الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحتجون المغاربة يأكدون أطروحة لاإستثنائية المغرب - مدينة الخميسات نموذجا-

فؤاد بلحسن الخميسي
كاتب وباحث

(Belahcen Fouad)

2011 / 3 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


23 فبراير، دقائق معدودات تفصل عن الرابعة زوالا، شبان و شابات يُحلقون حول حديقة حي السلام، يترقبون ساعة الصفر، التي ستعلن انطلاقة المسيرة المتوقعة و التي دعت إليها جهات ظلت مجهولة لدى معظم الناس (جهات فايسبوكية كما تحدث كثيرون، في إطار مجموعة لم يتعدى المنخرطون فيها الثلاثون عضوا). تُخيم على ساحة الحديقة حالة توثر و ترقب شديدة، زاد من وطئتها الإنتشار الكبير في محيط الحديقة لقوى الأمن بأصنافها المختلفة: قوات مساعدة، قوات التدخل السريع، شرطة - بلباس مدني و رسمي – و زاد عليهم بعض أعوان السلطة. الرابعة و الربع .. الرابعة و النصف .. الخامسة إلا ربع .. لا صفارة انطلاق و لا أحد نبس بكلمة.
ذهب من ذهب إلى حال سبيله، و بقي من بقي ..
حوالي الساعة السادسة مساء، الناس تجري في غير اتجاه، كأن طبول الحرب دُقت أو أن الطاعون يزحف بقوة البرق في اتجاههم. مهلا، إنها قوات الأمن تطارد الناس، شبابا و كهولا، ثم يتجمع الشبان في زاوية هنا و أخرى هناك ويوجهون هجوما مضادا .. الوضع في حالة غليان .. إذا، سكان مدينة الخميسات خرجوا للشارع
كر و فر .. يتجمع الشبان ، يرمون رجال الأمن – الراكبين منهم سيارات و الراجلين – بالحجارة، فيتراجع هؤلاء تحت ضربات الشبان. يستوعب رجال الأمن أمطار الحجارة (وابل)، يستجمعون قواهم، و ينقضوا بدورهم - بالسيارات و على الأرجل- على المتظاهرين، فيتراجع هؤلاء إلى مواقع آمنة تقيهم كل حصار محتمل من قبل رجال الأمن .. كر و فر على طول شارع ابن سينا ( الخشبة الرئيسية )، و فروعه (محاور التراجع و التقدم .. الدفاع و الهجوم).
تتموقع سيارات قوى الأمن في الموقع الخطأ فتهوى عليها الحجارة من كل حدب و صوب.
يتموقع متظاهر في الموقع الخطأ، تسرع سيارة أو أكثر لقوى الأمن في اتجاهه، تلتف عليه ، ينزل رجال الأمن، يلقمونه، يشبعونه ضربا بالهراوات و الأيدي ثم يلقون به إلى داخل السيارة.
يحس رجال الأمن أن عدد المتظاهرين يزداد، و بالتبعية منسوب الحجارة كذلك، فيلجئوا إلى إبدال سلاحهم: القنابل المسيلة للدموع. أطلقت في الهواء، واحدة هنا، ثانية هناك، و ثالثة و رابعة .. في جميع الإتجاهات التي يتجمع فيها المتظاهرون، سواء كانوا ممن يشارك في رمي الحجارة أم لا. تصل الغازات إلى الأعين و الأنوف، تبدأ الإلتهابات، فيشرع الجميع في البحث عن مأوى للإختباء و اتقاء الغازات (نقلت امرأتان في حالة غيبوبة إلى المستشفى الإقليمي على أثر استنشاقهما تلك الغازات). فتسيطر قوى الأمن على الشارع.
يظن الجميع أن الأمور ستتوقف عند هذا الحد، لكن بعد 10 دقائق أو 15 دقيقة، يندثر مفعول الغازات فيرجع الشبان إلى مواقعهم، لكن هذه المرة بعدد أقل من المتفرجين؛ إذ فضلت الشابات، وكبار السن – رجالا و نساء- الإلتحاق بمنازلهم، بعد إطلاق الغازات.
فيبدأ فصل جديد من فصول المواجهة: كر و فر .. شعار خجول هنا و آخر هناك:"الشباب ها هو أُو الخدمة فينا هي"... " الشعب يريد إسقاط الحكومة"، لكن رمي الحجارة استمر بغزارة، كما زادت كثافة حملات قوى الأمن على المتظاهرين. ورافق ذلك كله، تكسير بعض نوافذ مدرسة ابن سينا، تكسير محتويات مقهى بشارع بئر أنزران، رشق مصلحة البريد المقابلة لمدرسة الزرقطوني و واجهات المستشفى الإقليمي و مندوبية الصحة و وكالات بنكية بشارع ابن سينا بالحجارة، و اقتحام وكالة أخرى بشارع الحسن الثاني و إتلاف محتواها، تحطيم العديد من مخادع الهاتف العمومية، تكسير بعض مصابيح إنارة الأزقة والشوارع، و رمي ممتلكات خاصة أخرى بالحجارة (نوافذ و أبواب منازل، محلات تجارية و سيارات).
و إلى حدود الساعة الحادية عشر و النصف، استمرت أعمال الكر و الفر في بعض المناطق ( عند تقاطع شارع ابن سينا و شارع خالد بن الوليد بحي سيدي غريب مثلا)، بل و تحدث البعض على أن الثالثة صباحا شهدت استمرار المواجهات بين المحتجين و قوى الأمن (الميدان الدوَّار قبالة مؤسسة طه حسين التعليمية).
لقد تحولت المظاهرة إلى المشهد الثاني الموصوف آنفا، بعد أن منعت قوى الأمن المتظاهرين من رفع شعاراتهم في مسيرة احتجاجية سلمية بحديقة حي السلام حوالي الساعة السادسة، إذ بادرت إلى تفريق المتظاهرين في اللحظات الأولى لانطلاق المسيرة و اعتقال شخصين من الفعاليات الحقوقية بالمدينة، فردد المتظاهرون الشعار «البوليس سِيرْ فْحالْك هَادْشي مَاشِي دْيَالك» على أثر ذلك. و هكذا، انفجر حظر التظاهر، فتصرفت المسيرة المزمع القيام بها إلى أعمال مواجهات بين المتظاهرين و قوى الأمن.

* * * *
لا تخرج كل هذه الأحداث عن السياق السياسي العام في المنطقة العربية (ثورات أطاحت بأنظمة، انتفاضات ضد أخرى) والوطني (مبادرة 20 فبراير و المظاهرات التي خرجت باسمها). خرج شباب مدينة الخميسات ، كما خرجت مجموعة من المدن المغربية الأخرى (الرباط، الدار البيضاء، فاس، صفرو، مراكش، الحسيمة، العيون، تطوان، العرائش،...).
لكن تبقى ثلاث ملاحظات يمكن عرضها في الحالة الخميسية:
1- لم تعلن أي جهة سياسية، نقابية أو جمعوية، نيتها تنظيم المسيرة أو مشاركتها فيها. لقد انتشر خبر المسيرة بين الناس، لسانا عن لسان. ثمة من لقم الخبر على الفايسبوك ( مجموعة لم تضم سوى العشرات فقط، و ربما لم يزيدون على الثلاثين). كما تحدث الناس عن توصلهم ببعض المنشورات المنتقدة للوضع السوسيو- اقتصادي للمدينة و سوء تدبير المجلس البلدي لأحوال المدينة (تردد أن كاتبه كان أحد المحامين بالمدينة).
و هي ملاحظة تظهر قوة الشفهي في الثقافة المحلية للمدينة. و يتأكد ذلك، عندما تسأل أحدهم عما جرى، إذ سرعان ما تجده معبَّئا بآخر الأخبار، على صعيد مختلف مناطق المدينة. فالأخبار تنتقل على وجه السرعة (قد تكون هذه الملاحظة عامة تتعلق بظروف الأزمات). بل منهم من يحدثك عن «أن عدد كذا من سيارات القوات المساعدة دخل المدينة من الجهة الغربية للمدينة» أو «أن أنه على الساعة العاشرة ليلا سنرى إنزالا كثيفا لقوات الأمن بعد أن تكون قد حصلت على إمدادات عاجلة في الساعات القليلة القادمة»!.
2- سرعان ما تحول الحدث الإحتجاجي من مسيرة سلمية إلى أعمال عنف متبادل، في اليوم الأول على الخصوص.
و هو الأمر الذي يترجم أن مجتمعنا (ممثلا هنا بالمتظاهرين) و مؤسساتنا (ممثلة هنا بمؤسسة الأمن) حديثو عهد بأدبيات التواصل السياسي و الإجتماعي، و أخلاقيات تدبير الإختلاف:
- سرعان ما ضاق رجال الأمن بتجمع شباب من أجل المطالبة بالتغيير فلجئوا إلى منطق القوة، لترهيب القلوب ومن تم الإسكات السريع للحناجر. لكن إرادة الحسم السريع أفضت إلى تطوير المواجهة. فانتقلت من مواجهة وضع قائم رآه الناس غير ديمقراطي و غير عادل، إلى مواجهة مع قوى الأمن.
- كما أن حداثة اتصال الشباب بالعمل الاحتجاجي في مدينة يغيب عنها هذا الشكل من التعبير إلى افتقار هؤلاء إلى بدائل للتعبير غير حمل الحجارة و رمي قوى الأمن و الممتلكات الخاصة بها.
ويلخص الحدث التالي هذه الملاحظة المزدوجة:
أحد المواطنين (خطاط و ناشط في المجتمع المدني) صاح منتفضا أمام الملأ، بشارع الحسن الثاني قبالة سوق السمك، في وجه كبير المسؤولين عن الأمن بمنطقة الخميسات متهِما قوى الأمن بالتسبب في كل ما جرى من أعمال المواجهات والتخريب عندما سمح هذا الأخير لهذه القوى بالتدخل ضد المتظاهرين و هـُم يهِمُّون بإجراء مسيرة سلمية. الأمر الذي أربك المسؤول الأمني المذكور و دفعه إلى أن يأمر بعض رجال الأمن الواقفين في المكان إلى الدخول إلى سياراتهم، للكف عن استفزاز المتظاهرين.
لسنوات ظل حق التظاهر بالمغرب يُنظر إليه كموضوع أمني بامتياز، سواء تعلق بقضايا إجتماعية، اقتصادية أو سياسية – وطنية أو دولية. و ها هو النظام المغربي اليوم، يحصد فشله في خلق ثقافة احتجاجية، يلتزم الجميع فيها حدود الفعل بلـُحاظ طبيعة المطلب. لقد نسي النظام السياسي الحاكم ان التربية على التظاهر و الإعتراف به جزء لا يتجزأ من ثقافة التربية على المواطنة. فكان ما كان.
لقد تم حظر التعبير عن المطالب (غلاء، شغل، حرية، ... )؛ حتى تلك التي يرغب أصحابها التعبير عنها في إطار القانون؛ وعـُلـِّقت المطالب إلى أجل غير مسمى، فتولد ضغط ينحو إلى استثمار أي فرصة تعرض للتعبير، بمختلف الأشكال، عن المكبوت.
و بالتأكيد يجب ألا نفاجَأ حينما نرى أن التعـبير عن المكبوت يتم بشكل خارج عن القانون، لأن مؤسساتنا الرسمية هي الأخرى تعيش على هامش القانون. فالعلاقة المؤسسة- العقلانية ( = المستنِدة على القاعدة القانونية) استمرت على طول تاريخ المؤسسة المغربية علاقة مشروخة. يوضع القانون لتطبيقه عند الضرورة، لا من أجل أن يحكم سيرورة التدبير داخل المؤسسة بشكل مستمر.

* * * *

24 فبراير، الساعة العاشرة و ربع صباحا، ينزلق سائق دراجة بشارع ابن سينا، يهرع الناس في المحيط إلى مكان الحادث، فيتبعهم كل من يأخذه مشهد جري الجميع فيلتحق بمهرجان الجري في نفس الإتجاه، ظانين أن بؤرة احتجاج جديدة انطلقلت هناك. و بعد دقائق، يتفرق الجمع ..
حوالي الساعة الحادية عشر صباحا، يرتفع صوت مدوي على أثر انطلاق مسيرة احتجاجية لتلاميذ خرجوا لتوهم من أقسامهم بالثانوية التأهيلية موسى بن نصير. تمر المسيرة أمام الثانوية الإعدادية المولى إسماعيل (النوفو)، فينضم إليها العديد من التلاميذ هناك، يسيرون بضعة أمتار على حافة شارع ابن سينا أمام فرعين صغيرين لمؤسستين بنكيتين ، تحت أنظار قوى الأمن ودون أدنى تدخل من قبلها. تدخل المسيرة شارع بئر أنزران ( المعروف بشارع "شوفوني" !)، و تتقدم المسيرة إلى آخر الشارع، تلوي يمينا متجهة ثانية إلى شارع ابن سينا عبر شارع الحسن الثاني هذه المرة. ساروا في الشارع المذكور في اتجاه ثانوية الياسمين، فانضم تلاميذ هذه الثانوية إلى المسيرة بعد أن تم اقتحام هذه الأخيرة بالقوة من قبل المتظاهرين. التحق بهم من التحق و أكملوا طريقهم بنفس الشارع مرددين شعارات مطالبة بالتغيير. ساروا جميعا، عبر منتزه المدينة، إلى أن أشرفوا على مؤسسة تعليمية خاصة قرب مقر عمالة الإقليم، فانهالوا عليها بالحجارة، مرددين شعارات منددة بما أسموه تعليما طبقيا، باعتبار هذا الأخير يشكل مثالا للتمييز الإجتماعي بالبلد.
طاردت قوى الأمن المتظاهرين. وبعد كر وفر، تفرق المتظاهرون في أكثر من اتجاه.
و في طريق المسيرة تم رشق سيارتان تابعتان للسلطة المحلية أو البلدية بالحجارة، و كسر زجاج حافلة قرب المحطة الطرقية.
في نفس التوقيت (أي حوالي الساعة الحادية عشر) تنطلق مظاهرة أخرى بالثانوية التأهيلية للوزاني، تردد أنه تم فكها بعد حين من قبل رجال الأمن.
و هكذا، يبرز، كعادته، الدور التلاميذي بالمدن التي لا تتوفر على جامعات و معاهد عليا في التعبئة و التظاهر في مختلف المحطات السياسية و الإجتماعية (لقد كانت ثانوية موسى ابن نصير دائما مركزا لأعمال احتجاجية عديدة، خاصة المتعلقة منها بتطورات القضية الفلسطينية = تاريخ جزئي للمدينة لم يكتب بعد). و لا بد على هذا الصعيد من الإشارة و التأكيد على أن طلاب المعهد العالي للتكنلوجيا (المعهد العالي الوحيد بالمدينة) وقفوا على الحياد مما يجري من أحداث، إذ لم يسجل أي حدث احتجاجي بساحة هذا المعهد أو في محيطه. و هو الأمر الذي فسره كثيرون بأنه راجع إلى مستوى التضييق، بل و القمع، الذي يتعرض له هؤلاء الطلاب بهذه المؤسسة، إلى درجة أن البعض يعتبرها، على السبيل السخرية، ثكنة عسكرية لا معهدا علميا.
- على ما يبدو لم تكن أدنى مظاهرة بمعهدكم، أليس كذلك؟
- نعم لم يحدث أي شيء.
- في نظرك لماذا؟
- الشباب هناك لا يهتمون إلا بشؤون الدراسة.
- ماذا؟!. أتسخرين مني أم ماذا؟ كلامك يبعث على الضحك من الآن وحتى الصباح. لا تقولي هذا و أنا أعلم مستوى التعليم عندكم و مدى مواظبة و اجتهاد الطلاب هناك. لستم طلاب جامعة هارفارد على أي حال!. هناك سبب آخر لعدم خروج مظاهرات هناك، هلا أسمعتنا إياه؟
- ...
أطرقت الطالبة ساكتة، لم تُـعقب، و اكتفت بابتسامة خجولة. مترددة؟ خائفة؟ لا نعلم.


* * * *

وللحدث الإحتجاجي نِكات ..
- وصل خبر اقتراب المظاهرات إلى أحد الأسواق العمومية للمواد الغذائية بحي الزهراء، و أن قوى الأمن تدخلت في المكان، فاضطرب الوضع في السوق جُملةً، و من شدة الهلع، ترك الكثير من البائعين مبيعاتهم و عرضوا أرجلهم للريح، فبادرت مجموعة من الناس، أغلبهم نساء، إلى استغلال الفرصة، فطفِقوا يملئون سِلالهم بالسلع التي أصبحت مشاعا تحت الهواء الطلق.
من يقول للقوم أن المظاهرات تبعد عن موقع السوق بأزيد من 300 مترا .. لا أحد وجد الفرصة لقول ذلك، إذ لا أحد مستعد لأن يعطي أذنه لأي كان ... هرووووووب!
- رجل كبير السن بالكاد يحث الخطى، وقف بجلبابه وسط السوق المذكور، التفت يمينا ثم يسارا، يحاول أن يفهم ما وقع للناس حتى تركوا السوق بما فيه. و في لحظة، وجد نفسه أمام مجموعة من قنينات اللبن مركونة في زاوية من زوايا السوق بدون مالك و لا حارس. حمل واحدة، فتح فاه و شرع يشرب بنهم و نشوة " كـَـْـرْتْ ... كـَـْـرْتْ .. كـَـْـرْتْ"، و حين أحس أنه وصل إلى حد الشبع، أعاد القنينة إلى مكانها، أطرق رأسه و أكمل طريقه، في تُـؤدة، إلى مقصده!
- أطفال المؤسسة التعليمية الإبتدائية الخاصة التي صدحت أمامها شعارات المحتجين و نالتها حجارتهم تفاعلوا مع الحدث الجديد، فبادروا إلى رفع شعارات احتجاجية بدورهم " الشعب يريد التغيير .. الشعب يريد التغيير"، فإذا بمفتش المدرسة يستوقف أحدهم سائلا: تريد تغيير ماذا يا ولدي؟!. أجاب المتظاهر الصغير: أريد تغيير مدير المدرسة!
في نفس المدرسة، و حين دقَّت ساعة خروج التلاميذ إلى ساحة الإستراحة حيث يسرحون و يمرحون و يتناولون وجباتهم الخفيفة التي بحوزتهم، قررت إدارة المؤسسة حبسهم بأقسامهم خوفا على سلامتهم، فإذا بالتلاميذ "يثورون" ثانية رافعين شعارا يليق بالمقام: "الشعب يريد بَسْطَا أُو رَايْـبـِي .. الشعب يريد بَسْطَا أُو رَايْـبـِي "!.
هل سيحتفظ هؤلاء الصغار بما وقع ذلك اليوم؟ بالتأكيد نعم، كما حفظَت ذاكراتنا نحن، مُذ كنا أطفالا، أحداث احتجاج شباب المدينة ضد قصف العراق في حرب الخليج الثانية و ضد الموقف الرسمي الذي كان داعما لقرار الحرب ذاك.

* * * *

24 فبراير دائما، بعيد الساعة السادسة، تجمع المتظاهرون في ساحة اجتماعهم الميدان الدَّوَّار المقابل لمؤسسة طه التعليمية الحرة، رفعوا شعارات بما يوحي أن مظاهرتهم مظاهرة سلمية.
أطلت سيارة للشرطة، فأمطرها المتظاهرون بالحجارة، فلاذت بالفرار. محاولة للتخويف؟ لجس النبض؟ لا نعلم.
بعد ذلك بقليل، تحرك الحشد في اتجاه مقر مخفر الشرطة المركزي بالمدينة، تحلقوا حوله، مطالبين بإطلاق سراح جميع المعتقلين لديه الذين تم اعتقالهم في اليوم الأول للإحتجاج (ذكر مقال صحفي أن عدد المعتقلين يزيد عن 40 معتقلا، بينهم 8 قاصرين).
في تلك الأثناء، التي بدت عصيبة و دقيقة في آن، بدا على وجه رجال الأمن حالة كبيرة من القلق، إذ للمرة الأولى في تاريخ المدينة تقع تظاهرة من ذلك النوع. لذا، لا أحد باستطاعته توقع مآلات الأمور. فالمتظاهرون لم يكونوا هيئات جمعوية، نقابية أو سياسية لها خطة احتجاجية معينة، و إنما مجموعة من الشباب جمعهم مطلب واحد: إطلاق سراح المعتقلين، أما الوسيلة فلم تتم مناقشتها إطلاقا!
يدخل رجال الأمن في عملية تفاوض مع المتظاهرين أمام مقر المخفر (يبدو أنه لم يكن لديهم خيار غير ذلك، وإلا لما أقدموا على هكذا خطوة) و التي كان تتقطع بين الفينة و الأخرى بسبب الصفير الحاد للمتظاهرين أو الشعارات المتقطعة التي يرفعونها، عندما كانوا يسمعون ما لا يرضيهم من مقترحات رجال الأمن. يبادر رجال الأمن، في ارتباك شديد، فيطلقون تطميناً (لا تقلقوا هناك العفو الملكي و سيطلق سراح الجميع على أساس ذلك) أو وعداً (هذا وعد شرف .. سيطلق سراح الجميع قريبا، بعد وقوفهم بين يدي وكيل الملك لسماع أقوالهم) أو رسالة تهدئة و استعطاف (لقد اتصلنا بوكيل الملك، و غدا يكون ما تشاؤون، عودوا إلى دياركم الآن، من فضلكم يا شباب / و بالدارجة، التي تحمل كثافة أكثر في المقام: "وَ دْراري .. وَالله يَحْفَظْكُم إلى مَا غَار سِيرُو تْنَعسُو فْدْيُوركم دَابَا أُو غْدَّا غَادِي يْتْحَلْ هاذْ المشكل .. راه اتصلنا بالوكيل دْيال الملك .. هَذِي كْلْمَةْ شَرَفْ")، فيأتي رد المتظاهرين عقب كل تطمين أو وعد أو رسالة تهدئة: "التظاهر حق مشروع .. لْمَخْزَن مَالُو مَخْلُوع" أَو "دَابَا .. دَابَا .. دَابَا" و غيرها من الشعارات و التعابير، التي توحي بأن عملية التفاوض لا تجري على ما يرام.
استمر الحال على ذلك الوضع لأزيد من 45 دقيقة، و على أثر المبادرات الإستعطافية لرجال الأمن- و التي جعلت بعضهم يتصبب عرقا من شدة حالة التوتر المرهق و التفاوض غير المتكافئ (لصالح المتظاهرين طبعا الذين أربكوا الحسابات)- بادر المحتجون إلى إخلاء المكان، في تباطئ واضح، عَمْدا منهم، بشكل يعكس عدم رضاهم بالنتيجة التي انتهت إليها عملية التفاوض: إخلاء المكان مقابل تصفية الملف غدا.
تفرَّق الحشد، البعض ذهب إلى حال سبيله و البعض الآخر رجع إلى نقطة المواجهة الرئيسية للبارحة: شارع ابن سينا (الميدان المقابل لمؤسسة طه حسين المذكورة سابقا).
شرع الشبان، الذين لم يتجاوز عمر معظمهم العشرين سنة، في البحث عما يفرغوا فيه جم غضبهم انتقاما من نتيجة التفاوض، فلم يجدوا بهذا الميدان سوى حاويات النفايات؛ فأشعلوا فيها النيران؛ و مخادع هواتف الشارع العمومية؛ فكسروها!. ظلوا على هذه الحال لأزيد من 30 دقيقة، و حتى هذه الساعة لا أثر لرجال الأمن و لا لسياراتهم في المكان، فقد فهموا الدرس جيدا من أحداث البارحة؛ و الذي مفاده أن وجود رجال الأمن أمام المتظاهرين يشكل عملا استفزازيا في حد ذاته و ينتهي بالمواجهات في أغلب الأحيان.
ثم دخل الشبان عملية تشاور فيما بينهم، انتهت إلى تحديدهم هدفا جديدا، فصاحوا مجتمعين: " البـَنـْكـَهْ .. البنكه .. البنكه ". فتحولت المؤسستان البنكيتان المتواجدتان في المكان و المتواجدتان على يمين المؤسسة التعليمية إلى محل للتصويب بالحجارة من قبل الشبان. و بعد دقائق معدودات على الحادث، هرَعت سيارات الأمن إلى المكان على أثر اتصال بهم أحد حراس واحدة من هذه الوكالتين بهم، فدخل رجال الأمن في عمليات كر و فر جديدة، على نمط البارحة، مع المتظاهرين، الذين نقص عددهم بالمقارنة مع عددهم البارحة في نفس الساعة).
طورد المتظاهرون و قصفت سيارات قوى الأمن بالحجارة مجددا. و في الأثناء، أمسك رجال الأمن ببعض المتظاهرين (ورد في الجريدة الإلكترونية هسبريس،27 فبراير، أن عدد المعتقلين سبعة؛ خمسة رشداء في حدود العشرين سنة من أعمارهم أو أقل، و قاصرين إثنين)، وسمع دوي ارتطام سيارة لقوى الأمن- حملت بسرعة كبيرة على المتظاهرين- بجسم أحد أولائك بعنف كبير بعدما فشل في الفرار، و هو الأمر الذي تحول إلى صدمة كبيرة لكل من سمع عظام الشاب تتهشم على الصفيحة الأمامية للسيارة! (تعذر التحقق بشكل بات من هذا الحادث، إذ أن مكانه كان مكسواً بالظلام).
الحمل العنيف و المرهب لسيارات الأمن مرة تلو أخرى، بأكثر من شارع و زقاق، فرض على الجميع إخلاء الميدان والشوارع الأخرى (شارع خالد ابن الوليد، بحي سيدي غريب مثلا) التي تفجرت فيها المواجهات.
بقيت بعض الفلول هنا و هناك .. و بعدها استسلم الجميع للنوم .. و أُسدل الستار على يوم عصيب ثان.

* * * *

لقد أدخلت مبادرة 20 فبراير المغرب مرحلة جديدة بكل ما تحمل العبارة من معنى سياسي، فقد دفعت بالوضع المغربي إلى أن ينسجم مع السياق العام الجاري بالمنطقة العربية. و هكذا سقطت أطروحة الإستثناء المغربي التي روجتها جهات وطنية (مثقفون و رسميون) و دولية (إسبانية و أمريكية مثلا).
نجحت الدعوة بالنزول إلى الشارع يوم 20 فبراير التي أطلقها شباب على شبكة التواصل الإجتماعي «فايسبوك» في إخراج 53 تظاهرة احتجاجية في يوم واحد على امتداد خريطة البلاد، مطالبة بإدخال إصلاحات جوهرية على النظام السياسي المغربي. الأمر الذي عُد حدثا احتجاجيا كبيرا له ثقله في تاريخ البلد السياسي.
شباب في عمر الزهور، يَـحملون هَمَّ مختلف فئات الشعب المغربي غير الراضية على الوضع القائم، يُـطلون عبر شاشات الحاسوب، بمنتوج إعلامي دعائي متنوع (مجموعة تواصل، أشرطة، بيانات، ...)، ليعلنوا أن ساعة التغيير قد دقت، و أن الإطمئنان إلى الواقع المغربي في خضم التحولات الكبيرة التي تعرفها المنطقة العربية لا يعكس معطيات الوضع السياسية والسوسيو- اقتصادية الحقيقية للبلد - فلا مجال لإخفاء الشمس بالغربال، و مطالبين بتعديل الدستور، باستقلال القضاء، بمحاربة الفساد، بتشغيل المعطلين، بحرية الإعلام و الصحافة، بحل البرلمان و الحكومة و تنظيم انتخابات نزيهة، و بتحقيق كرامة المواطن.
مساء يوم السبت 19 فبراير – ساعات قليلة قبل انطلاق المسيرات – وصل عدد المنخرطين في مجموعة حركة 20 فبراير على الشبكة الإفتراضية حوالي 11 ألف منخرط. ترجم هذا العدد على الأرض يوم الإحتجاج إلى ما يقارب 200 ألف متظاهر جابو الشوارع الرئيسة للمدن التي شكلت مسرحا للإحتجاج و التفاعل مع دعوة شباب 20 فبراير.
و ها هو الفايسبوك مجددا يبرز على ساحة الأحداث المغربية بعد تونس، مصر و دول أخرى، كوسيلة لإضفاء الشرعية على المبادرات و الهيئات.
هل سيتحول الفايسبوك و باقي مواقع التفاعل الإجتماعي على الأنترنيت إلى وسائل لتحريك مختلف أصناف الأحداث الإحتجاجية مستقبلا؟. سؤال تجيب عليه الأيام المقبلة.
على مجموعة الحركة بالفايسبوك شبابٌ مع مطالب الحركة (إصلاح النظام)، شباب آخرون يدعون إلى استئناف الإصلاحات التي انخرط فيها المغرب منذ حوالي عشر سنوات (دعم النظام)، و شباب يرفعون سقف المطالب إلى ما أكثر من ذلك (إسقاط النظام) ...
رحى حرب كلامية، تستقوي بحرية القول على شبكة الأنترنيت ..
تارة يناقشون فيما بينهم أفكارا، يتبادلون آراء و يُروجون لأخرى، و تارة أخرى يلجئون إلى سب بعضهم البعض (تخوين، تسفيه، اتهام، ...).
يهجم أنصار مبادرة 20 فبراير بتعليقات لتأكيد إصرارهم نزول الشارع، فيرد المعارضون بتعليقات نقيضة و في حالات مستفزة إلى حد اتهام الشباب المطلق للمبادرة بالعمالة لجهات خارجية (الجزائر، البوليزاريو). يبادر شباب 20 فبراير إلى إخراج شريط فيديو ليؤكدوا هويتهم المغربية(http://www.youtube.com/watch?v=Av--uNz7NyM&feature=related)، فيرد المعارضون عبر تشويه هذا الشريط بتحوير كلامهم من الجد إلى الهزل (http://www.youtube.com/watch?v=I5QEH0PlClY). يُـقرصن المعارضون الحسابات البريدية الإلكترونية لبعض شباب 20 فبراير و لبعض أنصار مبادرتهم (خاصة لبعض الشخصيات المعروفة وطنيا – الصحفي محمد العوني مثلا) ويروجون من خلالها إشاعات ورسائل توحي بسحب تأييدهم للمبادرة، فيبادر شباب 20 فبراير إلى تكذيب كل ذلك وإرسال رسائل توضيح للرأي العام و التنديد بأعمال القرصنة.
تقترب ساعة الحسم، فينظم شباب 20 فبراير ندوة صحفية بتاريخ 17 فبراير بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في أجواء سادتها الشعارات و الخطابات الثورية و رفع شارات النصر؛ بحضور جمع غفير من الصحفيين المغاربة و الأجانب، فتصنع لهم وزارة الداخلية كمينا إعلاميا؛ حيث اتصلت بمدراء الأخبار في الإذاعات الخاصة لحثهم على ترديد قصاصة وكالة الأنباء الرسمية التي مفادها أن منظمي مسيرات 20 فبراير قد تراجعوا عن دعوتهم تلك.
أمام ضيق الوقت، لم يجد شباب 20 فبراير من حيلة إلا تكذيب الإشاعة على صفحات مجموعتهم بالفايسبوك.
و يقترب الموعد أكثر فأكثر، فتتجه الأنظار و القلوب إلى ميدان المعركة الأخير: الشارع !
ينزل الآلاف إلى الشارع، في 53 مظاهرة احتجاجية في مدن عديدة .. فينتشي شباب 20 فبراير الإحساس بالنصر. يفكر النظام الرسمي تخفيف وقع الهزيمة، فيختار الحرب الإعلامية مجددا، ابتداء من مساء نفس اليوم، عبر ثالوث: "عرفت المسيرات مشاركة ضعيفة، إذ لم تكن مليونية"، " رَفع المتظاهرون مطالب اجتماعية (لا سياسية)"، " لجأ المتظاهرون إلى أعمال الشغب والتخريب".
يدخل الإحتجاج يومه الثاني، فالثالث، ثم الرابع، ...
فتدخل القصة فصلا جديدا ..
25 و 26 فبراير، لا زالت الإحتجاجات مستمرة في العديد من المدن، و منها مدينة الخميسات ..
5 و 6 مارس، استمرار الإحتجاجات ببعض المدن، منها الدار البيضاء.
فَعلها شباب 20 فبراير ...

* * * *

25 فبراير ، ترقب حذر و قلق باد على الوجوه: الجو يوحي بمآلين متوقعين: هدوء في الأفق أو هيجان قد ينقض من كل جانب ... هذا هو المشهد بمدينة الخميسات في هذا التاريخ.
لذا، لا يبدو بوسط المدينة أي شيء يوحي بأن الحياة عادت إلى حالتها الأولى، الحركة قليلة، المحلات مقفلة، رجال الأمن في كل زاوية.
خبرُ حدث احتجاجي جديد يَرشح: مظاهرة أمام المحكمة الإبتدائية للمدينة لعائلات المعتقلين و أصدقائهم. تتدخل قوى الأمن لتفريقهم.
خبر ثاني يزيد الجو كهربة: شبان آيت يادين (مركز قروي، على بعد أزيد من 20 كلم عن الخميسات)، ينوون الإلتحاق بمركز المدينة للمشاركة في الإحتجاجات. بأي شكل؟ عبر التظاهر السلمي أم الصدام .. برفع الشعارات أم برشق الحجارة؟ الجميع ينتظر ما سيكون عليه شكل التعبير.
على أثر هذا الخبر، بادرت السلطات العمومية إلى إصدار أمر بتوقيف رحلات سيارات الأجرة الرابطة بين آيت يادين والخميسات.
الساعة 13 :05، أزيز طائرة استطلاع يخيم في الأفق، و خاصة في الجهة الشرقية للمدينة، الأمر الذي سهل تفسيره بأنه محاولة من السلطات رصد حركة ما محتملة لشبان آيت يادين، فيما إذا فكروا في التحرك جماعيا إلى مركز المدينة.
13 :22، تَجدُّد أزيز الطائرة، و بعدها صار أمرا روتينيا.
و في النهاية، لم تشهد بالمدينة حركة غير عادية يمكن إرجاعها إلى وصول جماعات الشبان من آيت يادين. وهو ما يعني نجاح تاكتيك وقف الزحف عن طريق وقف رحلات سيارات الأجرة.
مساء هادئ، لكن بحركة جنونية لرجال الأمن. منتشرون في الطرقات و بين الناس.
في نفس المساء، تم توزيع بلاغ لإطار أطلق على نفسه اسم «التنسيقية المحلية لمساندة شباب 20 فبراير بالخميسات»، يعلن تأسيس هذه التنسيقية على أثر الإجتماع الذي عقد بالمقر المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بنفس المدينة بتاريخ 24 فبراير، و يدعو إلى المشاركة « بروح الإلتزام و الإنضباط و المسؤولية في الوقفة السلمية التي تَقرر تنظيمها يوم السبت 26 فبراير 2011 بساحة المسيرة الخضراء [...] من الساعة الثالثة إلى الساعة الخامسة مساء».
بحيث ضمت هذه التنسيقية مجموعة من هيئات المجتمع المدني: الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، جمعية المحامين الشباب بالخميسات، المرصد المغربي للحريات العامة، مركز الصحافة و حرية الرأي، جمعية حركة رهانات مواطنة، جمعية البناء الثقافي، شبكة جمعيات الأحياء، الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، النقابة الوطنية للتجار و المهنيين، الإتحاد النقابي للموظفين، الحزب الإشتراكي الموحد، المؤتمر الوطني الإتحادي، النهج الديمقراطي و الخيار اليساري الديمقراطي اليساري.
و على الرغم من مشاركة جماعة العدل و الإحسان في الوقفة – بما يوحي الدعم لملفها المطلبي- لوحظ عدم ورود اسمها بالبلاغ!
و هو البلاغ نفسه الذي لم يحدد الهدف من تنظيم الوقفة بشكل واضح، هل هي نفسها مطالب حركة 20 فبراير أم مطالب أخرى أوسع أو أضيق؟.
26 فبراير، اليوم يوم سبت. هل سيفعلها التلاميذ للمرة الثالثة؟
ترقب الجميع، دقت ساعة الثانية عشرة، خرج التلاميذ من أبواب المدارس، و لم يحدث أي شيء.
تقترب ساعة الوقفة. قصد المتحمسون للفكرة الساحة.
تضمنت التظاهرة الإحتجاجية رفع شعارات (معظمها شعارات حركة 20 فبراير)، و إلقاء كلمات (كلمة لأخ أحد المعتقلين في اليوم الأول للأحداث، كلمة لممثل عن حركة 20 فبراير و كلمة لممثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المحتضنة للتنسيقية).
تدوم الوقفة ساعة و نصف تقريبا (نصف ساعة قبل الوقت المثبت في بلاغ التنسيقية!)، و يدعو المنظمون الجمع إلى التفرق، بل إلى التشتت فرادى لا جماعات- كما لو كانت المدينة تعيش تحت حالة طوارئ!.
وكذلك كان .. فسرعان ما ذاب الجمع في تفرعات الطرقات المحيطة بساحة المسيرة الخضراء.
و على العموم، لوحظ أن الجمع الذي شارك في الوقفة كان ضعيفا جدا: هل يعزى الأمر إلى ضعف في الخطة الإعلامية للمنظمين (فشل في الدعاية)، إلى ضعف تمثيلية الهيئات المنظمة للساكنة (عجز في التعبئة)، أم إلى سوء اختيار موعد الوقفة (اختار المنظمون زوال يوم السبت ، و هو الأمر الذي يعسر الإلتحاق الطوعي و المباشر لتلاميذ الثانويات بالوقفة)؟ الكثير من هذا محتمل، و يبقى السؤال مُشهَرا، إذ أن العدد الكبير للهيئات المنضوية في التنسيقية لم ينعكس على حجم الحضور- بل هذا الأخير ناقَضه.
* * * *
هل الإحتجاجات التي جرت بالمدينة احتجاجات فعلية أم أنها مجرد أعمال تخريبية محضة؟
من دون الدخول في تفاصيل هذا الرأي أو ذاك، يمكن طرح مجموعة من النقط التي قد تشكل مسالك لإجابة محتملة:
- التوقيت في خروج المدينة إلى الشارع ليس مستقلا عن الحراك العام الذي تشهده البلاد و المنطقة العربية على السواء. ولذا، فالقول هنا بأن السياق يخلق المعنى لا يمكن أن يكون موضوعا لجدال بين اثنين. لقد شاهد الجميع أنظمة تسقط، حكومات تزاح، برلمانات تُحل و سياسات عمومية اجتماعية تُطلق في بلد هنا و في آخر هناك، و من ذلك كله أخذ المتظاهرون في كل المنطقة العربية - و المغرب ليس استثناء- شرعية تحركهم و نزولهم الشارع. لقد أحست الشعوب، و خاصة الشباب، بقوته، فقرر استعراضها، و عدم تفويت الفرصة.
- بغض النظر عن تفهم، أو عدم ذلك، و معارضة، أو عدم ذلك، أعمال التخريب، ألا يعد التخريب في حد ذاته عملا احتجاجيا بالطبيعة، و إن أخذ شكل الجنون في شكله و العبثية في مقاصده؟
لقد رشق المتظاهرون بالحجارة مؤسسات بنكية، رجال أمن، مؤسسة للتعليم الخاص، مخادع الهاتف العمومية لواحدة من الشركات الفاعلة في مجال الإتصالات: ألا يمكن إعطاء هذه الأهداف معنى محددا؟. ألن نجد عند السوسيولوجي تفسيرا معينا يُخرج هذه الظواهر من تحت عنوان التخريب إلى مختبر التحليل؟
- ألا يعتبر جنوح التظاهر السلمي إلى سلسلة من الأعمال التخريبية فشلا في ثقافة الإحتجاج، التي كان من المفروض أن تتحمل الدولة القسط الكبير في تثقيف الناس بها، عبر خلق فضاءات تواصلية للمرافعة و الإحتجاج السلمي؟
- تركز مظاهر الصراع بين رجال الأمن و المتظاهرين في مناطق بعينها من المدينة (وهي حالة معاينة حتى في باقي المدن الأخرى) يعطي إشارات بوجود خلل توزيعي ما؟. ماذا عسانا ننتظر، كشكل احتجاجي، من ضواحي مدينة يعشش فيها الفقر والأمية و البطالة بالجملة و كذلك ضعف التأطير الحزبي و الجمعوي (الأحياء سيدي غريب، دوار الشيخ، دوار جديد، قبور النصارة،...)؟.

* * * *

ثلاث شخصيات .. ثلاث حوارات .. ثلاث آراء في ما وقع ...

ح.1:
- أرى ظـُلمة تغشى دكانك، لقد حان وقت إشعال الأنوار .. ويبدو أنك لم تـُأت خبرا بذلك. أنسيت المثل المغربي "زْوَّق تْـبِيـع ".
- لا لم أنسى أي شيء .. لم أشعل الأنوار متعمدا لا ساهيا .. و ذلك لأنني مستعد في كل لحظة لأغلق المحل و أهرب بجلدي.
- ألهذه الدرجة أنت مفزوع؟!. إنها السادسة إلا بعض دقائق، نعم الوقت هو وقت اندلاع المظاهرات كما تعودنا .. ولكن لا شيء يوحي بذلك حتى الآن. نعم الجو يخيم عليه القلق البادي في الوجوه العابرة و حركات قوى الأمن في كل اتجاه، لكن لا شيء في الصورة .. لا شعارات .. لا متظاهرين .. لا حجارة.
- لا فرق عندي .. الجو العام يفزعني .. باختصار، و الحق أقول، أنا خائف .. لا أستطيع حصر، في ذهني، جميع الإحتمالات التي يمكن أن تتطور إليها الأوضاع محليا و وطنيا على السواء. بالتأكيد أنا أرغب في أن ترفع الأصوات عاليا ضد واقع البلد للمطالبة بإصلاحات و لكن ليس كما وقع في اليومين السابقين. سأكون أول الخارجين للتظاهر إذا ما تم تأطيره ليأخذ طابعا سلميا و ناضجا.

ح.2:
- سمعنا أن أحد رجالكم قد توفي في أحد أحياء المواجهة بالمدينة، أليس كذلك؟
- لا، هذا ليس بصحيح.
- حسنا، كيف الوضع اليوم؟ يبدو أنه يتجه، تدريجيا، إلى الهدوء.
- ماذا أقول لك .. الجو مرتبك و مربك شيء ما.
- اسمح لي أن أطلب منك طلبا بسيطا. أرى من الأفضل أن تتعاملوا – كقوى أمن – مع المتظاهرين بشيء من اللين، خاصة و أن معظمهم صغار السن، فلن يقووا على القوة المفرطة.
- من يستأهل اللين، نحن أم هم؟
- ماذا تقصد؟! ألستم أنتم رجال الأمن أصحاب القوة في المعادلة؟
- كل ما أستطيع أن أقول لك هو أننا نحن كذلك متورطون في كل ما وقع. قدِمنا هذه المدينة – كقوة دعم- في مهمة ليوم واحد و نعود أدراجنا، فإذا بنا نبقى كل هذا الوقت. معظمنا لم يحلق وجهه و لا دخل الحمام منذ أيام. ومعظم رجالنا تلقوا إصابات في أسفل سيقانهم من جراء الحجارة التي كانت تهب كالريح العاتية.
- ... (في همهمة: من يستأهل اللين نحن أم هم؟ ... أليست هذه العبارة تعبيرا بديلا عن: إما نحن أم هم؟)


ح.3:
- كيف هم الأطفال؟
- الأطفال؟! .. أي أطفال .. ؟!. أما زال هناك أطفال بعد ما جرى في اليومين الأخيرين؟
- ماذا تقصد؟! ربما لم تفهمني، أنا أسأل عن أطفالك .. فاطمة، الصِّديق، و الصغيرة.
- أعلم قصدك .. و أكرر .. بعد الذي جرى في اليومين السابقين لم يعد هناك أطفال. أتمنى أن تفهمني أنت بدورك.
- معك حقك .. الفتيان أصبحوا رجالا. العديد من الناس تفاجئوا بشجاعة الفتيان في مواجهة قوى الأمن.
- لهذا أقول أن جيلنا نحن، سيعيش، بعد كل ما جرى، و ابتداء من اليوم، في ظل هؤلاء. انقلبت الآية، هم من بات يصنع مستقبلنا نحن.
- ... !!

* * * *

ماذا نَـقرأ في تداعيات مبادرة 20 فبراير؟
قيل، و حتى رسميا، أن رسالة الشارع وصلت.
فجاءت الأخبار تـتْـرى .. مرة عبر قنوات رسمية و مرة عبر غير ذلك.
توالت الأخبار على صفحات الجرائد، فــــــ:
- بغتة، قررت الحكومة البث بحزم في ملف المعطلين حاملي الشهادات العليا، و شغَّلت فعليا العديد منهم مع مطلع شهر مارس. و استقبلت مختلف القطاعات الوزارية (على رأسها الوزارة الأولى) و مقرات العمالات بمختلف الأقاليم عشرات آلاف طلبات العمل، إلى درجةِ أن شكل هذا الأمر حالة هستيريا في أوساط الشباب الحاصلين على شهادات، بما فيها شهادات الباكالوريا (استلمت عمالة إقليم الخميسات الشهادات الأخيرة).
هل يوحي الأمر بأزمة «نجاة» جديدة في الأفق و في صيغة أكبر هذه المرة؟. كل شيء وارد!؛
هل هو حل ظرفي أملته حالة غليان الشارع بغرض امتصاص غضب هذا الأخير، و بدرجة أساسية تحييد مشاركة الطلبة المعطلون في الإحتجاجات (يتذكَّر الجميع التفاوض الذي تم، بالرباط، بين ممثلين عن الحكومة و مجموعات الطلبة المعطلون الحاملين لشهادات عليا، و انتهى بالإتفاق على صفقة – بمعناها القاموسي- تضم المعادلة التالية: وعود جدية بتوظيف جميع أعضاء هذه المجموعات، على مراحل، مقابل تجميد هؤلاء لنشاطاتهم الإحتجاجية الروتينية قبل و بعد 20 فبراير و إلى حدود مارس، كتاريخ أقصى تُظهر فيه الحكومة جديتها في معالجة الملف)؛
- تحدثت الصحف عن محادثات في الكواليس حول تعديل حكومي واسع مرتقب (بل و شاع بشكل قوي أثناء أيام الإحتجاجات، خاصة الفترة ما بين 24 و 27 فبراير، خبر إقالة الوزير الأول عباس الفاسي!)؛
- أخبار عن رواج فكرة أن هناك نية بإبعاد فؤاد عالي الهمة ( صديق الملك و رئيس حزب الأصالة والمعاصرة) عن جغرافية البلاد بتعيينه سفيرا للمغرب لدى إحدى الدول الأجنبية. فقد كان رأسه مطلوبا بشدة خلال الإحتجاجات، عبر اللافتات و الشعارات التي رفعت بأكثر من مدينة ( "الهْمَّة سِيرْ فْحَالْك، المغرب مَاشي دْيَالْك" "... نَاضِلْ يَ مُناضلْ .. ضد الهمة ..." ).. ، باعتباره رئيسا لحزب يوصف بأنه مظهر من مظاهر الإفساد للحقل الحزبي و السياسي المغربي و لاستغلال النفوذ خارج القانون.
- بعد أن تردد كذلك اسم الماجدي - المسؤول عن الإستثمارات الخاصة للملك- بالتظاهرات (الماجدي سير فحالك .. المغرب ماشي ديالك) و إسم مؤسسة «أونا» كذلك (التي تضم استثمارات الملك)، بادرت أوساط مقربة من مراكز القرار بالترويج لفكرة أن الماجدي سحب فكرته بإنشاء مؤسسة إعلامية للترويج لفائدة هذه الإستثمارات؛
- حزب الإتحاد الإشتراكي يهدد بربط بقائه في الحكومة بالمبادرة إلى إدخال إصلاحات جوهرية على النظام السياسي؛
- لجوء وزير الداخلية إلى استدعاء مختلف ممثلي الأحزاب السياسية لدعوتهم، في اجتماع معه، إلى تقديم مقترحات بشأن الإصلاحات السياسية المرغوب في إدخالها على النظام السياسي التي تراها تلك الأحزاب.
- ...
لم تتوقف تداعيات مبادرة 20 فبراير على هذا الحد (الحكومة و البلاط)، بل تعدتها إلى غير ذلك.
ولعل أهم ما يمكن ملاحظته على هذا الصعيد، تحرير الخطاب السياسي عامة، و الحزبي على وجه الخصوص. لقد أحيت مبادرة 20 فبراير؛ بملفها المطلبي؛ مطلب الإصلاح السياسي بقوة – و على رأسه الإصلاح الدستوري. الأمر الذي لم يترك للأحزاب السياسية التي سبقت أن دعت إلى ذلك في السنوات السابقة بشكل خجول غالبا و عجزت، خوفا أو ترددا، عن رفع الصوت بذلك في الأيام القليلة التي أعقبت سقوط النظامين السياسيين التونسي و المصري و ما رافق ذلك من انتفاضات على طول المنطقة ضد الإستبداد السياسي و اللاعدالة اجتماعية (الأردن، اليمن، ليبيا، الجزائر،...)، سوى اختيار الإنخراط في الدينامية المطلبية الجديدة، و حتى الذين امتنعوا عن المشاركة في احتجاجات يوم 20 فبراير بادروا إلى مطالبة الملك بإصلاحات جوهرية للنظام السياسي (مثلا، بن كيران و خطابه في احتفالية إطلاق سراح المعتصم). كما أن حزبيون آخرون استثمروا الفرصة للرفع من سقف المطالب و الضغط أكثر في اتجاه قيام ملكية برلمانية على الطريقة البريطانية (تدخلات الساسي، مثلا، في الندوة التي نظمتها جريدة أخبار اليوم في موضوع التغيرات بالمنطقة العربية على أثر الثورتين التونسية و المصرية). و هي الندوة التي عرفت الدعوة إلى أن يتحول الملك من فاعل اقتصادي إلى مستثمر لا أكثر.
تحرير الخطاب السياسي، امتد إلى تحرير الكيان بالنسبة لبعض التيارات السياسية غير المعترف بها رسميا (اليسار الراديكالي و حركة العدل و الإحسان مثلا). فبالنسبة لهذه الأخيرة مثلا، شكلت مبادرة 20 فبراير فرصة للنزول بشكل واسع إلى الشارع، بل و التفنن في تحريكه من خلال تجربتها التنظيمية الكبيرة و كثافة حضور أعضائها ( يمكن على ضوء هذا تفهم لماذا تفاجأ بعض شباب حركة 20 فبراير بشكل مشاركة حركة العدل و الإحسان في التظاهرة الإحتجاجية التي شهدتها الدار البيضاء يوم 6 مارس).
و لقد بلغت جرأة الجهر بالحق من قبل أحد السياسيين و الأكاديميين (عبد العالي حامي الدين، العضو المستقيل من الأمانة العامة لحزب العدالة و التنمية في الساعات الأولى من صباح 20 فبراير) إلى التصريح، بما مضمونه، أن المبادرة حررت القول الحزبي و السياسي بالمغرب.
و السؤال، ماذا بعد التحرير؟ هل ستستطيع الأحزاب السياسية المغربية تحويل الجدل/الحراك السياسي القائم اليوم، عقب مبادرة 20 فبراير إلى فتقٍ حقيقي في حالة الجمود السياسي بالبلد؟. إذ سيكون من الخطأ التاريخي الإقرار بأن المهمة اليوم هي مهمة شباب 20 فبراير و بالتالي ترك مبادرتهم (مبادرة 20 فبراير) تُجدِّف بلا قوى دفع، فتتلاشى مع الوقت بين أخطاء بعض المتظاهرين (الذين يستغلون الفرص بقصد السرقة و الإعتداء على أملاك الغير مثلا) من جهة و عنف الدولة (اعتقالات، حظر المظاهرات السلمية) من جهة أخرى.
تحدث أسامة الخليفي- أحد أبرز شباب مبادرة 20فبراير- مساء يوم الخميس17 فبراير، للصحافة قائلا: "...نريده دستورا ديمقراطيا، و عدا ذلك فليس من اختصاصنا بل من اختصاص الأحزاب السياسية". موقف ينم عن وعي سياسي بليغ بحدود قدرات شباب مبادرة 20 فبراير، يتمنى العقلاء أن يستمر في هيكلة خطاب شباب المبادرة. فلا تخفى الوسوسة المحتملة لشياطين السياسة في أذن هؤلاء الشباب لتدعوهم إلى إنشاء حزب سياسي شبابي و ما إلى ذلك و من ثم إدخالهم في متاهات سياسية تبدأ ولا تنتهي!. فإلقاء جزء من المسؤولية على عاتق الأحزاب السياسية المتواجدة في الساحة يمثل خطوة لا مجال للإستغناء عنها (وبذلك، يتسنى للمواطن، بشكل أكثر وضوحا، تمييز الخبيث من الطيب في قائمة تلك الأحزاب الطويلة، فيضرب لها موعدا حاسما في الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة). هكذا، فقط، تحتفظ المبادرة بروحها الحقيقية؛ باعتبارها أداة حيوية للتعبئة، التنسيق، التشبيك و المتابعة؛ و بالتالي تتمكن من متابعة أهدافها الإصلاحية المحقة.
هل ثمة، لا قدَّر الله، نيات مضمرة – عن عمد أو جهل؛ و كلاهما سواء في اللحظات السياسية الكبرى للأمم- لدى شيوخ السياسة في إجهاض مبادرات الشباب لإصلاح حقل السياسة؟
بعبارة أدق، كيف يقرأ شيوخ السياسة معادلة الربح و الخسارة في مبادرة 20 فبراير؟ هذا هو السؤال الشيق في عين المحلل السياسي و هو يلاحظ مناورات الأحزاب في الأيام المقبلة.
ثم، وفي الجانب الثاني للقضية، ما هو منسوب «السياسي» الآن في يومي المجتمع المغربي على أثر مبادرة 20 فبراير؟
ليس الغرض من هذا السؤال، و لا بمقدور الإجابة عنه، تقديم معطيات إحصائية في المقام. و إنما الإشارة إلى تزايد حضور النقاش السياسي ( التداول حول المجال العام: السلطة، الحكم، التغيير، ...) بشكل ملحوظ. فبعد الضخ الكبير على هذا الصعيد الذي شكلته أحداث المنطقة المتتالية ( و خاصة، تحرر الشعبين التونسي و المصري من نظامين لحكم شمولي، و اهتزاز باقي الأنظمة على أثر مطالبة شعوبها لها بالكرامة و الحرية) - من خلال قناة الجزيرة الإخبارية التي تحولت إلى قناة مُجمعا عليها، و بمثابة وجبة يومية تتحلق حولها الأسر و تتفاعل معها، بل و تتعاطف معها- جاءت مبادرة 20 فبراير لتزيد المشهد شحنة جديدة وزِخما. فترى الناس يتدارسون واقع و مستقبل المغرب، ينتقدون قياداته – الحاكمة و الحزبية- و يوجهون إليها رسائل واضحة غير مشفرة - لنصحهم تارة و تأنيبهم تارة أخرى، لدفعهم للتغيير تارة و السخرية منهم تارة أخرى- و يتناقشون شؤون المظاهرات والمكاسب الناتجة عنها و في غيرها من المواضيع.
ففجأة تحول الشارع من السلبية إلى الإجابية السياسية.
و هو تحول برز بقوة أكبر على مستوى العالم الإفتراضي، فـ «الفايسبوك» مثلا، تحول إلى نادي لعرض الأفكار والمواقف السياسية، الترويج لها، مناقشتها و التعليق عليها. و تحول «اليوتوب» إلى منبر لتوجيه الخطابات و الرسائل السياسية.

* * * *

27 فبراير .. هدوء حذر بالمدينة .. الحركة في الشارع توحي أن الأمور في اتجاه العودة إلى سيرتها الأولى .. استمرار تواجد سيارات قوى الأمن بأكثر من نقطة بالمدينة ( شارع ابن سينا، محيط حديقة حي السلام، أمام مقر البلدية،...) ...
28 فبراير .. تعود الحياة إلى سابق عهدها تماما .. استمرار تواجد قوى الأمن في أكثر من نقطة بالمدينة ..
...
2 مارس .. استمرار تواجد قوى الأمن في أكثر من نقطة بالمدينة، كما لو أن السلطات غير مطمئنة للهدوء العائد .. كما لا يخفى ما في الأمر من استعراض للقوة لزرع الهيبة في النفوس.
على أي حال .. كل شيء يوحي بان الأمور على الأرض عادت إلى سابق عهدها .. و لم يبقى إلا ما علق في ذهن الناس – أفرادا و جماعات ..
...
7 مارس .. الحياة تمضي طبيعية .. و سيارات قوى الأمن لا زالت رابضة في أكثر من موقع بالمدينة.
9 مارس .. تختفي سيارات قوى الأمن عن الأنظار.
انتهى الحدث .

* * * *

مهلا! خبرين عاجلين:
- شباب 20 فبراير يعلنون أن 20 مارس سيكون يوما وطنيا للتظاهر مجددا؛ تأكيدا للمطالب وتذكيرا بها.
- يلقي الملك خطابا يعلن الشروع في تهييئ مشروع دستور جديد للبلاد.
...
للقصة بقية إذاً.
فعلها شباب مبادرة 20 فبراير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا