الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورات العرب فى القرن الحادى والعشرين

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2011 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


معظم ثورات العرب فى القرن العشرين قادها ضباط القوات المسلحة سعيا لتخليص بلادهم من الاحتلال الأجنبى. وحتى بعد أن اكتملت السيادة للجمهوريات والممالك العربية فقد عملت جميعها على إتباع نفس أساليب الحكم. الجدير بالملاحظة أن قادة معظم الدول العربية تعتمد على نفس الأساليب فى المحافظة على مواقعها وفى مواجهة أية مظاهرات أو ثورات مرتقبة. كما تلاحظ أن الرؤساء العرب لا يتركون مناصبهم طواعية وهذا يفسر سر عدم وجود رئيس سابق فى هذه البلدان. يكفى أن احدهم وهو الرئيس معمر القذافى (42 عاما) يعتبر أقدم رئيس دولة فى العالم يليه الرئيس مبارك (ثلاثين عاما) الذى يعتبر ثانى أقدم حاكم فى تاريخ مصر بعد محمد على (43 عاما) ثم الرئيس بن على الذى حكم تونس لمدة 23 عاما. لعل كل واحد من هؤلاء الرؤساء مر ويمر بنفس المراحل النفسية التى ترتبط بطول البقاء فى السلطة.

لقد شهدت ثلاث دول عربية ثورات شعبية عارمة فى القرن الحادى والعشرين. من المعروف أن تونس أول دولة عربية تشهد مظاهرات فى 17 ديسمبر الماضى تحولت إلى ثورة شعبية أدت إلى إنهاء حكم بن على فى 14 يناير 2011م. ثم بدأت المظاهرات فى مصر يوم 25 يناير ولم تتوقف إلا بعد أن تنحى الرئيس مبارك فى 11 فبراير 2011م ثم بدأت مظاهرات مناهضة للنظام الليبى فى بنغازى ومصراتا والبيضاء فى شرق ليبيا فى 17 فبراير أى بعد عدة أيام من تنحى الرئيس محمد حسنى مبارك.

من الملاحظ أن السلطات فى الدول الثلاث تعاملت بنفس الأسلوب مع المظاهرات:
1. محاولات قمع المظاهرات من خلال إطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطى والحى مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى ومن الواضح أن العنف أدى إلى تصميم المتظاهرين على المضى فى تحقيق أهدافهم ورفع سقفها إلى حد المطالبة بإسقاط الأنظمة.

2. تزامن ذلك مع استخدام أجهزة إعلام الدولة لتشويه الثورة والتقليل من قيمتها وإذاعة أخبار كاذبة بهدف تضليل الرأى العام والعمل على منع وسائل الإعلام الأخرى من تصوير المجازر التى حدثت فى ميدان التحرير أو بنغازى. الغريب أن المسئولين عن هذه الأجهزة الإعلامية الكاذبة نسيت أو تناست وجود قنوات فضائية عديدة تسلط الأضواء على الأحداث الجارية وكانت هذه الإجراءات كافية لنزع ثقة المواطنين من هذه الأجهزة.

3. تقديم تنازلات لإرضاء المتظاهرين كتغيير الحكومة وإقصاء وزير الداخلية والوعد بعدم الترشح لانتخابات الرئاسية القادمة والرغبة فى إنهاء المدة المتبقية.

4. فرض حظر التجوال فى شوارع تونس ومصر وإنزال قوات الجيش للحد من المظاهرات

5. تنظيم مظاهرات مؤيدة للنظام القائم وخروج مؤيدى الرئيس حاملين لافتات التأييد للرئيس وفى الغالب الأعم فإن هؤلاء المؤيدين مدفوعون من قبل المستفيدين من بقاء الأحوال على علتها من دون تغيير.

6. قطع النت والاتصالات

7. محاولة دفع الجيش إلى استخدام القوة تجاه الجماهير إلا أن الجيش التونسى والمصرى رفضا الانصياع لأوامر الحاكم العسكرى.

8. الاعتماد على نظرية المؤامرة لتفسير الأحداث، فالقوى الخارجية والأجانب هم الذين أطلقوا النار على المتظاهرين وهم الذين سعوا لقلب نظام الحكم فى مصر وتونس. كما أن سيف الإسلام القذافى سارع بتوجيه الاتهام لعناصر مختلفة، فتارة يتهم المصريين والتوانسة وتارة يتهم الإسلاميين وتارة يشير إلى القاعدة وبن لادن وواضح أن الأنظمة الثلاثة فعلت كل شىء للتشبث بالسلطة حتى آخر قطرة فى دم الشعب.

9.اعتمدت الأنظمة على إحداث قلاقل فى الوطن من خلال إزكاء الفتنة بين عناصرها سواء طوائف دينية أو فبائل وعشائر (راجع خطاب سيف الإسلام للشعب الليبى). إن كل الأنظمة تعتقد أنها صمام الأمان ومن دونها سوى تنتشر الفوضى والحرب الأهلية فى مصر وتونس وليبيا.

ومن الواضح أن الفترة الطويلة التى بقاها الزعماء الثلاث فى السلطة تفسر لنا سر التشبث المستميت بمواقعهم مما أدى إلى إطالة أمد الأزمة ولعل أكثرهم تشبثا هو القذافى الذى أسال الكثير من الدماء واستخدم الطائرات لقتل المتظاهرين مما ساهم فى سقوط حوالى ألفى قتيل والآلاف من الجرحى. وهذا التشبث المقيت يرجع إلى الحالة النفسية التى مر بها الزعماء الثلاث وهى مراحل نفسية أشار إليها علماء النفس ومنهم كوبلر-روس فى كتابه "حول الموت" والذى نشره فى 1969م: المرحلة الأولى: الصدمة، وهى أن الرئيس يصاب بصدمة نتيجة الثورة المباغتة وهذا يفسر تأخر ردة الفعل تليها مرحلة الإنكار، فهو لا يصدق أن تقوم الجماهير بالهتاف ضده، فالجماهير التى تهتف للرئيس منذ عشرات السنين لا يمكن أن تفعل عكس ذلك ثم تبدأ مرحلة الغضب وهذه المرحلة تبدأ بعد أن يدرك الرئيس حقيقة الأوضاع على الأرض، وهى مشاعر إنسانية يمر بها الرئيس ويوجهها تجاه من خدعوه من المعاونين وتجاه الشعب الذى لا يقدر تضحياته. المرحلة التالية هى التفاوض كمحاولة بن على إقناع الشعب بالبقاء حتى 2014م ومحاولة مبارك استكمال مدته حتى سبتمبر 2011م. أما المرحلة الأخيرة من هذه الدائرة فهى القبول بالأمر الواقع والرضوخ لرغبة الشعب وهى المرحلة التى انتهى إليها الرئيسان بن على ومبارك بينما يرفض قبولها الرئيس القذافى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس التنفيذي لدائرة الحلول منخفضة الكربون في -أدنوك-: أسو


.. الجزيرة ترصد مبنى الشركة المتهمة بتصدير أجهزة البيجر التي ان




.. الإعلام الإسرائيلي يناقش تداعيات اغتيال القيادي بحزب الله ال


.. تصعيد إسرائيلي ضد حزب الله.. هل نشهد غزة جديدة في بيروت؟ | #




.. الرئيس التنفيذي لدائرة الحلول منخفضة الكربون في -أدنوك-: نست