الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية والثورة

خالد الحلو

2011 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أيام خرج الرئيس علي عبدالله صالح وصرح أن الثورات الشعبية في الوطن العربي تدار من قبل غرف عمليات في كل من تل أبيب وواشنطن، أما الرئيس القذّافي فقد اتهم تنظيم القاعدة باثارة الفتن والقلاقل في بلاده، ومن قبلهم حسني مبارك اتهم جهات اجنبية بوقوفها وراء الثورة، ورغم تباين هذه الادعاءات الاّ أن ما يجمع بينها هو نسب هذه الانتفاضات الشعبية العارمة الى قوى خارجية والامعان في تجاهل الأسباب الداخلية التي أدت إلى حدوثها، فبينما حرص علي عبدالله صالح أن يظهر مظهراً وطنياً عندما نسب هذه الثورات للولايات المتحدة واسرائيل العدو التقليدي للأمة العربية والإسلامية "رغم تقديمه لاعتذار لأسياده في امريكا غداة اليوم الثاني لاتهامه لهم"، فإن القذافي الذي يعيش هوس تخلي الدول الغربية عنه وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أراد أن يحرّض تلك الدول على شعبه مستخدماً فزاعة تنظيم القاعدة أملاً منه وممن سبقوه في النيل من استقلال وطهارة ونبل هذه الثورات، لا لتشويهها فحسب بل لاعلان حالة الحرب المفتوحة عليها.

والحقيقة أن هذه الثورات الخلاّقة العظيمة جاءت بعد سنين طويلة من انتهاك الانظمة العربية لحريات مواطنيها وتدمير أمنهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبعد مصادرة حق الشباب في التعبير عن الآمهم واحتياجاتهم وطموحهم واحلامهم، وبعد نجاح الانظمة في منع الاحزاب وتهميشها أو تفكيكها كي لا تكون حاضنة حقيقية لطاقات الشباب وآمالهم وطموحهم، لقد مرت سنوات طويلة عانى منها المواطن العربي وبالأخص فئة الشباب من خواء وتهميش سياسي واقتصادي واجتماعي، أدت الى حالة من الاحباط كانت تنذر بخروج الامة من سياق التاريخ ، الاّ أن مشيئة الله تدخلت عبر ما وفرته التكنولوجيا من امكانيات مثل مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية لتقديم حلا يكاد يكون سحريا لاجتماع الشباب عبر العالم الافتراضي بعد ان منع النطام العربي من اجتماعهم في عالم الحقيقه، ولقد اصبح واضحا ان ما قدمته التكنولوجيا من امكانيات فيما يمكن تسميته "بالحزب الالكتروني" قد تمتع بقدرات فاقت قدره الاحزاب الحقيقية في بلورت الفكر والمفاهيم والحراك الجمعي الخلاق لمجموعات كبيره من الشباب الذين جمعتهم الشبكه العنكبوتيه عبر مساحات العالم الافتراضي الرحب، وذلك بعد أن أفشلت اجتماعاتهم في عالم الواقع قوانين الطوارئ وقمع اجهزه الامن وتخلف الاحزاب وفشل المؤسسات القائمه في استيعاب احتياجاتهم وتلبيه طموحهم وامالهم ، حيث اقبل الشباب من ذوي الاهتمامات المشتركه على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن همومهم ومشاكلهم، ومكنتهم تلك المواقع من إنضاج آرائهم وتأطير حراكهم، ووضعت امامهم زيف وكذب وفساد الانظمه وابواقها، ومكنتهم من تجاوز مخاوف المواجه الفرديه مع الأنظمة وأعطتهم الثقة والشجاعة عبر ما وفرته من شعور جمعي، هذا التعزيز لدور الفرد في الجماعة ودور الجماعة في الفرد المتجاوز لحدود الجغرافيا والايدولوجيا والأطر السياسة التقليدية لمنتسبيها حقق في النهاية تفجر اللحظة التاريخية النادرة التي أدت الى انتقال الاجتماع الخلاق من العالم الافتراضي الى عالم الواقع فعجت بهم شوارع وميادين عواصم ومدن بلادهم.

لقد تمتع الحزب الالكتروني بمرونه فاقت مرونه الاحزاب الايدلوجيه والاحزاب الابويه والاحزاب ذو الطابع الثيوقراطي ، فقدمت لمنتسبيها مساحه حره للحوار والنقاش والاجتهاد، للقبول والمعارضه، وجعلت لكل منتسب الفرصه نفسها في التاثير وصناعة الفكر والقياده ، لم تفرض عليهم قوالب فكريه مسبقه ولم تقدم لهم قيادات ابويه دائمه ووفرت بذلك قدره فائقه على نتظيم الاعضاء والمنتسبين وعلى تحقيق تواصل مكن للعقل الفردي من الاندماج في عقل الجماعة وبالتالي توحيد الرؤى والامال والحراك الجمعي الايجابي والفاعل.

ومما لا شك فيه فان دور الاعلام الحر والقنوات الفضائيه ومواقع التواصل الاجتماعي المتجاوزه للحدود ولرغبات الانظمه المحلية ولمعيقاتهم مكّن من هدم هالة القداسة التي أحاط بها الزعماء والرؤساء أنفسهم وكسرت حواجز الخوف التي ورّثها قمع أجهزتهم لنا ولآبائنا، ووفرت منبراً يعتليه الصغير والكبير الغني والفقير للتعبير عن همومهم وواقعهم وآمالهم، لقد وفرت بدورها أجواء ايجابيه ساهمت في تسريع وانضاج رؤيا جمعيه عن مدى فساد وانهيار وتخلف النطام العربي، وشرع تبلور رؤيا مناهضه لهذه الانظمه في الضمير الجمعي للامه وبالتالي رفع عنها حاله الشرعيه والتي بزوالها كانت تمهد لامكانية نجاح الاحتجاجات الشعبيه الشبابيه في التحول الى ثورات شعبيه حلت شرعيتها مكان شرعيه تلك الانظمه الفاقدة الشرعية في ضمير الجماهير،
ولم يتوان الاعلام الحر والقنوات الفضائيه وعلى راسها قناه الجزيره جنباً الى جنب مع مواقع التواصل الاجتماعي للعب دور الاعلام الثوري الذي يحرض ويوجه الجماهير ويحقق التواصل والتكامل بين تحركاتهم بعد أن نزلو للشوارع والميادين، لقد لعبت هذه القنوات والمواقع الاجتماعية دور غرف العمليات للثوره الى جانب ما لعبته من دورالرقيب الفاضح لممارسات العنف للانظمه واجهزه قمعهم ، ووفرت الحقائق عن حركة الجماهير التي حاولت الانظمه تقزيمها او انكارها فشجعت بذلك الجماهير على التكامل والاستمرار في الحراك لانجاح ثورتهم العظيمه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - غضب الشعوب
مصطفى الحلو ( 2011 / 3 / 14 - 10:34 )
عندما يزيد الظلم على وجه الارض يتفجر بركان الغضب ويحدث عاصفة تسونامي والتي تعمل على تغيير خريطة البلاد السياسية وتضيئ شمعة الامل وحب الحياة وتحقق تحرير النفوس من شرها وشر غيرها بعد امراض كادت ان تكون مزمنة ,, ولكن رحمة الله اكبر وارادة الناس اقوى لقول كلمة الحق والخوف من الظلم والفساد والسكوت على الظلم وبارك الله في هذه الابطال التي عملت على تغيير نفوسنا وتحريرها من شرورها اولا وتغيير الخارطة السياسية وتفجرير العدالة والحق في وجه الظلم

اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه