الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاتب عمر الحمود وكابوس الماء ..؟

مصطفى حقي

2011 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


... القاص السيد عمر الحمود تحت ضغط الماء هذه المرَة ، في مجموعته ( كابوس الماء ) وضغط الماء بالنتيجة كضغط الجبل ، ولكن الماء يبقى ألطف وبشاعرية متميزة ، وقد امتازت مجموعته بكسر لحاجز الكلاسيكية التقليدية للقصة القصيرة ، ومسيرة الحكاية من بداية ، ونهاية إلى أسلوب عصري متجاوزاً الماضي بماضيه من كان ما كان إلى لا مكان وكان فعل ناقص ، والعالم صار قرية صغيرة ، وبفعل تام ، بفعل نضج العقل المفكر ، وغير المحجوب عن التفكير وحصره بالنقل الببغائي ، والعقل المفكر ارتقى في حقل العلم ، والابتكار لصالح الإنسان ، والإنسانية عبر ثورة تكنلوجية ، وبالأخص في مجال المعلوماتية والأنترنيت ، والفضائيات ، واللاسلكيات إلى عطاء إنساني شامل كاسراً حدود العقائد الضيقة إلى مساحات واسعة من الفكر الحر واحترام الرأي ، والرأي الآخر .. وسأمر بعجالة على القصص الأربعة الأولى ، وأتوقف عند القصة الخامسة ، وأبدأ بالمشهد الأخير ، كأي مدير يُعين جديداً في دائرة ما حيث يكثر المرحبون به (والمكولكين) له وان مزاياه تضع المدير السابق في جيبه الصغير ، وبالنتيجة كلهم في لعبة المناصب سواء .. وفي قصة القربان فالضحايا هم في الحاضر من قبل غاز من الماضي الذي كشف بطلنا الحاضر وهو يتقبل الهدايا وليس الرشوة ويقدم زوجته لرئيسه ويرضى بصفة الديوث من أجل شهوة الكرسي وما أدراك ماالكرسي ..وفي الاستقامة القصة الثالثة فطاهر المتقاعد يصادف شهر رمضان الكريم مع بدء معاملة تقاعده ، ولكن الجميع متأففون ويرددون : عمل وصيام .. هذا فوق الطاقة وعد بعد رمضان .. ولكنه يرفض الإيحاءات الخارقة لروتين شهر الصيام بفرك الإبهام بالسبّابة ، ويفضل الاستقامة ... وجمرة التيه القصة الرابعة جمرة الوعي السلبي الناجمة عن ثقافة الفضائيات والابتعاد عن القراءة والمطالعة ’ وعندما تُهدد الفتاة من أفراد أسرتها بدءاً من أمها تكشف لكل منهم عيباً جسيماً تجعلهم يصمتون عن تحرر الفتاة من الرقابة ، وماحدا أحسن من حدا ولتنتصر جمرة التيه ، وأما محطتنا الأخيرة مع قصة صهيل الروح ، فلنا وقفة روحية أيضاً ، فالقصة حمحمة بين الصوت والصدى .. هل هي العودة إلى الصهيل ، أم إلى هدير الحافلات بالملايين والطائرات بالآلاف ، هل ذلك الصوت ، والصدى في عربة الخيال والتمنيات أم في مركبة تلافيف الأدمغة المفكرة ، والعقل العلمي .. والصهيل لم يزل وفق تحريك الكاتب مع السردية الأولى البدائية ، ولكن في القرن ما بعد العشرين عندما رأت امرأة فارساً وسيماً قوياً ، فقالت يا رب اجعل صغيري مثله ، ورأت رجلاً أغبر ، فاستدارت إلى الجهة الأخرى ، وبقدرة قادر نطق الصغير : يا رب اجعل مكانتي عندك كمكانته ، ولا تجعلني مثل ذلك الفارس مع تعجب المرأة ، وأوضح الصغير : الأول جبّار ظالم يلعنه الناس سراً ، ويدعون عليه ، أما الثاني عاملٌ متواضع يتقن عمله ، فيمدحه الناس علناً ، ويدعون له .. وحين مال سور المدينة ، أوقف ميلانه ذلك الأغبر مع أمثاله من الرجال حين عززوه بدعامات حجرية ، في وقت كان الفارس فيه يدخر قوته لصد غاز افتراضي ...؟ الطبيب ينطق بالعلم وبعيداً عن العواطف .. مرض خبيث ألم بالولد ولا شفاء منه ، ولو جمعت كل أطباء العالم .. ستجد الكلام ذاته . عدنان الأب بعد اليأس ، وبعد اللقاء بالرحال ينشد الأمل عنده ، ولا يستر جسده إلا أسمال من ثياب باهتة اللون من كثرة التجوال ، وعلى رأسه عمامة حجازية ؟ ونقشات صغيرة تزين حبات مسبحته ، رآه أكثر من مرّة يجالس الذاكرين ويصاحب الزاهدين ، أو ينشد بردة البوصيري قبل أن يرميه الحال ، ويذهل في كنف المحراب الخشبي بعد صلاة التسابيح ، والأوراد في إحياء ليلة القدر .. انه فقير لا يسأل ، ويقدم دون أن يأخذ ( وماذا يقدم .. اسألوا الكاتب ) ودود ..وخدوم ( بماذا يخدم أيضاً اسألوا ...) وإن أمسك بالناي في خلوة يبدع لحناً عذباً يسكر السامعين ، ويوقد الإحساس في الشجر ، فتميس الأغصان راقصة ، وتجتمع الطير شادية ’ وهن عدنان الجسدي والنفسي جعله يراقبه ، وينظر إليه بعين جديدة ، وبالمقابل رآه الرحّال بهندام بسيط ، ويصمت مهموماً ، تقدم منه الرحال ، وبسمة على شفتيه ، وقد لمس لديه يأساً أعمق من عجز وقال له : صدّك المخلوق ، ولم يصدّك الخالق ، ونصحه أن يتابع العلاج الطبي لولده الميؤس منه ، مع الدعاء ، والصدقة .. مع ملاحظة ان الرحال عرف بمرض ابن عدنان ، وبمصيبته دون أن يعلمه وعلى ( الغيب) وأضاف الرحال : الدعاء يعجل خيراً أو يؤجل شراً ، وعززه بالأذكار في الأسحار ... وسلك الرحال الدرب إلى بيت عدنان بدراية مع انه لم يزره سابقاً ، وفي غرفة الولد المحتضر ، ( تأكيد الولد في طور الاحتضار) حلّ الرحال حكيماً ظريفا وروحانياً لطيفاً ، أبعد المتحلقين حول الولد ، وبسمل ، وقال : توكلنا على الله ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ... مسح الرحّال بيده وجه الولد ، مسّد شعره ، وبكمادات مبّردة أنزل حرارة جسده قارئاً ما تيسر من الآيات وسط الأنظار التي تتلاعب بها عواطف الترقب .... وبعد هنيهة فارقت الحشرجة الولد ، وانتظم نبضه ، وعاد تواصله مع من حوله ، فغمرتهم الفرحة .. دعاه عدنان لتناول وجبة طعام ، وكوب شاي ، أو كأس عصير مثلج ، فامتنع ، وقال : أحضر عسلاً لولدك ، ووزع مالاً أو طعاماً على فقراء الحي ، والكاتب يدعم الرحال بمجزوء من نص سالف . قال ذو النون المصري : قوله تعالى ( من كان لي مطيعاً كنت له ولياً ، فليثق بي وليحكم علي ، فوعزتي لو سألني زوال الدنيا لأزلتها له ) وبالعودة إلى نص القصة لم تغمض عينٌ لعدنان حتى قابل الطبيب ، فتمسك الطبيب برأيه ، وأصر عدنان على علاج ولده ، وأشهد موظفي المشفى . أشفق الطبيب عليه ، وعالج ولده ، وغابت أعراض المرض ، وتعافى الولد ، وسبقت حيرة الطبيب دهشته حين أكدّت الفحوصات الدقيقة سلامة الولد ، وقال لتلاميذه بلهجة المحترف المتمكن : إننا أمام حالة تخرق قوانين الطب ! وتحدث عدنان لشعوره بأن ما فعله يجب ألا يظل على الكتمان ، وغيّر قناعات رسّخها عمر الطبيب المهني ( انتهى ) أما النهاية التالية للقصة فهي من عندي ، وغير ملزمة .. وبعد أن شاعت قصة شفاء ابن عدنان من مرض غير قابل للشفاء على يد الرحال وبدون أية جرعة دواء سوى الدعاء ، وتأكد ذلك للمسئولين تقرر صرف جميع الأطباء المشرفين على مشافي الأمراض العصية من الخدمة ، وتعيين عدد من الرحاحلة لمعالجة مرضى تلك المشافي بالدعاء ، كسبق عالمي موفرين الملايين من الليرات ثمن الدواء ، وكذلك الرواتب الضخمة التي كانت تدفع للأطباء لأن الرحاحلة يعملون مجاناً ، ولوجه الله ، ولم تعد تسمع حشرجات الروح الاحتضارية ، بل صهيل الأرواح المتمردة ..ولله في خلقه شؤون وشجون ؟
• ألقيت في ندوة بمقر اتحاد الكتاب العرب في محافظة الرقة بتاريخ 28-2-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي