الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة أم أصلاح ؟.. حول ما يحدث في العراق .

شاكر الناصري

2011 / 3 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


العالم على أعتاب مرحلة وعصر جديد ، إن لم يكن قد بدا مرحلة الشروع بالدخول اليها بشكل فعلي . ربما يحق لنا نحن الذين نعيش في العالم العربي او الذين غادرناه وحملنا همومه ومشاكله وفقره وكنا ضحايا مباشرة لسياسات اجرامية نفذتها أنظمة وحكومات أبسط ما يقال عنها أنها مجرمة بكل معنى الكلمة وأنها لاتجد شيئا تحاربه تعاديه بكل ما أمتلكت من وسائل وقوة بطش وترهيب سوى حرياتنا وآمالنا وكرامتنا ، أن يتملكنا شعور من يساهم في صنع حدث كبير يعطي للحرية ولكرامة الأنسان معنى آخر ومن حقنا أن نشعر اننا ازاء عصر جديد وعالم جديد نساهم في رسم صورته أو نقرر مصائر بلداننا ، عالم كنا نطمح للاقتراب منه فما بالك ونحن ندخله محملين بزهو : ها نحن نسحق الطغيان أو نهز عروشه على الاقل .

الأنظمة الحاكمة في العالم العربي التي مارست الحكم منذ عقود طويلة ، كادت وحتى اشهر معدودات ان تتيقن من أنها أنظمة قارة الى الابد فما تقوم به من ممارسات سياسية وأمنية جنونية يكفي لأن يحبط همم الشعوب ويجعلها أداة طيعة بيد من يقود القطيع وأن يفقدها الأمل وتصبح الحريات والحقوق الأدمية مجرد حكايات للتندر . السجون والمعتقلات ، التعذيب والأختطاف والاعدامات ، الظلم والاستبداد السافر ، الامية والفقر والبطالة والتطرف ، كلها كانت كافية لأن نكون نحن سكان العالم العربي نموذجا يخضع لعمليات تشريح من قبل الكثير من مؤسسات العالم ومن الباحثين والمفكرين الذين يعنيهم امر الشعوب التي تخضع للاستبداد ويصورونها كشعوب تتلذذ بما يفرض عليها من استبداد وكأنه سر حياتها ووجودها .

هكذا كنا طوال عقود ورسمت صورتنا على هذه الشاكلة ، فما نحن الا شعوب أدمنت القهر فكانت نتاجا مباشرا له ، بثقافتها وتطرفها وردود افعالها وسلبيتها وصمتها الطويل . شعوب مقهورة وتعيش بذل وعار دائم . وحتى تلك الشعوب التي تمكنت في يوم من الايام من التخلص من قبضة الحاكم المستبد، اقصد العراق هنا تحديدا ، فأنها أغرقت من جديد في استبداد آخر، مارسته بحقها القوى السياسية والأجتماعية والدينية التي تصدرت مشهد ما بعد التغيير أو ما بعد التخلص من قبضة الحكم الدكتاتوري . أنه استبداد الهوس الطائفي والقومي والعشائري ، ففي لحظة تم تجريد الناس من هويتها وأنتماءها للبلد الذي تعيش فيه وتم زجها في معترك هويات عنصرية خطيرة تحمل كل ما يزيد من حدة النزاعات ويبقي ساحات الاقتتال والحرب مشرعة . هويات تجيد القتل والتشرذم والاحتماء بمراكز وأقاليم وتعادي قيم التسامح والأنسجام الأجتماعي والثقافي في بلد تتعدد فيه الاقوام والاديان وتحوله الى مقولة يجب تجنبها لما فيها من مخاطر تهدد الذهنية القومية والطائفية . أصبح الحديث عن وحدة وتلاحم ابناء هذا البلد نذير شؤم يفتح شهية القوى والرموز القومية والطائفية للاسراع بتعداد مظالمها . أوجدت القوى المذكورة ما يمكنها من ممارسة دكتاتوريتها واستبدادها وادامة الفقر وسحق الحريات والاستئثار بالسلطة وأشاعة الفساد بمستويات مخيفة ولكن بستار ديمقراطي هذه المرة . فحكاية الديمقراطية تقول ان تمارس الشعوب حقها في الأنتخاب ، انتخاب برلمان يشكل حكومة ، وأنتخاب مجالس بلدية . ذهب الجميع الى صناديق الاقتراع لكي يمارسوا حقهم المشروع لكن الدعاية والتشويه الطائفي والقومي جعلتهم يتجنبون الأختيار العقلاني والمنطقي والواعي ويتشبتوا برداء الطائفة والقومية والعشائرية حاملين راياتها معهم فكانت نتيجتها وبالا عليهم .

الرياح التي تعصف بالعالم العربي ، اقصد رياح التغيير والثورة ، ثورة من أكتشفوا أنهم احرارا ويجب أن يعيشوا في بلدان حرة ، بدأت تضرب في العراق فكل ما يحدث في العراق بحاجة الى ثورة تنهي الأوضاع القائمة على الفساد والمحاصصة وأمتهان كرامة الأنسان ورسم ملامح وضع جديد يلبي الآمال العريضة التي تعتمل في صدور ووجدان الكثير من العراقيين . فما تحقق خلال السنوات الثمان الماضية يحتاج الى تغيير جذري . التغيير الذي سيجعل المواطن العراقي قادرا على حماية حرياته وكرامته ومقدرات بلده وثرواته وحياته وأمنه من عبث الساسة والأحزاب ورجال الدين وشيوخ العشائر وزعماء المليشيات وأمراء الحروب.

هل من حق العراقيين الاعلان أنهم أحرارا في بلدهم وأنهم ملوا من كل ما يجري من تغيب لارادتهم ومصادرة لحقوقهم ؟ الاحداث التي تقع في العراق منذ عدة ايام تحمل الأجابة التي تدلل وبما لايقبل الشك أننا أزاء مجتمع يريد العيش بحرية وكرامة في بلد يسوده السلم والتضامن . مجتمع يرفض وبقوة ان يتم تمزيقه وفق الأهواء الطائفية والقومية التي تتعكزعليها القوى الحاكمة وتحملها كفزاعات مخيفة . هل يحق للعراقيين المطالبة بأكثر من مجرد الاصلاح ، اصلاح الحكومة وتعديل قوانين وتقديم مجموعة من الفاسدين واللصوص كقرابين تبين صدق وحسن نوايا الطبقة السياسية الحاكمة على سبيل المثال لا الحصر ؟ هل يحق للعراقيين المطالبة بتغيير أسس النظام السياسي القائم الذي يقال أنه يعمل وفق اسس اللعبة الديمقراطية المبنية على أسس غير واقعية ولاعقلانية ؟

ما جرى في العراق يوم 25 شباط الماضي كان تحولا حقيقيا في علاقة المواطن العراقي بالسلطة الحاكمة فهذه العلاقة أخذت شكلا آخر وبعدا آخر ايضا فالمطالبة الصريحة بالحقوق والحريات تجاوزت افق المطالبة بالاصلاح ومحاربة الفساد وتوفير الخدمات فقط . العنف الذي مارسته السلطة ضد المتظاهرين وحملاتها الهادفة الى تشويه حركتهم ومطالبهم بابشع الأتهامات ،كل ذلك أعاد العلاقة بين السلطة والمواطن الى نقطة الصفر وسيحتاج الجميع الى جهود مضنية لإعادة بناء علاقة كهذه . ما حدث في يوم 25 شباط كان بمثابة نزع الشرعية عن السلطة الحاكمة بكل تفاصليها .

حتى نكون في عراق حر ونعيش أحرارا فيه فإن علينا ان نعمل جميعا من أجل أعادة بناء نظامه السياسي ومؤسسات الدولة وفق اسس ديمقراطية حقيقية . أن نعمل على كتابة دستور وعقد أجتماعي متحضر ، خال من عقد المظلوميات الطائفية والقومية وينسجم مع تطورات العالم الذي نعيش فيه ويكون اساسا لبناء نظام سياسي وأداري وحقوقي يكون الأنسان وبناء قدراته وأمكاناته المبدعة والخلاقة وصون حرياته وكرامته هدفه الاساس . هل نحتاج الى ثورة أم مجرد اصلاح ؟ إن كنا نطمح للعيش بحرية وكرامة وأن نكون شركاء في رسم مصير بلدنا وحياتنا دون قيود ووصاية ، فإن علينا ان نختار طريق التغيير الجذري ، طريق الثورة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ديموقراطية حقيقية؟
سمير نوري ( 2011 / 3 / 3 - 03:52 )
عزيزي شاكر الشباب بدأوا بثوتهم يجب ان نركض ورائهم بسرعة والا ما نلحق. اني ما اعرف ماذا تعني بالديموقراطية الحقيقية و ياترى الذي حدث لم يكن ديموقراطيا ؟ كان هناك انتخابات و قوائم و تصويت و توهم بالانتخابات و العملية انتهت بمباركة الغرب الديمقراطي و تحت انظار المنظمات العالمية . هل ندعوا الى التضحية بالشباب من اجل ديمقراطية التي فشلت و فشلت معه النظام العالمي الجديد في العراق . ترى القضية في العراق كليا يختلف الغرب و نموذجه الديموقراطي اصبح تحت السؤوال و الديموقراطية لم تستطيع جلب الحرية و لا الرفاه ، يا ترى اين العيب ؟ اني ما افهم اذا وضعت الزائدة- الحقيقية- الى كلمة الديموقراطية ماذا يغير من الموضوع ؟ و الثورة عزيزي ليس للمراوحة في مكاننا و انما لكسر الدائرة و الخروج الى افضل . نحن لا نثور لكي نحصل على حق التصويت كل اربعة سنة و مجموعة امثال المالكي يحصلون على الأصوات و نحن نرجع الى بيوتنا و هم يلعبون بمصير المجتمع . انتهى عصر الديموقراطية، الحرية و المساواة و مرهونان بنظام اشتراكي و انتهى الديموقراطية و خاصة في العراق و لهذا نرى ليس للغرب الشهية للحديث عن الثورة في العراق.

اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر