الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


«المادة الثانية من الدستور» .... هل هي تشريع أم إرهاب وترويع؟

سامي المصري

2011 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


هناك عدة أسئلة هامة يلزم الإجابة عليها حتى يمكن ان نفهم أبعاد الكارثة التي حققتها المادة الثانية من الدستور.

أولا: هل الشريعة الإسلامية تُطَبَّق في مصر بشكل واقعي تحت مسمى المادة الثانية من الدستور؟!!!!

منذ أن صدر دستور 1971 بمادته الثانية التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر للتشريع لم نسمع أن سارقا قطعت يده، أو زانيا جلد، أو أقيم الحد بقطع الرقاب بحد السيف، ولم نرى أي شكل أو مظهر لتطبيق الشريعة الإسلامية بمعناها المعروف على المسلمين، وإلا كنا قد رأينا على الأقل كل المسئولين في مصر مقطوعي الأيادي مضروبي الأعناق. فمع إضافة تلك المادة لم يحدث تطبيق للشريعة الإسلامية بشكل فعال بحسب النصوص الدينية، ولو كان قد حدث لخرج لميدان التحرير 84 مليون مصري يطالبون بإلغائها. في الواقع المادة الثانية من الدستور ذات العبارة الواحدة فقط التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر للتشريع، لم يقصد به أبدا تطبيق الشريعة الإسلامية بالمعنى الدقيق على المسلمين والدليل الواضح على ذلك أن كل بنود الدستور الأخرى السابقة واللاحقة لتلك المادة تتعارض تماما مع الشريعة الإسلامية وتختلف معها في التطبيق العملي والنص القانوني.

إذن ما هو الهدف من المادة الثانية من الدستور إن كانت لا تُفعَّل العمل بالشريعة الإسلامية؟!!! إنها تحوي عبارة واحدة فقط غامضة لا يمكن الاستدلال منها على حدود التطبيقات التشريعية العملية لها، فبينما هي تتعارض مع معظم البنود الأخرى من الدستور، ولا يوجد أي نصوص أخرى بالدستور تشرح أو تُفَصِّل بشكل قانوني التطبيق العملي والأبعاد والحدود لتلك المادة الهلامية. إن ذلك ترك المجال مفتوحا بغير ضابط للتفسير والتطبيق لتلك المادة بشكل عبثي لكل من يريد من المغرضين، بما يحقق الفوضى التشريعية، مما يستحيل معه تحقيق سيادة القانون في الواقع المصري. الشريعة الإسلامية براء من التطبيقات الفجة لتلك المادة الموضوعة بشكل مفسد، كي تتيح ممارسة الجريمة المقننة والقتل والنهب والبلطجة تحت شعار المادة الثانية من الدستور لحساب شلة من الفاسدين. المادة الثانية من الدستور التي لا تحوي نصا قانونيا واضحا، استخدمت فقط وبشكل عملي للعدوان والفتك بالأقباط مع سلبهم الحقوق القانونية للدفاع عن النفس لاسترداد حقوقهم المنهوبة. كما استخدمت بشكل فعال وخطير ضد المفكرين الأحرار والعلماء المحترمين من المسلمين لتتيح للفساد حق ممارسة البلطجة والإرهاب والتكفير ونشر الفتنة باسم الله، تحت مسمى الشريعة الإسلامية. الذين قاموا بتلك الجرائم المقننة بالمادة الثانية من الدستور لم يهمهم سمعة الإسلام، ولا التشهير بالشريعة وسمعتها لحد العار، على المستوى المحلي والعالمي، لكن كل ما كان يهمهم هو أن يقننوا جرائهم العنصرية الدموية باسم الله لحساب مفاسدهم.

ثانيا: هل هناك شريعة إسلامية مكتوبة ومكتملة أمكن استخدامها كدستور لأي دولة في أي عصر من عصور التاريخ؟!!! وأين تلك الشريعة؟!!!

الإجابة لا، بل على ممر العصور لم يتفق فقهاء الإسلام على رأي واحد بالنسبة لأي من مفردات الشريعة الإسلامية، فهناك تأويلات كثيرة وفتاوي أكثر بلا عدد، تصل بنا في كثير من الأحيان إلي الرأي وعكسه تماما، ولم يوجد من يستطيع أن يُرَجِّح أي الآراء هو الأصح. فالشريعة الإسلامية عمليا غير موجودة بشكل مجسد يمكن التلامس معه حتى يمكن استخدامها دستوريا. فأين هي هذه الشريعة التي تريدون تطبيقها وأين هي نصوص موادها. إن المادة الثانية من دستور 1971 الذي يضع مرجعية الدستور المصري بالكامل للشريعة الإسلامية لم يعطينا مرجعا لتلك الشريعة لنرجع إليه، ولم يحدد لنا بنودا دستورية تحت مسمى الشريعة الإسلامية التي بلا أي معالم. لكنه ترك الأمور بشكل فوضوي لكل من تسول له نفسه التأويل من المفسدين أمثال فتحي سرور ليعبث بحق البشر ما شاء له العبث دون أي ضابط ، ولو طبقت النصوص الأولية للشريعة الإسلامية لكان هو أول من تقطع يديه.

المفكر الإسلامي د. أحمد أبو المجد الذي قال في مناظرته مع د. رفعت السعيد بمعرض الكتاب: »إقحام الدين في السياسة يقتصر على مظهرين: أولا الإصرار على الشورى وهذه ليست قضية خلافية .... إنما الأمر الثاني وهو أن يكون التشريع في المجتمع مستمدا من الشريعة الإسلامية فإن هذا رأي يحدث كارثة...!! لأن المنظومة القيمية مختلفة.. ولأن الاستقراء يقول أن المساحة المقننة في القرآن والسنة أقل بكثير من المساحة المتروكة للعقل، وبالتالي فإن قضية الاجتهاد واردة أصلا.. وهي واردة أكثر كلما تطور الزمن. لأن الحاجة لاستخدام العقل تزداد باطراد.. وعملية تطبيق الشريعة وصفها بن القيم الجوزية وصفا جيدا عندما قال: أن الناس عطلوا العقول وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد. وسدوا على الناس طرقا كثيرة هي طرق الحق ظنا منهم بمنافاتها للشريعة... «وبذلك فإن البند الثاني من الدستور هو بلا دلالة ولا يندرج تحته أي بنود تفسيرية ولا يعرف احد محتواه أو حدوده سوى أنه وسيلة للإرهاب والفتن والرعب يستخدمه الاستعمار الوهابي لتحقيق قهر المجتمع المصري.

ثالثا: على من ينبغي تطبيق الشريعة الإسلامية بحسب المادة الثانية من الدستور؟!!!
المفروض أن الشريعة الإسلامية تطبق أولا على المسلمين الذين يؤمنون بها. لكن بحسب المادة الثانية المزعومة لم نرى أي تفعيل للشريعة الإسلامية على أرض الواقع على الجانب الإسلامي. فهذه المادة الهلامية غير محدودة المعالم تطبق فقط إما على المسيحيين أو على المفكرين الأحرار المطلوب تكفيرهم لأغراض فاسدة، واسألوا المرحوم د. نصر حامد أبو زيد. المادة الثانية من الدستور استخدمت لخطف طفلين مسيحيين من أمهما لفرض عليهما الإسلام قهرا لآن أبوهما المنحرف أسلم ليشبع شهواته الجنسية. وهذه المادة من الدستور كانت الوسيلة الفعالة لإثارة الفتن بين الشعب الواحد وترتب عليه حرق الكنائس وتدمير متاجر المسيحيين ومنازلهم وحقولهم ومواشيهم وقتلهم، بل وترتب عليها خطف البنات وترويع الألوف من المسيحيين دون إمكان المطالبة بالحقوق وتحقيق العدالة في المحكمة بسب وجود تلك المادة الهلامية بالدستور، التي بلا نص يشرحها مما يبيح لها أن ينضوي تحتها كل أشكال المظالم والقهر بما لا يمكن الإثبات أو النفي. وترتب علي المادة الثانية أن فقد الشارع المصري الأمن والأمان الذي تميزت به مصر طول الزمان. كما فُقِدت الثقة وضاع الأمان داخل البيت المصري وما بين الجيران، المرأة المسلمة تخاف من الجارة المسيحية حتى لا يقوم زوجها بخطفها وضمها لحريمه، والمسيحي يخاف على بنته وزوجته من جاره المسلم، فحدث التنافر والتنابز في العمارة بين الجيران لأول مرة في التاريخ المصري. وأصبح العمل مجالا للرعب والخوف من الخطف. أن هذا البند االدستوري قد حقق التدمير والإفساد المجتمعي مما تسبب في التراجع الحضاري غير المسبوق في تاريخ المجتمع المصري المتأصل بجذوره في تاريخ التحضر. الإقصاء والتنابذ والتباعد بين الشعب الواحد، التناحر والصراع بين الطبقات، والتحرش والفساد الحيواني ضد المرأة الذي بلغ إلى حدود مخيفة، كل ذلك سقط فجأة في ميدان التحرير، سقطت كل الفروق المصطنعة من طائفية وطبقية وعنصرية وتفرقة جنسية، كلها انصهرت وذابت تحت مظلة حب مصر. لقد اكتشف الإنسان المصري العظيم نفسه وحقه وأمجاده التي سرقت منه. فهل يا أبطال مصر نحن ما زلنا في حاجة لذلك البند الهلامي من الدستور الذي أفسد حياتنا حتى نعود مرة أخرى لماضينا القريب المقزز.؟ هل نعود لذلك القيء الذي مرر حياتنا أربعون عاما؟!!!


رابعا: هل ممكن أن نحتفظ بالمادة الثانية من الدستور ونضيف عليها ما يخضع المسيحيين لشريعة مسيحية كما يقترح اِلأنبا شنودة؟!!!

هذا ما ينطبق عليه المثل »جيت تكحلها عمتها« نحن في وقت يتحتم فيه قيام الدولة المدنية، فهل تريد بدلا من العتق من نير الدولة الدينية أن تضاعف علينا قيدنا تحت سلطان الهوس الديني، فمرة تحت سلطان الشريعة الإسلامية، وأخرى تحت سلطان الشريعة المسيحية!!! يعني مش كفاية علينا (كل الأقباط) ما عانيناه من مواجع المادة الثانية من الدستور أربعين عاما عايز تضيف عليها شرائع مسيحية، لتقنن إخضاعنا أكثر لمذُلة قداستك وعصرك الأسود أنت ورجالك الأشرار!!!! إنه وقت لننطلق فيه من قيدك الذي مررت به عشيتنا أربعون عاما. إنه وقت سقوطك المدوي الذي تحقق عند سقوك ارباباك. هل مازال عندك أمل في بقاء بعد أن سقط مبارك سندك الأول؟!!! كفاية عليك ما سجله التاريخ عنك من عار وفساد.

هل هناك ما يسمى بالشريعة المسيحية يا أنبا شنودة؟ إن كل ما يقال عن الشريعة الإسلامية يقال على أي شريعة لأي دين فالأديان بشكل عام لها مجال عمل محدود، لا يحق لها أن تتجاوزه بأي حال. ولقد حسم السيد المسيح الأمر بشكل قاطع عندما رد على محاوريه قائلا: »فأجاب يسوع وقال لهم أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فتعجبوا منه« (مر 17:12) . بل وأكثر من ذلك يوضح لنا إنجيل لوقا فكر المسيح التخصصي: »قال له واحد من الجمع يا معلم قل لأخي أن يقاسمني الميراث، فقال له يا إنسان من أقامني عليكما قاضيا أو مقسِّما« (لو 13:12، 14). فالتشريع المدني له خصوصيته وفقهاءه ولا ينبغي أن يتدخل الدين فيه بأي شكل حتى لو كان يقوم على مفهوم العدالة والحق التي تنادي بهما الأديان. ورغم وضوح السيد المسيح الشديد في عدم تدخل الفكر الديني الروحي في اختصاصات أخرى كالتشريع أو العلم أو الفنون... إلا إننا نجد القيادات المسيحية التي تختلق تشريعا من تعاليم المسيح لأجل تحقيق تسلطهم وهيمنتهم وفسادهم. لذلك يؤيد الأنبا شنودة البند الثاني من الدستور ويدافع عنه ويريد أن يضيف عليه من اختراعه لحد ما نفطس، رغم كل الكوارث التي تعرض لها الأقباط تحت شعار هذا البند الهلامي الوهمي.

من الطبيعي أن يرفض كل قبطي استمرار ذلك التشريع الفاسد تحت مسمى المادة الثانية من الدستور، لما تعرض له القبطي من آلام وعزل ومخاوف تفوق الاحتمال هو وعائلته ومجتمعه كله لمدة أربعين عاما. ولا يمكن أن يفسر ذلك على أنه تعصب بل هذا حقه المشروع في العيش الآمن داخل بلده. المادة الثانية من الدستور لم تطبق إلا على القبطي لتأذيه وتُعرِضُه للمخاطر، لذلك فهو صاحب الحق في ا لإصرار على رفض تلك المادة المخربة لحياته وحياة أسرته. إن أي قبطي يوافق على استمرار هذا البند الفاسد في الدستور المصري، هو بالتأكيد إما عميل خائن أو صاحب مصلحة ومنتفع بالنظام الفاسد لعصر الظلام. وأقول بكل وضوح وصراحة إن كل قبطي يدافع عن المادة الثانية من الدستور بما في ذلك الإدارة الكنسية برئاسة الأنبا شنودة هو ضمن عصابة المنتفعين بعصر مبارك الفاسد، وهم يخونون بشكل فاضح المجتمع القبطي، وواجبهم الوظيفي، بل ومصر كلها، بل يخونون حتى أنفسهم. وعلى الشباب القبطي الذي عايش أمجاد التحرير وعرف معنى الانتماء لمصر أن يقشع تلك الغمة الفاسدة الجاثمة على أنفاس المجتمع القبطي منذ أربعين عاما، ليسقطوها من أبراجها. أيها الشباب القبطي الذي تلامس مع الحرية أنقذوا الكنيسة والمجتمع من العار والفساد والجرائم التي ارتكبها المعممين، سود اللباس والقلب، ضد الشعب المطحون، فشوهوا مقدساتنا، وأغلقوا العيون حتى لا ترى الحق.

ومن المؤكد أيضا أن كل مصري حر من المسلمين يحترم عقله وفكره لا يمكنه أن يقبل استمرار ذلك البند الذي يسيء لاسم مصر الحضارة، حيث وجود ذلك البند الهلامي بين بنود الدستور عار، فهو بلا نص أو مدلول، وهو مدسوس ليستخدمه الجلادون ضد حرية الإنسان وحق الحياة والتفكير. وهذا ما نراه على أرض الواقع، فكل أصحاب الرأي والفكر من المصريين، نساء ورجال أفاضل، بأعداد كبيرة، يرفضون بكل إصرار وبالإجماع المادة الثانية من الدستور.

ولكن مازال هناك كثيرون من المسلمين الأبرياء الذين يتأثرون بالدعاية المزيفة للإرهابيين تحت ستار الدين، وهنا يكمن الخطر كل الخطر. هؤلاء المسلمين الذين لم يتعرضوا لمخاطر ذلك البند المخيف، لذلك لم يدركوا بشكل عملي الجوانب المظلمة لتطبيقاته ونتائجه المدمرة للمجتمع المصري كله. وبرؤية دينية ساذجة يجرفهم تيارات الدعاية المسممة دون أن يتعرفوا على المخاطر الجسيمة، فيقومون بتأييد المادة الثانية من الدستور ليس عن وعي وإدراك، بل عن مشاعر دينية سطحية. ومن تلك النقطة الضعيفة تحاول قوى الظلام والثورة المضادة أن تنفذ لتمزق وتقسم ثورة مصر العظيمة. يا شباب الثورة غير المسبوقة في التاريخ التي جمعت فكر كل المصرين تحت لواء حب مصر، والولاء لكل ما يخدم حريتها، ويحقق أمجادها، وكرامة كل فرد في شعبها. يا ثوار مصر العظام لا يستخف أحد بكم ولا يسرق أحد منكم مكاسبكم تحت شعارات دينية مسمومة على كلا الجانبين الإسلامي والمسيحي. فإن كنا نرفض الدولة الدينية التي يعرضها الأنبا شنودة فإن كانت تصريحاته المختلفة السيئة قبل وأثناء الثورة قد أفزعتنا وأغضبت كل مصري حر، وبالمثل فإن تصريحات الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر قد أصابتنا بالإحباط والغثيان. وإن كنا لا نستطيع أن ننسى تأييد الأنبا شنودة لمبارك وابنه فلا يمكن أن ننسى أن الشيخ الطيب كان عضوا في لجنة السياسات التي أخرجت كل مفاسد عصر مبارك الأسود. وقد كان ذلك هو المؤهل الذي مكنه ليترأس فوق مشيخة الأزهر. إن حماس الشيح الطيب للمادة الثانية من الدستور لا ينطوي فقط على تعصب ديني فاضح لكنه يحمل فكر الثورة المضادة وأهدافها غير الخافية لبث الانقسام والفرقة بين صفوف ثوار مصر الأبطال. أيها الشعب العظيم تنبه وكن حذرا حريصا على كل مكاسبك. الدولة المدنية البعيدة عن كل الأطياف الدينية هو مطلبك الأول في ميدان التحرير وهو الضامن الأكيد لاستمرار النقاء الثوري، والحفاظ على المكاسب، وتحقيق أهداف المستقبل.

وإن كنا قد أوضحنا الخطر على الثورة من رجال الدين على الجانبين المسيحي والإسلامي، فينبغي أن نتنبه بشدة للخطر الوهابي الأصلي، الذي هو بدء البلاء الذي ضرب مصر على يد الرئيس المؤمن محمد أنور السادات. إن آثار الجريمة التي ارتكبها السادات في حق مصر ما زالت غائرة في قلب مصر متمثلة في الجماعات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين التي تتلون كالحرباء مع كل لون، لتتشبث بالوجود حتى إذا تمكنت تعلن عن وجهها الحقيقي القبيح. فهم مع البرادعي يؤمنون بمبادئه السبعة مع أن مبادئ جماعتهم تعادي تماما كل ما يقول به البرادعي. وهم جماعة ديمقراطية مع الديمقراطيين بينما هم أكثر من يعادي الديمقراطية. والجديد في الموضوع أنهم لأول مرة في تاريخهم الأسود أصبحوا وطنيين يهتفون لمصر مع الثوار، طول عمرهم يهتفون »لا قومية ولا وطنية إسلامية إسلامية«، فماذا غيرهم؟!!! إنها التقية حتى يخطفوا الثورة من يد أولادها الذين يذلوا دماهم الغالية. إن جماعة الإخوان المسلمين من أخطر قوى الثورة المضادة على شباب مصر الأحرار، لذلك فهم من أكثر المتحمسين للمادة الثانية من الدستور عن دراية بخطرها فهم أكثر من استخدمها لذبح الأقباط.

خامسا: ولكن متى ظهر البند الثاني من الدستور ... ومن الذي دسه في دستورنا بهذا الأسلوب الخبيث ليفسد حياة مصر والمصريين؟!!!

عندما وصل السادات للحكم مدعوما بالروس تحت حراسة عصابة على صبري وشعراوي جمعة. ومن أول تصريحات الرئيس المؤمن أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة، وفي ذلك تلميح واضح لإصرار عبد الناصر على الدولة المدنية مع إلغاءه للمادة الثانية من الدستور طوال فترة حكمه. السادات الذي كان عضوا في حزب مصر الفتاة النازي والذي كان يبغض المسيحيين أشد البغض، وهو الذي قال في كتابه: »البحث عن الذات« مرات كثيرة أنه يؤمن بالدكتاتورية بعكس عبد الناصر الديمقراطي. فكان متحفزا جدا ليس فقط لإعادة المادة الثانية من الدستور بل لإعادة صياغتها حتى يستخدمها في أذى المسيحيين وإذلالهم بحسب مقولته. ورغم أن الموقف العسكري كان في غاية من التأزم أمام خط بارليف فلم يتمهل لبعد الحرب، لكنه أسرع في إصدار الدستور الدائم لعام 1971 ليعكس نزواته واستبداده الهتلري. إنه الدستور الذي أرهق مصر أربعين سنة إنه الدستور الذي أتى إلينا بالمادة الثانية الفاسدة. ولم يكتفي بذلك لكنه مكن الغزو الوهابي من التغلغل في قلب مصر والذي أفسد الحياة الاجتماعية بالعبث العنصري مستخدما المادة الثانية التي تحمل الفساد العنصري الشيطاني لكل مصري شريف. وجاء مبارك ليتمادى في الفساد الذي بدأه السادات مستخدما نفس الدستور سيء السمعة مع تغيير بعض بنوده لكي يكون أكثر قمعا وإرهابا.

المادة الثانية من الدستور المصري هي التي اكتشف الأمريكيون خطورتها وأثرها القوي في تمزيق الشعب أو بحسب التعبير الدارج »مسك الشعب من قرونه«. فوجد الاستعمار الأمريكي أنه من المفيد لهم إضافتها للدستور العراقي الجديد الذي تم وضعه تحت إشرافهم. أليس ذلك يكفي للتعرف على مدى الخطر لهذا البند بنصه الأجوف في استخدامه كوسيلة مخربة للمجتمعات. فيا أيها الشرفاء إن كنتم تريدون الحرية فمن الحتمي إلغاء المادة الثانية من الدستور.

إن ما فعله السادات بمصر هو كارثة مروعة بكل المقاييس وهو أول من جنى ثمارها. ألم يحن الوقت بعد لإنقاذ مصر من الخلل الذي زرعه السادات، وطعناته التي سددها إلى قلب الوطن؟ ألم يحن الوقت بعد لإلغاء المادة الثانية من الدستور، التي هي علامة من علامات التخلف، ووسيلة مدمرة، يعتمد عليها الإرهابيون كسند قانوني لإثبات حقهم في الإرهاب والتدمير لمصر أم الحضارات!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أتفق معك تماما
مجدي سعد ( 2011 / 3 / 2 - 16:16 )
عزيزي سامي

سبق وإختلفت معك في الرأي

أما اليوم فأتفق معك تماما

شكرا علي عرض واف ومفصل لأشكالية المدة الثانية للدستور

ولا يسعني إلا أن أضم صوتي الي صوتك فإلغاء هذه المادة يقطع الطريق علي الدكتاتور والمخرب والارهابي في استعمال الدين كمبرر لمآربه الخبيثه

هي مادة تسيئ للدين كما تسيئ لمصر وكرامة الانسان المصري

شكرا أخي


2 - لاداعي لإثارة الفتن الآن
د.حسني إبراهيم عبد العظيم ( 2011 / 3 / 2 - 23:18 )
الحقيقة أن المادة الثانية من الدستور الحالي كانت موجودة في كل الدساتير المصرية - بما فيها دستور 1923 - بصيغ مختلفة، ولم يشعر المصريون في اي لحظة بأنها تتناقض مع المواطنة. والحقيقة انها مصاغة بصورة دقيقة ، فهي تتحدث عن (مبادئ) وليست عن(أحكام) محددة،فالمبادئ العامة للشريعة الإسلامية تؤكد على ان غير المسلمين ليسوا ملزمين باتباع التشريعات الإسلامية وهذا في حد ذاته يعد أمرا (مدنيا)فإذا كانت الشريعة الاسلامية تحرم على المسلمين اكل لحم الخنزير ، فلإنها لاتلزم غير المسلم بذلك.
الخلاصة أن هذه المادة لاتضر غير المسلمين من ناحية ، كما أنها لا تتناقض مع مدنية الدولة من ناحية أخرى. والواقع أن الحديث عن هذه المادة قد أخذ اكثر من حقه، فلا داعي للحديث عن الغائها لآن ذلك يستفز غالبية المسلمين ويثير فتنة نحن في غنى عنها.والحل في رأيي لكي نمنع الفتنة هي أن تعرض المادة على الاستفتاء العام ليقول الشعب كلمته ، وتلك هي قوانين الديموقراطية.
مع خالص تقديري


3 - رد على التعليق رقم 1
سامي المصري ( 2011 / 3 / 3 - 02:43 )
الأستاذ مجدي أشكرك لمرورك تابع مقالاتي القادمة لأنها تهمك؛
مع تحياتي؛


4 - البتد الثاني من الدستور هو الفتنة الخطرة
سامي المصري ( 2011 / 3 / 3 - 04:02 )
د. حسني: الرد على تعليقك تجده في ثلاث مقالات ظهرت في الحوار خلال الثلاث أيام الماضية لكتاب مسلمين، الكاتبة الرائعة فاطمة ناعوت، مقالها «مادة فوق دستورية» ترد فيه على الإخوان المسلمين أصحاب نفس رأيك، كل التعليقات تؤيدها مع 27 تقييم يقدرونها بـ 100. والثاني للقدير الأستاذ سيد القمني تحت عنوان «المادة الثانية ومعضلة الثورة» يشرح الكاتب كيف يحاول الإخوان المسلمين سرقة الثورة من أصحابها مستخدمين نفس المنطق الذي في تعليقك، هناك 41 تعليق معظمها لمفكرين مسلمين محترمين يشاركون الأستاذ الكبير مخاوفه على الثورة ودم الشهداء من تهويمات الثورة المضادة المخادعة، وهناك 105 تقييم لمقاله يقيمونه بـ 100. مقال ثالث للكاتب الكبير مهدي بندق بعنوان «الفاشيون قادمون» يتخوف فيه الكاتب من الوضع الخطير في لبنان وفي مصر بسبب التربص اِلإسلامي الفاشي ضد التحضر وضد حقوق الإنسان لسرقة الثورة من أصحابها باسم الدين. أقترح عليك أن تدخل على مقال الأستاذ القمني لتضيف تعليقط رقم 42 لتتلقى الإجابة الشافية. لست أكتفي بذلك للرد عليك ... صحيح أنا قبطي لكن أنا لست الأنبا شنودة؛
للحديث بقية؛


5 - المادة الثانية للدستوير مادة الفتنة الطائفية
سامي المصري ( 2011 / 3 / 3 - 05:28 )
ما عرضته لآراء كُتاب مصريين مسلمين شرفاء هو عينة لرأي آلاف الكتاب والمفكرين والعلماء المصريين، مما يوضح أن التخويف من الفتنة والخط الأحمر هو مجرد فزاعة مخادعة للتخدير حتى تسرق الثورة من أصحابها. كل رأي يخضع للحوار ولا يوجد حق لأحد لإقصاء رأي الآخر تحت أي حجة. فلنقارع الحجة بالحجة لفضح الرأي الباطل. حذف أو بقاء المادة الثانية من الدستور لا يشكل أي أثر على المسلم بينما ينقذ الأقباط من محنة وفتنة 40 سنة. من لا يريد أن يأكل الخنزير فلا يرغمه أحد، لكن تطبيق تلك المادة الفاسدة أضر بمليون شخص معظمهم مسيحيين بسبب ذبح الخنازير وأضر بالاقتصاد المصري فارتفعت الأسعار، وتفاقمت محنة تكدس القمامة بالشوارع ولا حل حتى الآن. الفتن التي نتجت عن تلك المادة تسببت في قتل آلاف الأقباط وسلب أموالهم وإحراق كنائسهم خلال 40 عاما الماضية. لذلك فهم أصحاب الحق في تقرير إلغاء بند الفتنة لتطهير الدستور من مفاسد السادات. دستور عبد الناصر لعام 1954 كان في المصري اليوم الأسبوع الماضي قدم له الكاتب الحر صلاح عيسي، ليس فيه إشارة للشريعة الإسلامية. مقالي القادم معد من قبل عن تاريخ ظهور مادة الفتنة؛
مع تحياتي واحترامي؛


6 - الفاضل المهندس سامى المصرى
اشرف اسحق مرقس ( 2011 / 3 / 3 - 18:33 )
اتفق معك سيدى فى كل ما كتبت واوضحت واسلفت فى مقالك الرائع عن المادة الثانيه لكن وما اصعبها كلمه استدراك لما ياتى بعده لكن العمه وغير المثقفين والدهماء يتم اللعب على اوتار عواطفهم الدينيه من قبل الجماعات والاخوان مش قلت لك انهم ركبوا الموجه ويعتمدوا على العدد الكبير المؤيد لهم انهم يعتمدوا على الكم وليس الكيف ويقولوا انها اليمقراطيه حينما يحصلوا على اصوات كثيرة حتى ان كان من صوتوا لهم من العميان وعلى سبيل المثال الذى ذكره الدكتور حسنى فى ردة اعلاه بانها التزام بمبادىء وليس احكام وذكر تحريم اكل الخنزير على المسلمين وليس المسيحيين اقول له انه حتى هذا المثال البسيط مردود عليه فى انهم لا يقوموا بشراء اى شىء او التعامل مع التاجر المسيحى الذى يقوم ببيع لحوم الخنزير بانواعها المختلفه علاوة على ان نشاطه وتجارته عرضه للهجوم عليها او حرق منشاته مثلا ناهيك عن الكلام والترقيه وما يذكروه من اضرار تلحق بمن ياكل لحوم الخنزير هل يمكن ان يتغلب فكر النخبه القليل وهو فكر صحيح على فكر الغالبيه وتحدث المعجزة ؟إإ يارب اللهم امين وشكرا لانك تمتعنا كعادتك دائما بمقالاتك الجميله الثريه وعلى فكرة مقال فاطمه


7 - الدولة الدينية والدولة المدنية
يوحنا المصري ( 2011 / 3 / 3 - 19:31 )
أستاذ سامى المصري
اتفق معكم تماما في كل ما وصلتم ايه ، لكنى احب أن اضيف الآتى
كونى مسيحى ... لو سألونى أن أستبدل كلمة -الأسلامية- بكلمة -المسيحية - ..سوف أرفض ذلك رفضا تاما كرفضى لبقاء المادة الثانية في حالتها الراهنة وذلك للأسباب التالية
تفسير نص الشريعة اي شريعة يختلف بأختلاف الأشخاص لأختلاف خفلياتهم وتربيتهم وتعليمهم
وبالتالى يكون مستقبل الدولة مرهون ببقاء الأشخاص وتغيير توجهاتها يتغير بتغير الأشخاص .. وهذا امر مرفوض ... لان الدوله يجب ان تكون لها سياسة محددة وخطط ثابته لا تتغير بتغير الأشخاص
ثانيا:ماذا لو حدث خلاف بين اشخاص يدينون بديانات مختلفة -كحادثة الكشح وكل ما حدث للأقباط- سيكون الحكم في صالح من تكون ديانته مذكورة في الدستور وأيضا ديانة القاضى لو أستخدم الشريعة هى الفاصل في النزاع

ثالثا: يجب أن تكون كل الحقوق والواجبات لكل أبناء الوطن متساوية بعض النظر لأنتمائهم الدينى ... ببساطة لأن الدولة ليس لها دين

رابعا: هل تستخدم الدولة الدين فى السياسة ..فمعرف ان السياسة لعبة قذرة ... فقد يتلوث الدين بدخوله معترك الحياة السياسية .. فهذا ارفضه لكل دين واي دين
ربنا يقويك واستمر


8 - ردود على المعلقين الأعزاء
سامي المصري ( 2011 / 3 / 3 - 23:16 )
الأخ الأستاذ أشرف العزيز، أشكرك لمرورك التعصب هو أحد أهم المصادر للمتاعب في مصر بالأسف إنه يمنع الرؤية ويفقد الإنسان مقدرته على التفكير. أشكرك لمرورك، تقبل محبتي وإعزازي؛

أخي الفاضل يوحنا المصري العزيز، أوفقك تماما فالتعصب هو التعصب سواء على الجانب المسيحي أو الإسلامي لا فرق. من أهم ما جاءت به الثورة هو إزالة كل الحواجز سواء الدينية أو الطبقية أو الجنسية. أشكرك لمرورك وتواصلك مع وافر شكري؛


9 - حق المواطنة وعلمانية الولة
د.عادل الشهاوي ( 2011 / 3 / 4 - 11:08 )
نعم أضم صوتي الي المنادين بالغاء المادة الثانية ،بل يجي اعداد دستور جديد من جمعية تأسيسية ،دستور حديث يضمن الطابع المدني للدولة ولأن تكون مصرجمهورية برلمانية ديموقراطية


10 - الدولة المدنية هي الحل
سامي المصري ( 2011 / 3 / 4 - 18:39 )
أخي الدكتور عادل أتفق معك تماما في كل ما قلت ، لا بد من الدولة المدنية في مصر أشكرك لمرورك مع خالص مودتي؛


11 - مدنيه مدنيه
ماهر امين ( 2011 / 3 / 4 - 21:45 )
لن تتقدم مصر خطوه واحده للامام الا اذا تبنت دستور مدنى لا وجود فيه لاى كلمه ترتبط بالدين ارحمونا بقى وكفايه تخلف لقد اصبحنا مثل القرود ع الاشجارحرام عليكم شوفوا العالم المتقدم من حوالينا بيعمل ايه واحنا الهاجس الوحيد عندنا هو الدين خلاص حلينا كل مشاكلنا بقت مشكلتناالملحه هى الدين عندنا اناس يطلق عليهم كلمة علماء والعلم منهم برىءاذا لم يتم عمل دستور مدنى فستجتاح مصر مستقبلا ثوره ضد رجال الدين ولكنها ستكون بالغة العنف انتبهوا ايها الساده


12 - خطر تسييس الدين
سامي المصري ( 2011 / 3 / 4 - 23:18 )
أخي الأستاذ ماهر الفاضل، إن ما تقوله هام وخطير. فالإحساس العام بالقرف والاشمئزاز من رجال الدين يزداد كل يوم بسبب تداخلاتهم المسيسة في ما لا يعنيهم ونفاقهم المقرف لحساب النظام وضد الإنسان. أنا مش ضد الدين لكن ضد تسيس الدين وتدخله فيما لا يعنيه، وكما تقول حضرتك فهناك شعور جارف في مصر بالثورة ضد الدين. الحل الوحيد هو مدنية الدولة الذي يحقق لمصر الديمقراطية. وتحيا مصر حرة؛
أشكرك لمرورك مع محبتي وتقديري؛


13 - مغالطات وتخليطات
أبو صهيب أشرف ( 2011 / 3 / 6 - 21:16 )
هناك مغالطات عظيمة أهمها أن الشريعة الإسلامية لم تحكم ، إذن فبأي شيء كانت تتحاكم الأمة طيلة 1400 سنة
ومن المغالطات قوله لو طبقت الشريعة لوجدنا كثيرا من الناس مقطعة الأيدي، ووجه المغالطة أن قطع يد واحدة كل عام كفيلة بالردع من يجرؤ على التضحية بديه
وكذلك قوله أين هي بنودها ؟ بنودها واضحة جلية في الكتاب والسنة الصحيحة المتفق على صحتها
قوله : نصوص الشريعة تحتمل التأويل كذلك نصوص سائر القوانين
ثم إني أسأله هل اختلافات الفقهاء كانت في اصول الأحكام أم في فروعها
ومن مظاهر التخليط التسوية بين الآراء الفقهية التي تعطي للحاكم سعة لاختيار الأصلح والأنسب والنصوص الشرعية الصحيحة الصريحة
وغير ذلك كثير
لا أملك إلا أن أقول صاحب المقال مسكين وغير ملم بالتاريخ


14 - مشكلة الغالبية الغير مثقفة
سهى متولى حسن ( 2011 / 3 / 8 - 20:17 )
كل المثقفون والمفكرون يتفقون معك تماما ولكن العامه التى لا تقرأ ولا تستوعب المعنى هم كل المشكلة وهم الذين يثقون فى تفاسير شيوخ التطرف والارهاب. كلما ارتفعت نسبة المثقفين اصبح هناك امل

اخر الافلام

.. جماهير ليفربول تودع مدرب النادي التاريخي يورغن كلوب


.. ليبيا: ما هي ملابسات اختفاء نائب برلماني في ظروف غامضة؟




.. مغاربة قاتلوا مع الجيش الفرنسي واستقروا في فيتنام


.. ليفربول الإنكليزي يعين الهولندي أرنه سلوت مدرباً خلفاً للألم




.. شكوك حول تحطم مروحية الرئيس الإيراني.. هل لإسرائيل علاقة؟