الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أيام معتمة- للكاتبة المغربية البتول محجوب أو عندما تشع الكتابة نورا
مصطفى لغتيري
2011 / 3 / 3الادب والفن
بخطى وئيدة و واثقة تواصل الكاتبة المغربية البتول محجوب مسيرتها الإبداعية ، مجترحة نصوصا قصصية جميلة ، مما يجعلها تكتسب مع كل نص جديد أحقيتها في تمثيل القصة النسائية المغربية ، نظرا لامتلاك نصوصها لخصائص و مميزات أسلوبية و موضوعاتية ، تمنح النص المغربي تنوعا محمودا ،و تعبر بحق عن حساسية جديدة في جنس القصة القصيرة ، تشترك في بلورتها مع عدد من القاصات المغربيات، هذا علاوة على ميزة تنفرد بها القاصة البتول ، فهي قادمة من تخوم الصحراء ، مما يعني تجربة حياتية خاصة ، تنعكس - بلا ريب- على كتابتها السردية ، و هذا ما تبرهن عليه مجموعتها القصصية الجديدة "أيام معتمة" الصادرة حديثا عن دار فضاءات الأردنية للنشر و التوزيع ، و لعل ذلك مما يؤهل الكاتبة و مجموعتها لتتبوآ مكانة متقدمة في المشهد القصصي المغربي ، خاصة و أن كتابتها السردية تتميز بميسم خاصة ساهمت في ترسيخه خبرة الكاتبة الحياتية كابنة لل"أرض السمراء" و كقاصة تصر على إسماع صوتها في أرض الصحراء ، حيث يطغى الشعر على ما سواه من الأجناس الأدبية .
في مجموعتها الجديدة ، تبدو البتول محجوب قد تجاوزت ذاتها في الكتابة السردية ، و ذلك بتخلصها من النزعة الرومانسية التي تجلت واضحة في مجموعتها الأولى ،التي تغلب فيها البوح عما سواه، فجاءت الكتابة في "أيام معتمة" أكثر حيادية متمتعة بقدر كبير من النضج، و تجلى ذلك بالخصوص في رسم الشخصيات و الأفضية و تتبع الأحداث و تصويرها، و في تعاطي الكاتبة -عموما- مع أسلوب الكتابة ، إننا هنا أمام سرد ناضج يوزع الأدوار بين مكونات القص ب"ديمقراطية" مرتجاة ، فالوصف حاضر بقوة يتخلل النصوص بعنفوان ، و هو ليس زينة أو توشية و إنما هو نابع من أعماق النص ، بل و يساهم في تطوير السرد بشكل يجعله وظيفيا و ومكونا بنيويا في بنية القص ، هذا علاوة على منح القارئ لوحات جميلة عن فضاء، لا نكاد نعرف عنه سوى القليل القليل ، فبرعت لغة الكاتبة الجميلة في رسمه بالكلمات ،تقول الساردة في قصة سر الحكاية " خيمة منصوبة وسط الصحراء ، و دخان يعانق عنان السماء. بباب الخيمة امرأة تلتحف السواد .. ترمي بصرها يمينا و شمالا بحثا عن شيء ضائع . تعيد البصر حيث الإبل تنعم في مراتعها ، نظراتها الباحثة هنا و هناك مافتئت ترسلها للبعيد ، تطل شابة في مقتبل عمرها في الخباء تقاسم المرأة الملامح البدوية ذاتها ، تقترب منها أكثر فأكثر تسأل .. تلح في السؤال.."
هذا الحضور القوي للصحراء يتخلل القصص جميعها تقريبا ، ليصبح "تيمة" دالة ، تشي بانتماء الكاتبة القوي لهذا الفضاء، الذي يطبع ساكنيه بسمات خاصة ، الصحراء فضاء مفتوح ، و قاس ، احتمالاته قوية و غامضة ، في الصحراء يكون المكان زئبقيا و متحولا، فرماله لا تستقر على حال ، أما سماؤه فتشع في جميع الفصول تقريبا بوهج خاص ، إنها الطبيعة في أرقى و أقسى مظاهرها ، تعبر عن نفسها كقاهرة للزمن و عصية عن حكمة الإنسان مهما بلغت ذراها ، تقول الساردة في قصة "الأرض السمراء" .. "تستيقظ على صوت الصحراء يئن الوجع في وجه الألغام المزروعة. كفى .. كفى. و تجنح بها الذاكرة عبر صدى صوت جريح ، بعيدا ، صوب قبره المسجى وحيدا في فضاء موحش".
و بالموازاة مع الحضور القوي للصحراء هناك حضور الزنازن و التعذيب ، فالشخصيات في المجموعة القصصية تعاني من البطش و الدوس على كرامتها الإنسانية في زنازن كانت و لا تزال شاهدة على سنوات الجمر التي اكتوى بها المغاربة في زمن مضى و لازال بعضهم يعاني منها ، تقول الساردة في قصة"الزنزانة رقم 3 .. " الباب حديدي ، رقم ثلاثة . المكان زنزانة موحشة باردة ، تنبعث منها رائحة الموت ، الخوف و الغياب المفاجئ.. كنا هنا ، نتعفن كعلب سردين نتن"
هذه الأجواء المأساوية تشغل حيزا كبيرا من المجموعة ، و خاصة في قصص بعينها ، و منها "وجع تموز"و " أيام معتمة" و " جزء من حكاية لم تنته" و " جلاد يحرس شهيدا" التي نقتطف منها هذا المقطع " باب حديدي ، قفل صدئ و مقبرة منسية إلا من عدة قبور . قبور سويت بالأرض ، بعد دفن أصحابها تحت جنح الظلام . قبر هنا و قبر هناك"
و تتألق الكاتبة في قهر الظلمة و الأجواء المعتمة لترسم بكلمات من نور واقعا يعاني فيه الإنسان من قسوة الطبيعة و عنجهية الإنسان و صلفه ، لكنه لا يجد إلا الأمل طوق نجاة للتشبت به ،تقول الساردة.. " تتراءى له دروب العتمة يبتلعها المجهول و صرير الأبواب الحديدية يتلاشى . يتيه في الصحاري الشاسعة ، عله يشفى ، أو ينسى حلكة أيام الغياب ، ينظر إلى معصم يديه . قد يندمل الجرح يوما . يبتسم ساخرا من نفسه و جرح القلب ماذا عنه ..؟ أيندمل هو الآخر مع الأيام ؟ يأتيه صدى الصوت من بعيد و يغرق في حزن مسائي".
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين
.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي
.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض
.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل
.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو