الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية في العراق : هل هي فقط الحق في الانتخاب ؟

دياري صالح مجيد

2011 / 3 / 3
حقوق الانسان


منذ ان انهار النظام الديكتاتوري السابق والامور في طريقها وبحسب التوصيفات الاعلامية الرسمية نحو مزيد من الديمقراطية التي اتخذت لنفسها العديد من المسميات وبحسب ما تقتضيه الضرورة الزمنية لمختلف القوى التي نسبت هذه المصطلحات لذاتها بشكل رسمي ومنها بالتاكيد تعبير الديمقراطية التوافقية .

في ظل انعدام التعليم الخاص باسس الديمقراطية منذ زمن طويل في العراق ,انتشرت العديد من المفاهيم المغلوطة المتعمدة تجاه الديمقراطية والنظام الديمقراطي في هذا البلد حديث العهد حتى باستخدام كلمة الديمقراطية . لذا تعمد البعض ان يصور للجمهور العام بان الديمقراطية تبدا من نقطة محددة لتتنهي عندها , وهي الانتخابات , على اعتبار انها هي التي ستاتي بمن يمثل الشعب وليكون بهذا الامر الشعب هو الحاكم لنفسه بنفسه عن طريق ارادته الواعية الحرة في اختيار الشخصيات السياسية التي تمثله في البرلمان والحكومة على السواء .

هذا هو بالفعل التوصيف الديمقراطي البسيط الذي يحاول العديد من شخوص النظام السياسي ترسيخه اليوم في اذهان عامة العراقيين , حتى اننا بتنا نشهد انعداما حقيقيا للقدرة على التعبير النقدي لشخوص الحكومة من جهة وللظواهر الاجتماعية المختلفة في سياق البناء المجتمعي للشعب العراقي من جهة اخرى والى الحد الذي تحول فيه الامر الى ما يشبه المساس بالذات الالهية المقدسة .

يتمشدق العديد من السياسين في العراق بالفكرة القائلة بان الديمقراطية الليبرالية الغربية انما بدات بالتركيز على فكرة الدور الشعبي في الانتخابات التي تجرى كل 4 – 5 سنوات في العديد من تلك الدول , محاولين بذلك خداع الجمهور العام بهذه الرؤية المزيفة غير المعبرة عن واقع الحال الحقيقي في تلك الدول . فالديمقراطية ابدا لم تكن بهذا الوصف القاصر في الرؤية اليها على انها حق الفرد في التصويت فحسب , بل تتعداها بكل حرية الى دور الفرد , الذي يتم تنميته من قبل مؤسسات الدولة ذاتها , في مجال المشاركة السياسية الفاعلة في العديد من النشطات والمنظمات ذات العلاقة بتطوير الاداء السياسي للمنظومة الفاعلة في ادارة البلاد , مما يرسخ لدى الفرد هناك حسا وطنيا حقيقيا ومسؤولية شعبية في اختيار الافراد وفي ممارسة النشطات ذات الصلة بالعمل السياسي في البلاد .

يعد الاحتجاج والمشاركة في التنظيمات الاجتماعية , التي يصفها البعض بانها اما القلب الحقيقي النابض لاي حزب سياسي حقيقي ياتي لخدمة المجتمع او بانها احدى اهم طرق اعادة التوازن للنظام السياسي في اي بلد من البلدان التي تتصف بالديمقراطية الحقة , على انه افضل الطرق المعبرة عن الديمقراطية , على اعتبار ان المجتمع ومع ماحصل من تطور كبير في وسائل الاتصال والتكنولوجيا , يسهل في بعض الاحيان خداعه في تلك الدول ببعض الشخصيات التي تهدف الى تحقيق اغراض شخصية مصلحية صرفة في الوصول الى سدة الحكم , لذا فان تلك الحركات والتنظيمات تساهم بشكل رئيسي الى اعادة التوازن في النظام السياسي من خلال اعتماد اليات الضغط السلمية التي تمكن الجمهور من فرض ارادتها على من يريد استلاب حقوقها الشرعية في الحياة , دون العمل على الوقوف موقف المتفرج مما يحصل في بلدانها من ازمات وانتكاسات بفعل الممارسات السياسية الخاطئة , لكي تعمل فقط على انتظار الانتخابات القادمة بهدف تغيير هذا السياسي اوذاك , فالانتخابات لديها محطة مفصلية وجوهرية في مثل هذا التغيير الذي تنشد , ولكنها ليست الالية الوحيدة في تلك البلدان فشعوبها ليست بالشعوب التي يسهل عملية تطويعها لظلم الانظمة السياسية الحاكمة , كي تجد في المشاركة في عملية التصويت الانتخابي المتنفس الوحيد للتغيير في اوطانها , فالخيارات هناك واسعة ومتنوعة تتيح في ظل التضامن والحراك المجتمعي امكانية ممارسة الضغط بوسائل مختلفة لتحقيق اهدافها المشروعة , دون الحاجة الى الاعتماد فقط على الية الانتخابات لوحدها .

اما في العرق وللاسف الشديد لا يُنظر الى الديمقراطية ولا يُتغنى بامجادها الا اوقات الانتخابات والدعاية الانتخابية , لشحذ همم الناخبين في اداء دورهم الذي يقتصر فقط على ايصال هذا الشخص اوذاك الى السلطة , دون ان يكون له الحق ( للشعب ) فيما بعد حتى في المطالبة بتغييره عندما يفشل في الارتقاء بالمجتمع الى المستوى المطلوب او يفشل في تطبيق برنامجه الانتخابي الذي يتحول بعد برهة من الزمن الى مجرد شعار مرحلي تقتضيه الضرورة الانتخابية لخداع اكبر شريحة ممكنة من الجماهير .

شتان ما بين ديمقراطية تقوم على استغلال اصوات العراقيين بهدف اضفاء الشرعية على وصول هذا الطرف او ذاك الى سدة الحكم , وبين ديمقراطية حقيقية تقوم على مبدا مقدس اساسه حرية الفرد وقدسية خياراته في هذه الحياة وامكانية تعديلها لما يخدم مستقبله ومستقبل الدولة التي يعيش فيها . لذا لو اراد القائمون على التجربة الديمقراطية في العراق ان يرسخوا اسس هذه الديمقراطية لاجيال المستقبل بهدف تحويلها الى نوع من الديمقراطية المستدامة في حياة هذا الشعب , فعليهم ان يعملوا على توسيع اطار مشاركة الفرد في النشاط السياسي ليتعدى حدود المشاركة في التصويت الانتخابي على هذا المرشح او ذاك , والا فان الديمقراطية هذه لن تكون الا مجرد مدخل لديكتاتورية جديدة في العراق ومنها ايضا في مجمل المنطقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار