الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غاب العقل وحضرت الحماسة!

جمال الخرسان

2011 / 2 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


حل الخامس والعشرون من شباط وخرجت المظاهرات في مختلف انحاء العراق باعداد متفاوتة وبشعارات مختلفة ومتضادة احيانا.. وعلى مدار يوم كامل حصلت كثير من الاحداث السياسية والميدانية فيما تداعيات الجمعة لازالت سارية المفعول حتى اشعار آخر، قمع بعض، وبعض آخر تمتع بكامل الحرية دون ان يمس باذى واستقال مسؤولون ودخل انتهازيون على الخط، فيما ارتفعت اصوات المخلصين ممن يقفون على الجانبين او في منطقة الحياد ارتفت اصواتهم بضرورة البحث عن حل منطقي مدروس ومنضج، لايهم ان كان ذلك الحل يقضي ببقاء المالكي او انهيار حكومته او الغاء الانتخابات وربما العملية السياسية باجمعها او غير ذلك. لكن تلك الاصوات لازالت غير مسموعة في ظل الحماسة اللاهبة من الجانبين وحينما تحضر الحماسة يغيب العقل.

- حضرت الحماسة من قبل السلطات العراقية بمحاولات وان اختلفت في الاسلوب لكنها اتفقت في المبدأ بالمضايقة على ادوات السلطة الرابعة دون مبرر، وهذا ما يثير الخوف والقلق ويدفع البعض للتشكيك بنوايا الحكومة تجاه مبدأ التظاهر والمطالبة بالحقوق بشكل عام سواء في هذا اليوم او في مناسبات الاخرى. اذا كانت الاجهزة الامنية لاتريد سوءا بالمتظاهرين فمن الطبيعي ان لاتضيق على الاعلام لانه سوف يكون لصالحها كما يكون لصالح المتظاهرين لكن ما حصل من منع لسيارات النقل الخارجي واقتحام قناة الديار لايمكن تبريره باي حال من الاحوال فهذه نقطة تسجل ضد الحكومة دون ادنى شك.

- حضرت الحماسة من قبل بعض القنوات الاعلامية فدلست وكذبت وحرضت بعيدا كل البعد عن مباديء التغطية الاعلامية التي لم تعد خفية على الجميع، تحريض بائس لاتحتاجه المظاهرات العادلة الباحثة عن حقوق مشروعة. ما الداعي مثلا لان تقوم احدى القنوات الفضائية المثيرة للجدل بوضع كلمة عاجل منذ الصباح على صور واحداث حصلت قبل عشرين يوم وتظهرها وكانها وليدة اللحظة! واخرى تؤكد دخول قوات البسيج الايرانية لقمع المتظاهرين في الناصرية! فيما تشعرك شبكة الاعلام العراقي بانها خارج اللعبة تماما من خلال طبيعة تغطيتها الرتيبة والمنحازة جدا ضد المتظاهرين! وبين هذه الاخيرة وماسبق الاشارة اليه من قنوات مؤدلجة بون شاسع من غياب المهنية في نقل الحدث.
- حماسة بعض المنظّمين للتظاهرة واندفاعهم أنساهم ان ينظّموا انفسهم ويضبطوا ايقاع المظاهرات لئلا تسرق منهم في ايّة لحظة، وما صدر من بيانات عبر بعض القنوات يؤكد ذلك. هناك وسائل اعلام تحاول دائما الاتصال بمن تسميهم منظمي المظاهرات دون تذكر اسمائهم سوى كنيات مجهولة ( ابو طه، ابو عبد الرحمن، ابو عاصم .. ) وما شابه ذلك ويحاول هؤلاء المجهولون جدا سرقة جهود العديد ممن تحملوا المسؤولية في ساحة التحرير وحضروا بثقل عقلاني هناك. هذه واحدة من الاخفاقات التي يفترض ان يتجاوزها المنظمون الحقيقيون لمظاهرات الخامس والعشرين من شباط ان ارادوا مشاركة مزيد من الجماهير، والا فان اشهر البيانات سوف لايكون الا بيانا يفتتح بعبارة ( توكلنا على الله.. ) التي يعلم العراقيون جميعا الى من تشير.

- حماسة بعض الساسة في الحكومة وفي البرلمان من الذين اقتسموا الكعكة ودخلوا للحضيض في الفساد الاداري ولكنهم في نفس الوقت خرجوا للتظاهر وتأييد المتظاهرين! على ماذا لا ادري ؟ المظاهرات كانت ترفع شعارا ضد الفساد الاداري فهل هؤلاء الساسة متظاهرون ضد انفسهم؟! ام يريدون ركوب الموجة ومصادرة جهود الاخرين ؟!
- حماسة المتظاهرين الذين خرجوا في جميع المحافظات العراقية واندفاعهم بافراط جعل من مطالبهم مطالبا مختلفة جدا ومتضادة في بعض الاحيان بحيث تشعرك بان كل جماعة ارادت التظاهر لمطلب مختلف عن الاخر ولاتوجد مطالب موحدة تصوغ هوية واضحة للمظاهرة، هوية تهدف الى اسقاط الحكومة او اسقاط العملية السياسية او مطالبة باستقالة المحافظ او مجالس المحافظة او عودة المفصولين كما طالب البعض!
ما حصل كان تمرينا قد تغتفر فيه بعض الزلات .. لكن المناسبات القادمة هي من يرجّح الكفة لصالح ايّ من الطرفين .. وكل منهما يريد استقطاب جمهور وسطي غفير جدا لازال مترددا في مناصرة طبقة سياسية فاسدة او مناصرة مظاهرات لازالت بلاهوية حتى الان. وهنا يكمن الرهان، فمن من الطرفين يقدم نفسه بشكل اكثر اقناعا من الاخر ليثير اعجاب الاخرين وبالتالي يكسب المعركة!
جمال الخرسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ ترامب بتهيئة جمهوره لإمكانية إدانته في محكمة نيويورك؟


.. الأردن وسوريا يبحثان أمن الحدود ومحاربة تهريب المخدرات




.. الخارجية الإيرانية: المفاوضات مع الجانب الأمريكي بهدف رفع ال


.. أوكرانيا.. بلينكن يصل إلى كييف في زيارة غير معلنة




.. صفوف من السيارات المتفحمة إثر أعمال عنف شهدتها -كاليدونيا ال