الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للكرد حق تاريخي وقانوني اجراء استفتاء في كردستان الجنوبية

خالد يونس خالد

2004 / 10 / 14
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


اللجنة العليا للاستفتاء في كردستان الجنوبية / فرع الخارج
د. خالد يونس خالد

تصريحات الرئيس العراقي المؤقت ودعوات الاستفتاء في كردستان الجنوبية
خلال تصريحات للرئيس العراقي المؤقت غازي الياور لفضائية العربية هاجم دعوات كردستانية في أقليم كردستان الجنوبية بإجراء استفتاء في كردستان يقرر فيه الشعب الكردي مصيره . واكد بأن النظام الجديد في العراق يسمح بحرية الكلام والتعبير "ولكن مالا نقبله هو الحديث عن الانفصال لأن هذا خيانة سنحاربها بكل قوانا ". وأشار الى وجود حديث في بعض الدول الأجنبية عن اقامة ثلاثة كيانات في العراق ، واعتبر ذلك هراء لأن العراق بلد موحد منذ أقدم الأزمان وسيبقى هكذا وشدد على القول " سنقاتل من يريد الانفصال " .

الاستفتاء ليس في كل الاحوال انفصالا سيادة الرئيس
انسلخ اقليم كردستان الجنوبية من النظام التوتالي الدكتاتوري العراقي منذ عام 1991 ، واصبح اقليما مستقلا في الادارة بعد ان فرض عليه النظام البعثي الصدامي حصارا اقتصاديا واداريا . لكن هذا الاقليم لم ينسلخ عن الدولة العراقية ، وبقي جزءا من العراق . وبعد زوال النظام العراقي البائد ، رجع اقليم كردستان الى العراق بمحض ارادته ، ولقد كان بمقدوره ان يعلن الاستقلال لو أراد ذلك . وشرط الرجوع الى العراق هو أن يكون عراقا ديمقراطيا فدراليا تعدديا برلمانيا ، وهو مطلب عراقي بمقدر ما هو كردي ، ولا يرفضه سوى أولئك الذين ينتمون للفكر الاحادي التوتالي تحت اقنعة سياسية او دينية .
عمت المدن الكردستانية والاوربية تظاهرات نظمتها لجان الاستفتاء طالبت اجراء استفتاء في كردستان العراق . الاشكالية الكبيرة لكثير من القادة والزعماء هي سوء فهم المعادلات السياسية الديمقراطية ، والخشية من حرية الرأي وممارسة الديمقراطية لأتخاذ موقف من القضية الكردية والعراقية على السواء . فالقضية الكردية قضية جوهرية في العراق ، وكانت سببا اساسيا في الحروب والازمات العراقية وعدم الاستقرار . ولذلك فإن أي اساءة للديمقراطية واطلاق التصريحات الخاطئة التي تنم عادة عن اساءة فهم التغييرات الديمقراطية قد تؤدي الى التشنج الفكري والسياسي بين الاوساط الشعبية ، مما لا تخدم مستقبل العراق في الحرية والسلام .
اجراء الاستفتاء ممارسة ديمقراطية في الدول الديمقراطية ، والشعب الكردي ليس أول شعب يدعو الى الاستفتاء ، فقد جرى الاستفتاء في بعض الدول مثل كندا ، حيث اجري مؤخرا استفتاء في مقاطعة كيوبك الناطقة باللغة الفرنسية حيث يشكل الشعب الكويوبكي حوالي 26% من سكان كندا . وجرى الاستفتاء على مستوى المقاطعة وليس على مستوى عموم كندا ، بناءا على طلب سكان المقاطعة التي هي اصلا جزء من كندا ، وذلك من أجل أن يقرر ابناء الشعب الكيوبكي مصيره بنفسه فيما اذا اراد البقاء ضمن كندا او الانفصال . وكانت نتيجة الاستفتاء ، البقاء ضمن دولة كندا الموحدة . وهناك أوجه شبه تاريخية كثيرة بين الوضع الكردستاني والوضع في كيوبك ، مع اختلاف جوهري ، وهو أن الشعب الكويبكي شعب حر يتمتع بكامل حقوقه قبل اجراء الاستفتاء وبعده ، بينما كانت العلاقات الاستعمارية تحكم الشعب الكردستاني في كردستان العراق منذ أن ضم كردستان الجنوبية الى العراق .
النقطة الجوهرية هي أن الاستفتاء لا يعني دائما الانفصال . فحين يطالب الشعب الكردي عبر لجان الاستفتاء باجراء استفتاء في كردستان ، فذلك يعني أن الشعب الكردي يريد أن يقرر مصيره في اختيار الاتحاد الاختياري الطوعي مع عراق ديمقراطي تعددي برلماني فدرالي يتمتع فيه الشعب الكردي بكامل حقوقه على قدم المساواة مع الشعب العربي والاقليات ، أو في تشكيل دولته الكردستانية . وفي كلتا الحالتين فآن للشعب الكردي حق تاريخي وقانوني في الاختيار . أما خوف القادة العراقيين من ممارسة الكرد حقوقهم ، فهو خوف من ضعف الوعي الاجتماعي والخوف من ممارسة الديمقراطية ، والنية السيئة في اضطهاد الشعب الكردي ، لأن الشعب الكردي لا يعادي الشعب العربي ، ولن يأخذ من اراضي احد ، انما يريد أن ينعم بالحرية فوق ارض وطنه كردستان بطوع ارادته.

هل الكرد خونة ؟
استخدم الرئيس العراقي المؤقت غازي الياور السيمفونية العراقية القديمة ، حين قال بأن الحديث عن الانفصال خيانة . انها السيمفونية التي كان يعزفها الانظمة الدكتاتورية العراقية المتعاقبة ، وهي سيمفونية كان الكرد يسمعونها تحت وابل من الاسلحة الكيماوية التي كانت تسقط على رؤوس المدنيين الكرد بحجة وحدة العراق . فوحدة العراق لا تصان بالاتهامات والتهديدات والقتل والقنابل الكيماوية ، انما بالديمقراطية والحرية والسلام والعلاقات الاخوية على قدم المساواة وبنفس الشروط والقوانين دون تمييز .
نعتقد بأن الكرد خونة اذا تخلوا عن حقوقهم التاريخية في التعبير عن الرأي وحق تقرير المصير . وحق تقرير المصير لا يعني في كل الاحوال تشكيل دولة ، ولكن قد يعني تشـكيل دولة ايضا اذا شعر الشعب الكردي بأنه مضطهد من قبل الأخرين . فحكم العلاقات الاستعمارية أكثر شراسة من حكم الاستعمار الذي يحدد اهدافه مسبقا بأن استعمار سيرحل يوما ما . فالعلاقات الاستعمارية التي حكمت الكرد كانت تمثل التخلف ، مثلما كانت تمثل الاضطهاد باسم الاخوة ، حيث ينتمي الظالم والمظلوم لنفس العقيدة في غالبيتهم ، ولنفس المنطقة الجغرافية. فالكرد ليسوا خونة اذا طالبوا اجراء استفتاء في كردستان ، لأنهم يطالبون بالتعبير عن رأيهم في ممارسة ديمقراطية . أما استخدام لغة التهديد ، فلا ينفع ، لأنها لغة قديمة ، تعرض لها الكرد والعرب والاقليات عبر تاريخهم المأساوي . وقاوموها من اجل الحرية .

هل كان العراق بلدا موحدا منذ اقدم الازمان كما قال الرئيس ياور ؟
قال الرئيس العراقي الياور في تصريحاته أن " العراق بلد موحد منذ أقدم الأزمان وسيبقى هكذا " . هذا التصريح ينم عن سوء فهم التاريخ السياسي للعراق ، اضافة الى كونه تهديد واضح من أن النظام العراقي يريد ان يستخدم سلاح الديمقراطية لضرب الديمقراطية ، من أن القوة ستكون العامل الحاسم فيما اذا مارس الشعب الكردي حقه في تقرير المصير .
في الحقيقة والواقع لم يكن العراق بلدا موحدا منذ أقدم الأزمان ، وكردستان الجنوبية لم تكن تاريخيا جزءا من العراق أبدا . التاريخ لا يسير ابدا باتجاه حلزوني ، انما الى الامام ، والتاريخ لا يرحم احدا ، لأنه علم المستقبل . ومن اجل الحقيقة نعود الى التاريخ ، ليتحدث لنا عن العراق وكيفية ضم كردستان الجنوبية للعراق .

الحرب العالمية الأولى واتفاقية سايكس بيكوعام 1916 ومؤتمر سان ريمو عام 1920
دخلت الأمبراطورية العثمانية التي كانت تسمى بالرجل المريض الحرب العالمية الاولى عام 1914-1918 إلى جانب ألمانيا، وخسرت الحرب. وقَّعت كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية إتفاقية سرية بأسم إتفاقية سايكس بيكو في 16 ايار عام 1916. تضمنت الإتفاقية تقسيم الممتلكات العثمانية بما فيها كردستان العثمانية بينهم. إنسحبت روسيا بعد ثورة اكتوبر الإشتراكية بزعامة لينين عام 1917، وبذلك انفردت بريطانيا وفرنسا الإستعماريتين حكم المنطقة. هنا أصبحت القضية الكردية أكثر تعقيدا بل أصبحت من المعضلات الدولية حيث بموجب هذه الإتفاقية اصبحت كردستان الجنوبية ضمن خارطة العراق ، وكردستان الغربية ضمن خارطة سوريا، وكردستان الشمالية ضمن خارطة تركيا. بينما بقيت كردستان الشرقية على حالها ضمن خارطة إيران لأن إتفاقية سايكس بيكو لم تشمل إيران. وقد كرست الدول الإستعمارية هذا التقسيم لكردستان ودول الشرق الأوسط في مؤتمر سان ريمو عام 1920.

احتلال بريطانيا للعراق وكردستان الجنوبية وتأسيس الدولة القومية العراقية
تشكلت الدول القومية التي ضمت أجزاء من كردستان وهي تركيا والعراق وسوريا وإيران بعد الحرب العالمية الاولى. ونحن هنا نعالج قضية العراق وكردستان الجنوبية. فقد احتلت القوات الأنكليزية بقيادة الجنرال مود بغداد في 19 آذار 1917. وفي نهاية عام 1918 إحتلت القوات البريطانية أجزاء من كردستان الجنوبية التي تسمى اليوم كردستان العراق بعد معارك طاحنة مع القوات العثمانية. وقرر مجلس الحلفاء الاعلى وضع العراق تحت الإنتداب البريطاني في 25 نيسان 1920. وقد وردت في المادة السادسة عشرة من "لائحة الإنتداب البريطاني" في 9 كانون الأول عام 1920 بصدد القضية الكردية ما يلي: "لاشئ ما في هذا الإنتداب يمنع المنتدب من تأسيس حكومة مستقلة إداريا في المقاطعات الكردية ..." . (أنظر ماجد عبد الرضا، القضية الكردية في العراق، ط 2 ، بغداد 1975، ص 55).

الانتفاضات الكردية والتدخل البريطاني بإلحاق كردستان الجنوبية بالعراق العربي
قاد الزعيم الكردي الشيخ محمود الحفيد إنتفاضته الأولى عام 1919 والتي أخمدت بقوة السلاح الأنكليزي. ولكنه ما لبث أن قاد إنتفاضته المشهورة الثانية عام 1922 واجبر المستعمرين الأنكليز أن يستدعوه لتشكيل حكومة كردية مستقلة ذات علاقة بالدول المجاورة. وقد اعترفت الحكومتان العراقية والبريطانية بحكومة الحفيد والتي كانت عاصمتها السليمانية. ونصب الشيخ حفيد نفسه ملكا عليها ورفع العلم الكردي.
ومن جانب آخر كانت بريطانيا تخطط لضرب الحركة التحررية الكردية. فاتفقت مع الحكومة العراقية بصياغة بيانات تجعل الكرد تقترب من الحكومة والأنكليز. ففي 22 كانون الأول عام 1922 صدر بيان موقع من قبل الحكومتين البريطانية والعراقية يقول مايلي: "تعترف حكومة صاحب الجلالة والحكومة العراقية بحق الأكراد القاطنين ضمن هذه الحدود، وأنهم يؤملون أن العناصر الكردية المختلفة ستصل إلى اتفاق فيما بينها حول الشكل المرغوب للحكومة وحدودها. يرسل الأكراد مندوبين عنهم لمناقشة علاقاتهم الاقتصادية مع حكومة صاحب الجلالة والحكومة العراقية". (أنظر أبو شوقي، رابطة كاوة للمثقفين اليساريين الاكراد، لمحات من تاريخ الانتفاضات والثورات الكردية، بيروت، 1978، ص 132).
في 19 تموز / يوليو عام 1924 احتلت القوات البريطانية مدينة السليمانية عاصمة حكومة الحفيد، وألحقت كردستان الجنوبية بالعراق العربي. لكن الشيخ محمود الحفيد قاد انتفاضة اخرى عام 1930 بعد "اليوم الأسود" وهو اليوم الذي أطلق البوليس النار على المتظاهرين الكرد في 6 أيلول 1930 أمام سراي الحكومة بالسليمانية إثر مظاهرة إشترك فيها العمال والفلاحون والكسبة الكرد ضد سلطات الاحتلال البريطاني. فأقسم القائد الكردي الشيخ الحفيد أن يأخذ بثأر الشهداء. لكن القوات البريطاني والعراقية سحقت الانتفاضة ونفي الشيخ محمود الحفيد إلى الهند.

مشكلة ولاية الموصل (كردستان الجنوبية) والادعاءات التركية بها
بعد سيطرة قوات كمال أتاتورك على مجمل الأراضي التركية، عمل جاهدا لإبطال تنفيذ بنود معاهدة سيفر عام 1920 والتي أقرت بالحقوق القومية للشعب الكردي. شاركت تركيا الكمالية في مؤتمر لوزان بسويسرا عام 1923 ونجح الوفد التركي إقناع ممثلي دول الحلفاء بالتوقيع على معاهدة لوزان عام 1923، والتي أُلغيت إتفاقية سيفر، وبذلك تم إحتلال كردستان الشمالية كاملة من قبل تركيا.
بقي النزاع الحدودي بين تركيا والعراق، فقد نصت المادة الثالثة من معاهدة لوزان بهذا الصدد على مايلي: "ستتم تسوية الحدود الفاصلة بين تركيا والعراق بطريقة دولية بين الحكومتين البريطانية والتركية في غصون تسعة أشهر. وإن لم تتوصل الحكومتان إلى اتفاق خلال المدة المعينة، تُحال القضية إلى مجلس عصبة الأمم". (أنظر قاسملو، كردستان والأكراد ، بيروت، 1970، 89).
في الحقيقة والواقع لم يكن هذا النزاع مجرد نزاع محدد على الحدود إنما كان نزاعا على ولاية الموصل كلها أي على كردستان الجنوبية التي تسمى اليوم بكردستان العراق، وذلك بسبب النفط، وأصبح مصير الكرد العراقيين مرتبطا بهذا النزاع.
فشلت المفاوضات بين بريطانيا وتركيا ، فتحول النزاع إلى عصبة الأمم. ناقش مجلس عصبة الأمم القضية وقرر المجلس في 30 أيلول عام 1924 أن يؤلف لجنة من ثلاثة أعضاء لدراسة الموضوع وتقديم تقرير بشأنه متضمنا المعلومات والاقتراحات لغرض اتخاذ القرار. وكان أعضاء اللجنة هم الكولونيل باوليس من بلجيكا، والكونت تيكيلي رئيس وزراء هنغاري سابق، وفيرسن السويدي الذي ترأس اللجنة. وصلت اللجنة إلى مدينة الموصل في كانون الثاني عام 1925. اقترحت تركيا بإجراء إستفتاء لكن بريطنيا رفضت الاقتراح باعتبار أن النزاع على الحدود وليس على منطقة من المناطق. وتقدمت بريطانيا وتركيا معلومات وأرقام مختلفة عن القوميات القاطنة في المنطقة. وأكدت بريطانيا أن الكرد آريون وليس لهم أية علاقة بتركيا في حين أن تركيا أعلنت بأنه ليس هناك فرق بين الترك والكرد وأنهما أمتان عاشتا بود جنبا إلى جنب طيلة قرون عديدة. (أنظر قاسملو، المصدر أعلاه، ص 90).
توصلت اللجنة المكلفة من عصبة الأمم إلى الاستنتاجات التالية : "ليس الأكراد عربا ولا أتراكا ولا فرسا، إلاّ أنهم قريبون من الفرس أكثر من الآخرين. وهم يختلفون ويجب تمييزهم عن الأتراك، وهم بعيدون عن العرب ويختلفون عنهم أكثر ... وفي حالة اعتماد النواحي العرقية وحدها أساسا للاستنتاج، فإنها تقودنا إلى القول بوجوب انشاء دولة كردية مستقلة، فالأكراد يشكلون خمسة أثمان السكان. وإذا صار الإتجاه إلى هذا الحل فإن اليزيديين وهم من عنصر مشابه للأكراد، يجب أن يدخلوا ضمن عدد الأكراد، فتكون نسبة الأكراد حينذاك سبعة أثمان السكان". (أنظر قاسملو، المصدر أعلاه، ص 91-92).

عصبة الأمم توافق على قرار ضم كردستان الجنوبية بالعراق
الحقت بريطانيا كردستان الجنوبية بالعراق العربي، ونتيجة ضغط الإستعمار البريطاني على عصبة الأمم ، صادقت عصبة الأمم على قرار الضم عام 1925. ورفض الشعب الكردي هذا القرار وخاصة في مدينتي السليمانية وكركوك. وطالب الكرد بتشكيل حكومة كردية مستقلة، حتى أنه أثناء تتويج فيصل ملكا على العراق، أظهر الاستفتاء "أن الولايتين المأهولتين بصورة رئيسية بالأكراد عارضتا ذلك. ففي كركوك صوتت الغالبية ضد الاستفتاء بينما قاطعه سكان السليمانية". (أدمون غريب، الحركة القومية الكردية، بيروت، 1973، ص 23. أنظر أيضا محمود درة، القضية الكردية، بيروت، 1966، ص 113).
استنادا على ما ذكرناه، وبموجب قرار عصبة الأمم أصبحت كردستان الجنوبية جزءا من الدولة العراقية الجديدة. وعندما صدر القانون الأساسي العراقي (الدستور) في 21 آذار عام 1925 جاء في المادة الخامسة مايلي: "لا يكون هناك أية تفرقة في حقوق العراقيين أمام القانون بسبب اعتبارات عنصرية أو دينية أو لغوية". وتقول المادة 18 "العراقيون يتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق السياسية والدينية والواجبات العامة والالتزامات. لا يجب أن يفرق بينهم بسبب الأصل أو اللغة أو الدين".

لائحة العراق إلى عصبة الأمم عام 1932
قدم العراق لائحة إلى عصبة الأمم في كانون الثاني عام 1932 لقبوله عضوا فيها. وقد أكد العراق في اللائحة أن للعراقيين الحرية الكاملة دون تمييز بسبب المولد أو الجنسية او اللغة أو الدين. وبأن جميع العراقيين متساوون أمام القانون ويتمتعون بنفس الحقوق المدنية والسياسية بغض النظر عن اصلهم القومي أو دينهم. وأن يتضمن نظام الإنتخابات تمثيلا عادلا للأقليات القومية والدينية في العراق. ووافقت الحكومة العراقية أن تكون اللغة الكردية لغة رسمية في المنطقة الكردية. (ينظر: خالد يونس خالد ، كيف تعالج الدساتير العراقية الحقوق القومية للشعب الكردي، ستكهولم، 1990، ص 25). وافقت عصبة الأمم على طلب العراق عضوا فيها عام 1932. وبذلك بدأت الحكومة العراقية بخرق بنود اللائحة المذكورة أعلاه.

حركة الاستفتاء من أجل الاستفتاء في جنوب كردستان
عشرات الناس من الكرد وغيرهم يتساءلون عن كيفية تشكيل لجان الاستفتاء، وعن أهدافها الحقيقية؟
في الحقيقة والواقع تفاعلت العوامل الكردستانية والعراقية والأقليمية والدولية مع بعضها البعض في االمناطق المحررة من جنوب كردستان، وبين الكرد في المهجر. فبعد سقوط نظام صدام حسين الفاشي في 9 أبريل/نيسان عام 2004 ، وتراجُع بعض قيادات المعارضة العراقية في مجلس الحكم الانتقالي العراقي وفي خارجه عن وعودهم السابقة للكرد في مؤتمر لندن في ديسمبر عام 2002 ومؤتمر صلاح الدين في مارس عام 2003 ، والمواقف العدائية للأنظمة الرجعية لحقوق الشعب الكردستاني، إضافة إلى مساهمة هذه الأنظمة في تصدير الارهابيين إلى كردستان الجنوبية والعراق . أدرك لفيف من الكتاب والمثقفين المستقلين الكرد في كردستان خطورة الوضع ، واقتنع بضرورة ايجاد حركة ثقافية جماهيرية مستقلة عن الاحزاب السياسية في منتصف عام 2003 . وبذلك اجتمع هؤلاء الأخوة في كردستان وناقشوا فكرة انشاء لجان تعمل بأساليب ديمقراطية سلمية نزيهة بعيدا عن التحزب السياسي، لإجراء استفتاء في جنوب كردستان (كردستان العراق) .
من أساسيات العمل في هذه اللجان هي أن تكون لجان جماهيرية شعبية مستقلة عن الأحزاب السياسية الكردستانية، وغير خاضعة لسلطة تلك الأحزاب سياسيا واقتصاديا وما شابه. وأن يكون قيادييها من الواعين غير المنظمين في قيادات الأحزاب السياسية لئلا يخضعوا لتأثيرات الأحزاب . وقرروا أن يكون الهدف اجراء الأستفتاء في جنوب كردستان تحت إشراف الامم المتحدة . ووضعوا خطة عمل ديمقراطي سلمي بعقد سيمينارات في المدن الكردستانية لجمع الكرد بضرورة وحدة الصفوف . وتبلورت الفكرة بعد ذلك بتشكيل لجان في المدن الأوربية، وعقدت عشرات الندوات والسيمينارات. وبرزت فكرة جمع التواقيع، والاتصال مع المؤسسات والتنظيمات الأوربية. ومن المفيد أن نذكر بأن آلاف الكرد في كردستان والمهجر دخلوا هذه اللجان، للعمل في أن يكون لأبناء الشعب الكردي الحق في اختيار شكل العلاقة مع النظام العراقي، فيما إذا يبقون مع العراق أو يشكلون دولتهم المستقلة بطرق ديمقراطية، على أساس الإحترام والعدالة والمساواة مع الجيران، وفي المجتمع الدولي، ومن أجل السلام والإستقرار في الشرق الأوسط. ولقد كان لحماس ودعم الكرد في كردستان والخارج أبلغ الاثر في تطور هذه اللجان وتوسعها، وإستعداد كثير من الكرد بدفع التبرعات لتسسير العملية السلمية الديمقراطية إلى أمام. ولذلك اجتمع ممثلوا عشرات اللجان في مؤتمر خاص بها، عن طريق الانتخابات ، لإختيار لجنة عليا أو فدراسيون في كل دولة أوربية، لتنظيم سير عمل هذه اللجان .
وعلى غرار ذلك تشكلت لجان استفتاء مشابهة في كردستان الجنوبية، وانضمت اليها عشرات الألاف من المواطنين الكرد في جميع المدن الكردستانية ، واصبحت اليوم قوة لا تستهان بها على الاصعدة الكردستانية والاقليمية والدولية . وتطورت هذه اللجان الى حركة جماهيرية كردستانية ذات تاثير سياسي وفكري واعلامي من أجل تدخل الأمم المتحدة بضرورة اجراء استفتاء في كردستان العراق .

لماذا الاستفتاء على مستوى كردستان وليس على مستوى العراق؟
طبقا لعرف القانون الدولي المعاصر فان الاستفتاء يجري في الاقليم الذي يريد شعبه أن يقرر مصيره بنفسه ، ويختار شكل العلاقة مع النظام المركزي ، طالما أن الشعب الذي يختار نوع العلاقة يعيش فوق أرضه ، ولا يحتل أو يغتصب أراضي الآخرين . فعندما أجري الأستفتاء في كويبك الكندية ، لم يجر على مستوى عموم كندا انما على مستوى اقليم كويبك . وهكذا بالنسبة لمطالبة شعب الصحراء الغربية باجراء الاستفتاء على مستوى اقليم الصحراء وليس على مستوى المغرب ككل . انه من غير المنطقي أن يجري الاستفتاء على مستوى العراق ككل ليقرر مصير الشعب الكردي ، فلم يحدث تاريخيا أن قرر شعب معين مصير شعب آخر. ومن غير المنطقي والواقعي أن تقرر الاغلبية العربية التي تقبض على السلطة في العراق مصير الشعب الكردي. وهنا نتساءل هل يقبل العرب العراقيون والعرب عامة أن تقرر اسرائيل والشعب اليهودي مصير الشعب الفلسطيني باجراء استفتاء على مستوى اسرائيل ككل ليقرر مصير الشعب الفلسطيني؟ وهكذا بالنسبة للشعب الكردي . فالشعب الكردي كما هو الحال مع الشعب الفلسطيني، يقرر مصيره بنفسه ، في استفتاء ديمقراطي حر ونزيه تحت اشراف الأمم المتحدة على مستوى كردستان الجنوبية .

حركة الإستفتاء تتطلع نحو المستقبل الديمقراطي
الهدف الأساسي الأولي في الوقت الحاضر هو تنظيم الجماهير الكردستانية لتكون على مستوى الوعي الحضاري، والمطالبة بإجراء إستفتاء شعبي في جنوب كردستان لاختيار نوع العلاقة مع العراق كما ذكرنا. وبذلك بدأت اللجان بطبع آلاف الاستمارات لجمع ملايين التواقيع من المواطنين الكردستانيين داخل حدود كردستان وخارجها. واستمارات أخرى للكرد من الأجزاء الأخرى من كردستان كدعم فقط. ويحق لكل كردستاني عراقي بلغ السادسة عشر من العمر أن يكتب اسمه طوعا في الاستمارة، مع تاريخ ومحل الولادة، والعنوان، ويوقع عليها بأنه يوافق بإجراء الاستفتاء في كردستان الجنوبية. وقد تمكنت لجان الإستفتاء أن تجمع حوالي مليوني توقيع للكردستانيين العراقيين. وساهمت وسائل الإعلام الكردية وقنوات فضائيات كردية وكردستانية في ايصال أصوات حركة الاستفتاء إلى كافة الجماهير الكردستانية في كل مكان، حتى أصبحت هذه الحركة، حركة ثقافية جماهيرية ديمقراطية سلمية، تضم ألمع المثقفين الكرد في كردستان والمهجر. ونجحت لجان الإستفتاء في تكوين علاقات جيدة مع المؤسسات الأوربية والعالمية، ومع وسائل الإعلام ونشر المقالات والدراسات وعقد السيمينارات بلغات أجنبية. إضافة إلى الاتصال بالمنظمات الدولية.
اتفقت هذه اللجان على مذكرة واحدة في جنوب كردستان والمهجر، ودستور تم الموافقة عليه في مؤتمر حسب الأسس الديمقراطية، وتوحيد شكل الاستمارات. وقد سلمت اللجنة العليا للإستفتاء من أجل إستقلال جنوب كردستان بتسليم ملايين التواقيع، ومذكرة موحدة تبين فيها رغبة الشعب الكردي بإجراء استفتاء في جنوب كردستان ليقرر الشعب الكردي مصيره بنفسه على أرض وطنه كردستان، إلى سكرتير الأمم المتحدة كوفي عنان ومجلس الأمن الدولي، والرئيس الأمريكي جوج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والإتحاد الأوربي .
تنتظر هذه اللجان الأجوبة التي تستلمها من الجهات المعنية، وتقوم بالتعامل معها بالشكل الملائم، بأساليب ديمقراطية وسلمية على كافة المستويات الشعبية والرسمية والكردستانية والأقليمية والدولية. فمهمة لجان الإستفتاء لا تنتهي بمجرد تنظيم المظاهرات وتسليم المذكرات وجمع التواقيع.
تبدأ المرحلة التظيمية القادمة بعقد مؤتمر عام على مستوى أوربا لتشكيل لجنة عليا أو فدراسيون أوربي. كما تقوم هذه اللجنة واللجان الأساسية الأخرى بالتنسيق مع لجان الاستفتاء في كردستان وأمريكا وأستراليا.
ستبقى حركة الإستفتاء من أجل إستقلال جنوب كردستان تعمل ضمن خططها المرسومة لإيصال صوت الشعب الكردي إلى الأمم المتحدة والمنظمات الأقليمية والدولية والحكومات الديمقراطية والعالم أجمع. فكيف يكون ذلك؟ الأمر نتركه للعمل في الواقع الموضوعي، وما يمكن أن تقوم به هذه اللجان في المحك العملي . فالعمل هو من أجل الحرية والسلام في كردستان والعراق والمنطقة والعالم بعيدا عن الإرهاب والإضطهاد والإستغلال والتمييز القومي والطائفي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ