الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة غزة والهروب الي الامام

فؤاد ابو لبدة

2011 / 3 / 8
القضية الفلسطينية


الوقت أزف ولم يعد يفصل ما بين نزول الجماهير الفلسطينية للشارع إلا أيام قلائل , لتستقر رياح التغيير في الأراضي الفلسطينية الراغبة في إنهاء حالة الانقسام والشرخ الفلسطيني القائمة منذ أكثر خمس سنوات باعتبار الوحدة الداخلية هي اقرب الطرق لإسقاط الاحتلال , اقترب موعد الخامس عشر من آذار لتملي الجماهير كلمتها علي طرفي الصراع لإقامة حكومة وطنية نابعة من العمق الفلسطيني النازف بعيدا عن الاملاءات الخارجية التي كثيرا ما لعبت دورا في توسيع الهوة وتعميق الشرخ الداخلي , يكون عمل تلك الحكومة تسير الأعمال لحين اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وفق برنامج توافقي شمولي يحافظ علي شرعية المقاومة وترشيدها وتفعيلها بشكل يضمن تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بعيدا عن البرامج العدمية البعيدة عن الواقع وبعيدا أيضا عن المفاوضات العبثية والتسويات العقيمة من أوسلو وما تبعها من ملاحق وبرتوكولات ردمت تماما بعد أن أهال القصف الإسرائيلي التراب عليها .
ان رياح التغيير التي عصفت بالمنطقة العربية بشكل عام أرخت بظلالها علي الشباب العربي وغيرت بشكل كبير في نمط التفكير والآلية ومنطق التعاطي في كيفية صياغة النسق الاجتماعي وانتقلت بهم للحالة الثورية التي استبانت بشكل ملحوظ وملفت للعيان لتحضر الأغاني الوطنية والأشعار الثورية وتراث كل قطر في وسط التجمعات لتغص الشوارع بصور الشهداء وتعود بقوة أشعار احمد فؤاد نجم والشيخ إمام ومظفر النواب وأبو القاسم الشابي ومحمود دروش وسميح القاسم وغيرهم , وتتناقل صفحات وسائل الاتصال الاجتماعي علي الإنترنت مشاركات شبابية تحتوي علي فيديوهات مسجلة لاغاني الفنان الثائر مارسيل خليفة وسميح شقير وجوليا بطرس وريم بنا وغيرهم من أصحاب الفن الثوري الذي ما زالت حناجرهم تصدح كلما ارتفع البركان الثوري وبلغ شدته واقترب من الانفجار , ولا تخلو المشاركات من الاسترشاد بمقولات الكتاب والأدباء والثائرين لتزداد الصفحات زينة بمقولات غسان كنفاني والطاهر وطار وارنستو تشي جيفارا ويولياس فوتشيك ومكسيم غوركي وجابرئيل غارسيا ماركيز .
مع ازدياد الحالة الثورية في أوساط الشباب والتجهيز لليوم المنشود الذي ستعلو فيه صيحاتهم تطالب بإنهاء الانقسام كخطوة أولي نحو تحقيق مجتمع مدني ديمقراطي تقدمي عبر عملية انتخابية نزيهة وحرة , يقابلها التفاف حكومي بابتكار أساليب ملتوية مدعومة بوسائل إعلام صفراء للتشكيك بمطالب الشباب العادلة ومحاولة حرف مسارها في محاولة لنقل الصراع بعيدا عن دائرتها , وهذا ما تحاول ترجمته حكومة غزة علي ارض الواقع اليوم , وبدأت بتنفيذه حيث أوعزت لحركة حماس بتنظيم مسيرات جماهيرية احتجاجية ضد سياسة الانروا " UNRWA " في قطاع غزة وهي المنظمة الدولية التي تعني بتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتقديم الخدمات الضرورية من تعليم وصحة وتوزيع معونات وإقامة بعض الأنشطة الرياضية والترفيهية للأطفال فيما يعرف بالدورات الصيفية كل عام , وتحاول حكومة غزة جاهدة بتحريك الصراع حاليا مع هذه المؤسسة الدولية عبر سلسلة من الإجراءات باشرت بتنفيذها عبر السماح بإقامة خيام اعتصام لذوي أصحاب البيوت المهدمة من جراء القصف الإسرائيلي , ليطالبوا هذه المؤسسة القيام بواجباتها بإعادة أعمار تلك البيوت كجزء من مهمتها الإنسانية والأخلاقية وتنفيذا للوعود التي قطعتها علي نفسها بتعويض المواطنين عن الضرر الذي لحق بهم وتسليمهم وحدات سكنية بدل من بيوتهم التي فقدوها بالكامل , علما بأنها ما زالت تؤكد علي التزامها تجاه قضية أصحاب البيوت المهدمة ببناء وحداتهم السكنية حسب ما وعدتهم في حال فك الحصار عن قطاع غزة ودخول المواد الأساسية للبناء بشكل رسمي وليس بأشكال أخري لا تتعامل معها تلك المؤسسة .
لا شك أن تلك المؤسسة الدولية شهدت في الآونة الأخيرة تراجعا ملموسا في حجم المساعدات التي تقدم للاجئين الفلسطينيين وتقليص ملحوظ للعديد من خدماتها وتخفيض المبلغ المقدر بمائة دولار الذي كانت تلتزم فيه لأصحاب البيوت المهدمة كمساهمة منها بالأجرة الشهرية التي يدفعها المواطن بمقدار النصف لبعض الفئات , وهذا ما يعتبر إرهاق لأصحاب البيوت وخصوصا في ظل انخفاض القيمة النقدية للدولار مقابل العملة المحلية وارتفاع أسعار البيوت المؤجرة وهذا ما يتوجب علي تلك المؤسسة أخذه بعين الاعتبار أثناء وضعها للخطط السنوية .
حاولت حماس من تلك الخطوة استمالة الجماهير لموقفها في محاولة منها لحرف مسار الرياح الثورية لتبتعد عن حكومتها وخصوصا أنها استغلت تلك الورقة الرابحة كونها غاية في الحساسية بعد أن كانت هذه الورقة مهملة علي مدار 5 سنوات ولم تتحدث بها علي الإطلاق ولم تخاطب يوما المؤسسة الدولية سواء علي الصعيد الرسمي أو علي الصعيد الشخصي فيما يتعلق بتلك الحقوق الإنسانية وهذا ما يعزز القناعة الراسخة أن ملف البيوت المهدمة رغم إنسانيته وعدالته المطلقة أصبح ملف للاستغلال والاستثمار يتم فتحه حسب رؤية حكومتي غزة ورام الله , وعمدت في رفع شعارات الهدف منها استثارة أصحاب تلك القضية والتشكيك أن المؤسسة الدولية تهتم بمشاريع الدورات الصيفية اكتر مما تهتم بقضيتهم في إشارة علنية لعدم جدية الأنشطة الرياضية والترفيهية والاجتماعية التي تعمل علي تنظيمها سنويا مؤسسة الانروا والدفع بعدم ملائمتها للواقع الإسلامي , وبذلك تكون قد وجهت اكبر دعاية تحريضية للجماهير للمطالبة بإلغاء الدورات الصيفية التي يمارس فيها التعليم علي الحريات وكيفية إطلاق العنان للأطفال بالتعبير عن حرية الرأي بطريق الفن والرسم وممارسة الفلكلور الشعبي الفلسطيني الذي يتعارض مع الرؤية الأساسية لتوجهات الحركة بعد أن عملت علي إلغاء كافة المراكز التراثية والفلكلورية في غزة بعد سيطرتها وفرضها لحكومة الأمر الواقع وبعد أن فشلت أيضا في استمالة الأطفال لمخيماتها الصيفية التي تقيهم كل عام .
هذا التصرف لحكومة الأمر الواقع في غزة ليس مستهجنا ولن يعيق من عزيمة حركة 15 آذار من النزول للشارع , كون الشباب الثائر يحمل بداخله كل قضايا الإنسانية والتحرر فهو من اجلها سيتحدى الصعاب وسيتحمل كافة العقبات لتلك الخطوة , وسيحتضن شباب 15 آذار تلك القضية الحساسة في قلوبهم بحس الإنسان الثائر وليس من باب الاستغلال لهذا الملف , فلا بجدر أن توضع القضايا الإنسانية في موقع المساومات واللعب فيها حسب التوقيت والمكان المناسب , وما هذه الخطوة التي شرعت باللعب علي وترها حركة حماس الا هروب إلي الأمام , وعلي أصحاب البيوت المهدمة بقضيتهم العادلة والإنسانية الانضمام مع الشباب الثائر للضغط علي طرفي الصراع من اجل انهاء الانقسام وإقامة حكومة وطنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها