الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الامزونيات الليبيات، اقاموا أول حكومة للنساء في العالم

ابراهيم الحيدري

2011 / 3 / 7
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2011 - دور المرأة في صنع ثورات الشعوب وقراءة الواقع والمستقبل والتحديات التي تواجهها


تدل الاثار التي تم التنقيب عنها في منطقة اكيز، في الساحل الشمالي من الاناضول على غنى تلك المنطقة بعدد كبير من التماثيل والقبور والرموز الدينية التي تشير الى أهمية المرأة ومكانتها الدينية والاجتماعية. وقد اطلق عليها "تماثيل امزونيا" . وحسب الاساطير الانضولية، فان هذه التماثيل انما تصور النساء الامزونيات وبطولاتهم ومغامراتهم في الحروب والغزوات التي امتدت من الساحل الشمالي من الاناضول حتى القوقاس. وقد أيدت التنقيبات الأثرية بان هذه التماثيل تعرض نساءا محاربات وصيادات ماهرات. كما اكتشف علماء الأثار المعبد القديم الذي شيد من قبل الامزونيات فى ايفسوس واطلقوا عليه " معبد ارتميس".
والامزونيات هم قوم انحدروا أصلا من "ليبو" او ليبيا في شمال افريقيا وكانوا قد سيطروا تحت حكم ملكتهم "ميرينة" على اقاليم شاسعة امتدت حتى الحدود الغربية من العالم القديم. وخلال هجرتهم من ليبيا عبر مصر اضطروا الى عقد حاف مع "حورس" عزيز مصر. ومن هناك اخذوا يشنون هجمات عسكرية وصلت حتى سواحل البحر الابيض المتوسط الشرقية التي احتلوها ثم استمروا في حملاتهم العسكرية فاستعمروا سكان جبال طوروس. وقد امتد نفوذهم الى آسيا الصغرى وساحل اكيز في الاناضول حيث أسسوا مدنا عديدة سموها باسماء ملكاتهم. ومن هناك امتدت سيطرتهم على جميع الاقاليم في العالم القديم. ويذكر ديدور بانهم عادوا بعد فترة طويلة الى وطنهم الأصلي(ليبيا) في موكب انتصار عظيم. كما يؤكد هيرودوت على ان الامزونيات انتشرن في الساحل الشمالي من الاناضول حتى القوقاس، ونتيجة لاندحارهن في الحروب والغزوات وسبي الكثير منهن اضطررن الى الهرب في الاخير الى كرم بعد ان عبرن البحر وعقدن حلفا مع السيكيتيين.
وتعني كلمة "امزونيات" او "امازونكا" في اللغة اليونانية" ذات الثدي الواحد"، غير ان بعض العلماء يعتقدون بان كلمة "الامزونيات" تعود في اصولها الى كلمة امازيغ او "تمازغا". وهي مصطلح امازيغي يعني ارض الامازيغ، بمعنى شمال افريقيا. وقد وجدت بقايا رسومات في الصحراء الافريقية تشير الى نساء مقاتلات(امزونيات او امازيغيات). كما اكتشفت لوحة من الفسيفساء في شمال سوريا تمثل مقاتلات امزونيات ايضا.
ويخبرنا المؤرخ الاغريقي ديدور، بان الامزونيات هم قوم حكموا من قبل النساء. ففي ايفسوس تركت النساء وظيفتهن كاناث واصبحن مزارعات ومحاربات وقد شددن على احواضهن أحزمة. وهن منذ الصغر يتدربن على فنون الحرب والقتال ويدخلن في خدمة عسكرية اجبارية، وبصورة خاصة الباكرات منهن. وبعد الانتهاء من الخدمة العسكرية يبدأ ارتباطهن بالرجال ومن أجل انجاب الاطفال فقط. ولا يؤثر ارتباطهن بالرجال على عملهن كمحاربات ويحتفضن بسلطتهن في الحياة الاجتماعية العامة، في حين يجلس الرجال في البيوت ويقومون بنفس ما تقوم به المرأة في مجتمعنا، حيث يعيشون مثل نساء الاغريق، يجلسون في البيت ويقومون بتربية الاطفال والغزل والحياكة وليس لهم الحق في الحكم والسلطة. وقد أضاف المؤرخ الاغريقي ريناس، بان الامزونيات ينتسبن الى امهاتهن وليس الى ابائهن. وقد أيدت هذا الرأي تحليلات نيلسون لأساطير الامزونيات، الذي اشار الى ان النساء المحاربات والمسلحات لا يدافعن عن وطنهن فحسب، بل ويقمن بحملات عسكرية من اجل مد نفوذهن وسيطرتهن على مناطق اخرى.
وبحسب نيلسون، فالامزونيات المحاربات ينقسمن الى فرق متعددة ومختلفة، فمنهن من يحاربن راجلات ومنهن على ظهر الخيول، وكلهن مدججات بالسلاح كالاقواس والرماح والفوؤس ومتدرعات بتروس هلالية الشكل وهن معروفات بتسلطهن على الرجال ويمارسن طقوسا دينية خاصة بهن ومن عاداتهن أكل اللحوم نيئة وان ومهنتهن الاساسية هي فنون الحرب والتدريب على القتال. كما يقمن بالصيد وتربية بناتهن على فنون الحرب والقتال. أما اولادهن فليس لهم قيمة تذكر وغالبا ما يرسلوا الى ابائهم في المدن المجاورة او يكون نصيبهم الوئد. كما لا وجود للرجال في بلادهن. ولكن في ربيع كل عام يذهبن الى المدن المجاورة ليلتقين بالرجال من سكان الجبال وذلك من اجل الاخصاب فقط.
وقد اشار افلاطون، انه حتى هذا اليوم يوجد بجوار البحر الاسود عدد عجيب من النساء يسمون "السورمات" اللواتي يتدربن على حمل السلاح، مثل الرجال، ليس على امتطاء الخيول فحسب، وانما ايضا على الرمي بالنشاب واستعمال كل انواع الاسلحة. كما لا يشك ابوقراط بوجود شعب يدعى "سيسي" الذي يختلف عن بقية شعوب تلك المنطقة. فنساء هذا الشعب يمتطين الخيول ويرمين بالنشاب ويقذفن الرماح من فوق خيولهن ويحاربن العدو طالما كن عذراوات ولا يتزوجن الا بعد ان يكن قد قتلن ثلاثة من الاعداء ويقمن بتقديم الاضحية الى أبولو على الطريقة المتبعة في البلاد، ولكن بعد ان يتزوجن لا يركبن الخيول ولا يذهبن للمعلرك الا في حالة خطر عاجل يهدد البلاد. ولا يوجد لهن اثداء من الجهة اليمنى، لان امهاتهن عندما كن صغيرات يكوين مكانه بحديد حام يحرق الثدي ويمنعه من النمو ، وهذا ما ينمي تماما قوة وكمال اذرعهن واكتافهن اليمنى.
ويحسب كورنيليوس، فان " دولة الامزونيات" قامت في اواسط اسيا الصغرى وفي منطقة تيرمودون. وقد اكدت المكتشفات الاثرية على وجود معابد ومقابر عديدة للنساء وبجبانبهن دفن عددا من الاسلحة. ومن اهم معابد الامزونيات معبد أماستير وأمازيا وأميزور وغيرها.
ومن الملاحظ اثمولوجيا ان اسماء هذه المعابد تبدأ جميعا بكلمة "أما"، وهو مصطلح عالمي وعام وشامل لمعنى كلمة " أم" في لغات عديدة.

وتذكرنا الامزونيات المقاتلات في وسط اسيا بما حدث في الكامرون بافريقيا خلال القرن السادس عشر. فقد اخبرنا فرنسيسكو دي اورلانا عن "ثورة النساء" التي انفجرت في النيجر في القرن السادس عشر, فمن المعروف تاريخيا ان النساء في داهومي القديمة قد شكلن فرقا عسكرية مقاتلة وصل عددهن الى اربعة آلاف من الشابات المسلحات اللواتي قمن بشن حروب وغزوات عديدة. كما اسست النساء في روديسيا فرق عسكرية وخدمة الزامية لكل الفتيات وفي جميع المقاطعات. وقد قسمت الفرق العسكرية الى عدة فيالق على الطريقة الرومانية. وكانت النساء المقاتلات الشابات رشيقات جدا وسريعات وشجاعات وحاذقات جدا في استعمال القوس والنشاب. ومن عادتهن استخدام الدهاء والحيلة في القتال كالتظاهر بالهرب، ولكنهن غالبا ما يدحرن العدو برشقات السهام القاتلة.
ولم تكن الروديسيات المقاتلات متزوجات وانما كن يختطفن الرجال للتخصيب، وعندما يظهر حملهن ويلدن يرجعن الاطفال الذكور الى اماكنهم او يقتلوهم ويحتفظن بالمواليد الاناث فقط ويربيهن في عزلة تامة ويعلمنهن فنون الحرب والقتال.
وهناك حالات عصيان نسوية مسلحة اخرى قامت في مناطق عديدة من العالم، سواء تعلق الأمر بامزونيات البرازيل او بوهيميا او وسط افريقيا. ففي بوهيميا(جيكوسلوفاكيا) في زمن حكم الملكة ليبوسا، لم تكن العذارى خاضعات للرجال وكن يحملن السلاح ويذهبن الى الغابات للصيد ولا يتنازلنا للرجال، وانما يخترن من بينهم ما يناسبهن من الرجال. وبعد حرب استمرت ثماني سنوات مع الرجال سيطرت الملكة ولاستا على جزء كبير من البلاد واعلنت قوانين تقضي بمنع الرجال من حمل الاسلحة وامتطاء الخيول وفرضت عليهم القيام بمهام الزراعة وتدبير شؤون المنزل وهددتهم بعقوبة الموت، في حين تذهب النساء للقتال.
وبالرغم من ان سترابون لا يشك في وجودهن، ولكنه لم يقبل الاسطورة التي يطلقها المؤرخون المعاصرون ويطعن بأقوالهم ويقول: "من يستطيع في الواقع الاعتقاد وبشكل مطلق ان النساء وحدهن وبدون الرجال استطعن البقاء دائما وذهبن في غزوات منظمة ضد الدول المجاورة حتى وصلن الى "أيوني"، واكثر من ذلك، يعبرن البحر حتى يصلن الى "اتيكا". وان البعض يزعم ان رجال تلك الازمنة كانوا نساءا وان نساءها كانوا رجالا؟. كما يشير سترابون الى ان ما يتعلق بالامزونيات هو فرضية غير مقبولة تماما، على الاقل في الشكل الذي طرحه المؤرخون، ولكنه يوافق، في ذات الوقت، على ان بعض المدن امثال ديفيس وسميرن وكومس وميرينة، تعد في اصولها واسماءها الى الامزونيات التي ما تزال قبورهن قائمة. كما ان هناك اثار تذكرنا بمقرات الامزونيات كما في تيمسير وفي سهول سيرمودون التي طردن منها بقوة السلاح.
ان ازدياد خطر الامزونيات وسيطرتهم على شعوب واقوام عديدة جعل صورتهم الممزوجة بالشجاعة الفائقة والطموح الكبير بالتغير وذلك بسبب الكوارث والمآسي التي سببنها والحماقات العديدة التي قمن بها ، مما دفع الى تجمع الاقوام المجاورة لمحاربتهم واعتبارهن الوحيدات اللواتي لم يتعلمن من اخطائهن وعليهن ان يدفعن الثمن وان يرحلن عن هذه البلاد وإلا يكون عقابهن الموت.
ويصف هومير في "الألياذة" الملك بيريام الذي حارب الامزونيات بشراسة لانهن وقفن الى جانب تروجين في حربه ضد ترويا. وقد لقت الملكة الجميلة بنتسيليا مصرعها على يد البطل الاغريقي "أخيلس" الذي وقع في حب ضحيته عندما قتلها.
لقد كونت المعارك الطاحنة التي قامت ضد الامزونيات ملاحم بطولية للابطال العظلم امثال بيلرفون وهيراكليس. وقد استطاع هيراكليس في معركته التاسعة مع الامزونيات الحصول على حزام ملكة الامزونيات. وقد تحولت المعارك الطاحنة الى مواضيع فنية نقشت على الاواني الفخارية باللون الاسود. ومن هذه المنقوشات الفخارية واحدة تصور احدى معاك هيراكليدس وهو يحارب الامزونيات.
ان الهزيمة الاسطورية للامزونيات اصبحت في الأدب اليوناني القديم والتراث الآثيني الكلاسيكي اساطير وملاحم انقاذية للتخلص من ايدي المستعمرين الاجانب، حيث صورت المراثي الافريقية القديمة التي تعود الى القرن السادس قبل الميلاد طمع وطموح الامزونيات في التوسع والشهرة وبناء امبراطورية امزونية واسعة الارجاء.
يطرح فليب كامبي سؤالا وجيها : هل يمكن تفسير اسطورة الامزونيات باعتبارها ملحمة نسوية قامت لمقاومة النظام الأبوي/البطريركي الذي حل محل النظام نظام حق الأم الطبيعي ؟ وهل يمكننا اعتبار اسطورة الامزونيات أول عصيان نسائي مسلح ضد النظام الذكوري في التاريخ ؟ من الممكن ان ينطبق هذا المعنى مع تمرد أمغال، وهي احدى الملكات الامزونيات الي شنت الحرب ضد الليديين لإبدال البغاء المقدس، الذي اقامه الرجال، بالاقتراع الطقوسي.
ان المؤرخين الاغريق منقسمون حول هذا التفسير مثلما هم منقسمين حول اساطيرالامزونيات. فمنهم من يعتبرها تاريخ وآخرون يعتبرونها مجرد اساطير ورموز تذكرنا باحداث تاريخية قديمة. غير ان روبرت غريفس يفترض بان هذه الاسطورة انما تعكس حقيقة الصراعات المختلفة التي استمرت طويلا بين حضارات البحر الابيض القديمة، فالكريتيين ثاروا ضد الآشينيين الذين بدأوا باقامة اول نظام أبوي/بطريكي في التاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الامازونية الامازيغية
ح. العلوي ( 2011 / 3 / 7 - 20:02 )
تمازغا (شمال افريقيا او بلاد الامازيغ) عرفت عدة ممالك كانت تحكمها نساء. عندما هاجم المستعمر العربي العنصري بلاد الامازيغ, قامت ملكة الامازيغ دهية انذاك شخصيا بمحاربة القوات الغازية. مملكتها كانت تضم شرق المغرب وغرب الجزائر حاليا. في الشمال كانت هناك ملكة امازيغية اخرى تدعى ب -بوية-. الكثيريعتقد ان الامازونية مشتقة من الامازيغية. الكلمات الامازيغية غالبا ما ينطقها الاجانب بطريقة غير صحيحة. مثلا كلمة كسكس التي انتشرت في كل انحاء العالم جائت من الكلمة الامازيغية سَكْسٌ. مثال ثاني . ابو القدافي امازيغي ويسمى -بومنير- , لكن قناة الجزيرة حاولت جعل من هذا الاسم الامازيغي اسم عربي فقالت -ابو منير- . -بو- الامازيغية لا علاقة لها ب -ابو- العربية. -بو- تعني -صاحب-. مثال اخر.الوزير الاول التونسي يسمى -السّبْسي- وهذا اسم امازيغي. لكن الجزبرة حاولت نطق الاسم كاسم عربي وسمته -السِبِسي-. هناك الاف الامثلة الاخرى. انا اعتقد ان الاسم الحقيقي للامازونية هو الامازيغية. اما في ما يتعلق بحرب الامازونيات ضد الرجال, فهي خرافة. الامازونية ولدها رجل ولا يمكن ان تحارب ابها واخوها وابنها.


2 - علماني مغاربي
محمد بودواهي ( 2011 / 3 / 8 - 12:24 )
الأمازونيات حقيقة تاريخية تثبتها الوقائع والآثار وتلك السيرورة التاريخية التي شهدتها مكانة المرأة عند الأمازيغ مند تاريخ الأمازونيات مرورا بالعديد من الإمارات والممالك التي حكمتها نساء أمازيغيات والمعارك التي قادتها وصولا إلى المكانة الرفيعة التي تحضى بها النساء في المجتمع الطوارقي الأمازيغي والمجتمع الأمازيغي على مستوى تامازغا (شمال إفريقيا ) بشكل عام ، إضافة إلى التسمية التي لا زالت تعود إلى الأم في مناطق أمازيغية عدة
فحتى الإستعمار الغربي في بداية القرن العشرين للمناطق الأمازيغية عرف مقاومة بطولية من طرف النساء في عدة مواقع شهد بها المستعمر نفسه
إن المرأة الأمازونية هي المرأة الأمازيغية عبر التاريخ

اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا