الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاشتراكية الدكتاتورية أم الاشتراكية الديمقراطية 2 - 4

شامل عبد العزيز

2011 / 3 / 10
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


نبدأ من حيث انتهينا في الجزء الأول دون الخوض في تفاصيل قواعد الاشتراكية التي أوردناها .
سوف نبدأ بالنقد الذي تعرضت له هذه النظرية حتى قبل أن تُطبّق .
النقد لم يكن من جانب الرأسماليين كما قد يتصور البعض إنما النقد جاء من جانب الاشتراكيين أنفسهم على هيئة تنقيح للنظرية .
تزعّم حركة التنقيح إدوارد برنشتين – 1850 – 1932 فأبدى ملاحظاته على قواعد النظرية الثلاث .
في تقدير برنشتين أن تطبيق التفسير المادي للتاريخ تطبيقاً صحيحاً يقتضي أن يُدخل في الاعتبار تقديراً كاملاً للأفكار والقوانين والأخلاق والتقاليد التاريخية والدينية لكل عصر من العصور مع تأثير الظروف الجغرافية والطبيعية التي تدخل فيها طبيعة الإنسان ونظرته الروحية .
إن التشريعات العمالية الخاصة بالصناعات وتحرير النقابات العمالية وأنظمة التجارة التعاونية من القيود وقيام السلطة العامة بوضع ظروف معيارية للعمل في مشروعاتها وزيادة الديمقراطية في التنظيمات السياسية , كل ذلك مما تقل معه الحاجة وتتضاءل الفرص لحدوث كوارث سياسية وصراع بين الطبقات .
وهذا هو الواقع وهذه هي حركة التاريخ .
أما نظرية فائض القيمة فلا يمكن استيعابها كحقيقة ملموسة إلاّ بالنسبة لاقتصاد المجتمع ككل وانها تقدم معياراً للعدل أو الظلم في توزيع إنتاج العمل لا يزيد كثيراً عما تقدمه نظرية الذرة بالنسبة لجمال أو قبح أحد أعمال النحت .
لا معنى لاستخدام عبارة / دكتاتورية البروليتاريا / ولسبب بسيط وهو أن هذه العبارة كانت تستخدم وتعطي مدلولاً عندما كانت الامتيازات السياسية سائدة في أوربا , بينما في الوقت الحاضر أصبح فيه ممثلون الاشتراكية يعملون في ميدان العمل البرلماني ويطالبون بمطالب الطبقة العاملة وتظهر فيه المنظمات الحديثة مرنة وقابلة للتغير والتطور .
بعد برنشتين هناك بنديتو كروتش الايطالي 1866 – 1952 .
في نظر الايطالي كروتش أنّ التفسير المادي للتاريخ إذا أستبعد منه كل أثر من أثار التمسّك بوجهة نظر سابقة يعتبر صحيحاً كقانون بسيط له فائدة في تفسير التاريخ .
ثم يقول : لا توجد حرب طبقات إلاّ حيث توجد طبقات , تكون مصالحها متعارضة متنازعة وتكون على علم بالتعارض والتنازع والصراع .
إذن التاريخ هو عبارة عن حروب طبقية عندما تكون هناك حروب طبقية .
هناك حقيقة تُفيد أن الطبقات في بعض الأحيان لم تكن لها مصالح متعارضة , وفي كثير من الأحيان على غير وعي بهذه المصالح .
اما نظرية فائض القيمة فهي صحيحة بالنسبة للمجتمع المثالي الذي تتكون سلعه من إنتاج العمل فقط ولا يوجد فيه احتكار و لا تمييز طبقي .
هذه التنقيحات دعت انصار اشتراكية الدكتاتورية / الماركسيون / إلى إجراء تعديلات في نظريتهم والاعتراف بما فيها من قصور .
تأرجحت النظرية بين التأييد والمعارضة حتى سنحت فرصة تطبيقها في روسيا عام 1917 على يد لينين ولكنها اتخذت وضعاً آخراً .
في روسيا القيصرية تكون حزب سمي حزب العمّال الاشتراكي الديمقراطي .
في عام 1903 ظهر في صفوف هذا الحزب فريقان :
الأول : البلشفيك / الأغلبية / .
الثاني : المنشفيك / الأقلية / .
في عام 1905 كان المنشفيك / الأقلية / يشكّلون الأغلبية الحقيقية في الحركة بينما البلشفيك / الأغلبية / أصبحوا هم الأقلية .
رأي المنشفيك : على روسيا أن تمر بمرحلة التطور الرأسمالي لكي تصبح مهيأة لتقبّل الاشتراكية وأن المرحلة التالية للقيصرية الروسية هي مرحلة الديمقراطية السياسية .
أما البلشفيك بزعامة لينين فقد كان من رأيهم أنه يمكن لروسيا أن تقفز من حالتها البدائية في التطور الصناعي إلى الاشتراكية مباشرة دون حاجة إلى اجتياز المرحلة الرأسمالية .
وهذه بداية النهاية من وجهة نظر شخصية , وبعد صراع طويل تغلّب البلشفيك ولتحقيق هذه الطفرة كان لابد من الاعتماد على الشرطة بأجهزتها المتنوعة وأساليبها في القوة والقمع .
وهذا من العوامل الأساسية الذي يتجاهله البعض والذي ساعد في أنهيار وسقوط المنظومة الاشتراكية ولو بعد حين . هذه هي سنة الحياة وهذه هي حركة التاريخ ومن المستحيل ومهما طال الزمن أن يدوم تطبيق الأفكار بالفرض والقمع والتنكيل / أيضاً مجرد رأي / .
ثم بعد ذلك الركون إلى وسائل تناقض الأخلاقيات الاشتراكية التي قامت الدعوة إليها أساساً .
يقول لينين ( آسفاً ) : إن السوفيت قد اضطروا إلى اتباع الأسلوب البرجوازي العتيق وهو من قبيل المساومة ويعتبر إنحرافاً عن المباديء التي أتُبعت في / كوميون باريس / وعن أي مبدأ ( بروليتاري ) .
ثم قال : إن كل عناصر الفساد التابعة للعهد البائد لابد لها وأن تظهر وأن نتيجة هذا زيادة الجرائم والخبث والرشوة والمضاربة وغير ذلك من الموبقات وانه لابد من زمن طويل ومن قوة باطشة .
ستالين خليفة لينين قدم نظريتين جديدتين :
أن الدولة تستطيع أن تظل باقية في مرحلة الشيوعية بشرط بقاء الحصار الرأسمالي قائماً .
من هنا أيضاً بدات تناقضات التعاليم الأولى / لماركس ولينين / من انفتاح الاشتراكية على العالمية وانتهاء النظام الطبقي والحكومي من بعدها .
لهذا فإنها تنطوي على قّصَّرٍ للاشتراكية على شروطها الاقتصادية دون ان توجهها إلى الأهداف الأصلية التي ترمي إلى الأزدهار الحر للإنسان عندما يمكنه التغلب على شتى ألوان الإكراه وعلى إنحرافات الاقتصاد والدولة .
عندما هوجم الاتحاد السوفيتي من قبل المانيا النازية – 1941 – استثيرت القوميات واستنفرت الوطنيات فعزز ذلك من كيان الدولة كما ثبتت النزعات القومية والوطنية خاصة بعد انتصار السوفيت , وأَبْهّت فكرة العالمية التي تقوم عليها الاشتراكية أصلاً .
وهذه هي المرة الثانية التي قصرت فيها الاشتراكية على الشروط السياسية التي تستهدف نصرة الوطن والرفع من شانه ولوعلى حساب أي شيء آخر .
أنه كلما تدعم مركز الاشتراكية وتقدم الدولة السوفيتية فإن صراع الطبقات في البلاد لابد أن يشتد باستمرار .
وهذه كذلك خروج عن التعاليم الأولى وتتناقض معها والتي ترى أن الطبقة العاملة بعد أن تقضي على الطبقات الأخرى سوف تصبح الطبقة المطلقة بمعنى انتفاء الطبقات وبالتالي امتناع أي صراع ناجم عن التناقضات القائمة بين هذه الطبقات .
ماذا كانت نتيجة هاتين النظريتين التي قال بهما ستالين ؟
ازدياد القوة والبطش .
تسويغ دكتاتورية الحزب القائم على السلطة .
تبرير تصرفات الطبقة الحاكمة .
بيان ذلك أن اعتبرت دكتاتورية البروليتاريا نظاماً من توجيهات الحزب مقترنة بتطبيق هذه التوجيهات بواسطة المنظمات الجماهيرية لهذه البروليتاريا وتنفيذها بواسطة الشعب وبهذا لا تكون المنظمات الجماهيرية وعلى رأسسها النقابات إلاّ وسائل موصلة لتوجيهات القمة إلى القاعدة .
للحديث بقية .
/ ألقاكم على خير / .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمين المتطرف في فرنسا يعتزم منع مزدوجي الجنسية من شغل مناص


.. تركيا تدعو سوريا -لاستغلال الهدوء- للتقارب مع المعارضة والتح




.. VODCAST الميادين | حمة الهمامي - الأمين العام لحزب العمال ال


.. غريتا ثونبرغ تنضم إلى آلاف المتظاهرين لأجل المناخ في هلسنكي




.. نيران تأتي على البرلمان الكيني إثر اقتحامه من آلاف المحتجين