الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب والجزائر : بين الاتفاقيات الرسمية المشبوهة وضرورة التنسيق المصالحي بين الشعبين

محمد بودواهي

2011 / 3 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بقدرة قادر تحولت سياسة العداء المتبعة بين أنظمة الحكم في المغرب والجزائر لمدة تجاوزت ثلاثة عقود من الزمن إلى علاقة ود واحترام
ففي تطور مفاجئ أعلنت كل من الديبلوماسية المغربية ونظيرتها الجزائرية ما سمياه استعدادهما لعقد لقاءات مشتركة للحوار والتداول في إمكانية عقد اتفاقيات في العديد من القضايا دات الصبغة السياسية والتجارية والأمنية ، والنظر في كل الملفات دات الصلة بمصلحة البلدين كفتح الحدود والتبادل التجاري في أفق التفكير في مصير اتحاد المغرب الكبير بمجرد ما تستقر الأوضاع السياسية فيه
إن ما يجعل حكام المغرب والجزائر على هدا الإنسجام الطارئ والمصطنع هو ما تعرفه المنطقة الشمال إفريقية والشرق أوسطية من ثورات شعبية ومن انتفاضات جماهيرية غير مسبوقة مما فرض على أنظمة الحكم في البلدين تجاوز الإختلافات المفتعلة في كثير من الأمور حتى يتم التنسيق على كل ما له علاقة بمستجدات الأوضاع ، وحتى يتم تدبير الملف الأمني بوجه خاص في إطار من التعاون والعمل المشترك
فالعلاقات المتوترة بين البلدين مند استقلال الجزائر سنة 1962 ، والتي لم تزد إلا استفحالا ، بسبب قضية الصحراء أريد لها أن تنزاح مؤقتا عن المشهد السياسي للبلدين حتى تتفرغ السلطتان الحاكمتان للعمل ضد طموحات الشعبين في التحرر والعدالة الاجتماعية والديموقراطية الحقة ، سواء بالتضليل عن طريق الدعاية الكادبة وترويج المغالطات بزعمهم القيام بأعمال مشتركة تتعلق بتطوير العلاقات على المستويات المختلفة حتى تتحقق الآمال في المصالح دات المنفعة المتبادلة ، أو عن طريق التنسيق في المجال الأمني والمخابراتي عبر تبادل الخبرات والتجارب وعبر تقديم المعلومات والتقارير والنصائح لبعضهما البعض حتى تتم الاستفادة منهما
إن الأوضاع التي تعرفها كل من الجزائر والمغرب على المستويات السياسية الرسمية وتلك التي تعنى بمجالات اللغة والثقافة والدين والتاريخ والمصير المشترك تكاد تكون متشابهة إن لم تكن جدا متطابقة . فعلى المستوى السياسي ، ورغم الفرق الواضح بين أنظمة الحكم دات الطبيعة الملكية في المغرب والرئاسية العسكرية في الجزائر ، إلا أنهما لا يختلفان في شيء في التوجهات العامة للدولتين . ففي كلا البلدين تنهج الطبقة الحاكمة سياسة دات منحى استبدادي ودات طابع تفقيري ولا شعبي حيث يمارس القهر والتسلط الطبقيين بأبشع صورهما موازاة مع الاستهلاك المفرط والديماغوجي لخطاب الحريات وحقوق الإنسان إعلاميا ومؤسساتيا بهدف التضليل وتغليط كل من الرأي العام الداخلي والدولي والظهور بمظهر الدولة الديموقراطية ، وحيث الفقر يطال أوسع فئات الشعب بسبب انتشار البطالة وسوء التدبير وانتهاج سياسة التبعية للإمبريالية المتوحشة مما أدى إلى استفحال ظاهرة الهجرة السرية في أوساط الشباب والمثقفين رغم الثروات الهائلة التي يزخر بها كلا البلدين حيث تنعم الجزائر بخيرات الغاز والبترول مما جعلها تراكم أكثر من 130 مليار دولار حتى حدود نهاية السنة الماضية والتي لا يتورع النظام العسكري في إهدارها في مراكمة الكثير من الأسلحة الثقيلة ، وحيث يستفيد المغرب من عائدات الفوسفاط والعمال المهاجرين والسياحة والصيد البحري والفلاحة
أما على المستوى الشعبي فهناك تقارب على مستوى الهموم والقضايا كما على مستوى منظومة الرؤى والأفكار لدى مكونات المجتمع بالإضافة إلى تشابه الأطروحات السياسية لأحزاب المعارضة ومواقفها من عدة قضايا سواء منها اليسارية الديموقراطية المتخادلة أو تيارات الإسلام السياسي المتخلفة .
فكما هو معروف يمثل الأمازيغ أغلبية السكان في المغرب وتقريبا نصف ساكنة الجزائر ، هدا رغم أن النسبة الكبيرة ممن يعتبرون عربا ليسوا في الحقيقة إلا مستعربين بفعل سياسة التعريب التي نهجتها قوى الإستعمار الفرنسي في فترة الحماية لتستمر عليها أنظمة الحكم العروبية الشوفينية بعد الحصول على الإستقلالات الشكلية . ورغم النضالات والتضحيات الجسام التي قدمها الأمازيغ في سبيل قضيتهم الأمازيغية لا زالت السلطات في البلدين تمارس سياسة التقطير في تحقيق كل الحقوق المشروعة بجعلها متساوية مع العربية في كل المجالات اللغوية والثقافية والتاريخية والهوياتية وهو ما قد يؤدي مستقبلا إلى احتقان شعبي إدا لم تتدارك الجهات المسؤولة أخطاءها وتعمل على تحقيق الديموقراطية اللغوية كاملة .
هدا وتستمر المعاناة لدى المواطنين في كلا البلدين خاصة في المناطق الحدودية حيث توجد علاقة قرابة وترابطات عائلية بين مئات العائلات المغربية والجزائرية والتي فرقت بينهما سياسة العداء بين الدولتين مما أسفر على اتخاد قرار إغلاق الحدود لمدة تجاوزت العقدين من الزمن مع ما يتركه هدا الإجراء من حنان إلى اللقاء ومن ألم وحسرة في النفوس
وكما هي السياسة الرسمية تمارس الديماغوجية والتضليل في تدبيرها للشأن العام حيث تقول خلاف ما تعمل ، نجد أحزاب المعارضة البرلمانية السابقة وأحزاب المعارضة الحالية المتمثلة في أحزاب الاشتراكية الديموقراطية التي هي على منوال أحزاب ما كان يسمى بالكتلة الديموقراطية في المغرب وحزبي العمل والقوى الإشتراكية وغيرهما في الجزائر ، والأحزاب دات التوجهات الإسلاموية كحزبي العدالة والتنمية وحمس وغيرهما ، تسلك نهج الأزدواجية في الخطاب والعمل حيث نراها على مستوى الشعارات تردد الكلام الرنان حول قضايا الحرية والعدالة والديموقرطية وما تتطلبه من نضال فعال ومستمر لتحقيقها على أرض الواقع في الوقت الدي نجدها تشارك السلطة سياستها الطبقية العدائية سواء عن طريق الدخول إلى العمل الحكومي المباشر أو لجوئها إلى الصمت وتجميد العمل النقابي وعدم مشاركة أفراد الشعب وتياراته المناضلة في سيرورة الكفاح كما هو واقع الآن في مقاطعة كل ما تدعو إليه الحركات الشبابية في الخروج إلى المسيرات والاعتصامات في الشارع
إن الطبقة الحاكمة في المغرب والجزائر لم يسعفها ضعفها في مواجهة المد النضالي الدي من المنتظر أن يتقوى أكثر فأكثر مع مرور الوقت مما جعلها تلجأ إلى تنسيق الأدوار لتكسيره ، رغم العداء المستشري بينهما ، وهو الأمر الدي يفرض على الشعبين الشقيقين في البلدين وعلى قواهما الحية المناضلة تسخير كل الجهود لإدابة جليد الجمود الحاصل في العلاقات والعمل على تعرية كل الخلفيات التي ترتكز عليها الأنظمة لبث سموم العداء والكراهية بين الشعبين وفضحها ، في أفق أن تنضج الشروط لتوحيد المواقف وتسهيل عملية النضال المشترك من أجل تحقيق الأهداف المبتغاة
فكما ينسق الحكام للحفاظ على سلطاتهم ومصالحهم ، على الشعوب أن تتدبر أمرها للنجاح في تنسيق المواقف لتتمكن من تحديد مصيرها المشترك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من