الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجرد هوامش على.... ﴿رسائل الصبابةِ و الوجد﴾

احمد على بدوى

2011 / 3 / 7
الادب والفن


مجرد هوامش على....
﴿رسائل الصبابةِ و الوجد﴾
﴿1﴾
ـــــ مولاتى ــــ
إنه لما أتعبنى الشك ، وأرهقنى العقل ، و شلَّنى العجز ، و أعيتنى الحيلة ...، أنْ أرتقى صرح وصالكِ ؛ علِّى أبلغ سدرة منتهاكِ..، أو أنْ أعرج نحو عرشكِ ؛ علِّى أُصطفَى (وحدى) فأخِرُّ ساجداً ـ و الشمسُ و القمرُ ـ لترفعينى إليكِ ، و تجعلينى على خزائن حُسنكِ ، و مغاليق أسراركِ ..
(وإنِّى لحفيظٌ عليم..)

لكن أنَّى لى أنْ أَنَالَ البشارة ، وأنْ يفيضَ على وجهى نورُ وجهكِ ؟! ، و أنا أشكو دَنَسَ معصية لمَْ أرتكبها ، وأحمل وِزْرَ حبٍّ فى قلبى (قد أقررتُ به!!).

فلمَّا لمْ تَطََأْ قدمى طرف دربكِ ، ولمْ يُفتح لى بابكِ الموصود ، ولمْ يَلُحْ لى طرفكِ المسحور... ، لجأتُ لمَنْ تُفضِى إليه كلُّ الدروب ، ولا يُغلَق له بابٌ فى وجه عاشقٍ ، , و أشرَقََتْ بنوره كلُّ القلوب المكْلُومة ، أنْ مسَّهَا طائفٌ من شيطان العشق (أو حتى ملاكه).

لجأتُ إليه أُعاهدهُ ـ و لمْ أَنَلْ منكِ عهداً ـ (و ربما استجاب لى ، و عاهدنى؟!).. و مددتُ له يدى ـ و قد رُدَّتْ محترقةً بناركِ ـ (وربما تقبَّلها ، و مدَّ لها يده ـ سبحانه ـ؟!).. وأخلصتُ لهُ وجهى ـ و لمَّا تُخلصى لى بعدُ ـ (و أحسبه لَمْ يُشِحْ عنِّى بوجه ، وإنْ كنت من العصاة؟!).

فإنى شعرتُ ـ منذئذٍ ـ بيده تمنحُ يدى قوةً ، و ثقة .. ، و انا مَنْ كنت ـ و قد بلغ بى الشكُّ مبلغَه ـ فاقد الثقة بنفسى ، وبالدنيا جميعاً.

وإنِّى شعرتُ ـ مُنذئذٍ ـ بيده برداً و سلاماً و تثبيتاً على قلبى الذى كمْ شَقَّ الصدر ثائراً علىَّ ، وعليكِ ، (و على صاحب اليد العُليا أحياناً!!).

و لقد شعرتُ بيده ـ سبحانه ـ تحنو علىَّ حُنُوَّ الأبِ الذى أفتقدهُ الآن (لأجلكِ) مثلما لمْ أفتقده مُذْ رحل ، فترفُقُ بى ، و تمسحُ على رأسى ، و تُرَبِّتُ على كتفى ، أو ربما تسْتَندُ إليه ساعةَ مسيرٍ معاً عند الغروب ، يُحاكينى ، و يمنحنى رشفةً من نبْع الحكمة البارد حين تأجُّج نار اللوعة ، و يتلو علىَّ وِرْدَ النصيحة من باب (القسمة و النصيب) فى سِفْرِ العاشقين....:
﴿أنْ لا خوفٌ عليكَ ، ولا أنت تحزن .. مادُمْتَ أسلمتَ وجهكَ لى ، وأخلصتَ قلبكَ (و جسدكَ!!) لها ، و مادُمْتَ لمْ تكفر بى ، و لمْ تُشْرِكْ بها حِبَّاً ، و مادام قلبكَ العامرُ بحُبِّى ، المملوء بعشقها ، مُعلَّقاً بمساجد الأولياء ، و الأحباء ، و الآل.. من جيرانها بدروب القاهرة القديمة ، يتلو أشعار الصبابة و الوَجْد عند كل ضريح ... ، و مادامتْ روحكَ المتبتِّلة فى (حَرَم) بهائها ، قائمةً فى (محرابها) تُصَلِّى ، متعلقة (بأستار) ثوبها ، وإن جرَّرتكَ خلفها على الأشواكِ ، و ألقَتْ بكَ على بطحاء (المقطَّم) ، ترى دارها عند سفح الجبل ، و(القلعة) ما بينكما عبْدٌ ، حارس ، يحمل سَوطَ عذابك....
مأموراً بأمرها .....
منهياً فلا ينتهى...!!﴾


﴿2﴾
ـــ مولاتى ــــ
إنه لمـَّا كان راهب العشق فى محرابه الذى أمضى فيه العمر متبتِّلاً ، يرسل تراتيله ، و يخلق ألحانه – خلْقَاً – من قلب قيثارته المتعَـبةِ ، أُقتطعتْ أوتارها من رقيق أعصابه ، و قد شُدَّت بين رمشين على جفون حبيبه المجهول – صاغه تمثالاً من مرمرٍ - ، و يطلق أنَّاته الحزينة فى جنبات الهيكل ، فتجاوبه بنات الحور النغم المُعذَّب ، ثم يبكين معه.

و إنه ـ يا مولاتى ـ لما أشرقت شمس النهار على معبده ، طردنه – بنات الحور – من هيكله الذى ابتناه لنفسه - (و لهن) - ، طردنه إلى صحراء القيظ الموحشة ، وحيداًَ ، مُعذَّباً ، مُعَـنَّىً بأنات الليل ، و تباريح الهجران ، و جروح الهوى ، تقتله اللهفة إلى تمثاله الأثير ، ثم تعيده حيَّاً ، ليذوق جرعة القتل مراتٍ ، و مرات!!!!

و إنه ـ يا مولاتى ـ لما جنَّ عليه الليل ثانيةً ، أبصر فى واحة الصُّدفة – ولا شئ غير الصُّدفة – إلْفَهُ ، و كنزه الثمين (حناناً ، و أحزاناً ، و حرماناً ، و رِقَّـةً ، و شِعراً ، و شعوراً ، و دفئاً ، و عذوبةً ، و عينين حوراوين ، واسعتين ، و قد احتوتا الدنيا جميعا ، وإن لم يرَ فيهما شيئاً سواه !!!)

أبصره ـ يا مولاتى ـ طائراً ، نادر النوع ، يتيم الأشباه ، مُبـرَّأ من أن يدانيه أحد ، مخلوقاً من النور المذاب فى بحور الحنان الدافئة ، مكسوُّا ريشاً من جناح مَلَك .......
- لكنه لا يغرد !!!! -

إنهم ـ يا مولاتى ـ حبسوه فى قفص ذهبى ، مُطَعَّم باللآلئ ، مفروش بالمخمل الناعم ، عطره من عنبر .......
- لكنه قفص !!!!! -
حزين هو ـ يا مولاتى ـ ، و إن بدا لناظريه جميلاً ، لم تذهب نضارته ، و لا جفَّت غضاضته ، و لا انطفأ بريق جناحه (المكسور !!!).......
لكنَّ عينيه غائمتان خلف موجة رقراقة براقة من الدمع الدفيئ ، الدفين ، لا يلمحها إلَّا مثله من التعساء ، وإن كانوا أحرارا – خارج الأسوار – (مثلى!!!).

أبصره ـ يا مولاتى ـ (و ليته ما أبصره !!) ، فهكذا لعبة الأقدار معه ، و مع الرهبان مثله: ﴿إن هو نال .. لم يجد ، و إن وجد .. لم يَنَلْ !!! ﴾.
لقد وجد – يا مولاتى – إلْفَهُ ، و كنزه ، ولكن لم ، ولن يناله (و ما كان ينبغى له !!!) ، لقد سبقه إليه غيره ، وقدم القفص الذهبى ، والفرش المخملى ، و العنبر.

لكنَّ الراهب – يا مولاتى – لا يملك إلَّا كتفا عريضا حطَّتْ عليه طيور شتَّى ، تلقط الـحَّبَّ ، و تنقر قلبه ، تلهو معه (أو قولى تلهو به !!) ، و هو لا تصدر عنه أنَّـة قد تزعجها.....
- ثم تروح !!! -

و هو لا يملك – يا مولاتى – غير قلب حنون سوف يخبئ فيه من يرضى من الطيور ، إن جّنَّ الليل ، أو اشتدَّ البرد ، أو ثارت العواصف...
- فمن يشترى قلبا الآن ؟؟!! –

و هو لا يملك – يا مولاتى – سوى كفٍّ سوف يحتوى كفَّ من يهواه ، إذا سارا معا ، يتناجيان حيناً ، و يضحكان حيناً ، و يبكيان إذا هاجت الأشجان.

و هكذا – يا مولاتى – قُـدِّرَ للراهب أن يجد ما قد عاش العمر ينشُدُه: إلْفَهُ ، و كنزه ، الذى (لو كان له !!) لأغناه العمر كله ، و لصفح به عن آثام الزمن الذى كان ، و لطابت به جراحٌ يعرفها ، و جراحٌ ليس بعرفها .... لكنه عبث الأقدار:
﴿أن يجده .. حين لم يكن له !!! ﴾.


﴿3﴾
ــــ مولاتى ــــ
إنه لما تهادى الموج بقاربه (المكسور المجداف) ، بعد طول ترحالٍ ، و غربةٍ ، و أهوالٍ فى السفر ....، و أبصر مرفأ السكينة – على غير توقعٍ – فألقى مراسيه ، و أرخى الشراع ، و هبط إلى أرض البدء ، و المعاد ، وجنة الغد المجهول ، و نادى منادٍ من قِبَل الغيب: "أنّ هذا بلد المحبوب ، فحُطَّ الحال ، و فُضَّ المتاع ، و أرِحْ خيلك المتعبة".

فإنه – يا مولاتى – مسَّ الأرض بشفاهٍ ترتعش بترانيم الحمد ، و تراتيل العشق ، و خضَّب الثرى بدمع الندم – على ما فات من سنين العدم – فأنبتَ زهر الياسمين ، و فاحَ العبير ، و طابَ النسيم ، و طفق يجنى من رحيقه المختوم ، ليغسل عنه أدران الماضى.

و إنه – يا مولاتى – ما وطأ الأرض الطهور إلَّا ليبنى ، و يعمِّر ، و يزرع القمح ، فيجنى الشهد من عناقيد الهوى......
و إنه لم يصافح وجه الفمر المشتاق إلَّا لينشر دعوته: ﴿أن بورك مَن فى الأرض ، و فوق الأغصان ، و بين الأكمام ، يمنحنى الحُبَّ ... و أن طوبى لمن كانت داره قلب المحبوب ، فلزِمَ داره﴾.

إنه – يا مولاتى – إذْ وجدها ، فهى الجنة عند متيَّمٍ مثله ، لم يذُقْ إلَّا العذاب فى أرض البشر ، و هى الأزهار قد نامت على كفٍّ لم تعرف إلَّا وخذ الأشواك فى جنات الحور ، و هى الوحى لشاعر قد ملأ الحزن قلبه ، حتى كاد الشعر أن ينفجر نهراً من دمه.

لكنه – يا مولاتى – يخشى التخوم ، و ما خلف التخوم ، و يخشى السحاب إن مرَّ على وجه القمر ، يحجب الضياء ، و ينشر الظلام ، بعد أن ذاق حلاوة النور.....
و هو يخشى – يا مولاتى – إن واصل المسير ليستكشف الشاطئ الآخر ، أن تهزم أحلامه الأمواج عند الطرف المخفىّ من جزيرته المسحورة ، فينكسر على الصخور ، أو يغشاه الماء ، فيبتلعه حوت الزمان – و هو كظيم - !!!!

فقولى لها – يا مولاتى – : ﴿أن أحبوا العاشقين ، يحببكم الله..... ، و أن احملى حبيبك طفلاً فى الحنايا ، فما مثله ليقدر على البعد و الهجران ....، و أن احفظيه فى نفسك ، يهَبُ لك نفسه ...، و أن كونى له على أيام الشدائد ، يكن لكِ على طول الزمان.. ﴾ ، و....
والله ماطلبت أهواؤنا بدلاً منكم ، و لا انصرفت عنكم أمانينا









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب