الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيمكن وصول لهيب الثورة إلى الجزائر والمغرب ؟

سائس ابراهيم
باحث في الأديان

(Saiss Brahim)

2011 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


مقال مترجم عن صحيفة اللوموند الفرنسية الصادرة بتاريخ 11/03/2011 (هذا العدد مُنِع في المغرب)

ملاحظة : هذا المقال رغم اعتداله الشديد، لم يرق للقصر الملكي الذي أمر بمنع الصحيفة الفرنسية من الدخول إلى المغرب نفس اليوم، وترجمتي للمقال هو فقط من أجل تعميم الفائدة وبالخصوص للمغاربة. وشكراً

هل سيكتسح مد الثورة التي تعصف بالعالم العربي الإسلامي بلدا الجزائر والمغرب ؟
بالنسبة لجزء كبير من الصحافة، في حال حدوث ثورة ما فإنها ستمس الجزائر أولاً باعتبارها الحلقة الضعيفة الجديدة في بلدان المغرب.
الملكية في المغرب –حسب الصحافة دائماً- متجذرة بعمق في التاريخ وممثلة بملك "عصري" قريب من رعيته وهذا البلد أقل عرضة للهزات...
آنياً، وفي البلدين ما تزال المعارضة معتدلة، ويبدو النظامان الحاكمان ثابثين في مكانيهما. معارضو النظام الجزائري يراوحون في مكانهم من أجل تحريك الجماهير، لكن آخر تجمع في وسط العاصمة الجزائرية لم يستقطب إلا بضع مئات من الأشخاص، في مواجهة أعداد من قوات الأمن تفوقهم بكثير.
وقد أصدر الرئيس الجزائري –الواثق من قوته- مؤخراً مرسوماً رئاسياً لرفع حالة الطوارئ المفروضة منذ 1992، حينما كان البلد آنذاك يعيش على وقع عواصف الدمار المكللة بالدم والنار.
المرسوم يسمح من الآن فصاعداً بحق التظاهر في البلد... باستثناء الجزائر العاصمة ؟ ؟ ؟
وفي المغرب كان السقوط المدوّي للرئيس التونسي بنعلي هو الذي عبأ الشباب عن طريق قنوات الانترنت الإجتماعية، ولحقت بهم جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان وتنظيمات من اليسار وشريحة من الحركة الإسلامية المحافظة. وقد كُلِّلَ رهان حركة 20 فبراير للتغيير بالنجاح. فقد تظاهر المغاربة في أكثر من خمسين مدينة بأعداد تفوق مئات الآلاف (عشرات الآلاف حسب البوليس)، مرددين شعارات تطلب من النظام الملكي إشارة تدل على عزمه على إرساء ملكية دستورية. لا الشعارات ولا اللافتات طالبت برحيل الملك محمد السادس.
ما بين المتظاهرين المعزولين في العاصمة الجزائرية وبين الحشود الوديعة في العاصمة المغربية "الرباط" يمكن قراءة تاريخين مختلفين. ففي الجزائر كان الحزب الوحيد الذي انخرط في حركة الإحتجاج، هو "التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية" الذي يرأسه سعيد السعدي، وهو حزب أمازيغي له قاعدة ضعيفة، وزاد الأمر سوءاً كثرة الإختلافات بين زعامات المنظمين لحركة الإحتجاج. فمُمَثِّلوا التنظيمات النقابية والجمعوية يريدون الإعتماد على المجتمع المدني والقوى المجتمعية للوصول إلى تغيير النظام، ولهذا يريدون أخذ الوقت الكافي لتهيئ أرضية مشتركة للمَطَالِب قبل النزول إلى الشارع. على العكس كان ممثلو التيار السياسي متسرّعين وراغبين في الإنخراط الفوري في حركة الإحتجاج التي تهز العالم العربي. النتيجة أن لجان التنسيق التي جمعتهم في البداية تطايرت في شظايا مكسرة.
لكن هناك سبب آخر أعمق بكثير لفشل الاحتجاجات في الجزائر، فإذا كان الجزائريون مترددين في خرق منع التظاهر ضد النظام الذي تكرهه غالبيتهم، فلأن ذكريات التسعينيات ما تزال حية بشكل كبير. لقد لقي أكثر من 200000 من المدنيين حتفهم في تلك "الحرب القذرة" التي اندلعت بين قوات الأمن و"الملتحين"، حيث من النادر أن تجد أسرة جزائرية لم تفقد قريباً لها في تلك العشرية الدموية. ليس من السهل على أي كان أن يعبئ شعباً عانى كل هذه الآلام والويلات.
بالعكس لم يعرف المغرب مأساة كهاته، فمنذ غياب الحسن الثاني اختفى خوف المغاربة من النزول إلى الشارع. لكن... لكن... هل يعطي البلد صورة عن "الديموقراطية التي في إبان النضج" كما صرّح بذلك الناطق الرسمي بإسم الحكومة خالد الناصري، غداة مظاهرات 20 فبراير ؟ ؟ ؟
الحقيقة أقل بريقاً للملكية، فالأمراض التي عانت وتعاني منها تونس ومصر ومجمل البلدان العربية الأخرى هي نفس أمراض مغرب محمد الخامس :
- مجتمع تتفاحش فيه الفوارق الإجتماعية.
- أبواب موصدة في وجه الشباب الباحثين عن عمل "حتى ولو كانوا مدبجين بالشهادات الجامعية العليا"
- نظام مستبد تتمركز السلطات المطلقة فيه بين يدي الملك وقلة قليلة من حاشيته
- أحزاب سياسية منعدمة الجذور خاوية وعديمة التأثير
- انتخابات تجري بنتائج مُسَبَّقَة ومُمْلاة من طرف القصر
- قضاء منخور وخاضع للأوامر السامية
- صحافة مُقيدة ومراقبة عن قرب

يزاد على ذلك المحسوبية والرشوة التي نخرت العرش حتى قمته، فقد نقلت برقيات ويكيليكس الديبلوماسية عن دبلوماسي أمريكي قوله بأن "ممارسات الرشوة" قد "تمأسست وتعقلنت" مع مجيئ محمد السادس : "في كل المشاريع الكبرى في المغرب، توجد المصالح التجارية للملك ولكمشة من حاشيته".
وفي برقية ثانية لويكيليكس نقرأ : "أن سفيراً أمريكياً كان قريباً من القصر الملكي أدان في برقياته لوزارة الخارجية الأمريكية : الجشع المخيف لحاشية الملك"".
ومع ذلك يتفاخر محمد السادس غداة مسيرات 20 فبراير، بمناسبة تنصيبه ل"المجلس الإقتصادي والإجتماعي" ويعدد مناقب "النموذج الديموقراطي والتنموي الذي وضع أسسه في المغرب" حسب زعمه، حيث قال : "بتنصيبنا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، فإننا نعطي دفعة قوية للدينامية الإصلاحية التي كنا قد أطلقناها سابقاً".
يمكننا أن نراهن بقوة على أن منشطي الحركة من أجل التغيير لا يرون الأمور بنفس المنظار، وهم ليسوا الوحيدين، ففي خضم المسيرات والمظاهرات الشعبية بدأ تنظيمان سياسيان يساريان يطالبان بإصلاحات دستورية.
وهكذا يمكننا أن نقول أن المستقبل مليئ بالأخطار لمحمد السادس أيضاً.

جان بيير توكوان
صحيفة اللوموند الفرنسية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا