الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الثورة المصرية (١٤): مصر تريد رئيسا.... وأنا مستعدة

عبير ياسين

2011 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



العنوان ليس من قبيل السخرية ولا التقليل من قيمة ما يحدث فى مصر ولكنه تعليق يرغب فى أن نتفادى الصورة الحالية التى لا تحمل فى جوهوها التغيير المفترض. ولعل السؤال الذى سيطرح سريعا أى تغيير وصورة أقصد؟ والصورة التى أتحدث عنها تشير إلى حالة الجدل الواضحة حول المرشح القادم للرئاسة، والكثير من الاستفتاءات الصحفية ومواقع الانترنت ومجموعات الفيسبوك وغيرها التى تحاول أن تطرح السؤال أو تنتصر لمرشح على الآخر. ورغم أن التعدد والتنوع يفترض أن يكون عامل ايجابى، ويفترض أن يعبر عن حالة من إدارة الحوار من أجل تدشين الإصلاح المطلوب والسير بخطوات واضحة على طريق الديمقراطية، وتعريف المواطن بالمرشحين المفترضين أو المحتملين إلا أن المشهد للآسف لا يعبر عن تلك الصورة ولا يدشن لوجود تغير حقيقى فى العقلية المسيطرة على إدارة الحدث

فالمشهد يختزل الفكرة إلى الانتصار لاسم معين أو وضع مجموعة من الأسماء والمطالبة بالاختيار بينها.. والسؤال هل يكفى الاسم لاختيار رئيس الجمهورية؟ أو هل يكفى الاسم حتى لاختيار أى موظف عام؟ والإجابة ببساطة لا. الاسم لم يكن يصلح ولا يفترض أن يصلح فى دولة ديمقراطية أو دولة تريد تغيير وتثور وتتقبل التضحية والمخاطر المرتبطة بالثورة من أجل تحقيق الديمقراطية التى يفترض أنها الخيار المستهدف الوصول إليه لمصر المستقبل. وهو ما ينقلنى للحديث عن ما لا نرغبه وما نرغبه من آليات اختيار وخطاب حول المرشح للرئاسة وسبل اختياره

المطلوب أولا أن يدرك كل مرشح أنه لا يتحرك بناء على شرعية ما لا نعرفها كمواطنين أو على شرعية ماضوية كان يطرحها ولازال يطرحها فى خطبه وأحاديثه، فتأسيس شرعية “حنجورية” مرتبطة بالخطاب والاعتماد على نوع ما من الشعبية الجوفاء أو الكاريزما الشعبوية ليست كافية كشرعية فى النظم الديمقراطية وأن كانت ممكنة وجائزة ومقبولة فى النظم السلطوية حيث من يملك الميكروفون يسيطر على المشهد. علينا أن نقول أن مصر اكتفت بهذا الخطاب وأننا فى مرحلة أفعال وبناء وشفافية ومحاسبة. المطلوب أذن ألا يكون الكلام مرسلا بطريقة الأفضل والأحسن والأكثر وطنية وكل صيغ التفضيل التى أوصلتنا لما وصلنا إليه والتى يفترض أننا بالأساس نرفضها ونثور عليها. والمطلوب أن ندشن قطيعة مع آليات مرفوضة لتولى المنصب العام ما بين مرحلة ما قبل وما بعد الثورة وأن يبدأ كل فرد فى إدراك حالة التغير وما يفترض أن تعنيه

وأن كانت تلك الصور مرفوضة، فما هى الصور المقبولة من أجل المرحلة المقبلة، وكيف يفترض أن يتعامل من يرغب فى الترشح لمنصب قائم على الانتخاب، وكيف يفترض أن يتصرف المواطنين أنفسهم. هى بالطبع نقاط كبرى وتقع فى صلب علم السياسة والعقد الاجتماعى القائم فى الدولة القومية، وتخص بشكل أساسى فكرة سيادة المواطن ووجود نوع من التعاقد بينه وبين الحاكم، أو بينه وبين الحكومة معبر عنها بالنظام السياسى وشخص الرئيس أو رئيس الوزراء حسب النظام المعمول به، بالإضافة إلى غيرها من القضايا المرتبطة بأطراف العملية السياسة وفكرة التوازن بين السلطات. ولكن سأكتف هنا بالتعليق على الطرح الدائر حول شخصية الرئيس القادم، وكيفية اختياره

أولًا : أن كانت الفكرة تخص الكلام المرسل حول مصر الأفضل والأحسن، والخطاب الأشبه بالأمنيات فأن كل مصرى يستطيع أن يقول مثل هذا الخطاب فكلنا نتشارك فى رغبتنا فى الوصول لمصر أفضل كوطن يحضنا جميعا ويعطينا فرص أفضل وآليات وصول وحراك اجتماعى سليمة. كلنا نرغب فى وجود خدمات أفضل من رعاية صحية وتعليم وفرص عمل وطرق مواصلات وغيرها وغيرها الكثير. وهذا ببساطة يعنى أن خطاب الأمنيات لا يصلح كمعيار للاختيار

ثانيا : أن تأسيس مرحلة جديدة يقتضى بالضرورة ألا يكون الاختيار على طريقة التفويض المفتوح للشخص، فطريقة اخترناه.. اخترناه التى عانت منها مصر من قبل وتحملنا جميعا جزء من المسئولية على ما حدث بصمتنا تعنى ببساطة أننا فى حاجة أن نحاسب أنفسنا على اختياراتنا وأن نضع نصب أعيننا ما نرغبه فعلا، والأهم آلية الاختيار وآلية المحاسبة وهو ما ينقلنا للنقطة التالية

ثالثا : أن الديمقراطية تقوم على وجود برامج سياسية، ومن شأن وجود برامج أن يضمن آليات الاختيار والمحاسبة: فمن جانب يتيح وجود البرنامج للمواطن القدرة على الاختيار بناء على برامج محددة ترسم من قبل المرشحين يما يتناسب مع مدة تولى المنصب وهى فى تلك الحالة أربع سنوات، فعلى المرشح أن يضع برامج قابلة للتنفيذ فى كل قطاع وأن يحدد طرق التمويل المختلفة والمخطط التنفيذى خلال وجوده فى المنصب. ومن شأن تحقق البعد الأول أن يتحقق البعد الثانى ممثلا بوجود القاعدة اللازمة للمحاسبة خلال مدة تولى المنصب وعند انتهاء تلك المدة وفتح الباب لانتخابات جديدة. بوجود برامج واضحة يصبح للمواطن القدرة على الاختيار والقدرة على المحاسبة والتقييم وهو ما نحتاجه لتدشين تغير ديمقراطى حقيقى على مستوى الرئاسة بما لها من انعكاسات على اختيار السلطة التنفيذية بالطبع وتنفيذها لخططها المفترضة

المهم الآن هو أن نتجاوز مرحلة شرعية الهالة أيا ما كان سببها، لأنها ستكون شديدة الضرر على مستقبل التطور الديمقراطى المستهدف فى مصر. وجود شخصيات قادمة بناء على عوامل غير موضوعية للاختيار ستكون بدورها شديدة السلبية على عملية التحول الديمقراطى لأنها ستستند مرة أخرى على شرعية غير موضوعية وغير قابلة للمحاسبة بشكل وا ضح، كما أن شرعيتها يمكن أن يساء استخدامها لترسيخ نوع جديد من السلطوية الديمقراطية أن جاز القول

لازالت أؤكد فى كل فرصة أننا فى حاجة لأن نطالب كل من يفكر فى الترشح للرئاسة أن يقدم للشعب المصرى برناج قابل للتنفيذ خلال مدة الرئاسة، واضعا فى اعتباره بالطبع طبيعة المرحلة الحالية والتى تجعل مدة الرئاسة الأولى مرحلة مهمة ولها تحدياتها الخاصة وفى نفس الوقت مرحلة تأسيس لديمقراطية حقيقية أو مرحلة تآكل لمكتسبات الثورة

المرحلة تقتضى أن نبحث عن المرشح الذى يعرف طبيعة التغير الذى رغبه الشعب المصرى عندما دعم التغير وحول مظاهرات الشباب لثورة شعبية، على أى مرشح أن يحترم الشعب صاحب السيادة الراغب فى الاختيار الموضوعى والمحاسبة الواضحة وعلينا أن نتحمل مسئوليتنا كمواطنين، حقنا يقضى بأن نختار الأفضل لمصر ليس بشهاداته ولا بحديثه ومكروفوناته ولكن بسياساته وقابليته للمحاسبة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى