الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجماهير واللواء العيسوي والشرطة نحو ثقافة اللاعنف وعدم التمييز

مجدي مهني أمين

2011 / 3 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


تعامل اللواء العيسوي مع الجمهور، بدأ في البحث عن الحجرات السرية لمباحث أمن الدولة ، الجمهور اشترك في البحث ، هذه محاولات جادة في الطريق الصحيح للاقتراب من مطالب الجماهير، يبقى الإعلان الواضح عن حل جهاز أمن الدولة ، مثلما فعلت تونس بوضوح، والإعلان الواضح أن جهاز الشرطة ينقي صفوفه، وأن تدعو الشرطة في عملية التنقية ان تتقدم الجماهير بكافة شكاواها حول كافة التعديات التي مارستها الشرطة.
الإعلان الواضح عن حل جهاز أمن الدولة ، وتنقية جهاز الشرطة هما المدخلان الاساسيان لبدء عهد جديد بين الشرطة والشعب، وهنا تكون المصالحة قد تحققت ، وعاد رجل الشرطة في خدمة الشعب ، وقتها لن نجد رجل الشرطة الذي يصيح في المواطن، ولن نوافق على مشاهدة الأفلام اللي فيها الضابط نازل تلطيش في المواطن علشان يعترف ، بالعكس لن نأخذ بالقاعدة أن الاعتراف سيد الأدلة، وستكون مهمة رجل الشرطة البحث الفعلي عن كافة الأدلة ، هنا تبرز المهارة وتُحْفَظ الكرامة ، والناس تحس إن البلد بلدها.
لماذا تأخرنا في مثل هذا النوع البسيط من التصريحات حتى الآن؟
الأمان مش في ضابط شرطة قوى الشكيمة ، لكن في ضابط شرطة ملتزم ، الأمان مش في العنف ولكن كما قال اللواء العيسوي نفسه في مقابلته في برنامج كنت وزيرا "أعدل بين المواطنين وطبق القانون"، فالعنف هو نوع من الفوضى يمارسها من في يده السلطة ، والإصلاح يبدأ بنبذ العنف ، نجحت ثورة الشباب لأنها لم كانت سلمية ، ثورة 1919 كانت سلمية ، كانوا يُقْتلون ولا يَقتلون ، فأسفرت عن دستور 23 ، أما العنف فمن مساوئه انه يغلب منطق الغابة ، منطق الأقوى ، وقد – بل وغالبا ما- لايكون الحق مع الأقوى ، الأقوى هو الأقوى في الحق، من يرسي العدل والقانون.
الإعلان الواضح عن حل جهاز أمن الدولة ، وتنقية جهاز الشرطة هما المدخلان الأساسيان من جانب الدولة لنبذ (ومحاسبة) العنف، لو نبذت الدولة العنف تحقق المزيد من الاستقرار ودارت أكثر عجلة الانتاج كما يريد الدكتور عصام شرف الدين رئيس الوزراء، نبذ العنف في المدرسة هو المدخل الأول لجودة العملية التعليمية، فالمدارس بوضعها الراهن هي كأقسام الشرطة في وضعها السابق معاقل عنف ضد الطالب، وهيبة المعلم هي المقابل لهيبة رجل الشرطة ، كلاهما ثقافة عنف واعتداء ، احترام الصغير للكبير هي أيضا ثقافة عنف، فالاحترام لكل الناس على حد سواء، الاحترام حق للجميع لا يتميز فيه أحد على أحد،لا يتميز فيه شرطي على مواطن، والقول السائد "دا احنا لما كنا نشوف المعلم كنا نلف من تاني شارع"، دي ثقافة خوف وعنف.
بالمناسبة أنا كنت معلم واتنقلت من مدرستي لمدرسة مجاورة ، ففي طريق ذهابي للمدرسة التانية كنت أمر في نفس الشارع الذي يمر به نفس تلاميذ (بالأحرى تلميذات) المدرسة الأولى ، وكانت حفلة صباحية في طريقي للمدرسة أن تجري نحو مجموعات التلميذات للتحية والسلام "ووحشتنا يا أستاذ"، مجموعة وراء الأخرى حتى أصل مدرستي، كانت هذا دلالة مودة وعلاقة بين المعلم وتلاميذه، علاقة لم يغب عنها الاحترام بل غاب عنها الخوف.
المدرسة هي المكان الأول الذي ينشر ثقافة العنف، ثقافة الخوف لدى التلاميذ وثقافة التخويف لدى الإدارة المدرسية ، وتكتشف بدورك أن إدارة المدرسة تخشى الإدارة التعليمية، والأخيرة تخشى الوزارة، والوزارة تخشى الوزير، ومعاليك وسموك ودولتك ونفاق وشكليات وسجاجيد حمرا، كل هذا نفاق وتمييز على حساب المواطنة ، كل مسؤول في هذا الجو المنافق له حق يتمسك بالكرسي ، لأن الكرسي هو ما يضمن احترام الناس له ، احترام مزيف مش حقيقي ولا أصيل ، احترام لا ينبع من التقدير الواجب لكل إنسان حتى ولو عابر سبيل، لكنه نابع من الخوف، ينتهي بانتهاء الخوف. القاعدة ان الاحترام حق أصيل لكل الناس، والاختلاف بينهم في الأدوار، وهذه الأدوار وظيفية كل نلبي في مجموعنا مصالح الناس.
يجب أن يتحرر الجميع من هذا الخوف ، من التعليمات التي تطبق شكلا، من المبالغة في الألقاب التي تميز هذا وتقلل من قيمة ذاك، يجب ان نتحرر من هذا التجهم في وجه كل مسؤول ، تجهم تزداد حدته كلما ارتفع منصب هذا المسؤول إلى أن يصبح وجها بلا تعبيرات واضحة، هذه الوجوه تشيع الخوف ، ولا تطرح مبادرات ولا تسأل الناس عن مقترحات ، عنف ولا إنتاج ، والعنف يحتضن الفساد ، واللاإنتاج يقودنا للإفلاس المعنوي قبل المادي.
المطروح هنا دعوة لثقافة جديدة تنبذ العنف والتمييز، كل اجهزة الدولة كانت عنيفة ، كل مدير له الحق أن يصيح في وجه الناس ويحولهم (أو يهدد بتحويلهم) للتحقيق، المعلم والشرطة في هذا العنف لهم استثناء خاص إذ كانوا يعطون أنفسهم حق ضرب :التلميذ في حالة المعلم، والمواطن في حالة الشرطة.
ولكن الشرطة كانت أكثر أجهزتنا عنفا ، كانت أكثر عنفا وإيلاما، لذا توجهت إليها ثورة الشباب ، وطالبت بوضوح هذا الجهاز كي يصلح من ذاته ، أصلاح بدون مواربة: حل مباحث أمن الدولة وتنقية جهاز الشرطة وإعادة هيكلته. وحتى نتأكد من نجاح الثورة يلزم أن ننشر ثقافة اللاعنف في كافة أجهزة الدولة، اللاعنف ليس من حق أحد أن يضرب أو يهين أو ينبذ أو يتجاهل أو يحتقر أو يميز ضد أحد.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج