الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوضوية الاحزاب وبناء الدولة

سعد عزت السعدي

2011 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


لم يشهد العراق التعددية السياسية او الحزبية منذ عقود , فالتعددية السياسية وجدت طريقها الى العراق بعد عام 2003 , حيث كان نظام الحزب الواحد هو المتفرد بالسلطة في البلاد . ولما لهذا النظام في الحكم من مصادرة للحريات الفكرية والسياسية وغيرها . وبعد انهيار النظام السياسي في العراق ظهرت لنا موجة هائلة حملت معها الكثير من الاحزاب والمنظمات والجمعيات المدنية , فراح كلاً منها يبحث عن قاعدة شعبية تحقق له السيطرة على الحكم – ولو باقامة تحالفات مع بقية الاحزاب – في البدء رفعت تلك الاحزاب انواع عديدة من الشعارات والبرامج للمواطن المنهك . وبعد ان جرى تحديد شكل نظام الحكم في البلاد على ان يكون نظام برلماني ( نيابي ) , اصبح هنا دور الاحزاب والتكتلات الاخرى اكثر فعالية, اي ان الاحزاب هي التي تأتلف وتشكل الحكومة ورئاسة الجمهورية والبرلمان .

كانت للاحزاب الاسلامية حظوة كبيرة في قيادة مفاصل الدولة بعد الاجتياح والتي رفعت شعارات الولاء للطائفة او المذهب او العرق بعيداً عن الانتماء الوطني , اما الاحزاب العلمانية او الليبرالية او الوطنية ( المدنية ) لم تكن مفضلة من قبل الناخب العراقي بسبب التخندق الطائفي الذي عمدت الاحزاب الاسلامية الى ايصاله للشارع العراقي .

ومن المعلوم ان تلك الاحزاب كانت قبل 2003 منفية في دول المهجر وتعارض النظام وتسعى لاسقاطة بشتى الوسائل .

وعلى مدى السنوات السابقة لم تستطع الاحزاب المدنية او القومية من تحقيق الوعود التي لطالما كانت تحلم في تحقيقها ما ولد نفوراً وسخطاً من المواطن العراقي فتلك الاحزاب هي التي اوصلت العراق الى حرب داخلية اقتتل فيها ابناء الدين الواحد .

بسبب اخطاء ارتكابها اشخاص او احزاب متطرفة . ولم تكن لديها مشروع جدي وحقيقي لبناء دولة حديثة , فالمصالح الانية ومحاولة جني المكاسب المادية والثروات من خلال الفساد المالي والاداري هو السمة الغالبة على فترة حكم تلك الاحزاب . فالفساد المالي والادراي استشرى في جسد الدولة العراقية .ولم يظهر لنا في الافق مشروع بناء دولة عصرية قابلة للحياة وتحقق الرفاهية لمواطنيها .

وهذا كلة اخذ يتبعثر . فمع انهيار شعبية تلك الاحزاب دخلت الاحزاب الاسلامية والقومية الى الانتخابات النيابية الماضية باسماء وشعارات وطنية علمانية اقرب منها الى الاسلامية . وراحت تبحث عن برنامج واقعي وعملي لبناء مؤسسات الدولة , واظهرت نتائج الانتخابات ولو بشكل معقول مدى تغيير مزاجية الناخب العراقي وميله نحو الاحزاب العلمانية او الشخصيات التي تتبنى المشروع الوطني .

والى الان وبعد مرور عدة اشهر لم تستطع الاحزاب الفائزة في النتخابات من تشكيل حكومة حتى انها حطمت الرقم القياسي العالمي المسجل بأسم هولندا عام 1977 حيث وصلت الى 208 يوم , اما العراق فقد تجاوز تلك الفترة حيث اصبح العراق اولاً في هذا المجال على الصعيد الدولي . ويقول قائل ان المهم لدي ليس فقط في مجرد تشكيل حكومة عراقية ؟ وانما ماذا بعد تشكيل الحكومة .

تكمن الاجابة على هذا التساؤل في حالة وجود برنامج حكومي شامل يشتمل على اسس قوية وصحيحة وتتطور معها مفاهيم الديمقراطية والحياة العامة للفرد العراقي .

وقبل الخوض في النقاط الاساسية في مشروع بناء الدولة لابد من الوقوف امام اهم التحديات التي ستواجه الحكومة او الحكومات القادمة للبلاد .

فالارهاب وتفشي الجريمة المنظمة , وتدني الشعور بالمواطنة , هو اكثر ما يعاني منه الانسان العراقي في الوقت الحاضر . تهميش الطبقة الوسطى في المجتمع التي لايمكن بدونها بناء نظام متقدم وديمقراطي . تفكك البنى الاساسية للمجتمع وتمزقه الى طوائف وملل ومحاولة البعض البحث عن وحدات اجتماعية اصغر كأن يضمن ولائه لمذهبية او قبيلة او عائلة , ويضاف الى ذلك وجود دستور عراقي نافذ مليء بالثغرات والغموض والكمائن السياسية مما قد يجعله عائقاً امام اي ديمقراطية في العراق . وتصاعد مد الاسلام السياسي وهيمنة الاحزاب الدينية على الساحة السياسية. والاصطفاف الطائفي والقومي الذي بدأ يتلاشى - لو ببطئ - . علاوة على ضعف الاحزاب العلمانية التي بدأت الان تأخذ مساحة اكبر مما حققته في السابق , والمطلوب هنا منها هو توحيد صفوفها بدلاً من تفككها الى عشرات التنظيمات الصغيرة التي تتنافس فيما بينها , ولا يخفى على الجميع هو تدخل دول الجوار ومحاولتها فرض سيطرتها على اشخاص يحكمون العراق ويكون بشكل او اخر خاضعين لسياسات ومصالح تلك الدولة في العراق .

واما عن مشروع بناء الدولة المدنية في البدء لابد من تذليل كل التحديات او على الاقل محاولة التوقف عندها للمضي نحو معالجتها لانها ومع الاسف اصبحت امراض سارية في المجتمع العراقي .

ويتلخص هذا المشروع بدعم التعليم الابتدائي والثانوي في البلاد بسبب تفشي الامية والتي وصلت الى مستويات كارثية . من شأن ذلك ان يخلق مجتمع قادر على مواكبة تطور الحياة وكذلك توفير الدعم الكامل لقطاع الصحة وانشاء مستشفيات ومراكز صحية في كل بقاع العراق ووضع برامج حقيقية كمعالجة الادمان والمخدرات والامراض السرطانية المنتشرة في اغلب مناطق العراق وكذلك محاربة التطرف الديني والذي يبدأ هذا المساجد الجامعات والمدارس وغيرها .

والتفكير بشكل جدي في مشكلة البطالة التي اضحت تقود جيش هائل من العاطلين ومااثمرته تلك المشكلة من تأثير في الرأي العام المحلي .

وللخدمات الضرورية نصيب في ذلك فنقص المياه والكهرباء والصرف الصحي والاسكان كلها مشاكل ممكن ان تضع حلول لها وهذا مايبدو للعيان عندما يتجول في مناطق العراق . والبحث عن حلول ناجعة للقضاء على الفساد الاداري الذي اصبح احد الامراض المستعصية في مؤسسات ودوائر الدولة .

واخيراً لعل مبدأ الفصل بين السلطات هو واحد من ابرز مقومات الدولة خاصة السلطة القضائية , فترك القضاء يمارس عمله بدون تدخل السلطة التشريعية او التنفيذية سيجعل منه سلطة متمتعه بثقة الجميع .

ومن اجل تحقيق هذا كله وغير يجب ان يكون هناك حكومة قوية لاتجعل مبدأ المحاصصة الطائفية عنواناً رئيسياً لها وتجعل الكفاءات والعناصر النزيهة هي السمة الابرز








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب