الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الحكم الديمقراطي فيه منافع للناس

رضا الشوك

2011 / 3 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ان الشعب العراقي الساعي الى استرداد حريته وحقوقه التي صادرها النظام الشمولي السابق قد صمم ان يبقى شعباً حراً يسوده حكم القانون وساعياً في الوقت نفسه الى الحفاظ على وحدة وطنه بروح الأخوة والتآزر، هذا الشعب لا تزال فيه الكثير من مدخرات العنفوان لا بد له ان يصحى من كبوته ليأخذ زمام الامر بيده فيبدأ ببناء حياة جديدة بعد تلك السنين الطوال العجاف من الظلم والاستغلال .
ان تاريخ مجمل المجتمعات البشرية هو تاريخ نضالها المرير، فهو نزاع مستمر، تارة ظاهر وتارة مستتر بين الطبقات المستغلة والمُظطهدة في شتى المراحل وفي مختلف المجتمعات على امتداد التاريخ .
إن الاغريق القدامى هم أول من اعتبر أفضلية النظام الديمقراطي كاسلوب في الحكم واعتباره يمثل القوة المحركة لعملية التطور الاجتماعي في كافة جوانب الحياة وان (اثنا) هي أول مدينة سعت في ابراز الحقوق الطبيعة للانسان ضمن المفاهيم الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك، وكان في عهد (بركلس) الذي قرر ان المواطنين متساوون أحرار، وعلى هذا الاساس كان جميع ابناء (اثنا) بغض النظر عن شروط ميلادهم ونشأتهم يتمتعون بالحقوق ويعبروا عن آرائهم بحرية، وقد وصف (بركلس) نفسه هذا النظام قائلاً: (الديمقراطية التي تهدف الى مصلحة أكبر عدد ممكن بل وجميع المواطنين من الناحية القانونية يتمتعون بالمساواة، اما بالنسبة للمناصب فالمفاضلة بين الافراد لا تقوم الا تبعاً لما يتميزون به وأساس هذا التميز هو الموهبة لا الانتماء الى طبقة معينة) وبهذا التشريع عرف القانون بانه مظهر للارادة العامة، ومن هنا يلاحظ الى أي مدى مهّدت مدرسة الاغريق الى اعلان حقوق الانسان التي صاغتها الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر.
هناك مقولات ومفاهيم كمقاييس لسعادة الانسان ورقي المجتمع ترسخت بوصفها مفاهيم مقدسة في الثقافة السياسية للجماهير في جميع أرجاء العالم وتأتي الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والرفاهية في صدر هذه المعايير .
ان العصر الذي نعيشه اليوم هو عصر الثورة العلمية التكنولوجية، فلا يمكن للامة ان تواكب هذا العصر الذي ينطلق مسرعاً من دون الأخذ بزمام تكنلوجيا المعلومات التي هي تمثل القمة في هذه المرحلة التاريخية التي تعيشها البشرية، وفي ظل هذا التقدم العلمي والحضاري الهائل الذي وصلت اليه بعض شعوب العالم ظهرت وتوطدت قواعد الديمقراطية كنظام للحكم بينما الكثير من شعوب الدول النامية تعذّر عليهم فهم واستيعاب الديمقراطية كمفهوم وافكار نيرة واخلاق وقيم تسري بين افراد مجتمع تلك البلدان وتأخذ بيدهم نحو شاطيء التفاهم والاخاء باعتبارها الوجه الحضاري للانسان في مجالات الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية وبعبارة أخرى فان الديمقراطية هي الحياة الامثل لكل أفراد الشعب في مواصلة مشوارهم على هذه الارض بأمن وامان واستقرار وعزّة.
للديمقراطية قواعد واصول وليست أفكاراً طوباوية لا يمكن ترجمتها الى أرض الواقع وهي الاداة الأمثل لادارة شؤون المجتمع لانها تفسح المجال واسعاً لاولئك الذين يطمحون في تحقيق تطلعاتهم نحو حياة أفضل يسودها العدل والمساواة وتكافيء الفرص، ولكي يتم تحقيق الديمقراطية على أرض الواقع يتطلب أوضاع صالحة تمكّن بذور الديمقراطية ان تنبت وتنمو وتترسخ جذورها على امتداد السنين، ولان هذا النوع من الحياة في شكلها ومضمونها لم يلمسه أحداً باليد ولم يراه بالعين المجردة لا سيما شعوب البلدان النامية ومنها العراق لذا يجب ان تتوفر في مجتمعات تلك البلدان قبل كل شيء كافة مستلزمات الحياة بدءاً بتوفير حرية التعبير وخلق فرص العمل وفق شروط انسانية، ورفع المستوى المعاشي والصحي والتعليمي والخدمي ومنح الحقوق المدنية لكافة أفراد الشعب على اختلاف قومياتهم وأديانهم ومشاربهم السياسية أي سيادة دولة القانون، انهاء العزل السياسي، محاربة الامراض الاجتماعية مثل الفساد المالي والاداري والكسب الغير الشرعي، تشجيع الفن المسرحي والسينمائي والنوادي الرياضية، فسح المجال لمؤسسات المجتمع المدني لمزاولة نشاطاتها بدون قيود، وبعبارة مختصرة فان توفير شروط العيش الانساني لكافة ابناء الشعب هو الذي يوصلنا الى السبيل الذي يضع اللبنات الاولى في بناء صرح المجتمع الديمقراطي الذي يتلمّس محاسنه وفوائده كل شرائح المجتمع، وحينما نريد قطف ثمار الديمقراطية كاداة للحكم فان عنصر الوقت يحتل حيزاً مهماً والا فان الحديث عن الديمقراطية التي تريدها الشعوب النامية ومنها شعبنا العراقي تعتبر إكذوبه أو في أفضل الاحوال تصلح لأن تصبح حكاية مسلية لتنويم الاطفال .
ان عنصر الوقت في بناء قواعد الديمقراطية مهم جداً لكي تتوضح الرؤيا أمام الناس وذلك لاكتشاف القواعد والمنافع التي تتمخض عن المجتمع الديمقراطي، علماً ان الوقت وحده لا يفي بالغرض ما لم تتوفر الشروط الاساسية لكل ما له علاقة مباشرة بحياة أوسع الناس .
لقد دخلت الديمقراطية معارف الناس من خلال الاشهار لها في كل يوم وفي كل مناسبة، وبديهي ان ترديد كلمة الديمقراطية على مسامع الناس لا يمكنها ان تتحول الى حجة مقنعة للغالبية العظمى من الناس دون ان يتلمسوا المنافع التي يفرزها الحكم الديمقراطي المباشر في كافة جوانب الحياة وكما ذكرنا فان النظام الديمقراطي لكي يجد له مكاناً صالحاً في أي مجتمع يجب توفر كافة الحاجيات الضرورية التي تؤّمن رغد العيش للسواد الاعظم من الناس، وفي هذه الحالة يسود السلام والوآم بين الانام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا الأميركية تهدّد ب«طرد» الطلاب الذين يحتلّون أ


.. دونالد ترامب يحمل نتنياهو مسؤولية هجمات 7 أكتوبر 2023| #مراس




.. ما تداعيات ومآلات تدخل شرطة نيويورك لفض اعتصام الطلاب داخل ج


.. مظاهرة لأهالي المحتجزين أمام مقر وزارة الدفاع بتل أبيب للمطا




.. الرئيس الأمريكي جو بايدن: سنعمل مع مصر وقطر لضمان التنفيذ ال