الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسد المظاهرة

عباس منصور

2011 / 2 / 27
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


نضجت أوجاع الشعب وبدأ التمرين جيدا في الميدان منذ أكثر من ست سنوات من خلال الوقفات الاحتجاجية أمام الهيئات والمصالح الحكومية وفي المحلة الكبرى ، وأهين الشعب وأحتقره الحكام والأمم من حوله حتى فاض به الكيل وظن كثيرون أنه لن تقوم له قائمة فاستباحوا ماءه وسماءه وأرضه ولقمة عياله ، لكنه وكعادته على مدار أكثر من سبعة آلاف سنة منذ تجمعت قبائله من مستنقعات النيل وصارت شعبا بقيادة الأب مينا ، خرج من صبره واستعاد حياته وقال كلمته التي رضخ لها الحكام وأعني رجال الجيش الذين تخلى لهم قائدهم حسني مبارك عن سلطاته طوعا أو كرها .. الله أعلم !!

وصارت المعادلة منذ 11 فبراير الماضي كالأتي : سلطة الشعب أمام سلطة العسكر ، وانسحب الشعب من الميادين والشوارع باتفاق مع العسكر على أن يستجيبوا لمطالبه وقد أعلنوا موافقتهم ، ومرت الأيام والعسكر يراوغون ، قال الشعب نريد حكومة جديدة (لا شية فيها) للحزب الوطني ، وإنهاء حالة الطوارئ وإلغاء أمن الدولة والأمن المركزي ومحاسبة من أفسدوا الذمم ومن أفسدوا الحياة السياسية ، وكذلك صياغة دستور جديد وتشكيل مجلس رئاسي لإدارة المرحلة الانتقالية ، ولكي( يستفرد) العسكر بالشعب تماما تخلصوا من مجلسي الشعب والشورى المزورين وأعلنوا تعطيل العمل بالدستور ، وهكذا صار الأمر جليا .. سلطة الشعب في مقابل سلطة العسكر .

وتستمر المراوغة فيدفع العسكر بالدستور المهلهل الذي اهترأ من كثرة الترقيع على مدار أكثر من أربعين عاما منذ بداية السبعينات وحتى الآن يدفعونه لمزيد من الترقيع ، ويتمسكون بالفريق شفيق رئيسا للحكومة مع تبديل بعض الوجوه من حوله ولا مانع من إضافة د. يحيى الجمل الذي يتصورونه ضابطا لإيقاع حركتهم مع الشعب وقد يصير بديلا لشفيق في يوم قادم , ثم يحاولون استقطاب بعض أجزاء من جسد المظاهرة وفصلها ترغيبا وترهيبا ثم ينشط الإعلام التابع لهم في الحديث عن جسد المظاهرة وتعطيله لعجلة الإنتاج – التي تدور منذ أن عرفنا هذه الحكومات ولم نرى شيئا -, وعندما يبدي الشعب قلقه من مراوغة العسكر يطلب العسكر من الشعب أن يثق بهم هكذا بلا ضمانات !!

ألا يعلم هؤلاء العسكر أن الشعب وثق بهم منذ الانقلاب على الملك في 1952 فكانت الهزيمة التي كسرت روح الشعب في 1967 ثم وثق فيهم الشعب مرة أخرى فكان الانفتاح والفقر وعربدة الجماعات الدينية ومقتل الرئيس وسط جنوده ونائبه في 1981 ثم وثق فيهم الشعب مرة أخرى فكان هذا الفساد وكانت هذه الخرابة التي تخنق الشعب , وبعد كل ذلك يطلبون من الشعب الثقة !؟

ولماذا لا يثق العسكر في الشعب ويخضعون لمشيئته ومطالبه التي تنطلق من جسد المظاهرة في الميادين والساحات والشوارع في كل مدن مصر , والشعب يعلم أن الأمريكان والإسرائيل لا يخافون من الجيش الذي يساهمون في تسليحه وتدريبه بقدر ما يخافون من هذا الشعب الذي مازال حيا وفاعلا ومبدعا وأمامهم تجربة جيش الانجليز الذي غادر منطقة القناة بعد احتلال دام أكثر من سبعين عاما بعد ما أذاقهم المصريون الهوان والخسائر في مقاومة باسلة مع أقوى جيش في العالم فاضطر للرحيل في 1956 .

لقد رحل مبارك عن الحكم وهو عسكري واحد فترك لنا مجلسا من العسكر قوامه تسعة عشر عسكريا يواجهون سلطة الشعب الذي يريد أن يقتلع شجرة الفساد من جذورها بينما يضطر العسكر أن يقطعوا الشجرة فرعا فرعا كلما ضغط عليهم الشعب وهم يتمنون أن يبقوا على كثير من فروعها كلما استطاعوا فحتما ستنبت فروعا جديدة في قادم الأيام وتعود ريما لعادتها القديمة ويخرج منها مباركا جديدا وحزبا وطنيا جديدا وفسادا وطنيا جديدا وهلم جرا .

وهؤلاء العسكر وعلى الرغم من أنهم أفراد من الشعب إلا أنهم إذا مرضوا لا يذهبون إلى مستشفيات الشعب فلهم مصحاتهم الخاصة , ولا يصيفون في مصايف الشعب وكثير منهم لا يعلمون أبناءهم في مدارس الشعب ولا يركبون مواصلات الشعب في السفر ومعظمهم يذهبون إلى الحج والعمرة مجانا , عندما يتخرجون من الجيش يديرون مصالح الشعب المدنية فتراهم مسئولين عن أسواق الخضار ودار الكتب والأوبرا ورئاسة المدن والأحياء والموانئ البرية والبحرية والجوية ويعملون محافظين ورؤساء لهيئات استصلاح الأراضي والمياه والكهرباء وغيرها من مرافق الدولة , إذا فهم سلطة لديها مميزات باذخة ولن يفرطوا فيها إلا مضطرين ,

وعليه نقول لهم :

نحن الشعب مصدر السلطات نحترمكم ونثق فيكم ونأمل أن تعاملونا بالمثل وبنفس القدر من الحقوق والواجبات , نحن الشعب نتوحد في جسد المظاهرة ولن نتفكك (حتى يبلغ الهدي محله) , وعليكم أن تحترموا جسدنا في الشوارع والميادين حتى يتغير (كتالوج) الفساد وندخل في عهد الدولة المدنية التي يصبح العسكر فيها مؤسسة كغيرها من المؤسسات كالتعليم والصناعة والزراعة .

هذا الشعب لديه أسئلة كثيرة يرغب التحقيق فيها حتى تنجلي الحقيقة وعلى العسكر بوصفهم السلطة الآنية التي تحمل مسؤولية الإدارة والتنفيذ أن يقوموا بذلك ومن هذه الأسئلة : إذا كان الفساد منتشرا في الذمم والحياة السياسية فلماذا هذه الانتقائية ؟ ولماذا يتم التحقيق في بعض حالات فساد الذمم دون غيرها ؟ لماذا يغيب التحقيق مع من أفسدوا الحياة السياسية ؟ لماذا لا يحققون مع أفراد عائلة مبارك وفتحي سرور وكمال الشاذلي وصفوت الشريف ومن يدين لهم بالولاء والرعاية ؟

ثم ان هناك أحداثا وملفات غامضة وقعت في الحقبة السابقة ونريد إعادة التحقيق فيها حتى يتثبت الجميع من الحقيقة , ومن هذه الأحداث مقتل الفريق أحمد بدوي وكوكبة من قادة الجيش في سقوط طائرة في الصحراء الغربية , مقتل الرئيس السادات , أحداث الأمن المركزي في فبراير 1986 , وأخيرا نريد أن نعرف من الذي أطلق النار على اللواء عمر سليمان فقتل أحد حراسه وأصاب أخر كما صرح بذلك الوزير أبو الغيط ؟؟

وعلى العسكر ألا يقتربوا من جسد المظاهرة حتى يجيبونا على الأسئلة السابقة .

عباس منصور








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات جامعة إيموري.. كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة الأم


.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام