الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميكانيزمات الاستبداد وآلية عملها .

مسَلم الكساسبة

2011 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



يحتاج من يستبد بالسلطة إلى آليات وميكانيزمات لابد لكل مستبد من الاضطرار لها في النهاية ..


ذلك أنه من حيث هو لا يستند إلى شرعية حقيقية مستمدة من رضا واختيار الناس وموافقتهم الحقيقية ، وحتى يتمكن من سلب السلطة من الشعب والاحتفاظ بها لنفسه فلابد له من أدوات وروافع يستعيض بها عن تلك الروافع الشرعية المنطقية وتمكنه من الاستمرار بذلك الاستئثار لعل من أظهرها وأوضحها أنه :


سيضطر للاستعانة عليهم بحلفاء من الخارج فيضطر لتقديم التنازلات لهؤلاء الحلفاء والخضوع لابتزازهم ودفع الثمن الباهض لتلك النصرة المتوخاة ، وبالطبع الثمن لن يكون من جيبه بل من سيادة وإرادة الوطن ومن جيوب الناس أنفسهم والأمة ذاتها التي يغتصب قرارها وإرادتها ويستأثر بالسلطة دونها.

وسيكون هذا أول عبء يتكبده الناس وأول فاتورة يدفعونها لقاء استعباده لهم ..وبينما يتلقى العبيد عونا من سيدهم ولو اقتصر على طعامهم وشرابهم نجد هذا السيد المستبد هو من يتقاضى الأجرا من العبيد لقاء استبداده بهم .

وفي الداخل أيضا سيضطر للتحالف مع أصحاب المال والنفوذ ليكسب مزيدا من القوة للتمكين لنفسه من حيث هو لا يستند لتفويض ورضا من الناس فهو لذلك بحاجة لقوى من نوع آخر هي القوى المناوءة لهم ولمصالحهم فيكون كأنه فوض أو جير تلك السلطة أو جزءا منها في الداخل للجشعين والمرابين ومصاصي الدماء.. وهو مضطر إلى ذلك للتمكن من ضبط الأمور وإحكام قبضته عليها .

وهو سيضطر أيضا للجوء للقهر والجبروت أي بمعنى أن من يحتكر السلطة بهذا الشكل فإن احد الميكانيزمات لتمكينه من الاحتفاظ بها رغما عن قبول ورضا الناس هو اللجوء لتوظيف تلك السلطة في وجه من وجوهها كأداة قمع ومصادرة للحريات مع ما يرافق ذلك وما يعنيه من أساليب بشعة وكيدية ومنحطة .

وغالبا فإن هذه الأطوار والميكانيزمات ترافق كل من يقرر أن يحتفظ ويستأثر بالسلطة بهذا الشكل ، سيجد نفسه شاء أو أبى في نهاية المطاف مضطرا لأن يطغى ويتجبر ويلجأ للعنف حتى لو بدا بداية موادعة فلا بد له أن ينتقل للمرحلة التالية المتمثلة في (القهر والغلبة) ، لان الناس لا بد سيطالبونه بإعادة السلطة لهم للتداول عليها وسيناجزونه على ذلك فلا يكون أمامه إلا أن يرفض لأنه لا يأمن إذا سلمها طائعا أن يحاسبوه بعدها ، وخشية منه أن يصل إلى تلك المرحلة يبادر إلى إسكات ولجم تلك الأصوات حتى قبل أن ترتفع ، فإذا نازعوه لم يكن أمامه إلا أن يلجأ لاستخدام تلك السلطة كسيف لإرهابهم وإخافتهم وإسكات المعترضين منهم.. أي سيضطر للرجوع لأصل نشأته وتكوينه كنظام قهر وغلبة أزاحها جانبا حينما رضي الناس بالغلب وسكتوا .. حتى إذا تململوا أو احتجوا أسفر عن وجهه الحقيقي وعاد لأصله ومنشأه المتمثل في القهر والغلبة وليس الرضا والقبول .

فيصبح بذلك بمقام العدو السافر للشعب يسلم إرادتهم وقرارهم في الخارج لقوى أجنبية يقدم لها التنازلات على حساب كل تلك المعاني.. ويسلم جلودهم ولحاهم للمرابين والجشعين والجلادين في الداخل ليسلخوهم على مهل كيف شاءوا.

ويصبح الناس في ظل هكذا سلطة مثل خادم سيدين ، فهم ليسوا كعبيد لديه وحده ، بل وكعبيد لمن باعهم له وتحالف معه ضدهم .

وهو بذلك يشبه من داس على لغم ارضي واكتشف ذلك قبل أن يرفع قدمه ، فهو يعرف جيدا أنه إذا خفف ضغطه سيثور تحته ، لذلك فهو مضطر أن يستمر في الدوس عليه أكثر وأكثر حتى يستمر حيا .

ومن هنا نرى أن النظام الاستبدادي هو ليس فقط نظام غير رحيم ولا إنساني للشعب الذي يٌحكم بهذه الصورة ، بل وللمسك بالسلطة نفسه أيضا أو لمن يدوس على ذلك اللغم ويضغط على ذلك النابض الهائل .. لأنه يعيش في رعب ويعرف أنه في اللحظة التي يخفف بها قوة ضغطه سيتفجر بركان تحت قدميه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكة “إن بي سي”: إدارة بايدن ناقشت إمكانية التفاوض على صفقة


.. 5 مرشحين محافظين وإصلاحي واحد يتنافسون في انتخابات الرئاسة ا




.. نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي توحي بصعود اليمين في معظم ا


.. اليمين الشعبوي يتقدم في الانتخابات الأوروبية




.. كتائب القسام تستهدف قوات إسرائيلية شرق مدينة خان يونس جنوب ق