الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المظلة _ قصة قصيرة

مهى ياسين

2004 / 10 / 14
الادب والفن


كانت تمشي تحت المطر ، يهطل بغزارة ، والريح تتلاعب بمظلتها ، والصقيع يخترق ثوبها ، ويختبي في ذلك الجسد الغض الدافيء.
ويدها مثقلة بحمل حقيبتها ، لكنها أخف مما تنوء بحمله في قلبها ، والمعطف الشتوي يعيق حركتها بثقله، يشل كل محاولة لها في المضي أسرع .
لا تشعر بشيء إلا أنها تسير بسرعة محاولة التفوق على الوقت وكأنها في سباق معه ، تريد الوصول بأقصى سرعة.. لا تطيق هذه اللحظات التي تبقى فيها على الدرب تسير ..لو أنها تستطيع أن تفلت مظلتها،أن تخلع معطفها الثقيل كانت ستسير بسرعة أكبر
مرت بخيالها أفكار كثيرة، هل ستصل؟ ما الذي ستصل اليه ؟؟ هل ستكون سعيدة بما تأمل ؟؟هل.. ؟ هل..؟هل..؟
قد لا تسعد بما تأمل ،و لا تأمل بأن تسعد إلا أنها تبغي ذلك، تشاء أن تكون في منطقة تعرف فيها أنها في مكان ما ، وانها وضعت حقيبتها
وخلعت معطفها، واغلقت مظلتها.. وجلست .

كل هذه الأفكار تلاحقها، عقلها لا يتوقف عن التفكير ، كثيراً ما حاولت صده ، وأغرته يثبات عميق يستكن به ويستريح ، لكنه يأبى ..
كم مرة لجمته قائلة إهدأ ، توقف، استكن ، لكنه ملح فيما يطلبه لا يتوانى عن التساؤل الدائم المزعج .كثيراً ما كانت تتجاهله ولا تمنحه أدنى اهتمام ،
ولا التفاتة حنانة مصحوبة باستماع لمطالبه ، في حين أن القلب كان يأخذ الحيز الاكبر من الدلال والاهتمام ،وهي في حالة استجابة دائمة لكل ما يمليه
عليها من أوامر . فتنصاع له راضية ، غير متبرمة . رغم كل ذلك لم يتخاذل عقلها ولم يتراجع ، ظل ذلك السائل الفضولي ، لا تلين له همة ولا يكسر له عزم .
في هذه الليلة الماطرة حاصرها من جميع النواحي ، كانت تلتفت يمينا فيهمس لها بفكرة ، تصده راسمة على وجهها علامات التبرم ، فيأتيها من ناحية الشمال يغريها بفكرة اخرى أشد وأقسى من الأولى.

ثم تقف فجأة وسط الطريق ، وتترك مظلتها تقع أرضاً ، سوف تسير بدونها .. نعم ..لقد ضاقت ذرعاً بكل ما يحصل لها.. لن تتأثر برذاذ المطر، لن يهمها إذا ابتل شعرها .. سوف تكون كما هي ، لن تأبه لما تنطوي عليه أفكار الآخرين، سيلثمون وجهها بنظرات غريبة ، ويحملقون بها كأنها خارجة عن قوانين الطبيعة ، لن تأبه لذلك.
أليس رائعا أن تشعر بالمطر ، متساقطاً عليها ، غاسلاً كل ما تضعه عليها منذ زمن . ماحياً كل معالم الزينة والتبرج ، التي طالما احست أنهم عبء يومي لتغيير حقيقتها إلى الأسوء . وطقس يكبل روحها ويأسرها تحت ثوب مزخرف مزين ، تتمنى تمزيقه .

لازالت الأفكار تخترق عقلها وتنكمش جوارحها هلعاً . ما الذي ينتظرها؟!!!! أصحيح أنها ستحقق ما أرادته وما حلمت به ؟ أسينال رضا قلبها أم سينال عقلها مأربه ويحقق مطالبه ؟
هاهي قد شارفت على الوصول، دقات قلبها تتسارع ، متلهفة لدرجة الجنون ، تلهث.. لا تستطيع أن تأخذ نفساً ، كل نبض في جسدها ينتفض... هاهو المكان ! هاهو الزمن! هاهو الوجود !
تقف مذهولة.. مأخوذة.. غير موجودة .. تمعن النظر اكثر .. علّها تعي أكثر.. لاشيء!!
لاشيء سوى مظلة ملقاة على الأرض...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي