الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الثورة المصرية (١٣): مصر والثورات العربية ويوم المرأة العالمى

عبير ياسين

2011 / 3 / 8
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2011 - دور المرأة في صنع ثورات الشعوب وقراءة الواقع والمستقبل والتحديات التي تواجهها


لعل السؤال الذى يطرح نفسه بشكل متكرر عندما نتحدث عن المرأة فى أى مجال يتمثل بالأساس فى التساؤل حول السبب الذى يدفع أى شخص للحديث عن المرأة بشكل مختلف أو متميز عن الرجل، أو بمعنى أخر حول السبب الذى يطرح الحديث عن النوع "الجندر" كعامل فى النقاش بدلا من ترك النقاش مفتوحا للجميع دون تخصيص

ولا يختلف سياق الحديث عن وضع الثورات العربية بداية من تونس وصولا إلى ليبيا مرورا بمصر، مع بعض البدايات هنا وهناك فى بلدان عربية أخرى، عن طرح هذا السؤال بالطبع، ولعل طرح السؤال يبقى مشروعا وفى حاجة للنقاش أن أردناه أن يعبر ساحات النقاش الإكاديمى ليصل إلى المواطن فى عمومه ويصبح مجال للنقاش العام من أجل أن تعم المنفعة ويستفاد المجتمع فى عمومه

وهنا نجد أنفسنا أمام قضيتين أساسيتين: الأولى تتعلق بخصوصية المرأة فى النقاش، والثانية بالمنفعة المترتبة على الطرح بهذا الشكل بمعنى الأثر المترتب على النقاش فى إطار قضية النوع

ولعل النقطة الأولى تتعلق بوضعية المرأة فى السياق العام وفى المنطقة العربية وفى الدول التى شهدت ثورات ودرجة النجاح الذى شهدته تلك الثورات بدورها. ولا نقول يقصد من هذا القول بأن تأثير المرأة يقل أو يزيد عن تأثير الرجل ولكن درجة تطور المجتمع ونضجه تقاس لدرجة كبيرة بدرجة نمو ونضج المرأة فى المجتمع المعنى. ففى عالمنا العربى حيث المرأة لازالت مستهدفة، وحيث تعد عنصر أساسى فى العديد من النقاشات الدائرة والمرتبطة بالحقوق والحريات يصبح وضع المرأة والحديث عنها أمر مهم لما يعبر عنه بالنسبة للمجتمع ككل من تطور، كما أن مشاركتها تحمل بعدا رمزيا مهما أيضا

نحن نتحدث عن مجتمعات لازالت تتسم فى ظل تركيبة خاصة ومتداخلة من الأبعاد الثقافية والدينية بخليط من الأفكار والرؤى حول المرأة ودورها ومكانتها. ويتعلق بهذا طبعا الحديث حول ما هو مقبول ومسموح وممكن ومتوقع من المرأة، وكيف يقيمها المجتمع ويحاسبها، وما الذى يتوقعه منها.. لازالت الرؤية حول المرأة تقليدية، لازالت محملة بالعديد من الأفكار التى تضعها فى مكانة ثانوية ومكملة للرجل، فالمرأة لازالت فى مكان ما من الذهنية المجتمعية كائن موجود لخدمة الرجل واستمرار النوع، كائن اعظم انجازاته أن تكون الشخص الثانى وليس الأول، كائن عليه أن يحقق مهمته الكبرى فى تكوين أسرة وانجاب أبناء. ربما يقول البعض بأن تلك الرؤية تغيرت، بأن المرأة أصبحت بالفعل فى العديد من الأماكن والمناصب، وأنها تحررت وتغيرت. ورغم وجود تغيرات كما تقول الشواهد المختلفة لكن تغير الشكل الممارس لا يعنى ولا يعبر عن تغير جوهر الفكر الموجود فى المجتمع، وليس معنى تراجع تلك النقاشات مقارنة بما سبق أنها اختفت تماما عن الصورة الكلية أو عن فهم ما يجرى فى المجتمع من رؤى حول المرأة

ولتأكيد هذا علينا ربما أن نعيد التفكير فى أحداث الثورات وأن ننظر فى طريقة التعامل مع مشاركة المرأة وكيف تم
التفاعل معها ليس ككيان ومواطن فاعل له ما للرجل وعليه ما عليه، ولكن بوصفها مرأة. ففى أحد التصريحات أعربت مشاركة من المشاركين فى الثورة عن سعادتها لأن رجل جاء إليها وأبلغها أنها سبب مشاركته مبررا هذا بأنه أن كانت امرأة تستطيع أن تشارك فأن عليه هو أيضا أن يشارك والمعنى واضح طبعا، فهو بداية ينظر لها بوصفها امرأة لها مكانها ودورها المحدد سلفا فى ذهنه. أما الصورة الثانية فكانت فى حديث مع أحدى المشاركات فى الثورة المصرية، فبدلا من التركيز فقط على الثورة وما ارتبط بها لم يخرج النقاش معها عن منظور المرأة ومهمتها الكبرى فى الحياة ليختم الحديث بالسؤال التقليدى الذى بدأ مستفزا بالنسبة لى وخارج السياق، فقد وجه لها السؤال لماذا لم تتزوج حتى الآن وربما كان عليه أن يفترض مع غيره أنها أن تزوجت لم تكن لتشارك فى الثورة من الأساس

تلك الرؤى وبعض التعليقات هنا وهناك تشير إلى أن المرأة لازالت لدى البعض هذا الكائن الهش الذى يفترض أن يكون تابع وليس كيان مستقل بذاته، يفترض أن يكون قمر مضئيا بحكم النور المنبعث من شمس الرجل. وبهذا، يمكن القول أن الثورة مع ما فيها من صور ونقاشات أبرزت أن تلك الرؤى لازالت موجودة فى مساحات ما من التفكير سواء لدى الإعلام أو لدى غيره من القطاعات المختلفة. وهنا فأن الثورة بما ارتبط بها من حديث عن رمزية وضع المرأة ومشاركتها قد تعد مسألة جيدة وذات رمزية مهمة أن كان الحديث بالمطلق كمواطن ومشارك فى رسم مستقبل الوطن، ولكنه أمر سلبى عندما يكون منشقا من تصور أن المرأة تفعل ما لم يكن يتصور أحد قدرتها على فعله. هنا، أقول أن المجتمع لم يفهم بشكل ناضج حجم التغير الذى يحدث، وضرورة التغير فى التفكير المرتبط بالمرأة


أما النقطة الثانية فتتعلق بالمنفعة المترتبة على مثل هذا النقاش، بمعنى ما هو الأثر الممكن للنقاش حول وضع المرأة، وهل يفترض فعلا أن نتحدث عن وضعية خاصة للنوع أم أن الأفضل أن نتحدث فى عموميات المشهد كالحديث عن الوطن والمواطن دون الحديث عبر امرأة ورجل

وهنا نعود للحديث عن ما أكدته الثورة من رمزية للمرأة على حالة المجتمع ككل. فمادامت المرأة فى قلب وجوهر النقاش المجتمعى حول كل القضايا التى لازالت مفتوحة فى العالم العربى بما فيها من أبعاد دينية وثقافية، فأن درجة نضج المرأة وتعليمها تعد مؤشرا مهما على التغيرات الموجودة فى الدول العربية وبين بعضها البعض. ففى حين ظهرت المرأة بشكل واضح فى الحالة المصرية معبرة عن امتداد تاريخى ومشاركة مستمرة، وأن تعرضت للتغير والتذبذب من وقت لآخر، لا تبدو صورة مشاركة المرأة بنفس القدر من الوضوح فى حالات أخرى مثل ليبيا أو غيرها من التحركات فى عدد من الدول
بالطبع تلك الملاحظة السريعة قد لا تكون بدرجة ثقة كبيرة وقد يكون الأمر على أرض الواقع مختلف فى ظل اختلاف التقنيات الإعلامية المستخدمة ودرجة التغطية من حالة لآخرى. ولكن يبقى مؤشر نضج المرأة وردرجة تعليمها وقدرتها على إدارة حوار وطرح أفكار والتفاعل مع الشأن العام معبرة عن طريقة مجتمع، ومساحات مختلفة من الرؤى حول المرأة، ومساحات مختلفة فيما يتعلق بالحقوق والحريات


لاشك أن هناك الكثير ليقال حول المرأة العربية فى ظل نسمات الحرية وطائر الثورات الذى يعبر فى الأجواء العربية تلك الأيام، ولكنها مساحات لنقاش ممتد فيما يلى من أحداث وتطورات، أما الآن فانتهز تلك الفرصة لأوجه التحية للأوطان ولكل امرأة فى عيدها راجية أن يأتى اليوم الذى نتفق فيه فعليا لا كلاما فقط على أن الفرق بين البشر فى الأداء وليس فى النوع أو أى فروق أخرى لم نخترها بحكم الميلاد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في شمال كوسوفو.. السلطات تحاول بأي ثمن إدماج السكان الصرب


.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا




.. المال مقابل الرحيل.. بريطانيا ترحل أول طالب لجوء إلى رواندا


.. ألمانيا تزود أوكرانيا بـ -درع السماء- الذي يطلق 1000 طلقة با




.. ما القنابل الإسرائيلية غير المتفجّرة؟ وما مدى خطورتها على سك