الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سرقة الآثار المصرية .. وبروبجندا الحزب الوطني

حسين عبد المعبود

2011 / 3 / 4
حقوق الانسان


تعودنا أن نسمع ونسمع عن آثارنا المصرية من المسئولين وعلى رأسهم السيد / زاهي حواس قبل أن يكون وزير دولة للأثار وللأن ، ونحن نقدر جيدا قيمة هذه الآثار ، وأهميتها ، وضرورة المحافظة عليها باعتبارها ضرورة حتمية لزيادة الدخل القومي ، وتوفير فرص عمل للشباب ، وتقليل البطالة ، بل نعتبرها كنز ثمين تركه لنا الأجداد . لكن للأسف الشديد أن القائمين على أمر الآثار نيابة عنا نحن الورثة الشرعيين لا يقدرون قيمة هذا الكنز الثمين ، ولا يعيرونه اهتماما كافيا للمحافظة عليه ، ولا يعرفون قيمة هذه الأثار ، ولا أهميتها التاريخية والحضارية الضاربة في أعماق التاريخ ، والتى تثبت بحق عمق الحضارة المصرية القديمة ، والتي كانت سببا لتباهينا ، وتفاخرنا على العالم بأننا أصحاب فضل السبق في التحضر ، والتمدن ، وقيام أول حكومة لدولة ذات كيان قبل الأمم الأخرى بقرون طويلة ، وهذا ما يجعل السائحين من كل بقاع الدنيا تأتي إلى مصر شوقا لرؤيتها ، وحبا في مشاهدة آثارها ، وبحثا عن سر تقدم المصري القديم ، وعجبا من المصري صانع العجائب ، في كل الأحوال ، ومهما كانت الظروف : عسرا أو يسرا ، حزنا أو فرحا ، ضعفا أو قوة ، فحين تم عبور قناة السويس لتحرير أرض سيناء بعد أن أشاعت إسرائيل أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر ، وأن الجندي الإسرائيلي لا يهزم ، وأن اقتحام خط بارليف الحصين يحتاج إلى قنبلة ذرية ، أطلق العالم على الجنود المصريين لقب ( أحفاد الفراعنة ) ، وعندما كانت لنا بعض المواقف الكروية كان يطلق على فريقنا القومي ( فريق الفراعنة ) ، وأخيرا وبعد ثورة 25 يناير كانت تعليقات زعماء دول العالم كلها تؤدي إلى معنى واحد مفاده : ( أن المصري ليس بجديد عليه أن يصنع مثلما صنع أجداده ) .
ولكنني أتساءل هل قيمة الأثار وأهميتها التاريخية ، والحضارية ، وضرورتها الحتمية في زيادة الدخل القومي ، وتوفير فرص العمل للشباب ، ومحاربة البطالة تكون بالكلام فقط دون اتخاذ أية إجراءات منطقية ، وواقعية . فما كنا نسمعه من تصريحات المسئولين ، وحواراتهم ، وما كنا نشاهده من زيارات ميدانية للمسئولين أكد لنا أن هذه الآثار لها من القداسة ما يجعلها موضع النن من حبة عين المسئول ، ولكن للأسف الشديد اتضح أن كل ذلك ما هو إلا بروبجندا إعلامية على طريقة الحزب الوطني ، وكله كلام .. كلام فقط . وإلا فبما نفسر :
أولا : سرقة بعض القطع الأثرية ولا يعلن عنها إلا بعد أن يكثر الهمس واللمز حتى يخرج الأمر رغما عن المسئولين ، فتخرج بعض التصريحات المائعة والمبررة والملتمسة عذر المسئولين كلها تتحجج بعدم وجود أمن .
ثانيا : وسط أحداث ثورة 25 يناير أعلن بداية أن محتويات المتحف المصري سليمة ، ولم تمتد إليها يد سارقة أو مخربة ، ثم أعلن عن سرقة ثمان قطع ، بعدها أعلن عن العثور على حوالي ثلاثة قطع منها قطعة وجدت خارج المتحف ، أي أن القطعتين الأخرتين وجدتا بداخل المتحف وهذا أمر مثير للدهشة ... فكيف تم الجرد ؟ هل تم الجرد فعليا وبمطابقة القطع على السجلات ؟ لو تم كذلك لسهل العثور على هاتين القطعتين قبل الإعلان عن سرقتهما ضمن القطع المسروقة . ولكن وغالبا ، والله أعلم أن الجرد تم بالعين فقط دون الاستعانة بالسجلات ، واعتمادا على الذاكرة . أما بالنسبة للقطعة الثالثة كيف وجدت خارج المتحف وسط ذلك الحشد الهائل من المتظاهرين ؟ ولم تعبث بها يد عابثة ، ولم يقولوا لنا أن أحدا من المواطنين قام بتسليمها ، فالأمر كله وكما قلنا يدعو للدهشة بل الريبة .
ثالثا ما أعلن أخيرا عن سرقة مخزن للآثار تابع لهرم ( خوفو ) بالجيزة وما علمناه أيضا وطبقا لما أعلنته وسائل الإعلام الرسمية أنه كان قد تم سرقة أكثر من 55 مخزنا للآثار من قبل ، وما يزيد الأمر سوءا هو ما نسمعه من المسئولين خاصة مسئولي الآثار من حجج ، ودفاعات واهية ، مثيرة للغضب والسخرية أكثر منها تبريرات تغطي على التسيب والإهمال ، والعمل الروتيني وحسب النظام ، وبعيدا عن المسئولية القانونية ، والأدبية ، والاجتماعية . وكل مانسمعه ، ويردده المسئولون : أن عدد أفراد الحراسة غير كاف ، وأنهم غير مسلحين ، ولا يوجد أفراد شرطة نظرا للظروف التي تمر بها البلاد .
وإني لأتساءل .. لماذا لم يعلن عن سرقة هذه المخازن كل في حينه ، وبصورة علنية واضحة للجميع ؟ إذا كنا حقا نقدر المسئولية لعل وعسى أن تتحرك الأجهزة المعنية لمعرفة الجناة ، ومحاصرتهم ، أو أن يتحرك بعض المواطنين ، وبعض منظمات المجتمع المدني لاستنهاض أفراد المجتمع المصري وتوعيتهم بأهمية هذه الآثار ، وقيمتها في زيادة الدخل القومي ، وزيادة فرص العمل للشباب ليتطوع البعض بالبحث والتحري ومحاصرة الجناة فيسهل القبض عليهم من قبل جهات الضبط المسئولة .
ولماذا لا نعترف صراحة أنه نتيجة لسياسات الحزب الوطني الفاسدة الفاشلة تم سرقة وتبديد هذه الآثار ، وأن أحداث ثورة 25 يناير فرصة لتسوية الدفاتر والسجلات المخرنية خوفا من النظام الجديد الذي قد يسائل الجاني قبل المغلوب على أمره ، و أنها فرصة أيضا استغلتها عصابات النهب للاستيلاء على ما يمكن الاستيلاء عليه .
لماذا توضع هذه القطع الأثرية في المخازن أصلا ؟ وما جعلت المخازن إلا لتجميع أصناف لتوزيعها على مؤسسات الدولة ، أو تجميع أصناف تمهيدا لتكهينها والتخلص منها ، وما أظن أن يفعل ذلك في الآثار ، وكان الأجدى والأولى أن توضع هذه القطع بالمتاحف وليس بالمخازن ، وإن لم يكن لها مكان بالمتاحف الموجودة فلماذا لا تقام متاحف أخرى ؟ تعرض فيها هذه القطع لمزيد من تنشيط السياحة ، وجلبا لفرص عمل جديدة ، وزيادة للدخل القومي المهدد من مثل هذه السياسات الفاشلة والغير مسئولة .
قد يقول قائل أن هذه القطع وضعت بالمخازن تمهيدا لترميمها ثم عرضها ، والإجابة سهلة وبسيطة جدا ، نعم هناك مخازن لمثل هذا الغرض ولكن ليس بمثل هذه الأعداد ، فنحن نعرف ان يكون هناك مخزن ، مخزنان ، ثلاثة ، عشرة ، لا مائة أو أكثر ، فالآثار لا يجب التعامل معها عددا تعامل الأفراد مع المعارض كل من شاء له الحق في إقامة أو إنشاء معرض أو أكثر للسلع خاص به وبأي عدد ، وإلا فلتترك هذه الآثار بباطن الأرض حفاظا عليها من السرقة ، وانتظارا لتدبير الأموال اللازمة لعملية الترميم .
إذا تم عرض هذه الآثار بالمتاحف ، أو إذا أقيمت لها معارض جديدة فسوف تزيد فرص العمل بالسياحة ومن عائد هذه المتاحف يمكن تعيين العدد الكافي من أفراد الحراسة اللازمة دون تكليف الدولة أو الهيئة مليما واحدا ، أو إسناد مهمة الحراسة لشركات خاصة ، وكل التكاليف من العائد .
هذه بعض الأفكار وبالتأكيد هناك أفكار أخرى أكثر نضجا لمسئولين وأفراد سيكشف عنها ولكن بعد تغير النظام القائم ، وتغيير منظومة العمل داخل هيئة الآثار التي تشكلت تحت رعاية الحزب الوطني ، وفي أحضانه ، وحينئذ سنجد من يقدر المسئولية عن حب وولاء وانتماء لهذا البلد الطيب السالم أهله ، أما إذا استمرت الأمور على طريقة الحزب الوطني ، أي أن كله كلام ... كلام بس ، فقل على الآثار السلام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فراعنة ثوار
سامي فؤاد74 ( 2011 / 3 / 6 - 20:57 )
أما بالنسبة للقطع الأثرية الثلاثة فقد تبين أنهم كانوا قد أنضموا لثوار ميدان التحرير للمطالبة بتنحي الرئيس وعندما تنحي عادت القطع الأثرية طواعية ووحدها إلي المتحف وهناك بعد القطع التي توجهت إلي ميدان مصطفي محمود للتأييد وللأسف لم تعود لأنها ذهبت إلي شرم الشيخ وذكرت بعض المصادر أنها في طريقها لجدة للترميم 0

اخر الافلام

.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال


.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار




.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم


.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #




.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا