الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة التالية

فالح الحمراني

2011 / 3 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



الانظمة الشمولية تتساقط في العالم العربي واحدة بعد الاخرى ايذانا بحلول عصر جديد يحمل ليس التطلعات المشروعة وانما ايضا الغموض ، وقانون التاريخ يؤكد ان الانظمة الديكتاتورية الشمولية لا تنسحب ولا تحتضر بهدء وانما بجرها الكوارث على الدول التي جثمت عليها لعشرات السنين، وليبيا لن تكون استثناء.
الثورة التالية في العالم العربي يجب ان تكون ثورة على العقول الجامدة التي لاترى بغير الثابت من موروث الماضي اسلوبا للحياة فَجَمٌَدَت الحياة التي من اهم قوانينها الحركة والتغيير والبحث عن افق جديدة.
ليس من المعروف فيما اذا ستحقق نتائج الثورات والانفجارات الشعبية في عدد من الدول العربية الى التطلعات المشروعة التي تحملها شعاراتها والموت في سبيل تحقيقها، فالاحلام لاتتجسدد دائما بالواقع. ولكن من دون قيام ثورة تالية اي ثورة العقول والفكر ورؤية المستقبل وبناء مجتمعات متحررة من الاطر الضيقة القبائلية والطائفية وكحد اقصى تربيتها على الانتماء للوطن بل والعالم والانفتاح على انجازات العلم والاقتصاد والثقافة وتطوير مفاهيم مثل الهوية والخصوصية لتكون اوسع واكثر مرونة، لا يمكن تحقيق اهداف الثورات المناؤة للانظمة السياسية القائمة.
لقد اريقت الدماء الكثيرة خلال الثورات الكبرى في العالم : الفرنسية والروسية والصينية واخيرا الايرانية، ولكنها لم تؤد الى تحقيق الاهداف المنشودة منها،وسرقتها القوى التي ظلت تماطل في الوصول الى الاهداف المنشودة.وتقف الثورة العربية الجديدة على حافة نفس خطر استيلاء قوى غير ذات مصلحة بتغير الانظمة القائمة بانظمة حكم جديدة والتهيئة لعودة دورة التحضير لثورة اخرى.
ويمكن ان يستفاد شباب ثورة التغيير العرب من الثورات الخضراء في محيط الاتحاد السوفياتي السابق فمعالم الثورة البرتقالية واهدافها اختفت باوكرانيا وتسنم الحكم يانوكوفتش المحكوم بقضيتين جنائيتين ويواصل تعزيز صلاحياته، ولم تعد اية رائحة لزهور الثورة في جورجيا ( ثورة الورود).لقد مارس قادة الثورات الملونة نفس اساليب اسلافهم فاستشرى الفساد الحكومي ورميت الشعارات القرمزية في "المزابل" من اجل الاستئثار بالسلطة.
في خلافها عن ثورات القرن الماضي للتحرر من ربقة الاستعمار، فان الثورة العربية الجديدة هي ثورات اجتماعية ودلالة مرحلة جديدة، لذلك ينبغي وضع اليات وقوانين دقيقة للتحرر من قبضة الماضي الجاثم عليها ومنع استيلاء رموز الانظمة الشائخة عليها، وارساء الاسس لتربية مجتمعات منفتحة تتعايش فيها بسلام كافة التيارات والتوجهات، ويعلو عليها بناء مجتمع يرتقى بمستواه الى انجازات القرن الواحد والعشرين. هذا هو هدف الثورة التالية.
ويعيش العالم العربي في الوقت الراهن هزات قوية بدأت في تونس وانتشرت شرقا ووصلت حتى سلطنة عمان. و يقع مركزها اليوم في ليبيا التي كانت محكومة وعلى مدى 42 عاما من قبل العقيد عمر القذافي، ولكنها باتت عمليا اليوم منقسمة إلى جزئين متناحرين - في الشرق حيث سيطرت قوى المعارضة التي انتفضت على نظام القذافي و المنطقة الغربية التي لا يزال أنصار العقيد القذافي يسيطرون عليها بما ذلك العاصمة طرابلس.ولا تزال المظاهرات تعم اليمن حيث أعلن الرئيس علي عبد الله صالح أنه سيبقى في منصبه حتى تنتهي صلاحياته الرئاسية في نهاية عام 2013 رافضا الخطة التي طرحتها المعارضة والمتضمنة "رحيله بشكل ناعم" من منصبه قبل نهاية العام الجاري.
ان التطورات التي شهدتها مصر انتشرت الى خارج البلد، وجرت خلفها الدول الاخرى. لقد كانت ممهدات الثورتين التونسية والمصرية قائمة في العديد من بلدان المنطقة.فلكل دولة عربية مشاكلها وهناك اشكالية تحوم حول طبيعة بعض الانظمة السياسية الشائخة، وطالت الجميع الازمة الاقتصادية ولدى شباب اغلبية الدولة فرصة للتعاطي مع الانترنت.
ووفقا لكل السيناريوهات فان الشرق الاوسط ق يلتهب. وثمة توقعات ان الاضطرابات ستعم دولا اخرى. وبعد تونس ومصر جرت المظاهرات المعادية للحكومات تقريبا في العديد من الدول العربية.ومن اجل ان لا يكون مصيرهم مثل مصير حسني مبارك، فان بعض الزعماء العرب سارعوا باتخاذ التدابير الوقائية لكي لا يسمحوا لاتساع الثورة في بلدانهم. واجرت العديد من الدول تغيرات ووزارية ووعدت اخرى بزيادة الضمانات الاجتماعية وزيادة الاجور.
من دون شك ان كافة هذه الاجراءات هي اجراءات مؤقتة. ان على الحكومات العربية ومن اجل ان لا تسمح باشتعال الثورات الخضراء قراءة ميول الجماهير والاسراع بالقيام باجراء اصلاحات سياسية، وتعزيز الضمان اجتماعية والمؤسسات الديمقراطية. وهناك مفارق لا بد من مواجهتتها بشجاعة تتمثل بان الدول العربية غير مهئية للديمقراطية.وان الاصلاحات السياسية قد تؤدي ببعضها الى زعزعة الاستقرار في داخل البلد الواحد او في المنطقة باسرها. فمثلا اذا وافق ملك الاردن على تلبية مطالب المحتجين ووافق على ان يعين رئيس الوزراء منتخب، فهناك احتمال كبير من اجراء الاردن تغيرات على سياستها من النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي.ولا يُستبعد توتر الوضع : فان الزعماء الفلسطينون، وفي حال حصولهم على مناصب حساسة يمكن ان يكرروا احداث 1972 ويحاولون من جديد تحويل الاردن الى دولة فلسطينية.ان الامكانية الوحيدة لتجنب الوقوع في مثل هذه المفارقة، يكمن بتشجيع مؤسسات الدولة في البلدان العربية، والتفكير العلماني الكوني الواسع، بيد ان تحقيق ذلك يتطلب سنوات طويلة،
















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا