الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سوريا غير تونس ومصر؟

نادية عيلبوني

2011 / 3 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



هل حقا "أن سوريا غير تونس "وغير مصر"حسب ما قال وليد المعلم وزير خارجية سوريا؟
وهل حقا أن النظام السوري بات مطمئنا على وجوده وعلى مصيره ، ولا يتصور أن يحدث له ما حدث لأشقائه الذين يتشارك معهم في طبيعة الحكم القائمة على الاستبداد؟ من أين لهذا النظام كل تلك الثقة التي يتحدث بها رموزه، وكأن ما يحدث لا يعنيهم ، أويقع في هنولولو، وليس على مقربة منهم؟
لسنا بحاجة إلى التذكير إلى ما قاله أحمد أبو الغيط وزير خارجية مصر في النظام المصري السابق ،عندما سؤل إذا ما كان نظام مبارك يخشى امتداد ثورة الشباب في تونس وانتقالها إلى مصر،حين قال بالحرف: أنو مصر هي"غير تونس"، فجاء الثورة في مصر وكان السقوط عظيما ومفاجئا ومخيفا لنظام مبارك ولباقي الأنظمة القمعية في المنطقة.
النظام السوري لا يمتلك في الحقيقة أية حصانة حقيقية على الأرض تعفيه من حماية رأسه من الاستحقاق القادم. وإذا كان الرئيس السوري يعتقد أن الرصيد الذي خلفه له والده حافظ الأسد، والذي لا يزيد عن كونه حفنة من الشعارات الايديولوجية التي تتحدث عن العداء لإسرائيل ،والادعاء بمواجهة المشاريع الأمريكية في المنطقة ، فإن هذا الرصيد قد نفذ منذ مدة طويلة. فالنظام الذي أفقر ونهب شعبه وأرسى قانون الطوارىء واغتصب كافة الحريات الأساسية ، وحوّل سوريا إلى سجن كبير ، متذرعا من أجل ذلك بالقضية الوطنية وتحرير الجولان ،والقضية الفلسطينية ، لم تعد حجه كافية لإقناع الشعب السوري بقبول العيش في حال الذل والمهانة والفقر . وخصوصا ، أن النظام قد أقفل للأبد باب تحرير الجولان، ولم تجرّب قواته إطلاق أية طلقة من الحدود السورية الإسرائيلية منذ حرب تشرين في العام 1973.كما أن أدواته الأخرى التي كان يستخدمها للضغط على إسرائيل من خلال تحريكه لحركة حماس فلسطينيا ، وحزب الله لبنانيا ، قد أفلست هي الأخرى ، منذ الحرب على لبنان ودخول قوات اليونيفيل إلى الجنوب اللبناني وإبعاد عناصر حزب الله عن المنطقة الحدودية، والتزام حزب الله الهدنة مع إسرائيل ، وأيضا ،بعد التزام حركة حماس الهدنة ذاتها بعد الحرب على غزة وتفرغ حكومتها لجني مكاسب حكمها للقطاع.
إذا لم تعد سوريا الأسد التي كانت تعيش ديكتاتوريتها على الشعارات الوطنية ، تمتلك ما يميزها عن الأنظمة الأخرى، لتكون بمنأى عن الخطر ،وإذا كان النظام قد اعتقد أنه سيكون بمنأى عن رياح التغيير التي تجتاح المنطقة ، بافتراضه أنه نجح في تلميع صورته الوطنية أمام مواطنيه، فإن "الماء يكذب الغطاس، كما يقول المثل الشامي الشائع. فقد أثبتت الوقائع أن هذا النظام ليس مستهدفا ، كما يشيع، لا من قبل إسرائيل التي تبدو حريصة على وجوده في السلطة، ولا من الدوائر الأمريكية التي يتعاون معها في مجالات عدة وعلى رأسها الأمن.
الرصيد الآخر الذي تركه الديكتاتور الأب ، والذي ربما أعتقد نظام بشار الأسد أنه سيكون له ذخرا لإخافة الشعب السوري من أية انتفاضة شعبية محتملة ، هو إرث من الخوف والإرهاب الذي لا يزال يعيش في ذاكرة الشعب السوري ،وخصوصا في مدينة حماة التي دك سلاح الطيران السوري القسم الأعظم من أحيائها وأودى بحياة ما يزيد عن أربعين ألفا ، وهذا في الحقيقة لا يعتبر بأي حال من الأحوال رصيدا يعفي النظام ويجعله في وضع آمن، بل قل أن تلك المجازر التي لا تزال تسكن في الذاكرة الجمعية للشعب السوري ،ستكون بالتأكيد حافزا مهما وإضافيا للمنتفضين في الأيام القادمة من أجل الثورة على النظام.
المؤكد أن الشعب السوري ،وشبابه على وجه التحديد، يستعدون في الأيام القادمة ليوم الغضب السوري ،على طريقة أخوتهم في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين ، فالقول أن الشعب السوري شعب تسووي ، وأنه يخشى أن ينتفض على جلادييه ، أو أنه يعتبر نظامه نظاما ممانعا ومقاوما، أو أنه شعب يخشى إعادة صورة المذابح التي تعرض لها في الماضي ، هي من الأحكام الجاهزة والمسبقة التي يحاول أصحابها الاستخفاف بعظمة هذا الشعب ، والاستخفاف بما يختزنه من إمكانات وحوافز وأسباب كثيرة للانتفاض، فالنهب المنظم لخيرات سوريا ، كما القهر والاستبداد وغياب الحريات كافة ، هي ذاتها الأسباب التي دفعت شباب تونس ومصر وليبيا واليمن إلى الثورة ، وسيضاف إليها في الحالة السورية أيضا ، أسبابا أخرى تتعلق بالتاريخ الدموي لهذا النظام الذي انقض على السلطة في انقلاب عسكري دموي مختزلا سوريا بكل إمكاناتها وإمكانات شعبها في عائلة الأسد وأقاربه.
ولنتذكر أن الشعارات العروبية التي تتمسح بادعاء العداء للصهيونية والاستعمار والإدارة الأمريكية ،كان رفعها أيضا العقيد القذافي الذي اغتصب السلطة في ليبيا على أساسها ، وهي لم تشكل أمام انتفاضة الشعب الليبي ضد جلاده ، أية حصانة، وهي باعتقادنا، ما عادت قادرة على الصمود أمام الأعاصير القادمة.
تسانومي الذي يجتاح المنطقة لن يتوقف أمام حدود سوريا بكل تأكيد،وهو ما يجعلنا على قناعة راسخة، أن كل الموانع والسدود الذي أقامها ،ويقيمها النظام السوري لمنع هذا المد العاتي،ستكون أضعف بالتأكيد من قدرة النظام ورموزه على الصمود في وجهه.
نحن إذا على موعد في الأيام القادمة مع يوم الغضب السوري، ومع هذا الموعد ،سنعرف على وجه اليقين إذا ما كانت ، حقا، "سوريا غير تونس وغير مصر، وغير ليبيا...".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سوريا الشمالية
صياد عالي ( 2011 / 3 / 6 - 20:54 )
حقا فان سوريا غير تونس وغير مصر و غير ليبيا لانها بكل بساطة كوريا الشمالية في الشرق الاوسط و قد نترحم على نعومة القدافي مقارنة بما هو متوقع من النظام الذي يملك رصيدا في قصف الشعب في الصواريخ و مذابح للرجال داخل البيوت


2 - الطغاة حفنة من الشعارات الايديولوجية الفارغة
فرمان خۏشناو ( 2011 / 3 / 6 - 21:20 )
بغض النظر عن سياسات التمكين والتأثيرعلى الاعلام والدبلوماسية المدروسة في تناول ما يتعلق بشخصيات القادة تعظيما وتمجيدا والقدرة البينة على إظهار أو تشويش الصورة المرسومة لهم مسبقا ليبدوا -للسذج- وكانهم متميزين عن غيرهم....ولكن الحقيقة تبقى واحدة وهي انهم كلهم طغاة متساوين في الاخلاق و الاساليب والتفكير والتخطيط وكذلك تقييمهم لشعوبهم، مع الفرق ان من يبقى في الحكم لفترة اطول (فيظلم و يقهر اكثر) حتما ستكون له قدرة اكثر للتحكم بشعبه و تسيره كما يريد والقدرة أيضا على الاظهار للعالم الخارجي بان شعبه يحبه و يموت في حبه و يضحي من اجله لانه هو ليس كالحكام الاخرين بل هو رمز للحرية والديمقراطية والأمل الوحيد لسعادة شعبه ولايمكن ان يتواجد رجل مثله عظيم فهو الرجل والرجال قليل.


3 - بلا مقارنة.. أيضا
هـامـان مـلـكـي ( 2011 / 3 / 7 - 08:54 )
شكرا لحرية التعبير والنشر في هذا الموقع الرزكاري, الذي يحدد الرأي ويخنق الكلمة, ويختار ما يوافق مصالح صاحبه من مد وجزر. أو حسب الدفع بالأورو أو بالدولار. علماني؟ يساري؟ هذا الموقع؟ لا أعتقد.


4 - بقعة ضوء
انس الدبور ( 2011 / 3 / 7 - 09:33 )

حقا انكم موقع ديمقراطي
ما الذي ازعجكم بالرد يا هيئة التحرير
لايوجد شتيمه ولا اي شيء مخالف
تسقط هيئة التحرير يبدو اننا امام ثورة ضد هيئة التحرير

اخر الافلام

.. تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل


.. رويترز: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة




.. هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن ترسل وفدها للقاهرة قبل أن


.. حرب غزة.. صفقة حركة حماس وإسرائيل تقترب




.. حرب غزة.. مزيد من الضغوط على حماس عبر قطر | #ملف_اليوم