الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما حقيقة الإعلام المغُرض ؟

إبراهيم حسن

2011 / 3 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لعلَ ابرز ما يميز المرحلة التي عاشها العراقيون بعدَ عام 2003، هو تعدد وسائل الإعلام، المرئية والمسموعة. الفضائية والمحلية، إذ أصبح الإعلام جزءاً لا يتجزأ من حياة المواطن العراقي. أضف إلى إن الأحداثَ في الساحة العراقية، أصبحت وجبة شهية يتسارع الإعلام لتلقفها والعمل على نقلها مُباشرة. وهنا تكمن الموضوعية ويبرز الإعلام الحقيقي من المزيف / المغرض، في نقل الأخبار وتغطية الأحداث. فالإعلام الحقيقي هو ذلكَ الإعلام الذي لا يخرج عن كونهِ عملاً شريفاً يقومُ بنقل الأحداث كما هيّ دونَ زيادةٍ أو نقصان، ودونَ تزييفٍ وتضخيم. وبدون تدّخلٍ خارجي. أما الإعلام المُغرض فهو لم يكن عملا إعلامياً بالمعنى الدقيق إطلاقاً، إذ انهُ يندرجُ تحتَِ ما يُسّمى بالإعلام السياسي، وهو أشبه بالمغامرة وأقرب إلى السياسة منهُ إلى الإعلام. بل لا يمثل ولا يعتبر عملاً إعلامياً لا من قريب ولا من بعيد. وفي العراق، وتحديداً بعدَ عام 2003، ابتلينا بحفنةٍ من القنوات الفضائية والمحلية والمحطات الإذاعية المُغرضة التي لا تمت للإعلام والعمل الإعلامي بصلة. وإنما هي أحزاب / جهات سياسية خارجية أو داخلية أرادت أن تخرّب / تعكر/ تستهدف / وتثير الفتن وتحارب الديموقراطية، وتعمل على إجهاضها، عن طريق مؤسساتها الإعلامية، بل وتعمل على إعادة البعث الصدامي المجرم، وانتقاد الحكومة العراقية لأي سببٍ قد لا يستحقُ الانتقاد. بل الأمر لا يعتبر نقداً بقدر ما هو تشهير وإثارة مشاكل. وفي مقابل ذلكَ كله، ظهر لنا إعلاميون من طراز جديد، بل هم عالة على الإعلام، ولا يعرفون شيئاً عن الإعلام أو الصحافة، فأساءوا إلى الإعلام، وأساءوا إلى أنفسهم من حيث لا يشعرون. والغريب إنهم يظنون أنهم إعلاميونَ بارعون، ينالون إحترام المُشاهِد العراقي !!

هؤلاء الفاشلون، إنما أرادوا أن يعيثوا في الأرض فسـاداً، بل أرادوا إرهاب الناس وتزييف وعيهم وتشويه الحقائق وإثارة النعرات الطائفية وتغليب الشعارات الحزبوية / المذهبية / الانقسامية على الحس الوطني، وفوقَ ذلكَ كلهُ، استخدموا وسيلة مشروعة تمُكنهم من العمل بحرية، داخل وخارج العراق، هي الإعلام والصحافة، وكادوا أن يتغلغلوا إلى كل العقول العراقية، وأرادوا أن يزيفوا الحقائق بل وعملوا ولا زالوا يعملون جاهدين لأغراض دنيئة. لأجل إثارة الفتن، وتحريض الشعب، والعمل على إلصاق التهم الباطلة، بأي مسؤولٍ أو جهةٍ أو حركةٍ سياسة أو حزبٍ لا يتفقُ مع آيديولوجيتهم. والمؤسف، إنَ العديدَ ممن يدّعون أنهم مثقفين وإعلاميين بارزين، انضموا إلى هذهِ الجوقة الإعلامية المزيفة، ودعموها بآرائهم، بل وتربعوا في استوديوهاتها ليلَ نهار، ليسَ لديهم عمل إلا الحديث عن سلبيات الحكومة كما يدّعون، وعن مساوئها وطريقة تعاملها مع شعبها. ناسينَ أو مُتناسين طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الفترة ما قبل عام 2003، متجاهلين أيضاً السياسة القمعية التي كانَ يمارسها النظام، والإعلام المؤدلج، وتكميم الأفواه، ومصادرة الحريات.

ولعلَ أبرز ما يمكنُ أنّ نستشهدَ بهِ، من إحداث على الساحة العراقية، ما حدث في جمعتي الغضب 25/ شباط، وما تسمّى بجمعة الكرامة، (والحبل عالجرار) إذ عملت بعض القنوات الفضائية المُغرضة الموجهة من الخارج على التحريض والتزييف والافتراء، بل تحدثت بعضها عن عمليات قمع حدثت للمتظاهرين، وبعضها أعلنت عن ثورةٍ شعبية، سميت بثورة الغضب كما أسموها، التي حدثت يوم الجمعة في الخامس والعشرين من شهر شباط، والملفت والمثير للدهشة، ما نقلتهُ هذه القنوات من أخبار كاذبة، إذ نقلت أحداهن خبراً عاجلاً فحواه أن اشتباكات عنيفة تجري بينَ قوّات الأمن والمتظاهرين على جسر الجمهورية، ثم تلاهُ خبراً عاجلاً مفادهُ سقوط عدد من الشهداء والجرحى على جسر الجمهورية، ثمَ تلاهُ عاجلاً آخر عن محاصرة المتظاهرين في ساحة التحرير، ثمَ عاجل آخر عن نزول جهاز المخابرات في ساحة التحرير، وأنباء عن اعتقالات وعمليات قمع للمتظاهرين، كل ذلكَ نقلتهُ بعض القنوات المغرضة التي أججت الموقف، إذ صوّرت للمُشاهِد، عن عمليات اقتتال دام، وكأنها حرب أهلية تحدث في عموم المدن العراقية، وبذلكَ أخافت الناس، وشوهت الحقيقة، فأين المصداقية في أخبارهم ؟ وأين الموضوعية ؟ وأين الإعلام الحقيقي ؟ وهل بالفعل حدثَ قمعٌ للمتظاهرين ؟ وهل هذهِ الأعداد التي ذكرتها القنوات المغرضة عن الشهداء والجرحى هي صحيحة ودقيقة ؟ ومِنْ أينَ حصلت عليها ؟
لقد مارست تلكَ القنوات المسيّسة، أسلوباً بشعاً جداً ومغرضاً في التعامل مع هذا الحدث، بل وكل الأحداث التي تجري يومياً في الساحة العراقية، وهذا يعكس مدى تعارضها من الناحية الإيديولوجية مع النظام الديموقراطي الحالي في العراق. أضف إلى ما يشير إليهِ واقعها من عمليات دعم خارجية مالية ومعنوية هدفها إفشال العملية الديموقراطية وزعزعة الأمن في البلاد، والاصطياد في الماء العكر. لقد باتَ واضحاً جداً مدى زيف ما تنقلهُ هذه القنوات من أخبار غير دقيقة ومُغرضة، وأحداث يوم الجمعة 25/2/2011، والجمعة التي تلتها، والكيفية التي تعاملت بها تلكَ القنوات المُغرضة معهُ تبرهنُ ذلك، إذ لم يعد أحداً يُصدقُ بما تنقلهُ هذهِ القنوات، بعدَ ما نقلتهُ يومي الجمعة الماضيين، وما بثتهُ من برامجَ مُغرضة وتحريضية وما استضافتهُ من شخصياتٍ يُقال عنها بأنها إعلامية أو مثقفة لكنها في حقيقة الأمر شخصيات سياسية مدعومة من الخارج، لا تمت للإعلام بصلة.

إن ما نقلوه في السنوات الماضية، ومن نقلوهُ عن أحداث يومي الجمعة، إنما يكشفُ عن حقيقتهم بكل وضوح، وعن أغراضهم ونواياهم، وبهذا ظهرت للجميع، وبكل وضوح، حقيقة القنوات الإعلامية التي تمارسُ مهنة " الإعلام السياسي " المغرض، والذي يسيء إلى هذهِ المهنة الشريفة، التي لو موُرست بشكلٍ الطبيعي، دونَ تكلف أو دعم أو تدّخل، لأصبحت حينها أداة فاعلة في عملية التقدم السياسي والاجتماعي، بل وعنصر أساسي في حلحلة المشكلات السياسية والاجتماعية، وعنصراً مُهماً في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية، عن طريق إلقاء الضوء على ما يمكن للحكومة أن تصلحهُ أو تخطط لإصلاحه.


* إبراهيم الساعدي
كاتب / باحث في الانثروبولوجيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حرب الاعلامية
فدى المصري ( 2011 / 3 / 25 - 18:21 )
ان طرح الاعلام وما يتضنه من تسيس لبرامجه عبر الجهة المسؤولة عنه ولا سيما الجهة الحزبية لا نشك بأنه اصبح السلاح الاكثر استخداما في تفشي النعرات الطائفية والفتن الاجتماعية

ولكن الاعلام فقط هو المسؤول؟؟؟

ام هناك نظام متحكم بالإرادة الجماعية بطرق استبدادية ؟؟

هل كل النتائجح السلبية تكمن من آداء حزب البعث ؟؟؟فقط إلى متى نريد ان نتوارى خلف الحقائق ونرمي التهم ونبرأ الفاعليين الحقيقيين

هل المجتمع ينحكم من طرف واحد فقط ؟؟؟؟

اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟