الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مظاهرات - جمعة الغضب - في العراق

رضا الشوك

2011 / 2 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حول مظاهرات " جمعة الغضب " في العراق .

مَن يتابع تاريخ المجتمعات البشرية منذ فجر التاريخ ولغاية الفترة المعاصرة يتبين له بجلاء أن كل عصر من تاريخ الشعوب يترك بصمات على مختلف تفاصيل الحياة ، وأن الصراع بمختلف أشكاله وصوره هو انعكاس لصراع الأضداد ، فهو يمثل القوة المحركة لعملية التطور البشري نحو الأفضل والأرقى . ومن هنا يتسنى لنا مواكبة مسيرة الشعوب في نضالها المستمر بهدف تحقيق نظام أقتصادي – إجتماعي – ثقافي مستقر يضمن العيش الكريم للسواد الأعظم من الناس في أجواء يسودها الأمن والآمان .
إن متابعة تطور المجتمع العراقي منذ تأسيس الدولة العراقية المعاصرة يرى بوضوح أن الصراع بين القديم والجديد كان ولا يزال قائما ، كما يُلاحظ أن أبناء وادي الرافدين يتميزون عن غيرهم من الشعوب المجاورة في قدرة تحملهم عبأ الكفاح المرير ضد كل أشكال الظلم والطغيان بهدف تحقيق تطلعاتهم نحو بناء نظام ديمقراطي يُؤَمِّن لهم مستلزمات العيش في ظل هذا النظام الذي يساهم في خلق الأُلفة والوآم بين كافة شرائح المجتمع ، كما أنه يهيء الأجواء السليمة للعمل على تكوين مؤسسات المجتمع المدني تُمكّن العراق أن يتبوأ سلم التقدم والأزدهار في كافة جوانب الحياة ، وهذا بدوره يساعد على بعث وحدة الإرادة بين كافة أفراد الشعب ، وخلال هذه الوحدة يتم إنجاز عمل جماعي يُساهم في دفع عجلة التقدم نحو الأمام ويُرسخ قواعد الثقة والأمان بين مختلف مكونات الشعب ويفتح المجال واسعا أمام لغة العقل والحوار المتمدن بين كافة فصائل الحركة الوطنية وإلزامها على نبذ أستعمال العنف في معالجة التركة الثقيلة التي خلفها النظام الديكتاتوري السابق ، واللجوء الى التقاليد الديمقراطية في حل المعوقات التي تقف أمامهم . ولكي تتحقق أمنيات الشعب العراقي في العيش يأمان وفي ظل نظام ديمقراطي ، فإن من أولى هذه المهم هي المشاركة الفعالة لمختلف مكونات الشعب في كل تفاصيل الحياة مع الحكومة التي يسمونها ( حكومة المشاركة الوطنية ) ، وهذه المشاركة لابد لها أن تبين مدى جديّة الحكومة الحالية في مزاولة الحكم الديمقراطي بكل جوانبه ، كما
تُظهر كفائتها وقدرتها على إنجاز ما يصبو إليه الشعب في الحرية والعيش الكريم . ولكن أحداث (جمعة الغضب ) الفائتة بيّنت بوضوح هشاشة الثقة بين الحكومة عموما وبين الجماهير المتظاهرة ، ومن المؤسف والمحزن في نفس الوقت أن تنتهي هذه المظاهرات بوقوع بعض الضحايا . وكان من الأفضل التحلي بجدية من خلال اللجوء الى العقل لكلا الطرفين ، وقد حصل ذلك وسط أعاصير التغيرات الهائلة التي تَتابَعت بسرعة وبطريقة مكثفة شملت العديد من الدول العربية . ولكن بالرغم من هذا الخضم من التعدد والتباين بل والتناقض والتداخل أحيانا بين الأتجاهات الفكرية ، فإن ذلك يقود في نهاية المطاف الى توثيق العلاقة بين الفكر والعصر ويوضح الترابط بين النظرية والمنهج الذي يصعب الفصل بينهما .
أن مظاهرات يوم الجمعة الخامس والعشرين من شباط 2011 تُبين أن الذهنية المُحافظة عدوة التجدد والتبدل كانت ولا تزال هي السائدة في المجتمع العربي ومنها العراقي في معالجة كل ما يخص حياة الناس على الرغم من أن الفترة الراهنة من تاريخ شعوب هذه المنطقة من العالم أصبحت تشهد إعادة النظر في العديد من القضايا حتى باتت هاجسا فكريا وثقافيا في عقل ووجدان الأنسان العربي . وفي ذلك يتبين أن مسألة الأنتقال الى الديمقراطية هي من المسائل الهامة في مجتمعات حَكَمَتها عبر قرون العلاقات القبلية والعائلية المنحازة للإستبداد . وهذا يتطلب إعادة النظر في تلك العلاقات بصورة جذرية .
لإنه لمن الغباء حقا أن نرى الذهنية المتخلفة التي يتميز بها رجال الحكم في كافة الدول العربية لا زالت هي هي لم يطرأ عليها أي تغييريذكر رغم التحولات الهائلة التي شهدها العالم. ومن المضحك المبكي في نفس الوقت أن رجال الحكم في عالمنا العربي لا يؤمنون بظاهرة التغيير الذي يعتبر المُحفز للتقدم في كافة مجالات الحياة . فهم يرددون ( لا شئ يتغير ) على هذه الأرض ، لا في المجتمع ولا في الطبيعة ، بينما الواقع يؤكد أن ( كل شئ يتغير ) على هذه الأرض ، وهذه المقولة أفرزتها سُنة الحياة وعندما تحين ساعة الحساب فإن أزلام الأمس يتحولون الى جرذان يفتشون عن مخبأ لهم ، لكن حساب الشعوب عسير وليس يسير ، وهناك أمثلة عديدة ملأت بطون التاريخ مبينة أن كل شئ يجري لمستقر له ، وأن ما كان عليه بالأمس تغيّر هذا اليوم وهكذا يستمر الفلك في دورانه دو توقف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حول يوم الغضب a@s
سافره جميل حافظ ( 2011 / 2 / 28 - 15:57 )
لقد برهن الشعب العراقى على وعيه العميق وفهمه الجدى لرغبته فى الاصلاح وتغيير الفساد الذى يحيطه الف تحيه ومزيدا من تعميق الوعى الجماهيرى الخلاق

اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|