الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحداثة المعطوبة - إعادة إنتاج المثال

ياسر اسكيف

2004 / 10 / 11
الادب والفن


3 – أزمة الانتماء إلى الذات

لعلّ أشد الأزمات عصفاً , من بين أزمات كثيرة , بحركة ( شعر ) هي محاولة الانتماء إلى الذات , ليس بالمعنى الفردي لعناصرها فحسب , بل في الارتسام الفاعل في المحيط الخاص والمحدّد . وهي في سبيل ذلك قد حاولت جمع المتناقضات التي لا تجتمع كما رأينا في الفقرة السابقة , أو الهروب إلى الأمام والانتماء إلى أفق إنساني , هو غربي في الحقيقة , إلا إذا كانت الإنسانية تعرّف بما أنتجه الغرب من قيم في شتى مجالات الحياة .
إن عناء الانتماء إلى الذات يبدو جلياً في خلق المبررات للوجود وفق وضعية وخصائص ومواصفات تأكّدت وتعرّفت كماهية تخص مرحلة تاريخية غربية .
فالنص الشعري الذي يستمد وجوده من خارج لا ينتمي إليه فعلياً , يجهد في خلق التصور المبني على اجتهاد في افتراض التجربة , وفي افتراض المتلقي , وبالتالي آليات التواصل . وهذا النص , الغريب والمغترب , يبحث عن السبيل لقبوله .
هنا كان اللجوء إلى التراث . لجوء براغماتي لا تخفى أسبابه عمّن يدرس الظاهرة بشمولية وعمق .
لقد قسّم أدونيس التراث العربي إلى تراثات . واعتبر أن بعضها ثابت في الزمان والمكان , ولا مجال لتحريكه . وبعضها الآخر متحول أزلي الجدّة . وقد اعتبر أنّه بتقسيمه هذا قد أوجد بيضة القبّان التي تحقّق التوازن المنشود , والانتماء المتجذّر .
الحداثة ليست غريبة عن تراثنا العربي , وما ينسب إلى التراث من ثوابت ومقدّسات تجب محاربتها ومحوها بتعزيز ونشر آليات التفكير المتحوّل .
إن هذا الارتكاس البراغماتي الذي مارسه أدونيس بوجه خاص , قياساً إلى بقية عناصر ( شعر ) , قد أحدث , وما زال , تأثيره السلبي على الأجيال الشعرية اللاحقة بذات القدر الذي كان للتبني التام للنموذج الشعري الغربي . ذلك أن قلّة فقط هي التي كانت على دراية كافية في التقاط عمق التجربتين التراثية والغربية , وكانت أيضاً , على درجة عالية من المهارة في الإنتاج والتصنيع .
وما من شك بأن أدونيس قد قدّم , منفرداً , أكثر مما قّدم جميع الباحثين العرب مجتمعين فيما يخص موضوع الحداثة . ورأينا هذا يتضمّن حكم قيمة مشروط بالقدر الذي تشكّل فيه تلك القيمة معياراً لطرح الأسئلة والتحريض عليها ضمن سياق معرفي يمكن وصفه بالمنجز . غير أن الذي نرى فيه بؤرة الخلل ونقطة الضعف , فيما سيشكّل مستقبلاً مشروع الحداثة الأدونيسية هو الاستناد إلى بعض التنويعات التي ساهمت هي الأخرى في صياغة المنجز .
إن العود الأدونيسي إلى الماضي ما هو إلا محاولة لانتحال الشرعية المحليّة , وإن بدت في حينها جرحاً موجعاً للسياق وآلياته في إعادة إنتاج الثبات . ومحاولة تأكيد ا لهوية بالقياس على الماضي لم تكن سمة أدونيس وحده , بل وسمت بدايات مشروع الحداثة العربية برمّته , نظرياً وتطبيقياً . لقد أضحى الماضي حقلاً للمعايرة والمعاينة
وفق ما يتلاءم مع معايير الحداثة الأوربية .
وهكذا صار التاريخ تواريخ , والسياق سياقات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأملات - كيف نشأت اللغة؟ وما الفرق بين السب والشتم؟


.. انطلاق مهرجان -سماع- الدولي للإنشاد والموسيقي الروحية




.. الفنانة أنغام تشعل مسرح مركز البحرين العالمي بأمسية غنائية ا


.. أون سيت - ‏احنا عايزين نتكلم عن شيريهان ..الملحن إيهاب عبد ا




.. سرقة على طريقة أفلام الآكشن.. شرطة أتلانتا تبحث عن لصين سرقا