الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة ليبيا رافعة لتجذير الثورات العربية

عليان عليان

2011 / 3 / 2
السياسة والعلاقات الدولية


تميزت ثورة الشعب الليبي السلمية، التي اضطرت للجوء للكفاح المسلح، دفاعاً عن الجماهير، في مواجهة قمع نظام القذافي المنفلت من عقاله، الذي استخدم ولا يزال يستخدم كل ما في جعبته من سلاح، ومن قطعان المرتزقة ،تميزت بميزات رئيسية أبرزها:
اولاً: انها ثورة جذرية، تعمل على هدم النظام القديم وإقامة نظام بديل وطني ديمقراطي ، دون الوقوف والمراوحة في منتصف الطريق،كما حصل في ثورتي، كل من تونس ومصر بعد خلع كل من بن علي ومبارك.
ثانياً: انها زاوجت بين فعل التظاهر والعصيان المدني، من جهة وبين فعل التحرر الوطني من جهة أخرى، من خلال اضطرارها لإستخدام المقاومة المسلحة، في مواجهة قمع نظام القذافي المنفلت من عقاله، خاصة بعد انضمام وحدات عديدة من القوات المسلحة الليبية، للجماهير الثائرة.
ثالثاً: أنها أسقطت مفهوم التغيير "المتحكم به"، او التغيير السطحي، الذي طالما روج له رئيس وزراء بريطانيا الاسبق توني بلير، -الصديق الحميم للعقيد القذافي-، والإدارة الامريكية، إذ ان إسقاط نظرية التغيير السطحي، يعني في ما يعنيه انه سيكون للثورة، موقفاً حاسماً من قضية التبعية، وموقفاً جذرياً في تسخير ثروات البلاد،لصالح عموم الشعب، وفق التوزيع العادل للثروة.
وهذا التوجه الجذري للثورة، أقلق الإدارة الاميركية ودول الإتحاد الاوروبي، التي ظلت صامتةً، خمسة أيام بلياليها مراهنة على قدرة القذافي على إنهاء الثورة، لضمان مصالحها النفطية في ليبيا، ولما تبين لها أن ميزان القوى يميل بشكل كاسح لصالح الثورة، وأن القذافي إلى زوال، انقلبت عليه وبدأت تهاجمه وتحشد الدول في مجلس الأمن، وفي مجلس حقوق الإنسان، لتجريمه والضغط عليه للتنحي، وبدأت مغازلة قوى الثورة، عل وعسى أن تحصل، على نفس النصيب الكبير من كعكة النفط الليبية.
ولم تكتف بذلك، بل راحت تطرح الخطط لإقتطاع أجزاء من أجواء ليبيا،واعتبارها مناطق للحظرالجوي،تحت مبرر منع الطائرات التي تحمل المرتزقة من الوصول إلى ليبيا، وبزعم منع طائرات النظام، من قصف المدن الليبية الثائرة، وراحت القوات البحرية والجوية الأميركية، تعيد انتشارها في محيط ليبيا استعداداً لخيارات محتملة.
وبات الشعب الليبي- الذي أعلن عن رفضه لأي تدخل أجنبي- يخشى من تدخل عسكري غربي، تحت زعم انقاذ الشعب الليبي من بطش القذافي، في حين أن الهدف الرئيسي من التدخل المحتمل، هو أن يضع الغرب أيديه، على آبار النفط الليبية.
وما يجب الإشارة إليه، في سياق الحديث عن أبعاد الثورة الليبية، أنه إذا كانت الثورة التونسية، شكلت قوة الحافز للثورة المصرية، وإذا كانت الثورة المصرية، شكلت رافعة للثورة الليبية وبقية الانتفاضات في العالم العربي، فإن الثورة الليبية قدمت قوة المثال والنموذج، في عدم الوقوف في منتصف الطريق، بحيث يذهب راس النظام،ويبقى النظام ليعيد ترتيب اموره من قبل غنوشي تونس واحمد شفيق مصر وغيرهما.
وقوة المثال الذي عكسته الثورة الليبية، بعدم الوقوف في منتصف الطريق،حفزت الشعب التونسي، للتظاهر مجدداً في شارع الحبيب بورقيبة، وإدامة الإعتصام لاكثرمن أسبوع وفق شعار ناظم" اعتصام حتى اسقاط حكومة الغنوشي" المنتمية بشخص رئيسها والعديد من وزرائها واجهزتها لعهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، مما اضطر الوزير الاول الغنوشي لان يرضخ لإرادة الشعب ويعلن استقالته.
ولم يتوقف شباب تونس عند تحقيق هذا المطلب، بل باتوا يطالبون بدستور جديد،يعكس الشرعية الثورية.
كما ان قوة المثال للثورة الليبية،وإصرارها على هدم النظام القديم بكافة تفاصيله، عجلت في إصدار بيان اشبه بالإنذار من قبل ائتلاف شباب الثورة في مصر،وموجه للمجلس الاعلى للقوات المسلحة، يطالبه فيه بتنفيذ اجندة الثورة كاملة، وفق مواعيد محددة ، وبتجاوز حالة التباطؤ، الي باتت أشبه بحالة التواطؤ -على حد تعبير أحد قيادات الثورة-عبر إبقائه على حكومة احمد شفيق التي شكلها مبارك ، وعلى جهاز المحافظين والمحليات، وعلى جهاز امن الدولة، وعلى قيادات جهاز الإعلام" القومي"ألخ .
يضاف إلى ما تقدم فإن مفاعيل الثورة الليبية، واستمرار زخم الثورة في ميدان التحرير، وفي ميادين مصر كلها، هو من أجبر النائب العام، على اتخاذ قرار، بمنع الرئيس السابق حسني مبارك وأفراد عائلته من السفر، إلى خارج البلاد والتحفظ على أمواله واموال أسرته، رغم أن هذا القرار جاء متاخراً، ومنح عائلة مبارك الوقت الكافي، لتهريب، ونقل أرصدتها إلى بنوك في بعض دول الخليج.
كما انه لا يمكن عزل ثورة الشعب اليمني، والانتفاضات والحركات الإحتجاجية، التي تعم البحرين والعديد من الأقطار العربية، عن مفاعيل الثورة الليبية، ومفاعيل الثورتين المصرية والتونسية، لسببين رئيسين هما أولاً: ان جميع الشعوب العربية رغم حالة التجزئة والإنقسام، لا تزال تؤكد على انتمائها القوي للأمة العربية ، وأن ما يحدث لأي منها سلباً أو ايجاباً، ينعكس على بقية الشعوب العربية، وبالتالي فإن الإستخلاص الرئيسي هنا هو: ان نجاح أي ثورة في أي بلد عربي، يعجل في نجاح ثورات عربية في أقطاراخرى، خاصة إذا ما توافرت الظروف الذاتية والموضوعية لقيام هذه الثورات وثانياً: لأن هذه الشعوب تعاني من ذات المشاكل المتعلقة بالفساد والإستبداد وهدر الكرامة، ومن سوء الاحوال المعيشية، والفقر والبطالة وتبعية البلاد للاجنبي.
وأخيراً: لا بد من التأكيد، على ان الشعوب العربية أمام لحظة تاريخية حاسمة، لحظة تكتنز معظم العوامل، اللازمة لإنجاز التغيير، لحظة يشبهها البعض بالبرق، إن لم تستثمرها الشعوب، فقد تحتاج لعشرات السنين، حتى تظهر لحظة مشابهة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عماد الدين أديب يكشف حقيقة علاقة حسن نصر الله بالمرشد الإيرا


.. قراءة عسكرية.. كيف استطاعت المسيرة العراقية اختراق الدفاعات




.. دمار كبير ببلدة حارة الفاكهاني بالبقاع شرقي لبنان بعد الغارا


.. تشييع عدد من شهداء المجزرة الإسرائيلية في طولكرم بالضفة الغر




.. بشأن إيران والرد الإسرائيلي.. الرئيس الأميركي يقدم أول إحاطة