الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة : من وصايا غيلان الدمشقي

مهدي بندق

2011 / 3 / 3
الادب والفن


من وصايا غيلان الدمشقي ّ
شعر : مهدي بندق

• يعد غيلان الأب الشرعي للمعتزلة المفكرين الأحرار في الإسلام . وكانت عقيدته تتلخص
في أن الله العادل قد خلق الناس أحرارا ً لكي تجوز مساءلتهم ، ولهذا حاكمه بنو أمية
- أصحاب عقيدة الجبر – بتهمة الكفر وقضوا بتعذيبه وقتله ، فطفق وهو على صليب
الموت ، يقول للناس :


رضيت ُ بما اخترت ُ لا أتذمرُ فالموت ُ كالنوم ِ
يأتي لنجدتنا من بلاء الظلام المقيم

فيا أيها الشرطي ُّ المؤجـَّر
تعال ودق المساميرِ في الكف والساق ِ والبطن ِ،
كل بطون ِ الرعية ِ بالجوع مثقوبة ٌ ، والصبايا
هنالك مثل الجنادب ِ تحت السيول ِ ، المياه الخناجر ُ
تنشب في الصدر منهن داء ُ السعال ِ المجنح ِ
يشهقن أو يرتمين على ُسرر الدمع ِ ، كل الأحبة في الحبس ِ
ينكمش العمر يغدو هباء ً فـُينفخ في القبر نحو الرميم

فيا أيها العسسي ُّ استرح واشرب الشاي واكتب
تقاريرك المستبيحة لحم العوانس تلطمهن
رياح ُ الضرار وعصف ُ الضرر
ويا ضابط الأمن طارد مواليد هذي المدينة ِ
حتى يعودوا صفوفا ً إلي رحم الأمهات ِ
بلا رضعة ِ من صدور الجفاف التي لا ُتدر
ويا بيت مال الرعية إن سألوك فأين الحليب الذي
وهب الله ثدي َ الأمومة ِ، هذا الحليب الكريم العظيم
فقل لرئيس الدواوين : صار ملاطا ً
لأحجار قصر الأمير ِ ،
وقصر الوزير ِ ،
وقصر النديم

يشير إلى ّ منفـّذ ُ أمر ِ الخليفة ِ
أخرج ْ لسانك هيا لكي أقطعه
فتلك مشيئة رب أفاء علينا الولاية منذ البداية حتى الختام
وأقوى دليل عليها الحسام
لذي سوف يقطع في الحال هذا اللسان الذميم
فكيف لمثلك أن يمنعه ؟

هتفت ُ : أنا لا أخاطبكم أيها الفاسدون َ ،
ولست أحاوركم بالكتاب الحكيم
فبرهانكم يستحي العقل ُ أن يسمعه
ولكنني لا أحادث غير الذي يعرف السر والجهر قبل
افتراق تبلبل تلك اللغات ِ
عسى أن ُأسمَّى لديه الكليم

وفي سكرة الموت راحت دمائي َ تنساب بين الشقوق ِ
لتكتب أوصابها الدائرية َ فوق الحوائط ِ أو
حين تبلغ قاع الأديم
ألف ْ......لام ْ.... ميم
يعود إليك إلهي َ من أنت شرفته بالخيار ِ
فأدخله مدخل صدق عميم
وخذ يا إلهي َ نفسي إليك
وخذ بيدي
ويا سيدي يا رسول البرية فلتشهد ِ
قريش الجديدة تعبد أوثانها باسمك اليوم يا سيدي
وهم يسرقون وهم يقتلون
وهم يكذبون يقولون أفعالنا قدرٌ فرضته المشيئة
فحاشاه ربى يقدّر ظلما ً ويرضى بما يفعل المعتدى
هو الله مانح نعمائه للبشر
لكي يسعدوا بالمحبة ِ،
كي ينعموا بالسلام ِ،
وكي ينهضوا للرُقى ّ كما ينهض النورُ عند السَحــَر
فما بال قوم يصدون عنه،
يريدون يا رب ُ سود َ الغطاش ِ،
وأحوى الـُغثاء ِ،
وشرَّ الوَزَر ْ
يقولون إن الشرور تغطى الوجود بثوب القدر
فهل شاهدوا الشمس َ تقتل شمسا ؟ !
وهل شاهدوا النجم َ يسرق نجماً ؟
وهل شاهدوا الأفــْق َ يصلب يا رب جسم القمر ؟

فيا مسلم العصر لا تستكن في الحياة
وقل للطغاة أنا محض حر
أزل عن ثيابك هذا الغبار َ
ونظـّـف ْ عن الروح طفح َ القَذَر
وخذ في يديك تراث النبي ِّ
وزد فوقه العقل نوراً يضئ ُ
على نوره في الجبين الأغر
فما زال دينك نبت َ العرار ِ
يضوع بطيب الغد المنتظر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وبعدها أسلم غيلان الروح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا هو الشعر
ياسر فهمي ( 2011 / 3 / 4 - 09:46 )
يبلغ الشاعر الكبير مهدي بندق بهذه القصيدة الرائعة قمة الإبداع الفني ، فالقناع الشعري الذي ارتداه بوعي شديد ( غيلان الدمشقي ) يكشف ولا يخفي موقف الإنسان العربي المسلم من أولئك الفاسدين الذين يستخدمون الدين ولا يخدمونه ، بل يوظفونه لتحقيق غايات هي عكس ما جاء الدين نفسه ليققه أعني العدل والمساواة بين الناس . القصيدة قالت هذا بغير مباشرة ودون هتافات ثوروية . فما أجملك أيها الشاعر العظيم


2 - إلى متى ؟
فريد الصفتي ( 2011 / 3 / 4 - 11:54 )
أبكيتني يا أيها الشاعر . إلى متى نظل نصلب الأبرار ؟


3 - مباحث قمل الدولة
علاء الدفراوي ( 2011 / 3 / 7 - 07:27 )
هكذا يتبين أن جهاز فمل الدولة كان موجودا من أيام بني أمية

اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال