الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكتيك ناجح وتوصيف سيئ

فؤاد ابو لبدة

2011 / 3 / 4
القضية الفلسطينية


كلما ارتفعت وتيرة العمل النضالي وتطور الأداء الجماهيري في النضال الاحتجاجي المطلبي , يقابله أيضا ارتفاع في آلية تفكير وأداء النظام من اجل الوقوف أمام هذا النضال والحد من انتشاره وشموليته وقطع الطريق أمامه لعرقلة تلك الخطوات الاحتجاجية , ولن يتواني عن قتلها في مهدها لو أتيحت له الفرصة سواء باستخدام الأجهزة الأمنية والشرطية والعسكرية التي يجندها لخدمة مصالحه الفئوية الضيقة لتكون مجرد أداة لحماية عرشه ونظام حكمه أو بتسخير الحزب الحاكم عبر كافة مؤسساته الاقتصادية والاجتماعية والفنية والرياضية .......الخ للعب دور محوري في إحباط أي محاولة لغرس بذور ثمار توجهات وطنية وتقدمية من شانها أن تهدد مصلحة النظام , وغالبا ما تكون تلك الأحزاب التابعة للأنظمة تتمتع بنفوذ مالي وأداري كبير داخل الدولة بحكم أنها أداة سياسية للنظام ويخصص لها ميزانية شهرية للقيام بتلك المهام الموكلة إليها , وهذا ما لمسناه أثناء الثورة المصرية من خطط جهنمية للحزب الوطني في تجييش لبعض الأفراد من المرتزقة وممن تربطهم مصالح ضيقة بالحزب الحاكم والأجهزة الأمنية في محاولة للتمركز في الميادين العامة خشية من سيطرة المحتجين عليها وإقامة خيم الاعتصام فيها .
وتكرر هذا المشهد في اليمن من استغلال حزب المؤتمر الشعبي الحاكم في اليمن من استغلال نفوذه المالي ليغدق بالمال علي بعض مناصريه ليقوموا بخطوة استباقية والاستيلاء علي الميادين الرئيسية بما فيها الساحة المقابلة لجامعة صنعاء ويقيموا فيها خيم موالية للرئيس علي صالح قبل أن يعسكر فيها أقطاب المعارضة لتكون مركز انطلاق الثورة والإقامة فيها حتى يتنحي الرئيس ويسقط النظام علي غرار التجربة المصرية , والمشهد ذاته أيضا الآن في الساحة الخضراء في وسط طرابلس ولمسناه بموقف مشابه حينما تجمع المحتجين في ميدان اللؤلؤة وسط المنامة العاصمة البحرينية , وتقارب الموقف مسبقا في المشهد اللبناني حينما احتدم الصراع السياسي ما بين المعارضين والمولاة في السباق لكلا الطرفين في التجمهر في أهم ساحتين بالعاصمة اللبنانية بيروت ساحة الشهيد رياض الصلح وساحة الشهداء .
والواقع الفلسطيني الرسمي ليس غريبا عن الواقع العربي في نمط التفكير وكيفية الحفاظ علي المصالح المكتسبة من نفوذ وجاه وسلطان والتغني بشعارات دون الترجمة الحقيقية والواقعية لها , لكن الاختلاف ما بين الواقع العربي والفلسطيني انه هذا الأخير ما زال الاحتلال جاثم علي أرضه ويزيد من غيه وطغيانه وابتلاعه للأراضي وتكثيف الاستيطان حول مدينة القدس وضواحيها مستفيدا من الفيتو الأمريكي الذي كان بمثابة الضوء الأخضر للاستمرار بعملية التهويد وكذلك مستفيدا من حالة الانقسام الداخلي الذي تشهده الأراضي الفلسطينية منذ حوالي خمس سنوات وتشكيل حكومتين واحدة مقالة بغزة وأخري تصريف أعمال برام الله وترمي كل واحدة التهمة علي الثانية بعرقلة مساعي الوحدة الوطنية والإبقاء علي حالة التشرذم والانقسام وتكريس حالة من العزلة الجغرافية فيما بينهما والتي ربما تتبعها انقسام ديموغرافي إذا طالت المدة الزمنية .
لقد ساهمت رياح التغيير التي عصفت بالمنطقة العربية وكانت تونس بوابتها لكسر حالة الخوف والرهبة لدي الجماهير العربية بشكل عام لتعلن رغبتها وإرادتها ورفضها لما هو قائم منذ عقود من دكتاتورية وظلم وقمع ومصادرة حريات وشكلت الدافع الأكبر لدي الجماهير الفلسطينية ليعلو صوته اكبر باتجاه المطالبة بالوحدة الوطنية وانتهاء حالة الانقسام وقطع الطريق علي فئات تستفيد من بقاء الوضع الحالي علي ما هو عليه وتشكيل حكومة وطنية بتوافق وطني شامل لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في كافة محافظات الوطن لإنهاء خمسة عقود من الانقسام واثني عشر عاما سبقتها من الفساد الإداري والمالي , ونتاج لتلك العملية التراكمية بادرت قطاعات واسعة من الشباب بالتحرك لتشكيل إطار شبابي يجمع كافة الروابط الاجتماعية علي وسائل التواصل الاجتماعي علي الانترنت وربطها بشبكة واحدة وتحقيق نتائج ملموسة علي الأرض نحو التوجه الميداني للضغط علي طرفي الصراع من اجل الانصياع التام للإرادة الجماهيرية وتحقيق المصالحة علي أن يكون الخامس عشر من آذار الجاري هو بداية الانطلاق لتنفيذ الاحتجاج المطلبي علي أن يستمر الاحتجاج حتى إعلان الطرفين بالبدء بالمصالحة وتشكيل حكومة وطنية .
ووفقا لذلك ستنتهج كل من حكومتي غزة ورام الله لوسائل تكتيكية جديدة لإفشال هذا التوجه الوحدوي نظرا لرغبة كل طرف منهم بإبقاء حالة الانقسام في الفترة الحالية وفق حسابات ورهان كل طرف , ففي حين تراهن حكومة غزة علي التغير الحاصل في مصر بوصفها راعي المصالحة الفلسطينية وتمسك بهذا الملف وتعول كثيرا علي قوة الأخوان المسلمين في مصر في المرحلة المقبلة لتشكل ضغطا علي الحكومات القادمة في مصر وفتح معبر رفح البري كخطوة أولي أمام فك الحصار عن غزة ورفع العزلة الدولية عن حكومتها والوقوف إلي جانبها أو علي الأقل عدم الضغط عليها كما كان يفعل النظام السابق إبان حكم مبارك , وتراهن أيضا علي حالة الحراك الاجتماعي في الأردن المطالب بالتغيير للنظام فيه تحويله لنظام ملكي دستوري , وان كان من الصعوبة تحقيق ذلك إلا أن موقع الإخوان بالأردن سيشهد تغير كبير في رسم السياسة العامة والتأثير علي القرار الداخلي بقدر كبير وكذلك تراهن علي حالة الضعف لما تعانيه حكومة رام الله بعد حالة الذبذبة للموقف العربي الرسمي المنهار الذي أصبح غير قادر علي حماية عرشه و الفيتو الأمريكي والتوسع الاستيطاني وتعثر المفاوضات وفضيحة كبيرها صائب عريقات .

وتراهن حكومة رام الله علي إحراج حكومة غزة أمام المجتمع الدولي في حال استمرار رفض الأخيرة علي إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في الموعد الذي تم تحديده في شهر سبتمبر أيلول القادم , مستفيدا من عامل الزمن الذي يسير باتجاه تصنيف حركة حماس حركة إرهابية وهذا يعني إضعاف لها والقبول بمبدأ المصالحة وفقا لأي اشتراطات وكذلك الرهان علي التحرك الجماهيري في غزة باتجاه إسقاط حكومة غزة بعد سئمت الجماهير من عدم تنفيذ الوعود التي قطعتها علي نفسها بتنفيذ ما جاء في برنامجها الانتخابي من تغيير وإصلاح بحجة الحصار المفروض عليها .
من اجل إبقاء الأمل علي تحقيق هذا الرهان بادرت حكومة غزة بتنفيذ تكتيك جديد سيجد ترجماته علي الأرض حيث أوعزت لحركة حماس بالإعلان عن القيام بمسيرات واعتصامات تطالب بالوحدة وإنهاء الانقسام ودعت عبر مكبرات الصوت في بعض المساجد للوحدة وستعمل علي يكون تواجدها مستقبلا في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة وكذلك ساحة الكتيبة المقابلة لجامعة الأزهر وذلك كخطوة استباقية للتواجد في اكبر ساحتين في غزة , وكي تتيح لنفسها قيادة تلك التجمعات وتحديدا أنها ترفع نفس الشعار الذي يرفعه المحتجون وتضمن عدم مشاركة للشباب التابعين لحركة فتح من المشاركة في تلك الاحتجاجات وستحاول الضغط علي باقي القوي ان ينخرطوا بالاحتجاج ضمن تجمعاتها ولا سيما أنها نفس الشعارات لتعطي توصيف سيئ لأي جماعات أو تجمعات أخري قد يتم الإعلان عنها مثل التي سمعناها من وسائل الإعلام الصفراء التابعة للأنظمة من كلمات مرتزقة وأجندة خارجية وعملاء وحبوب هلوسة وقاعدة وغيرها , ولا يستبعد أن تميل حكومة رام الله بالإيعاز لحركة فتح في الضفة أن تقوم بنفس التكتيك ونفس التوصيف السيئ لكل من لا ينتمي لهذا التجمع ويدافع عنه .
إن هذا التكتيك المرتقب تنفيذه في قادم الأيام القليلة تكون بموجبه حكومة غزة والأمر ينسحب علي مثيلتها في رام الله في حال التنفيذ تكون فد نصبت نفسها في مركز القاضي والجلاد في نفس الوقت والشعب هو الذي يتحمل معاناة الانقسام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجلس الحربي الإسرائيلي يوافق على الاستمرار نحو عملية رفح


.. هل سيقبل نتنياهو وقف إطلاق النار




.. مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار عملية رفح بهدف


.. حماس توافق على الاتفاق.. المقترح يتضمن وقفا لإطلاق النار خلا




.. خليل الحية: الوسطاء قالوا إن الرئيس الأمريكي يلتزم التزاما و