الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مظاهرات كركوك .. العنف بداية للقمع

سليم مهدي قاسم

2011 / 3 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



قبل ساعات كنتُ قد شاهدتُ في قناة البغدادية المظاهرات التي خرجتْ في كركوك ، وكنتُ قد شاهدتُ كمية العنف الذي مورس في هذه المظاهرة ، حيث كانتْ الجماهير هي المبادرة في الاعتداء على الممتلكات العامة وعلى الشرطة والجيش في آن واحد ، بل يمكن القول بان الشرطة قد مارست اقصى حالات ضبط النفس ازاء الحجارة التي كانت ترمى عليهم من صبية يقودهم منظمون ارادوا لها في كل الحالات ان تكون طريقاً للعنف ، وحقيقة كنتُ قد شعرتُ بالخجل والعار من هكذا مظاهرات تأتي تماماً بعد مظاهرات تونس ومصر والبحرين والتي كان فيها المتظاهرون متحضرون بمستوى رفيع وبحس من المسؤولية وكانوا يبنون عقلاً مختلفاً هو من اروع ما يكون، وهذه ليست شهادتي وحدي وانما شاهدة كل الذين تابعوا مسار هذه الثورات ، وقد شعر بالخجل والعار خاصة وانني كنت قد اعلنت ومنذ البداية صراحة بأنني اقف الى جانب هذه الثورة التي اريد لها ان تغير ليس العملية السياسية فقط ، انما الطريقة التي تدار فيها الدولة والمجتمع ، بحيث نرى صوتاً هو من الاهمية للمثقفين ( عمال المعرفة ) هو الأول في تاريخ المنطقة في صنع الحياة التي يجب ان تتشكل داخل المجتمع ، وعلى خلق عقل سياسي واجتماعي تكون لديه القدرة على توفير الشروط الاساسية لكرامة الانسان ، ولا اكتمكم سراً ، بأنني كنتُ اطمحُ ان تكونْ لهذه التظاهرات القدرة على الضغط على الكتل السياسية للتخفيف من حدة الاحتقان الطائفي الذي انعكس على الشارع منذ عام 2003 وحتى عام 2007 والذي لا تزال اثاره باقية داخل قارورة الدواء التي قُدمتْ الى العراق خلال هذه السنوات ، وحقيقة فأنني ارى بأن القارورة لازالتْ فيها كمية من السّم من الممكن ان تكون قاتلة للشعب والدولة آن اوحد ، اذا ما أُعيدَ المريض العراقي الى العيادة مرة اخرى ومُنح نفس الدواء ، ولعل الكل يعرف بأن هذا الدواء الى الآن لازال في يد السياسي العراقي وبإمكانه ان يلوحْ به اليّنا متى ما رأى ان مصالحه مهددة بالزوال ، وكنتُ اعتقدُ ولازلتُ أن من الممكن لهذه المظاهرات ان تُرعب هذا السياسي لأنها وللمرة الاولى التي يرى فيها بأن وصفة اخرى يمكن ان تكون بديلة للوصفة التي اقترحها لنا ، وهكذا سيتخلى عن السلاح او الكرسي الذي يأتي من خلال السلاح ، ويبدأ في البحث عن وسيلة اخرى تعطيه القدرة على المواصلة او على الاقل تغيير الحالة التي تخثرت في عقله .
كما انني كنتُ ولازلتُ ارى بأن من الممكن لهذه المظاهرات ان تشغل السياسي من البحث عن الطائفة او الكرسي الى البحث عن الخدمات للشعب ، واعتقدُ بأن هذه الفقرة بالذات ، فقرة البحث عن الخدمات بعيداً عن الطائفة والعِرْق استطاعتْ ان تجر السياسي العراقي اليها ، وها نحن نرى جميعاً ، بأن الكل الان يتسابق لتقديم الوعود وكأننا في حملة انتخابية ، وعود بتوفير الخدمات بدل من البحث عن كرسي هنا او هناك ، بل ان الامر وصل الى التخلي عن قيادات مهمة كما حصل مع محافظ البصرة ( شلتاغ ) الذي اشاعَََ حزب الدعوة في البصرة بأن ( شلتاغ ) هو من قيادات المجلس الاعلى وليس من حزب الدعوة ، ما حصلنا عليه من مظاهرة واحدة كان جميلاً ، وهو ربما يكون خمسة بالمائة من المطالب التي لوحنا بها ونحتاج في الايام القادمة الى تحقيق الخمسة والتسعين الباقية ، المهمة صعبة في بلد بتركيبة العراق ، وبتعقيدات العراق كلها .
ما علاقة كل هذا بمظاهرات كركوك ( اردت ان اكتب مقالة صغيرة فاذا بالتمهيد يأخذ المقالة كلها ، ولكن لابأس من هذه المقدمة لتكون فرصة لإدانة العنف اي كان مرتكبه وتحت اي ظرف كان ) المهم ما علاقة كل هذا بمظاهرات كركوك ؟
ولتغطية هذا الحدث كله اريدُ أن اسردَ بعض الاشكالات السياسية التي رافقتْ هذه المظاهرات ( مظاهرات كركوك ) وأن أعرج ولو بصورة مختصرة على قدر الامكان على التحالفات التي اوجدتْ حكومة الشراكة الوطنية التي تأخرتْ اكثر من ثمانية اشهر لتولد بعدها ناقصة ، وهذه الحكومة كما هو معروف تتشكل من خليط عجيب فهي تتشكل من اسلاميين ( الدعوة والمجلس والصدريون والهاشمي ) وعلمانيين ( علاوي ورفاقه ) وبعثيين ( المطلك ومساعديه ) بالإضافة الى الاكراد الذين لعبوا بيضة القبان في هذه المعادلة .. وحقيقة انا اجد ان هذه الحكومة بتركيبة كيميائية عجيبة حتى افضل الحاصلين على جائزة نوبل في العلوم لا يستطيعون فك شفراتها .
المظاهرات التي خرجتْ يوم 25 اربكتْ الكل ( كلّ الموجودين في السلطة ) بل واربكتْ المرجعية الدينية ايضاً دعاها ، لإصدار بيانات مرتبكة هي الاخرى قبل وبعد المظاهرات ، بل أن كتلاً سياسية اعتبرتْ أن المظاهرات ليستْ موجهة ضدها ، وحاولتْ أن تزج بعدد من افرادِها ( فتاح الشيخ من القائمة العراقية والشيخ صباح الساعدي من حزب الفضيلة ) الى المظاهرات ، ولكنها اكتشفتْ بأن هذه المظاهرات هي ايضاً ضد هذه الكتل ، واعتقدُ أن هذا الفعل من المتظاهرين بطَرَدِ الكتل من ساحة التحرير قد اعطى زخماً كبيراً للمظاهرات على الصعيد الشعبي ، كما أنه دق نَّاقُوس الخطر لدى الكتل الاخرى التي كانت ترى نفسها في منأى عن هذه التظاهرات وأنها ليست موجهة ضدها ، بل أن هذه الرسالة يمكن القول بأنها قد وصلتْ الى حزب البعث والقاعدة على حد سواء ،حتى وجدتْ نفسها في عزلةٍ لم تشعر بها على مدار السنوات الماضية ، يمكن القول بأن هذه المظاهرات عَرَّتْ الجميع وكشفتْ عورتاهم ، ولذلك كان رد الفعل في كركوك والعنف الذي حصل ضد الشرطة .. واعتقد الآن لينا ان نربطْ كل هذه المقالة ببعضِها لكي لا تتشتتْ الآراء .
انا ارى وبكل صراحة ، بأن المظاهرات التي حدثتْ في كركوك كانت مدبرة لأرباك المظاهرات الحقيقة التي خرجتْ في عموم العراق ، اي انها مؤامرة ضد الثورة ( ثورة الاصلاح ) ، وأنا اعتقدُ بأنه قد تم ترتيب هذه المظاهرات من قبل المالكي والاكراد والقائمة العراقية في محاولة لإنقاذ نفسهم مما هو قادم ، فلماذا تتحرك قوات البيشمركة ( دور الاكراد ) في هذا الوقت بالذات لتحاصر كركوك ؟ . ولماذا في هذا الوقت بالذات تخرج مظاهرات ( دور العراقية ) لتطالب بطرد البيشمركة ؟ ثم لماذا ممارسة العنف بصورة متعمدة ضد الجيش والشرطة والتي ستعطي ذريعة للجيش لممارسة العنف المضاد وقمع المظاهرات او فرض حضر للتجوال لقمع المظاهرات ( هنا دور المالكي ) ؟ وتلك هي الفرصة المناسبة التي يبحثون عنها . وعلينا ان انتذكر بأن اي عنف في كركوك على وجه الخصوص ، من المؤكد ان يقود الى عنف في الموصل ثم العودة الى عام 2005 من جديد .. الم اقل في بداية المقال ان قارورة الدواء لازالت في يد السياسي وانه سوف يستعملها حالما تسنح له الفرصة او عندما يشعر بالخطر الذي يحوم حوله .
كما انني اتخوف من شيء اخر اكثر خطورة من هذا الاحتمال الذي شرحته في الاسطر السابقة .الا وهو ان يقوم صالح المطلك بإخراج مظاهرة في منطقة الاعظمية التي تعتبر الاكثر خطورة في العراق مثلها مثل مدينة الصدر ، وان تقوم هذه المظاهرة برفع صور لـ ( صدام حسين ) وحينها سنجد المالكي وقد خرج الينا ترافقه المرجعية بالطبع من خلال شاشة التلفزيون ليذكرنا بأنه قد حذر في مناسبة سابقة من البعث هو الذي يدير ويشرف على هذه المظاهرات ، وسيكون من حقه ان يقمع المظاهرات ولا احد يلومه على ذلك .. ..
خلاصة القول : انا ارى ان ما حدث في كركوك يعتبر خدعة خطيرة جدا على مستقبل الثورة ، لذلك ارى من الواجب علينا ان نعزل هذه الظاهرة الخطيرة عن الثورة من الآن ، وان نفكر في الكيفية التي لا تجعل الامور تتسرع الى ما لا تحمد عقباه .
وعلينا التفكير بصورة جيدة ايضا كيف ننقذ الثورة من الاخطار التي تحاك ضدها ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا علقت قناة الجزيرة على قرار إغلاق مكتبها في إسرائيل


.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح




.. -صيادو الرمال-.. مهنة محفوفة بالمخاطر في جمهورية أفريقيا الو


.. ما هي مراحل الاتفاق الذي وافقت عليه حماس؟ • فرانس 24




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على «موقع الرادار» الإسرائيلي| #ا