الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصفورة في ميدان الحرب والقلم.. قصتان قصيرتان

نهار حسب الله

2011 / 2 / 27
الادب والفن


عصفورة في ميدان الحرب
دخلت معسكر التدريب العسكري وانا مدجج بانواع الاسلحة والدروع، عُزلت عن العالم الخارجي، غيبت بين الكتل الكونكريتية والاسلاك الشائكة والخنادق الرملية... لا أسمع إلا لغة الاوامر العسكرية الصارمة.
لم أكن أرغب بالدخول الى ذلك الميدان الجاف والخالي من انغام موسيقى نصير شمة وأشعار الجواهري وأقداح عديدة من القهوة البرازيلية والعديد من الاحاسيس التي اشعر ان وجودي صار مرتبط بها، غير ان مشقة الحياة اجبرتني على مغادرة ذلك العالم الجميل.
لم اتخيل يوماً ان يكون لي اصدقاء داخل هذا الميدان الحربي، إلا تلك العصفورة الصغيرة التي أراها صباح كل يوم... كنت اناولها ما تيسر من الخبز لتسد رمق جوعها ولتقبل ودَ صداقتي في هذه الاجواء المريبة.
مرت الايام.. وبدأت اشعر بمحبة عميقة بدأت تنمو بيني وبينها، حتى بات اسم الصبح يعبر عنها.. كنت اشعر انها تراكم تلك الاحاسيس الجميلة التي افتقر إليها الان.
بدأت العصفورة تألفني اكثر فأكثر وباتت تأكل من يدي غير آبهة بمخاطر الاسلحة التي احملها.. تأكل من فمي وتحلق في السماء وتعلن عن إطلالة صباح جديد فيه بصيص امل قد يخفف الرهبة التي بداخلي..
اشعل فتيل المعركة.. من دون سابق إنذار..
ظرف طارئ حولني من معسكر التدريب الى الخطوط الاولى في ساحة الحرب أو ما يعرف بخطوط الموت.
رصاص في كل مكان.. دخان واشلاء واصوات مدفعية تدك القلب.. جثث هنا وهناك.. رائحة دم استشرت في المكان وسرعان ما تحول لون الارض الى اللون الاحمر.
لم أكن آبهاً للاخطار من حولي.. وإنما تركز قلقي على تلك العصفورة الصغيرة التي ابحث عن اي خيط يوصلني إليها في هذه الفوضى ابحث عن ريشة تعود إليها..
يأخذني التفكير إلى عالم آخر ابتعد بمخيلتي أكثر واتناسى جوّ الدمار من حولي.. تنبهت لصوتها بين اصوات الرصاص.. وفوجئت بأن صعفورتي تمارس دور السلام في المعركة وتنقل السنابل الى الجرحى وتعطر جثث الشهداء بباقات من الياسمين.

القلم
اجتمع عدد من الاكاديميين والمثقفين في جلسة نقاشية لاختيار رمز للسلام بغية رفعه بوجه العنف والارهاب.
اقترح الاول اغصان الزيتون التي كانت ومازالت تمثل السلام في مجمل شعوب الارض.
فيما اقترح الثاني رفع الرايات البيضاء..
وطرح آخر فكرة رفع ريشة معللاً الاسباب قائلاً:
-ان الريشة من وسائل الكتابة الاولى وقد ساهمت في صناعة وتدوين اول وثيقة مختصة بحقوق الانسان وتشريع القوانين الانسانية التي صارعت العنف، غير انها الوسيلة الافضل التي تجيد التعامل مع الالوان فضلاً عن كونها دليل محبة وسلام وطمأنينة واعتمادها شعاراً أفضل من أغصان الزيتون والرايات البيض.
أيدَ الحاضرون هذا المقترح واصفينه بالروعة والفكرة الانسب بين الافكار المطروحة.
إلا ان الكاتبة (ميادة مراد) انتفضت بشدة واستياء حاد واصفة الريشة برمز السلام المزيف كونها تشكل مفصلاً مهماً لدى الطيور وانتزاعها يعد مظهراً من مظاهر العنف تجاه ذلك الكائن المسالم وقد يكون لهذا العنف سبباً في حرمانه من الطيران مدى حياته.
واقترحت ان يكون القلم شعاراً لأمتلاكه القدرة على ردع وتدمير قوى الشر والظلام ويكتب عالم الحب والشعر ويعمل على توطيد العلاقات الانسانية.
صفق الجميع بحرارة... معتمدين القلم شعاراً لهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عصفورة في ميدان الحرب والقلم
اليانا مدبك ( 2011 / 2 / 28 - 04:32 )
صور رائعة لقصتين بقلم كاتب عودنا على المزيد من التألق
دمت ودام قلمك

اخر الافلام

.. كواليس أخطر مشهد لـ #عمرو_يوسف في فيلم #شقو ????


.. فيلم زهايمر يعود لدور العرض بعد 14 سنة.. ما القصة؟




.. سكرين شوت | خلاف على استخدام الكمبيوتر في صناعة الموسيقى.. ت


.. سكرين شوت | نزاع الأغاني التراثية والـAI.. من المصنفات الفني




.. تعمير - هل يمكن تحويل المنزل العادي إلى منزل ذكي؟ .. المعمار