الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موظفو الرئاسات الثلاث والعدالة الاجتماعية

محمد الياسري

2011 / 3 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في اطار الاصلاحات التي تحاول الحكومة العراقية القيام بها من اجل ارضاء المواطن البسيط، وضعت قانونا جديدا لرواتب الرئاسات الثلاث وكبار الموظفين وصغارهم تبغي من خلاله، حسب قولها، تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية وتقرير الفوارق بين موظفي الدولة.
وعند هذا الهدف لا اعتراض لاحد على ما ستقوم به الحكومة رغم ايماننا ان ثمة حلولا اخرى منصفة تسهم بتحقيق هذه العدالة المنشودة، وتقليل الفارق الكبير بين ما يتقاضاه السياسيون من رواتب ومنح ومخصصات ومنافع وبين النزر القليل لبقية افراد المجتمع.
في مقالنا هذا لسنا بصدد ايجاد مقارنه او مدح اوانتقاد هذا المشروع، لكن استوقفتنا مادة فيه لزم علينا ومن باب ادعاء الحكومة بتحقيق العدالة الاجتماعية مناقشتها ووضع النقاط الصريحة حولها وهي ما تخص طبقة صغار الموظفين في الرئاسات الثلاث وهم ليسوا بالعدد البسيط او الذي يستهان به، كما انهم جزء مؤثر في هذا المجتمع ومن مختلف ارجاءه.
فعند قراءة المادة السابعة من القانون نلحظ انها شملت "موظفو رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب وموظفو الجهات المرتبطة بها وكل من يتقاضى رواتبهم ومخصصاتهم باحكام قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم 22 لسنة 2008". وفي تعديل لاحق على القانون الغيت بموجبه مخصصات الخطورة لهؤلاء المنتسبين وهذا يعني ان جميع موظفي الدولة سيتقاضون رواتب موحدة لكن موظفي الرئاسات سيحرمون من مخصصات الخطورة المنصوص عليها في القانون 22 لعام 2008 مما يعني ان رواتبهم ستقل عن اقرانهم في مختلف الوزارات بنسبة لا يستهان بها..فأين وجه العدالة الاجتماعية بالموضوع؟؟
صحيح ان رواتب موظفي الرئاسات اكبر من بقية الموظفين في الدولة ولهذا اسباب كثيرة ومتعددة ربما بعضها مقنع وربما غيرها لا، وهذا الحال في كل دول العالم حيث ثمة امتياز لموظفي الرئاسات مقارنه باقرانهم في بقية الدوائر الاخرى، لكن ان نحول الفارق بين الرواتب الى فارق كبير بالتاكيد لا احد يرضاه ومن ضمنهم موظفي هذه الرئاسات، لكن ان تحدث تخفيض في هذه الرواتب لتصل الى اقل من اقرانهم في بقية الدوائر فهذا يعني انتقام منهم وسعي الى ترك وظائفهم التي تحملوا من اجلها عشرات المخاطر من التهديدات الارهابية وقصف قذائف الهاونات والكواتم والخطف والابتزاز حتى ان الكثير منهم يخفي مكان عمله عن عائلته واخوانه حفاظا على حياته.
الجانب الاخر من القضية لم نسعى الى حرمان جمع كبير من الموظفين في هذه المواقع من رواتبهم التي رسموا خط حياتهم وفقها، بعضهم اقترض سلفا او اشترى شقة او بيت او مرتبط بمشروع ، جميعها تسدد وفق ما الراتب الذي يتقاضاه، ثم ناتي لنلغي كل ذلك بمبرر العدالة الاجتماعية، فلماذا لا نسعى الى رفع رواتب بقية موظفي الدولة بما يحقق الرخاء لهم مع تقليل نسبة بسيطة من رواتب موظفي الرئاسات بحيث يكون الفارق بسيط جدا وهذا الفارق وجد لتحقيق اهداف اخرى مهمة منها عدم السماح لهؤلاء الموظفين العاملين في اماكن مهمة بالانجراف الى طرق ثراء بعيدة عن القانون والسقوط في براثن الرشى او الفساد.
كما ان المعروف ان العاملين في الرئاسات الثلاث وفي جميع دول العالم يجب ان يتميزوا بـ( بمظهر وطريقة) تلائم هذه الاماكن كونها وجه البلاد فكيف يتحقق ذلك ونحن نسعى الى حرمانهم من الراتب المميز؟
ربما يقول احد انك تريدهم يثرون وغيرهم من الموظفين رواتبهم لا تكفي لاكمال الشهر فاقول لانريد هذا ولا ذاك .. لم لا تسعى الحكومة الى اعادة النظر برواتب كل الموظفين فبدلا ان يكون الراتب الاسمي لموظف حملة الشهادة الجامعية الأولية (بكالوريوس) في المرتبة الأولى من الدرجة السابعة براتب (296) ألف دينار (مائتان وستة وتسعون ألف دينار) ، وهو مبلغ قليل جدا فليتحول مثلا الى 750 الف وعند اضافة كافة تفاصيل الراتب الاخرى اليه فيتقاضى هذا الموظف عند تعيينه مبلغا قد يعادل مليون 150 دينار واذا خفضنا راتب موظفي الرئاسة من الدرجات الدنيا بمقدار الربع فلن يكون هناك هامش فرق بين موظفي دوائر الدولة والرئاسات ناهيك ان ساعات العمل في الرئاسات لاينتهي في ساعات محددة وظروف المخاطرة والاستهداف وعوامل كثيرة ومتعددة تجعل وجود الفارق البسيط مقبولا كما ان مبدأ العدالة الاجتماعية الذي تسعى اليه الدولة ستحقق نوعا ما بشكل كبير.
ثمة ملاحظة جديرة بالاشارة وهي ان موظفي الرئاسات ليسوا من بغداد وحدها بل تمتد رقعتهم الجغرافية من الشمال الى الجنوب كما ان لافروع او دوائر ثانوية للرئاسات في المحافظات حتى يسعى هؤلاء الى الانتقال الى مراكز سكناهم مما يحملهم اعباء مالية اضافية كبيرة.
ما نتمناه على الجميع النظر بموضوعية مجددا لهذا القانون واعادة صياغته بما لا يستهدف صغار الموظفين والعمل على ايجاد قانون ينصف الجميع ويرتقي بمواطني العراق الى مستوى العيش الكريم الآمن.
من جانب أخر فموظفو الرئاسات الثلاث لديهم دوام يومي متكامل ومستمر لثمان ساعات دون أنقطاع ومنهم من له دوام مسائي ومنهم من يحرم من الأجازات الاعتيادية لأسباب كثيرة فبأي وجه حق يتم مساواتهم مع موظفين قد يكون دوامهم يوم واحد بالأسبوع أو يومان ليتم الأستفادة من بقية أيام الأسبوع في أعمال أخرى سوف لن يكون موظفي الرئاسات قادرين عليها لكونهم وقعوا على تعهد بعد أستلامهم لأية مبالغ أخرى من القطاع العام أو الخاص .
والله وراء القصد.


[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظاهرة غريبة.. السماء تمطر أسماكا في #إيران #سوشال_سكاي


.. مع تصاعد الهجمات في البحر الأحمر.. تعرف على أبرز موانيه




.. جنود الاحتلال يحتجزون جثمان شهيد من المنزل المستهدف في طولكر


.. غارة إسرائيلية استهدفت منزلا بمنطقة الصفطاوي شمال غزة




.. قائمة طويلة من لاعبين بلا أندية مع اقتراب فترة الانتقالات ال