الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدل الديمقراطية والدولة في العراق

دياري صالح مجيد

2011 / 3 / 5
حقوق الانسان


منذ امد بعيد يحلم العراقيون بالديمقراطية التي كانت شيئا من الخيال لم يكن يصدق المرء انه كان من الممكن بلوغه في اي مستقبل قادم , لان الظروف السابقة كانت بمجملها تثبط تحقيق هذا الحلم الذي نظر له العديد من المهتمين بانه حلم خرافي لا يمت بصلة الى الواقع .

في مقابل هذا الحلم كانت هناك ضغوطات الواقع العنيفة بماساويتها في ظل وجود سلطة دكتاتورية كانت تعد العدة لك شيء من اجل الاستمرار في الحكم اجيالا ثم اجيالا , حتى ان الحاكم لم يكن يفكر الا بكيفية التشبث لاطول فترة ممكنة بالحكم , وان فاجاته يد القدر واختطت له غير الذي يتمنى , ترفع قليلا هذا الحكام ليفكر في كيفية توريث السلطة الى الاقوى والاعنف من ابنائه , كي يديم عز وامجاد العائلة الحاكمة .

في ظل هذا المشهد الماساوي ضاعت الكثير من التفاصيل الدقيقة وغير الدقيقة فيما يتعلق ببناء الدولة , فالاموال كانت تصرف بطريقة عبثية في حروب داخلية وخارجية لا طائل منها , وفي تسلح كانت تحكمه عقلية القروي الحالم دوما بشراء السلاح وتعزيز القوة العشائرية . لذا انتجت لنا تلك الفترة مؤسسات هزيلة غير قادرة على خدمة الفرد والمجتمع , لانها بالاساس كانت معدة لخدمة اوامر الحاكم الاوحد وعائلته .

عندما انهار النظام السابق واركان حكمه التليدة العتيدة , تصور الكثير بان النخبة القادمة التي عارضت ذاك النظام , ستاتي لتطبق افكار جديدة اولها الديمقراطية التي ستكون مقدمة لاصلاحات حقيقية شاملة يمكن للمرء ان يتلمس اثارها على صعيد حياته اليومية والمستقبلية , ظن الكثير بان القادم سيكون افضل في التعاطي مع العراقي وطموحاته التي مُنعت من التسرب الى خارج جمجمته سابقا خشية من ان تضيع معها حياته في ذاك الزمان اذا ما باح بمكونانته التي يختزنها هناك في تلك الجمجة , التي تحولت مع الزمن الى موطن لكل ما هو عتيق وغريب لايمت بصلة الى تسارع التقدم والتطور الذي تشهده البشرية .

في مقابل هذا التصور والتغير الذي حصل في التركيبة السياسية العراقية كان هنالك امرا اخر لا زال مستمرا على ارض الواقع ليعصف بنا كلما تعمق وعينا بالعمل السياسي , وهو بناء الدولة . فهذا البناء ليس له اساس اليوم كما هو حاله بالامس . فالسابقون لم يكونوا ليحلموا بالدولة وبنائها بقدر ما كانوا يحلمون بالبقاء الى الابد في السلطة . اما اليوم وفي زمن الديمقراطية , نجد بان سياسيي هذا الزمن يدركون بان الدورة الانتخابية قصيرة زمنيا ومن المؤكد بان اغلب الوجوه لن تحكم او تكون في مراكزها مجددا , لذا ما الفائدة بالنسبة لهم في التفكير الخاص ببناء دولة ؟ , لذا نجد ان غالبية منهم يرفع شعار الدولة امام الجمهور , لنجد بان ذات الشخص فيما بعد هو اكثر اعداء بناء الدولة , لان امثاله يريد الربح من هذا الواقع الديمقراطي والاغتناء في اسرع واقصر مدة زمنية لا غير .

امام هذين المشهدين يقف الفرد العراقي حائرا متسائلا عن جدوى الدكتاتورية والديمقراطية وعلاقتهما ببناء الدولة , على اعتبار ان بناء الدولة هو الاهم للفرد والمجتمع , لان النظم السياسية بشقيها المشار اليها سلفا ستمضي وتزول لا محالة مهما طال او قصر بها الزمن , اما الدولة فيجب ان تبقى لانها الضامن الكفيل للفرد والمجتمع , لذا يبدو ان جدل الديمقراطية والدولة سيتصاعد بوتيرة متسارعة في العراق , في اشارة الى ان هذا الجدل له جذور منطقية في ظل ما يدعى بالنظام الديمقراطي على اعتبار انه الاجدر من غيره وسابقه في بناء مثل هذه الدولة , فهل سنرى بوادر حقيقية لنشأة دولة قوية كما يتمناها المواطن فعلاً ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة


.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم




.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا


.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا




.. طلاب جامعة ييل الأمريكية يتظاهرون أمام منزل رئيس الجامعة