الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنتقام الصامت

طالب عباس الظاهر

2011 / 3 / 8
الادب والفن


قصة قصيرة
الإنتقام الصامت

طالب عباس الظاهر

باغتتني فاتن بحضورها المفاجئ كأنها تنبثق من اللاشيء... إلا إني سرعان ما بادرتها معاتباً بلغة، حاولت بكل جهدي أن أحمّل كلماتها وحروفها... لعله أكثر مما تحتمله من شحنات الألم، قائلاً بمرارة :
ـ عرضت عليك ذات يوم، قلب وروح ملأهما الحب الطاهر النقي، والإكبار المفرط...غير انك سحقتِ القلب وأدميتِ الروح غير عابئة بشيءٍ ... بل وبلا أدنى اكتراث، وبأسلوب وحشي، لا يمت بصلة لهذه العينين الجميلتين، ولا لهذه النظرة الوديعة المنبعثة منهما، ولا حتى لهذا الوقار المخادع.
قالت باستهانة كأنها تحاول الإيحاء لي بأن الأمر برمته، إنما أصبح الآن من الماضي وملكه، ولا داعي للخوض فيه مجدداً دونما فائدة:
ـ خطيبت لإبن عمي حينها، وقد أخبرتك بذلك، لكنك رفضت أن تصدّق، فنكون مجرد أصدقاء و...!!
قاطعتها:
ـ لكنها مجرد مواربة لتصدَّي عني.
ردَّت بإصرار:
ـ بل كانت الحقيقة.
صرخت بألم:
ـ عن أية حقيقة أنتِ الآن تتكلمين؟
فاتن ... عن أية حقيقة...!
وهل في قاموسكم أنتم معشر النسوان...شيء إسمه الحقيقة؟
أتعرفون الصدق حقاً؟ يالي من غبي وجاهل إذن؟!
ـ الواقع انك لا تريد أن تصدق أو هكذا تتظاهر على الأقل!
ـ آه... تريدين أن أصدقك الآن.. أصدقك مرّة أخرى؟!
يا له من مطلب صعب فعلاً...اطلبي أن اصدق بأن الشمس ستشرق ليلاً!
ربما سيكون تصديق ذلك، أسهل عليّ بكثير من أن أصدقك الآن... والآن بالخصوص.
ـ أنت حر.. تريد أن تصدق أم لا، فإنه شأنك.
ـ ليتني حراً كما تزعمين؛ لكنت الآن قد أسكت أنفاسك إلى الأبد...أيتها الغادرة ،
يا سليلة الأفاعي الرقطاء... لكنه قلبي الملعون!
تباً له من خافق مأبون؟!
ـ صدّقني يا جلال لم أقصد جرح إحساسك... ولكنّي........ !!
ـ ولكنك لم تجرحي إحساسي على كل حال... بل قتلته ولأجل مَن؟ ابن عمك... أليس كذلك!
أم إنه مجرد غني غرور، وصاحب ثروة طائلة وعقارات؟
ألم تفكري بأن أصغر أولاده يفوقك عمراً؟
أفلا يرعبك كرشه الكبير ورأسه الفارغ إلا من الأطماع والشهوات!
يا له من غني وغبي!، لعدم إدراكه للآن، بأنك لم تتزوجيه.. بل تزوجتي من طمعك به، وطمع اهلك وجشعهم!
ـ لكنه على أي حال زوجي وإن لم يكُ ابن عمي، فالأجدر بك أن تكون أكثر تأدباً في الحديث عنه،
إلا ترى بأنك تشتمه أمامي؟!
ـ تريدين القول بأني غير مؤدب إذن؟!
ـ .............!
ـ هيا ... تكلمي!
ـ .............!
ـ لكني سأكون أكثر حزماً معك هذه المرّة ... كي أكون مؤدباً!
بسرعة أخرجت مسدساً، ووجهت فوهته صوب الفتاة، وضغطت بعصبية على الزناد، والغضب يتطاير شرره من عيني ... فدوى صوت الإطلاقة مزعجاً.
وعلى الأثر ترنحت فاتن، وسقطت على وجهها، لكن صراخ إستغاثتنا، ظلّ يدور في دماغي مفزعاً، وحركة يديها المتخبطة أمامها، بدت لي كجناح طير مجروح يهوي من السماء... وهي تحاول أن تحمي نفسها بهما، فتصرخ مستنجدة:
ـ لا ... جلال ..... جلال!
مما جرَّ عليّ الخوف والندم مباشرةً، وتنبيهي لفداحة ما ارتكبت من جريمة في خضم لحظة غضب لعين!.
وقبل أن تصل فاتن الأرض، وثبت إلى وعيَّ فزعاً، ولكن آثار الرعب والدهشة ترتسم على وجهي المتقلص، وخفقات قلبي ما زالت تتوالى بعنف وشدّة.
[email protected]
**********************************************************












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان