الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العام والخاص في ثورة التحرر العربي

جورج حزبون

2011 / 3 / 6
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


كان طموح محمد علي ، في القرن التاسع عشر ، بإقامة إمبراطورية عربية تضم مصر والسودان وبلاد الشام ، مما أفزع الدول الأوربية ، فتحركت لنصرة الدولة العثمانية التي خرج عليها والي مصر ، فاعيد إلى مصر واحتلتها بريطانيا فيما بعد ،ثم طمح الشريف حسين والي مكة بالإمبراطورية العربية بتشجيع بريطانيا مطلع القرن العشرين ، وتحرك للتخلص من العثمانيين فكان إن انقلبت عليه بريطانيا وفرنسا بعد انتهاء الحرب، باتفاقية ( سايكس بيكو ) وخسر ملكه، وتم تقسيم تلك الإمبراطورية إلى بلدان بعناوين مختلفة ، وتنصيب ملوك ورؤساء عليها ، وإنشاء كيانات لم تكن قائمة ، وتشجيع ( الخاص )والنزعات القبائلية بتلك البلدان ، وبالتزامن مع انتهاء الانتداب البريطاني إقامة إسرائيل عام 1948 .
كان المسمى السياسي لهذه المنطقة ، وحسب الجغرافيا ( الشرق الأدنى ) وقد أنشئت بريطانيا إذاعة لهذه المنطقة بهذا الاسم ، وكانت الرؤية الاستعمارية يومها ، تقاسم ثروات المنطقة ، خاصة مع بوادر استخراج النفط من المنطقة الغنية به ، وتجزئته كضمان للسيطرة ، وتسهيلاً للاحتواء ، وإقامة سلسلة من القواعد العسكرية ، إضافة إلى إقامة كيان سياسي مسلح في وسط الشرق الأدنى ( إسرائيل ) لضمان صعوبة أو عدم توحده في حال حدوث اية متغيرات ( جيوسياسية ) .
وعلى هذه القاعدة ، تم تنظيم المنطقة ، وإقامة حكومات ضعيفة ، ومن جانبها ولضمان استقرارها ، إقامة هذه الكيانات أنظمتها على أسس دكتاتورية ، ومنعت وقمعت حركات التحرر ، وحرية الرأي والتعبير ، وتحالفت مع المعسكر الامبريالي ، الذي انتقلت قيادته في الخمسينيات من القرن الماضي إلى أميركا ، الإمبراطورية الامبريالية الصاعدة ، والتي ساعدت وسعت لإدخال المنطقة ضمن سياسية الحرب الباردة ، مع محاولات تحالفها مع إسرائيل ،مثل مشروع ايزنهاور او حلف بغداد، أو على الأقل إن لا تكون إسرائيل ، أولوية لها في عقيدتها السياسية، ومع نهوض حركة التحرر العربي في منتصف الخمسينيات و أوائل الستينات ، وقيادة عبد الناصر طليعة لها ، تحركت تلك الأنظمة ،معادية لها ولضربها ،بإيعاز أميركي ، ثم جاءت هزيمة عام 67 ، المدعومة أميركيا بل وبهندستها ، لتغيب حركة التحرر ، رغم نهوض حركة المقاومة الفلسطينية ، لكنها لم تستطع إن تكون رأس حربة لحركة التحرر ، بفعل التصاقها بالأنظمة العربية ورفع شعار ( عدم تدخل في الشؤون الداخلية ) مما حولها إلى ( قطاع خاص )و مع انتعاش الخاص في البلدان العربية ،وضاعت القضية العامة سواء الوحدة العربية ، أو باسترداد الأراضي العربية المغتصبة من فلسطين الى الأهواز والى الاسكندرون ، وتردت مفاهيم القومية العربية وحركة التحرر ، مما أنعش الفكر السلفي الديني ، الذي اعتماد مفهوم ( الإسلام هو الحل ) ، فأهدر العام العربي ولعله غاب بالديني الذي تشظى حتى افرز حركات أصولية مغتربة عن الواقع ، اتخذت من العنف وحتى الإرهاب سبيلا ، وتراجعت الحريات وازداد القمع والاضطهاد، في كافة البلدان العربية التي تحول قادتها إلى ملوك دون حاجة الى مسميات ملكية بالاستمرار والتوريث ، فاغتربت الشعوب في أوطانها وضاقت الأرض بما رحبت .
ومع نهاية القرن الماضي ، غيرت الامبريالية عقيدتها السياسية ، يشجعها خروج الاتحاد السوفيتي ، وطرحت نهج العولمة ، والشرق الأوسط الجديد ، والغي تعبير الشرق الأدنى ، الى الجديد ، بمعنى شموله أفغانستان وباكستان ، وضمنها بالطبع إسرائيل ، وبدء العمل على إعادة صيغة تلك المنطقة وتقسيمها الى اثنيات وطوائف ، لتسهيل عملية الاحتواء والهيمنة ، وهنا نذكر ان الرئيس الإسرائيلي ( شيمون بيرس ) كان اصدر كتاب يحمل عنوان / شرق أوسط جديد / تحدث فيه عن اقتصاديات المنطقة وتطويرها ورفع مستوى معيشة شعوبها ، تحت مسميات / مرحلة السلام / بالطبع دون الالتزام بإقامة دولة فلسطينية ولكن مع القول (jont vencher) ( الاستثمارات المشتركة ) ، وفي تلاقي مع خطابات جورج بوش في حينها ، ليعبر عن طبيعة الاستعدادات لإعادة رسم خريطة المنطقة سياسياً واقتصادياً .
وانتفضت الشعوب العربية ، على حكامها فأرسلتهم إلى الجحيم ، وأفسدت على المتآمرين مخططاتهم ، وإعادة للأمة العربية هيبتها ولحركة التحرر العربية مسارها ، وهذا ما يفسر تخبط الولايات المتحدة وحلفائها خاصة التصريح الأخير ( لاوباما ) والقائل إن ما يجري قد يكون مفيداً !! إلا انه لا يعني بالضرورة استسلامهم ، وسيبدؤون بإعادة رسم مخططاتهم ، وهذا ما دفع ( نتنياهو ) رئيس وزراء إسرائيل إلى الإعلان عن ( مبادرة سلام ) سيعلنها في أميركا التي كان مستوجب زيارتها خلال شهر أيار ، وطلب تعديلها الى نهاية آذار 2011، وبذلك فان ثورة الشباب العربي لم يسقط أنظمة التخلف والقمع ، بل اسقط معها الرؤية الأمريكية الاسرائيلة وتحالفاتها .
معروف تماماً إن الثورة تشكل تطهيراً / و تأثيرا ابعد من حدودها الجغرافية ،والثورات الشعبية الجارية سواء السلمية أو المسلحة ستعيد صياغة المنطقة ، وتصويب الوضع الذي فرض عليها خلال قرن من الزمن ، وتعيد بناء العالم العربي ومؤكدة / أن الثورة هي الحل / لكل قضايا الوطن والشعب ، وان سلطة الشعب أصبحت حقيقة قائمة ، ولن يعد ممكنا العودة بالتاريخ إلى الخلف وهي رسالة إلى كافة حركات التحرر العربي ، والتي تكلست مع الزمن ، وتجاورنها الثورة ، عليها حل تنظيماتها وإعادة بناء أحزاب ونظم متوافقة مع الزمن والمرحلة ، وعلى الامبريالية وإسرائيل إن تدرك إن زمن التآمر والتخويف انتهى وعليها الإقرار بالواقع والخضوع له ، ليس على طريقة خطاب ( اوباما ) بالقاهرة الذي اتضح نفاقه ، بل عليها إدراك حقائق العصر أولها إن العولمة سقطت ، وسياسية القطب الواحد فشلت ، وان العالم يتحرك دائما إلى الأفضل، وان العام العربي سيتحقق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |