الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجرذان تناطح الالهة

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2011 / 2 / 28
كتابات ساخرة



تتحدث الذاكرة البشرية ومتاحف التراث الانساني شرقا وغربا عن تواجد انواع واشكال عديدة من الالهة القديمة ، منها الهة للحب والهة للجمال والهة للخير والهة للانوثة والخصب والحياة ، كما هناك الهة للشر والكوارث والظلام ، هذه الالهة جميعها لم تكن لها حقيقة او وجود الا في مخيلة البشر ، مع ان بعضها نفعت البشرية واعطتها شعورا بالاطمئنان والسكينة ، لكنها ومن جانب اخر تسببت في انتشار العبودية وشرعنتها بقوانين وشرائع نسبت الى الالهة ، ومضى زمن طويل حتى تحررت العديد من الشعوب من هذه العبودية واصبح الانسان في اكثر مجتمعات العالم سيد نفسه .
اغرب انواع الالهة التي ظهرت في التاريخ ، هي التي كانت من لحم ودم وعلى صورة الانسان نفسه ، لكن الفرق بينه وبين الانسان ، ان الاله البشر لا يفكر وليست له مشاعر انسانية ، يقتل ويذبح ويحرق ويدمر ويكذب ويخادع فيما كان الهة الاساطير مجردون من كل سلطة فعلية على ارض الواقع . نصيبنا نحن شعوب الشرق الاوسط والشعوب العربية ليس بقليل من هذه الالهة الاخيرة او ما يمكن ان نسميه الالهة البشرية ، فقد مرت عقود طويلة يذهب فيها اله ويأتي اله آخر ، والمشكلة الاكثر تعقيدا عندنا هو ان يأتي اله وهو معتوه .
الفائدة الوحيدة التي تجنيها الشعوب من اله معتوه ، هو التعرف على نظرة هؤلاء الالهة الى عامة الناس او حسب المصطلحات العصرية الدارجة ، نظرتهم الى الشعب .
لقد كشف العقيد الاله المعتوه القذافي عن هذه النظرة بكل وضوح وتبيان، وتحدث باسم كل الهتنا الباقية وترجم بواقعية ما يدور في خلدهم ، صحيح ان القذافي خاطب الشعب الليبي بقوله اما ان احكمكم او اقتلكم ، لكنه في حقيقة الامر ، ردد القول نفسه الذي يجري على لسان كل حاكم مستبد وظالم في منطقتنا . وصحيح انه وصف الليبيين بالجرذان ، لكنه اشعرنا جميعا ان ما نطلق عليه الشعب ليس الا جموعا من الجرذان في عيون حكام المنطقة .
القذافي لا يختلف عن غيره من الحكام الالهة الذين يتواجدون هنا وهناك ، وهو اكثرهم صراحة في التعبير عن رأي الالهة بالمحكومين العبيد .
الاله عندنا يحكم ويقتل ويحرق ويهين ويعذب ويصادر الحريات وهو حر فيما يفعل ومصون عما يفعل ، لا يوقفه قانون ولا يردعه احساس او شعور ، لا يعاتب على فعلته ولا يحاسب عن جرائمه ولا ينتقد عن اعماله ، وهو الاله المبجل .
والمواطنون عندنا ، جرذان قذرة ، لا حق لها ، لا صوت لها ، لا قيمة لها، عبيد في ممالك الرعب ، ان اراد الحاكم اطعامهم اطعمهم من الفتات ، وان اراد اذلالهم جوّعهم .
ان الحديث في ظل هؤلاء الحكام الالهة ، عن الاصلاحات وحقوق وحرية الشعب وحقه في العيش والحياة والكرامة والخبز ، حديث من غير معنى . لن تتعايش الجرذان مع الالهة ، وقد نشبت المعركة فالجرذان تناطح الالهة ، ولا خيار امامها ، اما ان تنقرض كما وعد القذافي او تتساقط الالهة وتغرق في الدماء المظلومة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال


.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب




.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان