الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشارات عن الثورة

وليد الشيخ

2011 / 3 / 8
الادب والفن


إشارات
عن الثورة
وليد الشيخ
فتنة طاغية ، تلك التي لفت العالم العربي دفعة واحدة ، وهو يرى مصر فجأة تنشد الحرية حتى بوابة السماء السابعة ، وكأن العالم العربي أعاد إكتشاف ذاته ، أو رأى نفسه في أهل سيدة الدنيا وهي تلف شال الكرامة على عنقها الطويل . صارت هتافات حناجر أصحاب ميدان التحرير لازمة يومية ترافقنا الى الشارع والمكتب والسيارة ، صرنا قلقين على أسماء لم نكن نعلم عنها شيئاً حتى صباح الأمس ، وللمرة الأولى منذ عهد الستلايت نحفظ أرقام المحطات المصرية .
لكن المؤكد أن الثورة ليست شأنا مصرياً وحسب، إنها روح الرغبة الجامحة للنصر وقد ولدت في الميدان ، صوت شعراء أقاليم بعيدة لم يتمكنوا من اللحاق بعربة القطار الذاهب للتحرير ، هي أمنيات صبايا حافيات في حوش الدار يلملمن ثرثرات الأمهات الخائفات من ايام الفاقة ، أولاد ذهبوا الى الجامعة وتكسرت لغتهم العربية لكنهم أدركوا لغة الوعي العالي ، يساريون أهلكوا صدورهم بالتبغ وهم يبحثون عن يوم شبيه بهذا ، وملتحون خرجوا من زوايا المصلى بعد الفجر ، طيور علت فوق النيل ، بحة شجية في صوت الشيخ إمام ، وانكسارات أحلام عاودت مشيها على الرصيف .
هي أيضاً ليبيا المذبوحة بيد رجل لا يصدق أن في الأرض ناسا قد لا يستهويهم قضاء الوقت أمام تلفزيون الجماهيرية العظمى ليتأملوا سحنة القائد وهو في حالة تفكير .
وهي مفارقة غريبة وجميلة في آن ، أن تطل صورة تشي جيفارا على لوحة صغيرة يحملها متظاهر راكضاً وراء الحرية والكرامة في شوارع صنعاء .
إنها مناجل وشواكيش وأهلة وصلبان كانت تنتظر خلف أبواب البيوت ، ونزلت دفعة واحدة حين لوحت النار جسد محمد البوعزيزي المقهور ، الذاهب شعلة ملفوفة بالحسرة والخسارات المتتالية .
ليست الثورة شعاراً على بنايات أحزاب هرمة ، ولا مداخلة مذهبة لرجل يستريح على مقعد وثير بربطة عنق ، إنها لغة أنيقة وبسيطة ومباشرة تشبه حد التماهي صورة الأولاد والبنات في ميدان التحرير وهم يغنون لمحمد منير عن الحدوتة المصرية .
ثمة طاقة طازجة تتفتح في شوارع المدن العربية ، ثقة بالمستقبل تكاد أن تقول كلمتها الآن ، كتائب فرحانة تعبر الشوارع لأول مرة واثقة أن الوطن ليس مجموعة من رجال أمن يسهرون لمعرفة أسرارنا الصغيرة وحاجاتنا المتواضعة وأوهامنا المعقولة عن الحب وقصائد النثر ومجلات الحائط في كافيتيريا الجامعة .
نعلم أن الديمقراطية وقيم العدالة والحرية ليست تحت النوافذ الآن ، ولن نجدها صباحاً ونحن ذاهبون الى العمل ، لكنها صارت ممكنة أكثر من أي وقت مضى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي