الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب يريد إسقاط السلاح ... كل السلاح

قاسم محمد يوسف

2011 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


في شهر أيلول من عام 2007 قامت إسرائيل بإعتداء عسكري محدود ضمن الأراضي السورية حيث أقدمت على ضرب منشأة نووية إفتراضية في منطقة دير الزور إلا أن دمشق لم تعلق على الحدث "العابر" ولم تُصنفه خرقاً فاضحاً للسيادة السورية يتطلب رداً سريعاً ومؤلماً بإعتبار أن دمشق تُشكل عاصمة للممانعة والمقاومة كما يدعي بعض المقاومين الجدد, بل سكتت طويلاً حتى خرج الجانب الإسرائيلي (بصورة لافتة) ليكشف حيثيات الهجوم إعلامياً وللقول (ربما) بأن الطائرة التي نفذت الهجوم قد أُمرت بتنفيذه وبالتالي فإنها لم تخطأ في إحداثياتها ولم يكن الأمر حادثاً عرضياً يدخل ضمن حسابات القضاء والقدر, بل كان إعتداء كبيراً على الدولة وسيادتها, ... سنوات مرت على الحادثة ولم نسمع حتى الساعة رداً عسكرياً سورياً على الإعتداء الإسرائيلي السافر.

الجولان ... قطعة أرض سورية محتلة ولا شكوك مطروحة (أقله حتى الساعة) حول ملكيتها, إلا أن سوريا ومنذ عشرات الأعوام لم تُطلق رصاصة واحدة في ربوعها ولم تُفكر لبرهة في تحريرها أو إستعادتها بل أبعدت الجيش السوري وعتاده عن محيطها, ووفرت عناصر مخابراتية لحماية الحدود الإسرائيلية من أي مغامرة "عير محسوبة" قد يُقدم عليها ثائر سوري أصابه بعض الهوان وقرر أن ينتقم لعروبته وكرامته!!, فالقاعدة الطبيعية تُحتم على سوريا بأن تضحي بالجولان من أجل المصلحة العليا للنظام والوطن, بل أن تضحي بأكثر من الجولان إن لزم الأمر, هذه الحالة "المُقاومة" تشابه إلى حد بعيد تصرف النظام الإيراني, فالدولة التي تتدعي بأنها عرين الممانعة والمقاومة لقوى الإستكبار العالمي إضطرت سابقاً إلى تحرير رهائن أمريكيين في بيروت عبر عملية "إيران-غيت" الشهيرة مقابل حصولها على السلاح من أمريكا وإسرائيل لدعم حربها على العراق, وأيضاً فقد كان التنسيق الأمني والعسكري قائماً على قدم وساق بين طهران وواشنطن قُبيل الحرب الأمريكية على أفغانستان والعراق حتى أن إيران طلبت من حلفاءها في العراق مساعدة الجيش الأمريكي على إسقاط نظام صدام حسين بالدبابة الأمريكية والبريطانية.

وأيضاً وأيضاً ... هناك الكثير من الأمثلة والشواهد التي تؤكد تورط الأنظمة "المقاومة" حتى أُذنيها في مشاريع الخنوع والإستسلام والتآمر على الشعوب والأوطان.

بينما تجنح الدول نحو الإنفتاح والتفاوض المباشر رغم وجود الإحتلال في أراضيها يخرج حزب الله بمعادلة جديدة تُعيد إلى أذهاننا موجة العنتريات المتجددة عند كل إستحقاق أو مفترق سياسي جديد في لبنان والمنطقة, حتى باتت الخطابات لا تساوي الحبر الذي كُتبت به في مضامين المواجهة القائمة نظراً للتوازنات الدقيقة والمعادلات الحساسة, بالأمس خرج السيد نصر الله ليتحدث عن تحرير الجليل وربما في الغد القريب يُطالعنا "البيان رقم واحد" لحزب الله والذي يتحدث عن تحرير فلسطين برمتها ... كل هذا وما زلنا نتحدث ضمن منطق المقاومة, والمقاومة برأي العارفين في أصول اللغة العربية هي "دفاع عن النفس" بوجه المعتدي والمغتصب.

العالم العربي ومنذ ستة عقود من الزمن لم يوفر جهداً أو مالاً أو تضحية في سبيل مقاومة إسرائيل, حتى أن الشعوب العربية توقفت عند قارعة الطريق المؤدية نحو التقدم لتخوض حروباً كبرى ضد إسرائيل فما أثمرت سوى الهزائم وما رسخت إلا الرجعية والتعصب وربما القوقعة ضمن المجتمعات المنغلقة بخلفيات خاطئة وأحياناً مدمرة, هذه الأمور حتمت على الكثير من الدول إعادة حساباتها والإنتقال نحو الحوار والتفاوض وحتى السلام مع إسرائيل والإهتمام بشؤون شعوبهم وأوطانهم, أما لبنان فمنذ خمسينيات القرن الماضي وإلى يومنا هذا يعيش حالة "لا إستقرار" دائمة حتى لم يبقى أي منظمات جهادية أو ميليشيات مسلحة أو حركات مقاومة إلا وعبرت من خلاله نحو فلسطين, لم يتبقى سلاحٌ إلا وإختبر في ربوعه وعلى صدور أبناءه, من الإجتياحات المتعاقبة والحروب العبثية والمغامرات غير المحسوبة مروراً بالتدمير الهائل لكل مقومات الدولة ومسببات وجودها وصولاً إلى إعتماده كحلبة إقليمية ودولية لصراع الأمم, بينما سلكت إسرائيل مساراً مغايراً عبر بناء دولتها وتحسين إقتصادها وتطوير بنيتها التحتية وتشجيع الإستثمار والسياحة والصناعة ورفع مستوى التعليم والثقافة, حتى أصبح الحد الأدنى للدخل الفردي في إسرائيل يتجاوز بأضعاف حجم الدخل الفردي في أكثر الدول العربية إذدهاراً وتطوراً وثراء.

يحاول حزب الله في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة أن يجد لنفسه موطئ قدم ضمن المعادلة الجديدة التي فرضتها الشعوب العربية عبر إستحضار القضية المركزية للعرب والتي شكلت عبر التاريخ حيزاً كبيراً من الوجدان الشعبي ضمن المجتمع العربي برمته, هذه المحاولات اليائسة لم تلقى أذاناً صاغية لدى الشعوب الثائرة على الأحزاب الحاكمة وأنظمة الطوارئ ومنطق التخوين والمؤامرات, فقد أدركت الشعوب بأن حزب الله لا يعدو كونه إمتداد إيراني مشبوه على ساحل المتوسط وبأنه أداة من أدوات طهران العسكرية تديرها كيفما تشاء, فالمقاومة التي تتدعى بأنها ستحرر الجليل هي عينها التي عاثت في شوارع بيروت والجبل قتلاً وتنكيلاً وفساداً في السابع من أيار, هذه الشعوب العربية باتت تدرك وستدرك جيداً في القادم من الأيام بأن "الزعيم الوطني والعربي" رفيق الحريري قُتل غدراً عبر مقاومة تتدعي مقارعة إسرائيل.

في المحصلة, لبنان ليس مطالباً بتحرير فلسطين بعيداً من العرب, والمقاومة ليست مطالبة بإحتلال الجليل لإنها تتدعى بأنها مقاومة لا ميليشيا, والشعب مطالبٌ بالنزول إلى الساحات في الرابع عشر من أذار ليرفع القبضات ويردد "الشعب يريد إسقاط السلاح" لانه يريد بناء الدولة القوية بجيشها وإقتصادها وسياحتها, يريد بناء الدولة الحرة المستقلة بعيداً من حروب الأخرين وعبثيتهم, يريد بناء لبنان الدولة لا الساحة, لبنان الهوية العربية والتنوع المُميز لا لبنان "الشادور" مقابل مئة دولار أمريكي في الشهر, لبنان الحضارة والحياة لا لبنان التخلف والرجعية والظلام, أيها الأصدقاء ... قد لا تكون حركة الرابع عشر من أذار جُل ما نصبو إليه ولكنها حتماً الخطوة الأولى نحو الخلاص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب