الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التمويل الأصغر ومعدل الفائدة ذو العدالة الاجتماعية

حسن ابراهيم

2011 / 3 / 9
الادارة و الاقتصاد


بدأت فكرة التمويل الأصغر عندما أراد الدكتور محمد يونس أن تتخلص تلك المرأة التي كانت تعمل بصناعة كراسي البامبو من سيطرة التجار الذين تضر للإقراض منهم ثم تقوم بالبيع لهم عند اتمامها التصنيع ولأنها كانت تعتمد عليهم في الاقتراض والبيع فإنهم كانوا يتحكمون في تحديد سعري فوائد القروض وشراء المنتج وعندها أبصر الدكتور يونس انه لو وجدت جهة بعيدة عن الطمع والاستغلال لتقرض تلك المرأة ومثيلاتها قروض ميسرة ذات فوائد متدنية لاستطعن التخلص من ضغوط التجار ولتمكن من توفير هامش ربح أعلى يساعدهن على توسعة أعمالهن والتحول تدريجيا إلى مصاف سيدات الأعمال الناجحات وبالفعل قام بعمل التجربة بنفسه وأقرض مجموعه من السيدات الفقيرات قروض صغيرة وكان حجم كل قرض 27 دولار لكل سيده وانتظر لقياس التغيير عليهن وبالفعل كانت النتائج مشجعه لإشراق شمس صناعه تنمو الآن في العالم كله وهي صناعة التمويل الأصغر.

إن عملاء التمويل الأصغر هؤلاء الذين يعانون ويلات الفقر وهم الأحق بالمساعدة ولكننا نجد أن أسعار الفوائد التي تقرض بها مؤسسات التمويل الأصغر هي ذات معدلات مرتفعة جدا وقد أثير في هذا الموضوع العديد من الأسئلة منها لماذا تتقاضى تلك المؤسسات التي انشأت في الأساس لمساعدة الفقراء معدلات فوائد عالية وكيف يتم احتساب معدل الفوائد؟

هل اصبحت صناعة التمويل الأصغر صناعة جاذبه للمستثمرين للحصول على ربح مادي دون النظر للأبعاد الاجتماعية؟ وكيف يمكن العمل على تحقيق رسالة صناعة التمويل الأصغر والحفاظ عليها من الانحراف؟

وفيما يلي سوف نناقش كل نقطه على حدة.

ارتفاع سعر الفائدة وطريقة احتساب معدل الفوائد:-

إن منطق من يتعللون بوجوب ارتفاع معدلات أسعار الفائدة هو أن مؤسسات التمويل الأصغر يجب أن تحافظ على استدامتها التشغيلية ومن المفترض عليها أن تقدم خدمات ماليه قابله للتنفيذ وطويلة الأجل وعلى نطاق واسع ولذي يجب على مؤسسات التمويل الأصغر أن تضع أسعار فائدة تغطي جميع التكاليف الإدارية بالإضافة الى تكلفة رأس المال بما في ذلك تكلفة التضخم وخسائر القروض (القروض المشطوبة لعدم السداد) ومخصص لزيادة حقوق الملكية.

وإذا لم تقوم مؤسسات التمويل الأصغر بعمل ذلك فإنها سوف تتوقف عن زوال نشاطها بعد فترة حيث أنها لا يستطيع مزاولة النشاط مقابلة التكاليف الخاصة به وبذلك تكون قد أوقفت الخدمة الخاصة بها عن عملائها.

وعند سؤال الاستاذ محمد اللاعي مدير بنك الأمل باليمن عن ما هو سبب ارتفاع اسعار الفائدة لمؤسسات التمويل الأصغر أفاد (تعتبر خدمات التمويل الأصغر خدمات مكلفة للغاية ولهذا تمتنع العديد من البنوك العاملة في القطاع المصرفي في الدخول في هذا المجال نتيجة لحجم المعاملات والمتطلبات التي يستلزمها قطاع التمويل الأصغر.. ولذا فإن نجاح مؤسسات التمويل الأصغر مرتبطة بتحقيقها الاستدامة وتغطية كافة مصاريفها المالية والتشغيلية الأمر الذي يتطلب توفير الخدمات المالية للعملاء بصفة مستمرة.. وبالتالي فإن تحديد أسعار الفائدة في مؤسسات التمويل الأصغر مرتبطة بتحقيق الاستدامة وتقديم الخدمات المالية على نطاق واسع ومستمر.. وبالنسبة للعملاء فإنهم غالباً ما يحرصون على الحصول على تمويل مستمر ومستدام بدلا من عدم الحصول على القرض إطلاقا نتيجة لصعوبة الحصول على تمويلات للمشاريع الصغيرة من البنوك التجارية أو أية مصادر مالية أخرى وهم بذلك لا يمانعون في تحمل نسب فوائد عالية في سبيل الحرص على توفر التمويل باستمرار وفي الوقت المناسب.. كما أن العميل دائما ما يقارن بين تكلفة فائدة القرض وبين التكاليف الكلية للمشروع وما يدر عليه من دخل.. ويخرج بنتيجة أن الربح الذي تدره هذه المشروعات يفوق كثيراً الفائدة المرتفعة على القروض. وعلاوة على ذلك فإن نسبة الفائدة لا تمثل سوى جزء صغير من التكلفة الكلية للقرض المقدم).

ويتم احتساب معدل الفوائد من ناتج معادلة رياضية يكون فيها الطرف الأول مكون من مجموع النفقات الإدارية بالإضافة الي فقدان القروض بالإضافة الي تكلفه التمويل تشمل التضخم بالإضافة الي معدل الرسملة المطلوب مطروح منه الدخل من الاستثمار ويمثل ماسبق طرف أول ويتم قسمته على واحد مطروح منه فقدان القروض.

ومن المؤسف استعمال أغلب مؤسسات التمويل الأصغر طريقه سعر الفائدة المركبة التي يتم فيها احتساب الفائدة على اجمالي أصل القرض بطول فترة الإقراض فتصبح الفائدة الإسمية مثلا في الإقراض الفردي لوهي 16% تكون بنهاية فترة الاقراض معدل فائدة حقيقي يصل الي 32 % وفي الإقراض الجماعي فالقيمة الإسمية له 26% تكون في نهاية فترة الاقراض 48%.

الخوف من ممارسة التمويل الأصغر رغبه في الربح دون النظر الي الأرباح الاجتماعية:-لقد أصبح الآن سوق التمويل الأصغر سوق جاذب للاستثمار ففي مصر مثلا دخل لاعبين جديدين سوق التمويل الأصغر رغبه في الربح فقط وهما شركتي ريفي وتنمية ويتضح هذا من ممارساتهم للنشاط فشركة تنميه مثلا كان سعر الفائدة لها الإسمي 16 % ولأنها لم تحقق الربح المنشود رفعت سعر فائدتها الي 18 % لتصبح أعلى معدل فائدة للتمويل الأصغر الفردي في مصر.

كما أن شركتي ريفي وتنمية يحاولان اغراق السوق دون النظر على قدرة العميل على السداد فيقومون بإقراض العملاء المتعاملين أصلا مع المؤسسات القائمة مما يؤدي إلي زيادة مديونية العميل.

ومما يثير قلقي وخوفي هو تحول مؤسسات التمويل الأصغر في مصر الي شركات تهدف الي الربح صحيح أن قانون التمويل الأصغر في مصر لم يصدر بعد ولكن الاتجاه العام هو أنه سوف تتحول مؤسسات التمويل الأصغر الي شركات ولو تم ذلك دون محددات واضحه تحافظ على الرسالة الاجتماعية لتلك المؤسسات فإنه في ذلك الوقت سوف يكون الخاسر الأعظم هو العميل ولسوف يفقد حينها التمويل الأصغر لرسالته التي تم انشائه من اجلها.

واخيرا يجب أن تعي مؤسسات التمويل الأصغر رسالتها وأن ما نعمل فيه هو استثمار اجتماعي وليس استثمار مالي ويجب عليها الإلتزام بمسئولياتها الاجتماعية ليس فقط بموجب القانون الذي ينظم مزاولة النشاط ولكنه يجب أن يكون نابع من رؤيتها ورسالتها التي تسعي لتحقيقهم كما تعمل تلك المؤسسات على تحقيق أثر إيجابي على المجتمع.

ومما سبق يجب أن يعاد النظر مرة أخري في معدلات الفائدة المرتفعة لمؤسسات التمويل الأصغر أو على الأقل يجب على المؤسسات أن تفرق بين أسعار فائدتها في مراحل نموها المختلفة فإذا كانت تحتاج في بداية نشاطها الي اسعار فائدة مرتفعة للوصول الي نقطة التعادل التشغيلي وتحقيق هامش ربح يضمن لها الاستمرار فليس من المنطقي أن يظل سعر الفائدة هو نفسه بعد 10 سنوات من مزاولة النشاط وبعد أن أصبحت المؤسسة تحصل على معدلات فائض عالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تراجع إنتاج -إيرباص- من الطائرات بسبب مشاكل الإمداد


.. كيف يمكن للدعم الاجتماعي أن يعزز الاستدامة الاقتصادية في الع




.. خبير اقتصادي يوضح كيفية التخطيط للإجازة الصيفية


.. بعد صعود عيار 21.. ا?سعار الذهب اليوم الثلاثاء 25 يونيو 2024




.. أخبار الصباح | نزوح مليوني سوداني إلى الخارج.. وتعطيل صادرات