الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ثورات الشعوب العربية من وحي سيناريو أجنبي؟

زكرياء الفاضل

2011 / 3 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


هل ثورات الشعوب العربية من وحي سيناريو أجنبي؟
هناك قاعدة في العلوم السياسية تقول بأنّ الثورات تقوم في المجتمعات عندما تكون الجماهير الشعبية أصبحت رافضة للعيش في ظل النمط السياسي القديم والنظام القائم عاجز على مواكبة روح العصر، فيحصل انفصام في بنيان الهرم بين سفحه وقمته. وكل محاولة لترميمه لن تؤدي إلا لتفاقم الوضع إذ الفنجان إذا انكسر لم يعد يجدي فيه إصلاح. هذه الحقيقة البديهية هي التي نتابعها يوميا عبر وسائل الإعلام العربية منها والدولية حيث نرى انتفاضات وثورات شعبية ضدّ أنظمتها في جميع أنحاء البلاد، في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية. ورغم استعداد الأنظمة المعنية بتقديم بعض التنازلات للمنتفضين والثائرين، فإنّ الجماهير عازمة ومصرة على التغيير وشعارها من الخليج إلى المحيط هو "الشعب يريد إسقاط النظام". الشيء الذي أدى بالبعض إلى أن يتهم هذه الشعوب بالعمل لصالح جهات أجنبية وتتحرك بأوامر منها، وكأنّها مجموعة أناس آليين يعملون حسب برنامج مشفّر جهاز تحكّمه بيد من وراء المتوسطي أو المحيط الأطلسي، لذلك تراهم يتحدثون عن أجندات أجنبية تسعى لتخريب الدول العربية وإضعافها وهدم حضارتها.
لنحاول فهم ما يحصل ثم نحدد هل هذه الانتفاضات والثورات الشعبية من إلهام وحي أجنبي أم هي رد فعل طبيعي، للجماهير الشعبية، استنكارا وإدانة للسياسات اللاشعبية الممارسة في حقها من طرف حكام طغوا واستكبروا ودفعهم الغرور إلى حد تقديس شخصهم وجعله فوق كل القوانين والأعراف.
أولا تخريب الدولة: إذا كان أحد يعمل على تخريب الدولة فهو الحاكم العربي الذي اعتبر الوطن بقرة حلوبا ومنبعا لاغتنائه وأسرته والمقربين منه، في حين شعبه يعيش فقرا مدقعا ويعاني من بطالة ابتلعت كل آمال الشباب وسدت طريق المستقبل في وجوههم وأسدلت ظلمة حالكة بينهم وبين أفق آمالهم، فجاءت الحصيلة كما يلي:
• توسع الهوة الاجتماعية بين فئات وطبقات المجتمع
• بطالة منتشرة تتوسع دائرتها يوما بعد يوم
• انتشار الجريمة بما فيها تجارة المخدرات والبشر
• تطرف فكري وديني
• انعدام الثقة في النظام
• انتشار الفساد والرشوة داخل الإدارة والجيش والأمن
• عزوف الجماهير عن الانتخابات
• فقدان الثقة من الأحزاب العلنية واتهامها بالتآمر مع النظام
كل هذا أدى إلى تدمر الجماهير من نظامها القائم وإيمانها بأن الحقوق لا تمنح بل تنتزع.
ثانيا إضعاف الدولة: لم يعمل أحد على إضعاف الدول العربية مثل الحاكم العربي الذي بات يعبد الدولار ويحلم بأرصدة في البنوك السويسرية وفي سبيلها باع مصالح شعبه وسلّم سيادة وطنه وراح يستمد مشروعية حكمه من البيت الأبيض عوض شعبه. وهذا يتجلى في:
• تبني سياسات اقتصادية واجتماعية بل وعلمية (هناك اختصاصات علمية ممنوعة على الدول العربية) من وحي صندوق النقد والبنك الدوليين مقابل قروض أثقلت كاهل الدولة
• أجور هزيلة لغالبية الشعب مقابل رواتب فاحشة لأصحاب السلطة في البلاد
• الزيادة في الأسعار وغلاء المعيشة
• الامتناع عن التصنيع والاكتفاء بالتركيب
• تصدير المواد الخام واستيرادها مصنعة
وأشياء أخرى لا يكفينا المجال هنا لسردها
ثالثا هدم الحضارة: عندما تكون الدولة تنهج سياسة تعليمية تعتمد على التلقين والاستظهار دون مناقشة ودراسة علمية حيث يربى الطالب على أن كل ما مكتوب هو حقيقة مطلقة لا لشيء إلا لأنه مطبوع بدار نشر، وعندما يكون الأستاذ لا يقبل النقاش فيما يلقيه على الطلبة فإنّ النتائج تكون كالتالي:
• ضعف التكوين وهزالة الكفاءة
• وجود أطر ضيقي الأفق ومحدودي التفكير
• التقديس للخرافات والأساطير ورفض كل ما هو علمي
• انتشار فكر طوباوي عماده تقديس ماض غامض دون تنقيح في أحداثه
• تمتع أصحاب العمامات بمختلف ألوانها بسلطة ونفوذ واسعين في المجتمع
• معادات كل ما هو جديد والتصدي له باسم التقاليد والقيم
• التنكر لحق الآخر في التفكير والتعبير
• سيطرة الدغمائية على المجتمع مما يقف حاجزا في وجه كل محاولة للتجديد
بالطبع القائمة لا تتوقف عند هذا الحد بل تتخطاه إلى ما هو أخطر، ولكن نكتفي بهذا القدر.
كل هذه المعطيات تدلّ على أنّ الشعوب العربية انتفضت وثارت بدافع عوامل داخلية وليس بوحي أجنبي، لكن الحاكم العربي الذي تعود على خنوع شعبه وخضوعه لم يتقبل منطقه الطبقي والعنصري أن شعبه قد نفذ صبره ولم يعد قادرا على المزيد من التحمل. لذلك أخذ يردد أنّ المنتفضين والثائرين تدفعهم جهات أجنبية، مع أننا نسلم أنّ هناك جهات أجنبية تحاول ركوب الموجة لتصفية بعض الحسابات الضيقة أو للمحافظة على مصالحها بالمنطقة، لكن ما غاب عن هذه الجهات هو تغيّر ونمو العقلية العربية بفضل شبابها المثقف وعمالها المهاجرين ببلاد أوروبا وأمريكا الذين باتوا يطمحون للعيش الكريم ببلدانهم ما دام أنّ هذه البلدان لها جميع المقومات والإمكانيات لتقفزة إلى رحاب الدول المتقدمة وتنافسها في مسارها نحو التقدم والازدهار خصوصا إذا كانت هذه الدول تبني غناء شعوبها على حساب فقر شعوبنا بنهب خيراتنا وسلب ثرواتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الثورات الشعبية والمتكالبين عليها
عماد الدرني ( 2011 / 3 / 3 - 10:15 )


عسكرة الانتفاضة الليبية خطأ جسيم او قُل لقد اتضحت انها ليست انتفاضة شعبية بل حركة اخوانجية مسلحة مدعومة بمرتزقة الغرب(لدى القدافي الآن جنودا غربيين اسرى ويفاوض حكوماتهم حول الثمن) مما يدعم ويعضد القدافي في طروحاته.ايعني التخلص من انظمة ديكتاتورية استبدالها باخرى تيوقراطية مستبدة ؟ هذا ليس ما تنتفض شعوب شمال افريقيا من اجله وهم في كل الاحوال لا يريدون عراقا آخرا! انه الغرب الذي يسيل لعابه لثروة الليبو يتدخل مباشرة ويلعب على مستويات عدة :العسكر،الخوانجية،والدعاية الاعلامية...هذا لا يعني اني ادعم القدافي لكن يجب رؤية الاخطار على حقيقتها، فدخول ليبيا في حرب اخوانجية ـ غربية ـ قدافية يفتح الباب واسعا لتكالب اقسى وامر على شعب وثروات الوطن..من هنا فالانتفاضة فشلت بفعل اختطافها وعسكرتها من طرف الاخوانجة وفتحهم المجال للغرب بالتدخل
السافر.نعم لثورات شعبية من اجل الحرية والديموقراطية والكرامة ولا والف لا لاختطافها وعسكرتها من اي جهة كانت لتجعل شعبنا ووطننا أُلعوبتن في يد سماسرة الشعوب وثروات اوطانها
تحياتي الصادقة

اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ