الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكنسة هوفر.. ومكنسة بلاّن، ايضا!

سميح القاسم

2011 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


شرف المبادرة للشعلة التي اطلقتها عنقاء العرب الجديدة من جسد الشهيد محمد البوعزيزي

بعض العاملين في المجال السياسي لم يتورعوا عن مخاطبة معمر القذافي بصيغة "يا معلمنا"! وزاود البعض بنعته "رئيس الرؤساء وملك الملوك"، وتوغل آخرون في الوهم فرأوا انفسهم مع العقيد معمر "اعضاء في حركة واحدة"! وكان هناك من هو اكثر نشاطا في المجال الانتهازي "فحجّ" الى خيمة العقيد متوسلا ومتسولا، ومستفيدا شخصيا بدفعة من البترودولارات تحت الشعار الكاذب طبعا، شعار "حماية الثوابت"!
لأنه في المحصلة لا يصح الا الصحيح، فقد بدأت انفجارات الغضب في الوطن العربي الكبير، وتتابعت بأثر تداعيات الدومينو، من تونس الى مصر فاليمن والجزائر فالبحرين وليبيا، فالسعودية والعراق، فجيبوتي (اجل جيبوتي) ومنها الى سائر اقطار وطننا بالطول والعرض، من شاطئ الاطلسي الى شاطئ العربي..
وبمثل تفاوت قوى الهزات الشعبية من بلد الى بلد، فثمة تفاوت ايضا في ردود افعال الطغاة وعصاباتهم المدعوّة احزابا وقوى امن واجهزة مخابرات وهلمجرّا..
في اعقاب نكبة فلسطين وهزائم الجيوش النظامية في حرب 1948، شعر الضباط العرب الأحرار بالمهانة وبدأت منذ 1952 سلسلة من الانقلابات العسكرية، لتحطيم الانظمة السياسية المتآمرة والمتواطئة والعميلة والخائنة، وسرعان ما التفّت جماهير الشعب العربي حول قادة الانقلابات العسكرية، في تعبير طبيعي وصادق عن الضيق بركائز سايكس بيكو وعكاكيز الاستعمار الغربي ومقاولي الصهيونية وسماسرتها العرب.
وحين اخذت انظمة الجنرالات، المهزومين ميدانيا، في التحول من قيادات ثورية تحمل مطامح الشعب العربي، الى انظمة استبدادية مكيافيللية انتهازية، وراحت تتخلى عن مكتسبات الشعب وتطلعاته، فقد بدأ التململ الشعبي وبدأت التفاعلات البركانية في اغوار الامة التي اكتشفت ان سطوا مسلحا وقع على احلامها، وان الانظمة "الجديدة" لم تعد سوى نسخ معدلة عن الانظمة السابقة الضالعة في ضياع فلسطين وتصدّع المشروع القومي المتطلع الى الوحدة العربية والعدالة الاجتماعية وتحرير المحتل من الارض العربية التاريخية، لا في فلسطين فحسب، بل في لواء الاسكندرون وفي شمال افريقيا وفي اقليم أوغادين وفي عربستان والخليج ايضا.
كان شرف المبادرة للشعلة التي اطلقتها عنقاء العرب الجديدة من جسد الشهيد محمد البوعزيزي. وانطلقت ثورة الياسمين التونسية.. واستجابت ثورة اللوتس في مصر، وارتفعت درجات الهزة الانسانية في اليمن والجزائر والبحرين وليبيا..
ولليبيا "الاستثنائية" حديثها الاستثنائي. ففي العام 1969 كنا في طليعة المتفاعلين مع ثورة الفاتح من سبتمبر، التي اعتبرناها "عودة عمر المختار".. وحين اعتدت الولايات المتحدة الامريكية على ليبيا وعلى بيت معمر القذافي شخصيا.. فقد كنا في طليعة الغاضبين على هذا العدوان الدموي الهمجي، وتلقينا الدعوات لزيارة ليبيا، لكننا لم نقبل الاشتراط بان تكون الزيارات سرية، لاننا نمارس نضالنا مفتوحا ومكشوفا وعلى رؤوس الاشهاد. حتى الدعوة "العلنية" التي تلقيناها عبر سفير الجماهيرية في عمّان فلم نقبل تلبيتها لانها جاءت بصورة املائية وبدون تنسيق وبدون مشورة وبدون اتفاق على برنامج الزيارة وتشكيل الوفد، غير اننا بطبيعة الحال ومن منطلق الرغبة في فتح آفاق التواصل بين ابناء الامة، لم نعارض زيارة أي وفد الى ليبيا ولو من منظور الحد الادنى من التواصل. وكنا على علم مثلكم بان حكم العقيد المستمر اكثر من اربعين عاما لا يمكن ان يكون مسألة "طيعية" كما اننا كنا على تعارف مع بعض قوى المعارضة التي ترفض الاستبداد والانفراد بالقرار السياسي وبالثروة الوطنية المغتصبة في ليبيا كما في حظائر سايكس – بيكو الاخرى.
قلنا في مداخلة سابقة ان انظمة الاستبداد العربية طورت ادوات قمعها، ونجحت جزئيا في تشكيل "اصطبلات" دعوية من متعلمين واشباه مثقفين وانتهازيين ومرتزقة وضعتهم تحت رعايتها ومنحتهم هامشا كلاميا في الانشاء السطحي المجرد من أي عمق فكري واي صدق ثوري.. حتى ان بعض العاملين في المجال السياسي لم يتورعوا عن مخاطبة معمر القذافي بصيغة "يا معلمنا"! وزاود البعض بنعته "رئيس الرؤساء وملك الملوك"، وتوغل آخرون في الوهم فرأوا انفسهم مع العقيد معمر "اعضاء في حركة واحدة"! وكان هناك من هو اكثر نشاطا في المجال الانتهازي "فحج" الى خيمة العقيد متوسلا ومتسولا، ومستفيدا شخصيا بدفعة من البترودولارات تحت الشعار الكاذب طبعا، شعار "حماية الثوابت"!
لا نرغب ولا نريد شخصنة الحوار السياسي والفكري والثقافي، لكننا لا نقبل في الوقت نفسه بتجاهل السلوكيات الفردية التي تدّعي وتهرّج وتتشدق بما ليس فيها وليس منها وليس لها، ومصيرها ومصير اسيادها وانظمتها ومخابراتها للكنس، بمكنسة هوفر او بمكنسة البلان التي استعملها فلاحونا لتنظيف اصطبلات دوابهم وبهائمهم.
تعلمون انني واخي الراحل محمود درويش كنا اول من فتح ثغرة في جدار التجاهل العربي والتنكر لمغزى بقائنا ونضالنا في ما تبقى لنا من وطن.. وتعلمون اننا اقمنا جسرا حقيقيا بين قادة الشعب الفلسطيني في المنافي وبين جماهير شعبنا الراسخة في وطن الآباء والاجداد، وفتحنا النوافذ والابواب مع مصر والاردن وسوريا ومعظم دول الخليج والمغرب العربي، لكننا لم نقبل الاذدناب لاي نظام ولم نسكت عن أي ظلم وتركنا لسوانا مهمة النفاق والارتزاق التي يتقنونها ويستمرئونها.. ووصلت الصفاقة والوقاحة و"البجاحة" باحد هؤلاء الصغار الانتهازيين درجة الاحتجاج على المفكر المغربي المرموق عبد الاله بلعزيز لانه وضع كتابا عن محمود درويش بعد رحيله!
نحن معنيون بالتواصل مع عمقنا العربي التاريخي، لكننا مطالبون دائما بحساب خطانا وبتدقيق حسابنا في ما ينفع الشعب والوطن والامة، وعدم السقوط في شهوات حساباتنا البنكية وعدد نجوم فنادق "ثورتنا القومية"!!
ندرك ان قضية شعبنا ووطننا بحاجة ماسة الى الدعم العربي شعبيا ورسميا، لكننا ندرك ايضا اننا اذا خُيّرنا بين الشعوب وبين انظمتها الحاكمة فلا ينبغي لنا ان نكون الا مع الشعوب، دائما وابدا.
ومن هذا المنطلق فاننا مع ثورة شعبنا في تونس وفي مصر وفي اليمن وفي ليبيا وفي البحرين وفي الجزائر، ونحن مع التململ الشعبي الواضح في السعودية وفي جيبوتي وفي سواها من اقطار وطننا العربي الكبير والمنكوب بخطيئة سايكس – بيكو ومشتقاتها وتداعياتها واسقاطاتها، لان عمقنا التاريخي وظهيرنا الاستراتيجي يتجسد في الشعوب اولا واخيرا، اما الانظمة فهي كالايام دول، وتبقى الامة، اولا واخيرا، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام، والسلام عليكم...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أهلاً بك
سيمون خوري ( 2011 / 2 / 26 - 08:31 )
أخي العزيز سميح القاسم تحية ، اسعدني قراءة إسمك في موقع الحوار ، وكذلك مقالك الصريح . معظمهم يتحملون مسؤولية تآلية هذا الرجل . نحن الذين نصنع الديكتاتور ، إنه النفاق والإنتهازية السياسية . شكراً لك


2 - صباح الحرية يا شاعر الثورة
مريم نجمه ( 2011 / 2 / 26 - 11:09 )
الأستاذ الفاضل والأخ الشاعر سميح القاسم تحياتنا

يسعدنا اليوم أن نشاهد إسمكم , وصورتك على صفحة منبر ( الحوار المتمدن ) يا عزيزنا ورفيقنا سميح , وفي مثل هذه الأيام الضاجة والعبقة بورود ودماء الثورات الشعبية ا لعارمة التي عانق وهجها وأريجها السماء وغطى الكرة الأرضية ندى وحرية وانتصرت الإرادة الشعبية .. وأسقطت تماثيل الأصنام واحداً بعد الاّخر ..
يا شاعر الثورة الأم وقناديلها المضيئة .. المجد للشهداء والحرية للمعتقلين والأسرى والمبعدين واللاجئين وبقية الثائرين ..
سلمت يداك وقلمك يا حبيب المناضلين والأحرار يا شاعر الحب والثورة الفلسطينية العادلة ,
لكم منا كل الحب والتقدير


3 - مرحى مرحى بشاعر الثورة الفلسطينية
الحارث العبودي ( 2011 / 2 / 26 - 12:11 )
تحية لك أيها القاسم سميح , تحية لك أيها العنوان الكبير , تواصل معنا ياحبيب المظلومين ياصاحب المعلقات الثورية.


4 - وماذا بشأن وقوفكم مع صدام؟؟؟
ميثاق البصري ( 2011 / 2 / 26 - 14:30 )
لكنكم وقفتم، مع الاسف الشديد مع جلاد الشعب العراقي، الذي يتمثله الان معمر القذافي بالبطش والهمجية، متجاهلين انين ذلك الشعب (العراقي) وتوسلاته اليكم لأن تنتصروا الى قضيته.
اعتقد ان الاعتراف بالخطأ فضيلة


5 - أبكيك يا بغداد أم أبكي فلسطينا
صادق البلادي ( 2011 / 2 / 26 - 20:03 )
تحية نسائم إنعتاق العنقاء في بلاد العرب وما تضمه من أمم وأقوام اليك يا شاعر الثورة والحرية
والابداع. أذكرك وأنت تلقي قصيدتك في المهرجان الثاني للطلبة العراقيين خارج الوطن ، في صيف عام 1970 في مدينة روستوك ، في ألمانيا الديمقراطية يومذاك، تلك القصيدة التي تحدثت فيها عن نكبات فلسطين والعراق ، الذي عاد اليه البعث الفاشي، و أنهيت قصيدتك النبوئية بــــ :
أبكيك يا بغداد أم أبكي فلسطينا
ما زلت أحتفظ بتسجيل لها. وإن كنا كعراقيين نأخذ على أخيك درويش مشاركاته في مربد
ينظمه صدام، دون أن ينسينا هذا ما قدمته قوى الثورة الفلسطينية من إسناد للمعارضة العراقية..
ضروري عدم شخصنة الحوار السياسي ، لكن إنتعاش الروح الذي جاءت به ثورة الياسمين
وحركة 25 يناير من ميدان التحرير ، وما تبعهما فرصة ليتطهر من إحترف مهنة النفاق و الإرتزاق مما علق به من أدران، ويعود بعد الإعتراف بالخطأ الى صف المثقفين للسعي من أجل تقوية لحمة التضامن بين الشعوب العربية، لتكملة مهمات التحرر العربي، التي تخلت عنها أنظمة الأستبداد التي عشعشت في ما أسميته حظائر سايكس- بيكو.


6 - لغة قديمة وعودة سايكس بيكو
يعقوب ابراهامي ( 2011 / 2 / 27 - 15:34 )
سميح القاسم (الذي دافع في حينه عن صدام حسين ولا زال معجباً بالسيد المعمم) لم ينس شيئاً ولم يتعلم شيئاً. وهو لا زال يتكلم بلغة قديمة انزلت المآسي بالشعوب العربية: مقاولي الصهيونية وسماسرتها العرب، ركائز سايكس بيكو، عكاكيز الاستعمار الغربي، ضياع فلسطين، تحرير المحتل من الارض العربية التاريخية لا في فلسطين فحسب (سميح القاسم لم يقل ماذا يعني بتحرير فلسطين. لماذا؟).

اما عن (المشروع القومي المتطلع الى الوحدة العربية) وعن (من شاطئ الاطلسي الى شاطئ العربي) فيبدو ان سميح القاسم لا يعرف ان جماهير مصر هتفت: (ارفعوا رؤوسكم! انتم مصريون!) لا (ارفعوا رؤوسكم! انتم عرب!). هذا على الأقل ما سمعته وقرأته انا وما شاهدته في التلفزيون

اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع