الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة قد تفضي إلى ظلام!!

سعد تركي

2011 / 3 / 6
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


ليس حال الشعوب واحداً في الصراع والثورة على الحكام المستبدين. وكما أن حظوظها متفاوتة في مقدار ثروة الأوطان الطبيعية والبشرية بين وطن ثري إلى حد التخمة، وآخر فقير حتى الكفاف، كذلك يختلف طالعها و(توفيقها) حين تنتفض وتثور على جلاد سامها سوء العذاب.. ليس حال الشعوب واحداً فيما يؤول إليه مصير ثورة ما.. قد ينتصر شعب بأقل التضحيات ببضعة تظاهرات تكون كفيلة بتهاوي نظامِ حكمٍ كان يبدو قوياً لا يهتز أمام أقسى الضربات.. في حين يصمد آخر بدا ضعيفاً خاوياً واهياً كبيت العنكبوت!!
في بداية عقد التسعينات خرج جيش نظام صدام مهزوماً منكسراً محطماً من الكويت، وسقطت ـ بثورة شعبية عارمة ـ أربع عشرة محافظة بأيدي الثوار. لكن النظام، مستعيناً بجيشه المهزوم، قمع الثورة وبسط نفوذه واستعاد سلطته. غير أن بضعة آلاف خرجوا إلى شوارع تونس بلا سلاح إلا هتافاتهم وشعاراتهم وعزيمتهم، استطاعوا أن يرغموا بن علي على الفرار والرحيل.
ليس بالإمكان أن ينكر أحد على المصريين أنهم قدموا صورة رائعة للعالم وتفوقوا على أنفسهم بصبرهم وصمودهم في ميدان التحرير حتى أرغموا طاغيتهم على التنحي بالرغم من عنفه وقسوته ورغبته الشديدة في مواصلة الحكم إلى آخر نفس.. كما لا يمكن إنكار جنون ورعونة وغباء الزعيم الليبي، وبسالة وشجاعة وجرأة شعبه الأعزل الطامح بحياة حرة كريمة ينعم فيها بثروة وطن (فرهدها) الزعيم وأبناؤه..
التظاهرات السلمية والضغط الدولي أجبرا مبارك على التنازل عن عرش أغلى من الوطن والأبناء.. في حين أن الكفاح المسلح الضاري الذي اضطر الشعب الليبي إلى اللجوء إليه كخيار لا بدّ منه، والضغط الدولي والعربي الشديد لم ينجحا لغاية الآن في إزاحة رأس النظام وكتائب أبنائه المتمسكين ـ فيما يبدو ـ بالسلطة إلى آخر قطرة من دماء الثوار، نظام مستعد للتضحية بكل شيء في سبيل البقاء.
لازم النحس ـ دوماً ـ أحرار العراق برغم كل ما بذلوا من تضحيات جسام. ثورة العشرين أُختطفت وآلت نتائجها لصالح المنبطحين وتنكر التاريخ لأبطالها الحقيقيين وصفق لبنادق لم تطلق رصاصة إلا في رحلة صيد أو ابتهاجاً بعرس. الانتفاضة الشعبانية أدار لها الإعلام ظهره مهتماً بانقلاب حافلة صغيرة في مجاهل إفريقيا متجاهلاً سقوط أربع عشرة محافظة ببسالة وشجاعة الثوار المنتفضين.. وواضح أن الليبيين يشاركون أخوتهم سوء الطالع. ثورة عمر المختار اختطفها آخرون، وقوافل الشهداء التي ضحت بكرم وطيب خاطر في سبيل التحرر من الاستعمار ذُبحت تحت أقدام قائد الجماهيرية العظمى!!
ذقنا ما لم يذقه شعب آخر وأضحى مشهد الموت والدم والخراب جزءاً من حياتنا، لا لعلة فينا أو قلة الدماء التي ننزفها في سبيل الحرية والكرامة.. ويرى الليبيون بلادهم تنزلق نحو حرب طاحنة قد لا تحقق تطلعاتهم.. حرب ـ إن فشلت لا سامح الله ـ علّمت الجميع استعمال السلاح وتصويب الرصاص إلى الصدور.. حرب جعلت مشهد الدم والموت وفقدان الأعزة شيئاً مألوفاً.. حرب نتمنى أن تنتهي بسرعة لصالح الثوار قبل أن (يساعدهم) أجنبي يدخلهم نفقاً مظلماً لا يجدون في نهايته ضوءاً إنما نفق آخر أكثر ظلاماً وعتمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عالم مغربي: لو بقيت في المغرب، لما نجحت في اختراع بطارية الل


.. مظاهرة أمام محكمة باريس للمطالبة بالإفراج عن طالب اعتقل خلال




.. أكسيوس: مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر يوافق على توسيع عمليا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من الطلاب المتضامنين مع فلسطين ب




.. مئات المحتجين يحاولون اقتحام مصنع لتسلا في ألمانيا.. وماسك ي