الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرارة الاحتجاجات والفوضى الخلاقة

عبدالقادر بشير

2011 / 3 / 9
العولمة وتطورات العالم المعاصر



[email protected]
من اجل اعادة رسم خارطة منطقة الشرق الاوسط عبر صفحات التغيير القسري ؛ والتي بدأت بشرارة الاحتجاجات العارمة لتضرم بعدها نار الثورة في العديد من دول المنطقة ؛ وتطيح بالاصنام التي جثمت عقودا من الزمن على صدر الشعوب المغلوبة على امرها ... بدأ انهيار وزلزال( تسونامي ) كبير في المنطقة ادى الى تفكك اقليمي واسع ليبين وفق معطيات الاحداث هندسة اجتماعية جديدة ؛ وتغيير سريع في الانظمة ؛ والسير بها نحو تعددية مفتوحة ؛ وتحولات انقلابية خطيرة في العقل السياسي وصولا لمحاولة تعديل المناهج التعليمية والتي تعتبر ثمرة التغيير والاصلاح الفعلي في المجتمعات المنشودة بعد الثورات الشرق اوسطية ...
ولفهم تلك التحولات السياسية السريعة لابد من ركب افكار تنير لنا الدرب ؛ ولتحقيق ذلك ؛ ولكي لانفرط بالحقيقة والتي ستكون لبنة من لبنات التاريخ للاجيال القادمة نقول ان تلك الاحتجاجات والمظاهرات السلمية هي متنفس صحي للناس ؛ وتعبيرعن صورة معاناتهم وقهرهم وكبتهم ومطاليبهم من مركز صنع القرار ؛ ومن حق الشعوب ايضا تغيير وعزل روؤسائهم دون ترهيبهم او قمعهم باستعمال مفرط للقوة كما يحدث في ليبيا من قبل سلطاتهم هنا اسعفتني الذاكرة بمقولة للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما خاطب الامة قائلا : (( أذا رايتم فيَ اعوجاجا فقوُموني ... )) فقام رجل وقال : (( لو نر فيك اعوجاجا نقومك بسيوفنا )) ...
ولكن يتبادر الى ذهن الكثير من الناس وعلى مضض سؤال مفاده : من اين لهذه الشعوب ذلك الاندفاع الخرافي المفاجىء؟ وتلك الحماسة الفائقة ماجعلهم يتصدون وبصدور عارية لقوة وبطش سلطاتهم واجهزتها الامنية القمعية .. وكيف ارتقى مطاليبهم الى تنحية سيادة الرئيس الكاريزما...وكيف بدأت وطبخت تلك الصحوات الجماهيرية على تلك العجالة من الزمن ؟ وماهي ابعادها الحقيقية ؟ وقد شهدت ساحاتنا(ساحة التحرير – ساحة التغيير – دوار اللؤلؤة ... وغيرها ) نجاح تلك الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات ؛ وآتت اكلها ضعفين بل تحولت الى سيل عارم وحلقات قوة تجرف من يقف امامها ...
المشهد الاخر الذي لفه العجب ايضا ردود افعال الرؤوساء والملوك تجاه انتفاضة شعوبهم الغاضبة على الارض بعد ان حكموهم عقودا من الزمن ... ياللعجب !!! سيادة الرئيس الكاريزما يرجو شعبه ؟ بل يامر بحزمة من الاصلاحات العاجلة دستورية وقانونية ؛ ويامر بتنفيذها بين ليلة وضحاها ... وعندما تتأزم الامور اكثر يقوم سيادة الرئيس ( الكاريزما ) بذكر ماضيه القومي والوطني لاستنزاف عواطفهم وسببا في البقاء على كرسي الحكم ردحا اخر من الزمن ... ومنهم من يامر اجهزته الامنية بالحفاظ على الثائرين وجعل صندوق الانتخابات هو الفيصل بينهم ... ومنهم من يصف شعبه بالجرذان والفئران والمقملين وانه ليس برئيس للدولة كي يتنحى بل قائد لثورة ؛ وان لم يحبه شعبه فانه لايستحق الحياة بعدها ...
هنا لابد من الاعتراف بأن ثمة معادلات غير محسومة بين المارد( الشعب ) وبين من يتولى المقاليد مستقبلا( قوى المعارضة ) تنتظر جملة من الفرضيات التي تفرض حيثياتها على ارض الواقع في القادم من الايام ؛ ولكن يبقى المخفي اعظم حلقة في هذه السلسلة من المتغيرات التي هزت منطقة الشرق الاوسط تحديدا وبقوة تخفي تعجيلاتها الحقيقية للمتتبع ...
وكوني كاتب وصحفي متابع اقرا هذه المشاهد والطوفان السياسي العارم وادرجه تحت محورين ... اولهما ان تلك الخارطة الجديدة للمنطقة على ضوء تلك المتغيرات السريعة والحراك السياسي البركاني هي نتاج ثورة الاتصالات المعلمنة ( ستالايت – موبايل – انترنت وغيرها .. ) التي جعلت من العالم قرية كونية صغيرة يتصل فيها الناس مع بعضهم يوميا على اختلاف اجناسهم وثقافاتهم ومشاربهم وعقائدهم عبر مواقع اجتماعية متنوعة ؛ ويتبادلون فيها الاراء والافكار والبدائل والخيارات لرسم صورة اجمل للحياة وللمستقبل ؛ واثار التمتع الحقيقي بنعمة الحرية ؛ وحرية التعبير عما يجيش في صدورهم من امور ؛ فتحولت تلك المواقع الاجتماعية مثل ( فيس بوك ) الى اعلام حر غير مهني وغير ملزم بقوانين يبرز وبقوة النقاط المصيرية المشتركة بين شعوب الارض ؛ ويحفزهم للمطالبة بحقوقهم المشروعة في الحياة من عيش كريم ؛ وبحبوحة من الرخاء الاقتصادي ورقي في السلم الاجتماعي .. فكانت تلك النقاط المؤثرة والمطاليب المشروعة دافعا قويا وحاسما لاحداث شرخ في قدسية السلطة ؛ وتقليل هيبتها ؛ ومواجهة بطشها بصدور عارية مستلهمين الدرس والعبر من مآثر ( صلح الحديبية ) بين الرعيل الاول من المؤمنين بقيادة المصطفى صلى الله عليه وسلم وبين معسكر الكفر المتمثل بقريش ... فكان لتصميم المؤمنين وثباتهم وحزمهم الاثر الكبير في تغيير وجه العالم والتاريخ ماجعل الاسلام بعده هو الدين الرسمي للكثير من دول العالم .. قال تعالى : ( وماارسلناك الا رحمة للعالمين .. )
اما المحور الثاني لقراءاتي هو الترويج والدعم اللامحدود لسياسة( الفوضى الخلاقة ) التي تبنتها البطانة الشريرة لحكام الشرق المسلم امريكا منذ عام 1994 خلال الجلسات الاولى لمنتدى دافوس الاقتصادي ؛ وتتلخص تلك الاستراتيجية الشيطانية في العلاقة بين الديمقراطية والتفكيك الاقليمي الذي ظهر تفاعلاته في الشرق الاوسط ابتداءا من المغرب العربي مرورا بشرقه وصولا الى بعض دول الخليج العربي كالبحرين والقطر وقد تطول القائمة لاحقا ؛ وبدا معه هدم البنية التحتية للدولة القومية ذات السيادةالوطنية وظهور كيانات طائفية قومية كبديل عنها كما حدث في لبنان والسودان مستغلين بذلك موضوع الحق في الغذاء ؛ والحق في الصحة وهما من حقوق الانسان الاساسية اي الأنطلاق والتركيز على الامن الغذائي كمدخل لتفعيل وتنفيذ سياسة الفوضى الخلاقة..
من هذا المنطلق انبه العباد بل واحذرهم من خطورة الامر ؛ وهول المجهول الذي ينتظر الجميع ومن آلاعيب شياطين الفوضى الخلاقة الذين خططوا ولايزالون الى جر المنطقة الى حمامات دم ؛ والى انفلات امني واسع ؛ وتسيب اجتماعي وتغييب للقانون مع تعطيل للسلطات ..
فماذابعد انتفاضة الشعب وثورة الاعلام ضد الطغاة ؟.. ماذا بعد ماآلت اليها الاوضاع غير الواضحة المعالم ؟ وهل تقوم النهضة الشاملة للمجتمع من مادية الى عمرانية ؛ وتتوشج العلاقات الاجتماعية وتتطبع بفضائل الخير وبالامن والامان والاستقرار في ظل الجوع والانفلات الامني والخوف؟ وللحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا