخوك مع الشكر سلفا .

اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين