الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في سابقة خطيرة تهدد جوهر الديمقراطية

احمد ثامر جهاد

2004 / 10 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


محافظة ذي قار تصدر تعليمات سرية لخنق عمل الصحافة والتلفزة
في الوقت الذي ينتظر الإعلاميون من صحفيين ومراسلي قنوات تلفزيونية انفتاحا وشفافية في التعامل مع الدوائر والمسؤولين الرسميين في المحافظة ، بشكل يسهل عملهم الإنساني والمهني ويمنحه قوة ومصداقية ، اصدر ما يسمى بمكتب ( العلاقات العامة والإعلام ) في محافظة ذي قار بتاريخ 15/9 وبتوقيع نائب المحافظ ( عباس الموسوي ) ، مجموعة تعليمات سرية معممة في كتاب رسمي إلى كافة دوائر الدولة في المحافظة وقد حصلنا على نسخة منه . تنص تلك التعليمات التعسفية الجائرة - والتي تعد سابقة خطيرة في مجال الإعلام - على منع مقابلة أي صحفي أو مراسل قناة تلفزيونية لا يحمل تصريحا أو موافقة صادرة من قسم العلاقات والإعلام في ديوان المحافظة بحجة سد الطريق أمام القنوات المغرضة والسيطرة على نوع المعلومات المنشورة .كما يدعو الكتاب إلى وقف الانتقادات الموجهة إلى الجهات العليا والمسؤولين في المحافظة من قبل رؤساء الدوائر الحكومية عبر ما يصدر منها في وسائل الصحافة والإعلام المرئي . وجاء في الكتاب السري ما نصه : ( لاحظنا كثرة الانتقادات من قبل رؤساء الدوائر إلى الجهات العليا أو المسؤولين بالمحافظة تبريرا للخلل والتلكؤ الذي يحصل في تنفيذ بعض المشاريع ، وهذا لا يجوز لان ديوان المحافظة هو الجهة العليا في المحافظة والمسؤولة عن تلك الدوائر ولا يجوز اتهامها أو توجيه التقصير إليها ) !!!!
ولا يذكر صاحب هذه التعليمات غير المتحضرة : لماذا لا يجوز توجيه الانتقاد للمحافظة فيما تنتقد الحكومة على كل لسان ؟ هل المحافظة جهة مقدسة لا يعترها التقصير ؟ بل لماذا يخشى المسؤولون فيها من الانتقادات الموجهة إليهم إذا كان أداءهم منضبطا بحسب ما يدعون ؟ وهل يعتقد المسؤولون انهم إذا أخرسوا الصحافة بأسلوب قمعي سيكونون بمنأى عن الانتقادات وقادرين على إسكات آلاف الناس المتذمرين من أدائهم البائس ؟
على الجميع أن يعلم إن الصحافة لا تفعل اكثر من نقل الهموم والمشاكل التي يتداولها أهالي الناصرية ليل نهار ، إلى وسائل الإعلام ووضعها أمام أعين المسؤولين المحترمين !! وذا كان عمل المحافظة رائعا ومنضبطا ونزيها فلماذا تخشى سهام النقد ؟ عن أي إنجاز ندافع ونحن نعيش وسط المزابل والنفايات والفساد الإداري والأخلاقي المهول ؟
إنها لمفارقة مضحكة فعلا ، أن تدعو محافظة ذي قار – بالذات – إلى وقف الانتقادات الموجهة لعملها ، وكأنها أنجزت للناس ناطحات السحاب ومنتجعات الترفيه العملاقة والمراكز الثقافية الكبرى ، في الوقت الذي تشير الحقائق على الأرض إلى أن محافظة ذي قار بغالبية دوائرها الحكومية قدمت أسوء أداء خدمي قياسا بجميع المدن العراقية ، منذ انتهاء الحرب والى يومنا هذا . فباتت مزابلنا العظمى جزءا من حياتنا البائسة ، أما فوضى شوارعنا فتلك لعمري حكاية يومية كاريكاتيرية ، ولن أتحدث عن مظاهر الاختلاس والرشوة والكذب والغباء والزيف والانتهازية والعنف المعلن والخفي ، لأن ذلك كله حاضر في ذهن المواطن البسيط وتشكل حكاياته اليومية المريرة جوهر تندره وسخريته مما يدور حوله .
والأغرب من ذلك كله ، هو مطالبة ( الكتاب السري ) أعلاه بالرد على المواضيع المنشورة في الصحف عن طريق قسم الإعلام في ديوان المحافظة حصرا بعد اطلاع السيد المحافظ على الشكوى والإجابة قبل نشرها . يبدو من غير المعقول أن تتناسى المحافظة ومكتب إعلامها المحترم حقيقة : أن ليست هناك جهة على الإطلاق يمكنها أن تكون فوق سلطة الصحافة ، لا في المحافظة ولا حتى في رئاسة الدولة ، وذلك بحكم الصلاحيات التي تملكها الصحافة كرقيب أخلاقي على عمل كافة دوائر ومسئولي الدولة أيا كانوا . ومن يريد الاستزادة في هذا الموضوع عليه مراجعة النصوص المصادق عليها في مؤتمر الإعلام العراقي والديمقراطية بموجب قوانين وقرارات هيئة الإعلام العراقي المستمدة من قوانين الإعلام في دول العالم المتقدم .
يبدو أن السادة المسؤولين في محافظة ذي قار ما زالوا يفكرون بعقلية الأمس البائدة ، حينما يمنحون أنفسهم سلطات وصلاحيات ليست من شأنهم ، حفاظا على مناصبهم وامتيازاتهم ، لا سيما وان بقية تعليماتهم تدعو كافة دوائر الدولة إلى تزويدهم بالمعلومات عن نشاطاتها ومشاريعها المنجزة لغرض نشرها وإظهار ( الدور الإيجابي للدولة ..) وفي الجملة الأخيرة تكمن معطيات العقلية الصدامية ومصيبة العراق الكبرى .
أيها السادة : إن الصحافة منذ وجدت لا يهمها أن تعكس ما هو سلبي أو إيجابي ، لأنها ببساطة تنقل الحقائق الموجودة على ارض الواقع وتضعها في إطار رؤيتها الحصيفة لما يجب أن يكون الحال عليه . وبالتالي فهي كنافذة وطنية حرة لا تتلقى أوامر وتعليمات من أحد ، لأنها في تقف صف المواطنين لا في جيش الدولة .
أتساءل هنا : كيف سيكون الحال مع محافظة ذي قار وأقسامها الملحقة ، حينما تصدر تعليماتها وتتناسى كونها تشكيلة مؤقتة وغير منتخبة ستزول قريبا ليس إلا . وربما أتساءل أيضا : من هي الجهة التي عينت قسم العلاقات والإعلام هذا ، ووفقا لأية ضوابط ؟ خاصة وان معظم الصحفيين والإعلاميين في المحافظة لا يعرفون كيف تشكل هذا القسم ولماذا ومتى وأين . هل يعمل مع الصحفيين أم ضدهم ؟
هل عدنا ثانية للعمل في الخفاء أيها السادة ؟ تذكروا إننا لن نكون رحميين هذه المرة أبدا . وسنفضح كل من يسئ لكرامة العراقيين ويهدد مشروع بناء بلدهم الديمقراطي الجديد .
بعد هذه الفضيحة : يطالب الإعلاميون باعتذار رسمي حول ما جاء في هذا الكتاب السري وعبر وسائل الإعلام ذاتها التي لن تسمح لأي كان بسرقة البلد ثانية تحت أي مسمى كان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ